بعد 17 عاما من الأزمة الصومالية... العامل الأجنبي الحاضرا دائما في تلك الأزمة المأساة لا تحتاج لتعليق
محيط / وكالات
يشهد الصومال أزمة سياسية وأمنية تعتبر الأسوأ من نوعها تخيم عليه منذ 17 عاما ً، ورغم أن الصوماليين أخذوا الدور الأكبر في تدمير بلادهم في حروب أهلية لا نهاية لها فإن العامل الأجنبي كان حاضرا دائما في تلك الأزمة.
فالجبهات التي أسقطت حكومة الجنرال الراحل محمد سياد بري كانت تتلقى الدعم العسكري والدبلوماسي من قوى إقليمية ودولية، إثر فشل تلك الحكومة التي دخلت في مواجهة مباشرة مع الغرب، انتقاماً منها لعلاقاتها مع الاتحاد السوفييتي السابق الذي تخلى عنها أثناء حربها مع إثيوبيا عام 1977، ونتج عن هذه الهزيمة إفرازات خطيرة أدت إلى تمرد عسكري بمرجعية قبلية، حيث قاد كل من محمد فارح عيديد وعبدالله يوسف، وعبد الرحمن تور تمرداً ذا أبعاد قبلية نجح في إسقاط نظام بري في عام 1991 بعد أن أصبح ظهر الحكومة مكشوفاً للمؤامرة الإقليمية التي شاركت فيها إقليميا كينيا وإثيوبيا ودولياً قادتها أمريكا ودول الغرب، وكانت النتيجة أن ورثت فصائل ذات المرجعيات القبلية الحكم على أسس قبلية، لكن هذا النظام الجديد فشل في ملء الفراغ السياسي الذي خلفه انهيار الحكومة المركزية، وبدأ فصل جديد من الصراع الأهلي في الصومال.
الايدى الخفية فى الصراع ا
لم يكن ذلك الصراع ليستمر (17) عاما إلا بتدخل جهات أجنبية تدعم هذا الفصيل أو ذاك انطلاقا من مصالحها الاستراتيجية ولم يقتصر التدخل الأجنبي على اثيوبيا التي كانت على صلة دائمة مع فصائل مسلحة موالية لها لتصفية حساباتها مع خصومها خاصة مع حركة "الاتحاد الإسلامي" التي خاضت معها أديس ابابا معارك جنوب غرب الصومال وإنما كان إلى جانب هذا تدخل قوى كبرى، وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة، خاصة بعد احداث 11/9/ 2001.
ومنذ ذلك الحين وجهت واشنطن أنظارها نحو الصومال لمحاربة من تقول إنهم إرهابيون لهم أنشطة معادية لمصالحها في المنطقة، وجمدت أرصدة بعض الشركات الصومالية ، كما رفضت الاعتراف بالحكومة الصومالية التي تم تشكيلها في منتجع عرتا بجيبوتي برئاسة الدكتور عبد القاسم صلاد بحجة أن لها علاقات مع إسلاميين متطرفين، وتحالفت مع زعماء حرب مناوئين لها لتنفيذ مخططاتها في الصومال.
فشل المشروع الأمريكى
إلا أن المشروع الأمريكي فشل بعد هزيمة تحالف مكافحة الإرهاب المدعوم من أمريكا واستيلاء المحاكم الإسلامية على معظم الأراضي الصومالية في عام 2006، واضطرت واشنطن إلى التوجه نحو الحكومة الصومالية الضعيفة التي كانت محصورة آنذاك في "بيدوا" جنوب غرب الصومال لوقف تقدم الإسلاميين.
ورغم أن أمريكا نجحت في إلحاق هزيمة سريعة بالإسلاميين على يد حليفتها الاستراتيجية في المنطقة "اثيوبيا"، إلا أن ذلك لم يحل الأزمات السياسية والأمنية في الصومال بل اتخذت تلك المشاكل منحى أخطر، فالحكومة الصومالية المدعومة بالقوات الإثيوبية تخوض في مقديشيو منذ أكثر من عام مواجهات مع المعارضة المسلحة لم تحقق انتصارا فيها بل على العكس حقق الإسلاميون تقدما في كثير من الأقاليم الصومالية وأصبحوا الآن يهددون الأقاليم المجاورة للعاصمة، وإن سيطرتهم على مدينة جوهر حاضرة إقليم شبيلي الوسطى أحدثت نقلة في استراتيجية المحاكم، وسببت حرجاً للحكومة.
لماذا المصالحة مع المعارضة ؟
ووفقا لما ورد بجريدة "االخليج" الإماراتية ، يعتقد المراقبون أن الانتصارات العسكرية التي حققتها المعارضة دفعت نور حسن حسين رئيس الوزراء الصومالي الذي تم تعيينه قبل شهرين للسعي إلى المصالحة مع المعارضة وحل الخلافات بالطرق السلمية، إلا أن هناك عقبات عدة تواجه جهوده في المصالحة التي تحظى بتأييد أوروبي، حيث أعربت إليزابيث باربر سفيرة فرنسا في كينيا التي كانت رئيسة وفد أوروبي رفيع زار العاصمة الصومالية مؤخر عن دعم الاتحاد الأوروبي لمساعي الحكومة الصومالية في المصالحة.
وأشارت إليزابيت إلى أن الحوار هو المفتاح الوحيد لحل المشكلة الصومالية، إلا أن للولايات المتحدة موقفا آخر ، فقد أدرجت الأسبوع الماضي حركة "الشباب" الإسلامية، أهم الفصائل المسلحة المعارضة للحكومة الصومالية على لائحة المنظمات الإرهابية، وقامت قبل ذلك بشن غارات جوية على مدينة "دوبلي" الصومالية القريبة من الحدود الكينية بذريعة استهداف عناصر إرهابية، وتمركزت قوات اثيوبية الأسبوع الماضي في إقليم شبيلي السفلى جنوب مقديشو، حيث أشيع وجود أنشطة لحركة "الشباب" فيه، مما يدل على أن الولاياتالمتحدة غير مهتمة بالجهود التي تبذلها الحكومة الصومالية للمصالحة وأنها ماضية قدما في استراتيجيتها الأحادية لملاحقة جماعات تقول إنها إرهابية في الصومال.
يعتقد المراقبون أن إدراج واشنطن حركة "الشباب" في قائمة التنظيمات الإرهابية يشكل عقبة أمام جهود نور حسن الذي لا يستطيع الآن أن يمد يده لحركة تعتبرها أمريكا إرهابية وأن يدعوها للحوار، مما يجعل الحركة مضطرة لمواصلة كفاحها المسلح ضد الحكومة الصومالية والقوات الإثيوبية معاً وتبدد آمال التوصل الى حلول سلمية للمشكلة الصومالية.