لحظة استهداف سفينتين محلمتين بأسلحة وعربات قتالية قادمتين من الإمارات إلى اليمن (فيديو)    إيران: أي عدوان علينا سيواجه ردًا قاسيًا فوريًا يتجاوز خيال مخططيه    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 30 ديسمبر    أحمد شوبير يعلن وفاة حمدى جمعة نجم الأهلى الأسبق    زيلينسكي: لا يمكننا تحقيق النصر في الحرب بدون الدعم الأمريكي    كروان مشاكل: فرحي باظ وبيتي اتخرب والعروسة مشيت، والأمن يقبض عليه (فيديو)    الداخلية تكشف حقيقة فيديو تحذير المواطنين من المرور بأحد الطرق ببدر    هدى رمزي: الفن دلوقتي مبقاش زي زمان وبيفتقد العلاقات الأسرية والمبادئ    "فوربس" تعلن انضمام المغنية الأمريكية بيونسيه إلى نادي المليارديرات    حسين المناوي: «الفرص فين؟» تستشرف التغيرات المتوقعة على سوق ريادة الأعمال    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    الإمارات تدين بشدة محاولة استهداف مقر إقامة الرئيس الروسي    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    وزارة الداخلية تكشف تفاصيل واقعة خطف طفل كفر الشيخ    النيابة تأمر بنقل جثة مالك مقهى عين شمس للمشرحة لإعداد تقرير الصفة التشريحية    مندوب مصر بمجلس الأمن: أمن الصومال امتداد لأمننا القومي.. وسيادته غير قابلة للعبث    إسرائيل على خطى توسع في الشرق الأوسط.. لديها مصالح في الاعتراف ب«أرض الصومال»    بعد نصف قرن من استخدامه اكتشفوا كارثة، أدلة علمية تكشف خطورة مسكن شائع للألم    أستاذ أمراض صدرية: استخدام «حقنة البرد» يعتبر جريمة طبية    القباني: دعم حسام حسن لتجربة البدلاء خطوة صحيحة ومنحتهم الثقة    سموم وسلاح أبيض.. المؤبد لعامل بتهمة الاتجار في الحشيش    انهيار منزل من طابقين بالمنيا    عرض قطرى يهدد بقاء عدى الدباغ فى الزمالك    حوافز وشراكات وكيانات جديدة | انطلاقة السيارات    ناقدة فنية تشيد بأداء محمود حميدة في «الملحد»: من أجمل أدواره    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    صندوق التنمية الحضارية: حديقة الفسطاط كانت جبال قمامة.. واليوم هي الأجمل في الشرق الأوسط    حسام عاشور: كان من الأفضل تجهيز إمام عاشور فى مباراة أنجولا    نيس يهدد عبدالمنعم بقائد ريال مدريد السابق    تحتوي على الكالسيوم والمعادن الضرورية للجسم.. فوائد تناول بذور الشيا    أمم إفريقيا – خالد صبحي: التواجد في البطولة شرف كبير لي    الزراعة: نطرح العديد من السلع لتوفير المنتجات وإحداث توازن في السوق    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    الكنيست الإسرائيلي يصادق نهائيًا على قانون قطع الكهرباء والمياه عن مكاتب «الأونروا»    أحمد موسى: 2026 سنة المواطن.. ونصف ديون مصر الخارجية مش على الحكومة علشان محدش يضحك عليك    مجلس الوزراء: نراجع التحديات التي تواجه الهيئات الاقتصادية كجزء من الإصلاح الشامل    هيفاء وهبي تطرح أغنيتها الجديدة 'أزمة نفسية'    التعاون الدولي: انعقاد 5 لجان مشتركة بين مصر و5 دول عربية خلال 2025    وزير الخارجية يجتمع بأعضاء السلك الدبلوماسي والقنصلي من الدرجات الحديثة والمتوسطة |صور    سقوط موظف عرض سلاحا ناريا عبر فيسبوك بأبو النمرس    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    نائب رئيس جامعة بنها يتفقد امتحانات الفصل الدراسي الأول بكلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي    الصحة: ارتفاع الإصابات بالفيروسات التنفسية متوقع.. وشدة الأعراض تعود لأسباب بشرية    الاستراتيجية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة تؤكد: دمج حقيقي وتمكين ل11 مليون معاق    توصيات «تطوير الإعلام» |صياغة التقرير النهائى قبل إحالته إلى رئيس الوزراء    الإفتاء توضح مدة المسح على الشراب وكيفية التصرف عند انتهائها    معدل البطالة للسعوديين وغير السعوديين يتراجع إلى 3.4%    نقابة المهن التمثيلية تنعى والدة الفنان هاني رمزي    نيافة الأنبا مينا سيّم القس مارك كاهنًا في مسيساجا كندا    «طفولة آمنة».. مجمع إعلام الفيوم ينظم لقاء توعوي لمناهضة التحرش ضد الأطفال    وزير الصحة: تعاون مصري تركي لدعم الاستثمارات الصحية وتوطين الصناعات الدوائية    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : وزارة العدالة الاجتماعية !?    السيمفونى بين مصر واليونان ورومانيا فى استقبال 2026 بالأوبرا    تاجيل محاكمه 49 متهم ب " اللجان التخريبيه للاخوان " لحضور المتهمين من محبسهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    «الوطنية للانتخابات» توضح إجراءات التعامل مع الشكاوى خلال جولة الإعادة    أسود الأطلس أمام اختبار التأهل الأخير ضد زامبيا في أمم إفريقيا 2025.. بث مباشر والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة الصومال‏....‏ من التفتيت إلي القرصنة
نشر في الأهرام المسائي يوم 25 - 10 - 2010

عندما تتصارع الفيلة فإن العشب هو الذي يئن‏'‏ بهذا المثل الإفريقي بدأت الكاتبة الصحفية والباحثة المقتدرة عايدة العزب موسي الخبيرة في الشئون الإفريقية بحثها عن الصومال الذي نشر في كتاب مؤخرا‏,
‏ وهي تري أن أفيال العالم تتصارع علي أرض الصومال الآن وعلي موارده‏.‏ وتؤكد بداية أن الشعب الصومالي له تاريخ طويل مناويء دائما للقوي الاستعمارية‏,‏ و مشكلته أنه يتمتع بساحل طويل علي المحيط الهندي والقرن الإفريقي‏,‏ وهي المنطقة التي يمكن أن يطلق عليها رمانة الخطوط التجارية البحرية‏,‏ التي ظلت وستظل مطمعا وصراعا بين القوي الدولية علي مر العصور‏.‏
وتقول‏:‏ إن علاقة مصر بالصومال ترجع إلي عصر الفراعنة‏,‏ التي عرفت في كتب التاريخ باسم بلاد بونت‏,‏ أي أرض البخور والعطور‏,‏ وكان المصريون يدعونها أرض الأجداد والآلهة‏,‏ لاعتقادهم أن أرواح الآلهة والأجداد تستقر هناك‏,‏ وكانت مصدر الفراعنة من العاج والذهب والعطور المستعملة للتحنيط‏.‏ أما تاريخ الصومال الحديث فقد بدأ مع دخول القرن‏16,‏ والذي شهد حادثا ترك أثره علي طيلة القرون اللاحقة‏,‏ وهو وصول طلائع الغزو الأوروبي إلي الشواطيء العربية في القرن الإفريقي والساحل الشرقي الإفريقي‏,‏ وعمل البرتغاليون علي إغلاق الطريقين المتنافسين‏,‏ وهما طريق البحر الأحمر وطريق الخليج العربي‏,‏ وكان طريق البحر الأحمر هو الطريق الرئيسي للتجارة الدولية‏,‏ حيث تفرغ السفن القادمة من الشرق حمولتها علي الشواطيء المصرية علي البحر الأحمر ثم تنتقل إلي ميناء الإسكندرية ثم أوروبا‏,‏ وفي ذلك الوقت كان العثمانيون قد زحفوا نحو المنطقة ونجحوا في إحكام سيطرتهم علي مدخل البحر الأحمر‏,‏ وفرضوا نفوذهم علي سواحل السودان واريتريا والصومال‏.‏
ومنذ ذلك التاريخ بدأت مشكلة الصومال‏,‏ وأدي التنافس الاستعماري المحموم إلي تفتيت الصومال إلي خمسة أجزاء‏,‏ جزءان وقعا في قبضة بريطانيا أحدهما إقليم غرب الصومال علي الحدود الشمالية الكينية وعرف باسم الصومال الكيني‏,‏ والثاني عرف باسم صومالي لاند‏,‏ وجزء لفرنسا وهو جيبوتي‏,‏ وجزء أخذته إثيوبيا وهو الأوجادين‏,‏ والخامس إستحوذت عليه إيطاليا وعرف باسم صوماليا‏.‏
وتقول الكاتبة الصحفية عايدة العزب موسي إن القوي الاستعمارية كانت تقتطع أراضي ومساحات لشعوب آمنة مستقرة‏,‏ وترسم علي الورق خرائط وتقرر حدودا دون الأخذ في الإعتبار التوزيعات القبلية والعرقية للسكان‏,‏ ثم اتخذت الحرب الباردة بين القوتين العظميين من الأراضي الصومالية ميدانا لصراعهما‏,‏ واندلعت الحرب الأولي في تاريخ الصومال المستقل‏,‏ وهي حرب كبيرة وطويلة بين إثيوبيا والصومال‏,‏ واستمرت ما بين‏1964‏ و‏1967,‏ ودعمت فيها الولايات المتحدة إثيوبيا بالمال والسلاح والتأييد السياسي في المحافل الدولية‏,‏ بينما وقف الاتحاد السوفيتي والصين وراء الصومال وقدمتا السلاح والمال‏,‏ واستمرت الحرب ثلاث سنوات أنهكت كليهما‏,‏ ولم يعد في مقدورهما مواصلة النزاع‏,‏ فقبلا وقف إطلاق النار‏,‏ ولكن كان اتفاقا حذرا ينذر بالانفجار‏.‏
الدولة المركزية
أدي فشل الحرب الصومالية إلي قيام الجيش الصومالي بثورة أكتوبر عام‏1969,‏ ورحب الشعب بالانقلاب العسكري بحماس لينهي مظالم حكم مدني غير مستقر استمر تسع سنوات‏,‏ ورأي في قائد الانقلاب سياد بري الزعيم الوطني الذي سيحقق الحلم في إستقرار الأوضاع في البلاد وتوحيد التراب الصومالي‏,‏ وتشير عايدة العزب موسي إلي أن محاولة تحقيق هذا الحلم إلي واقع كلف الرئيس بري الكثير‏,‏ وكانت طموحاته هي جوهر أزماته‏,‏ كما كان فشله في حروب التوحيد أحد العوامل التي بلورت المعارضة ضد نظامه‏,‏ وأطاحت به في النهاية‏.‏ فعندما تولي سياد بري السلطة عام‏1969‏ وجد نظامين متناقضين هما النظام القبلي والنظام الحضري‏,‏ ولم تعمل الدولة علي مزج هذين النمطين في إطار خطة للتنمية‏,‏ بل عن تدخلها في النمط التقليدي اصطدم بزعماء القبائل وأدي إلي دخول أجهزة الدولة في معركة مع شيوخ القبائل وأعدم بعضهم وأضيرت مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية‏,‏ إضافة إلي الخلل في توزيع برامج التنمية التي أهملت الشمال وركزت علي جنوب ووسط الصومال‏,‏ وتزامن ذلك مع إبعاد أبناء الشمال علي المناصب العليا‏,‏ وأدي ذلك إلي إثارة النعرات القبلية بين الشمال والجنوب‏,‏ فضلا عن صعوبات الوضع الإقتصادي الذي أثر فيه الجفاف آنذاك ومنافسة الماشية الاسترالية‏.‏ وتري الباحثة أنه برغم كل العوامل السابقة فإنه يمكن القول أن الرئيس سياد بري استطاع أن يقيم حكما مركزيا استمر‏22‏ عاما‏,‏ تميزت السنوات الست الأولي فيه بهدوء نسبي بالرغم من أنه وضع كل السلطات في قبضته‏,‏ فأصبح رئيسا للدولة وللوزراء والقائد الأعلي للقوات المسلحة وسكرتير عام الحزب الإشتراكي الثوري الصومالي الحاكم‏,‏ وذلك بعد أن منع الأحزاب السياسية وألغي الدستور وحرم حرية التعبير‏,‏ وفي المرحلة الثانية من حكمه التي استغرقت‏16‏ عاما مثلت وضعا مختلفا‏,‏ إذ تحرك بري أكثر فأكثر نحو تركيز السلطة في يد قبيلته‏,‏ وورط بلده في حرب مع إثيوبيا‏,‏ الحرب الثانية عام‏1977‏ للمطالبة بإقليم الأوجادين‏,‏ التي دعم فيها الإتحاد السوفيتي حكم منجستو في إثيوبيا فتمكن من حصار الصومال وهزيمته‏,‏ ونصحت الخارجية الأمريكية بري وقتها بعدم مواصلة الحرب‏.‏
وفي غمار هذا المأزق الصومالي افتعلت كينيا أزمة لتزيد من الضغوط علي الصومال‏.‏
سقوط الحكومة المركزية
حوصر بري من كل الجهات‏,‏ ولم يكن أمامه سوي توقيع اتفاق سلام مع إثيوبيا عام‏1988‏ تنازل بموجبه رسميا عن مطالبة الصومال بإقليم أوجادين‏,‏ وكان هذا نهاية له‏,‏ وساهمت الهزيمة العسكرية في فقدان النظام للشرعية السياسية‏,‏ بالإضافة إلي ماخلفته الحرب من لجوء أكثر من ربع مليون نسمة إلي الشمال الفقير ليزيد من مشاكله مع النظام‏,‏ وتعرض الوفاق الوطني إلي الانقسام أمام جبروت الحكم الفردي وتطبيقه لسياسة قبلية‏,‏ وادي ذلك إلي تدهور الحالة الأمنية ونشوء الحركات المسلحة للتخلص من النظام القائم‏,‏ وخرج من عباءة الجيش تنظيم جبهة المؤتمر الصومالي بزعامة فرح عيديد الذي أعلن الحرب علي بري‏,‏ واستطاع إسقاطه‏,‏ لكن بمجرد الاستيلاء علي السلطة انشق المؤتمر الصومالي إلي فصيلين أحدهما بقيادة عيديد‏,‏ والآخر بقيادة علي مهدي‏.‏
التدخل الأمريكي
دار الإقتتال بين عيديد ومهدي‏,‏ واعتمد عيديد وفقا لماتري الباحثة علي زعامته والتأييد الشعبي له‏,‏ بينما استند علي مهدي علي القوي الأجنبية الخارجية‏,‏ التي تحولت من قوات لإنقاذ الصومال إلي قوات تقتل وتفتك بشعب أعزل بائس‏,‏ وتحول عيديد من مقاتل من أجل السلطة إلي مدافع عن إستقلال بلاده‏,‏ وهكذا وجد نفسه يقود حربا ضد الوجود الأجنبي‏,‏ وفي هذه الاجواء نزلت القوات الأمريكية إلي أرض الصومال عام‏1992‏ في عملية‏'‏ إعادة الأمل‏'‏ تحت شعار إنقاذ الصومال‏,‏ والتي تحولت إلي حرب دامية واسعة النطاق بين القوات الأمريكية الغازية والقوات الوطنية التي سحلت جثث الجنود الأمريكيين في شوارع مقديشو‏,‏ مما أجبر الرئيس الأمريكي علي سحب قواته من الصومال‏,‏ والمؤسف أن الأمم المتحدة عندما تسلمت الأمر شجعت نشوء فصائل مقاتلة وأكملت الصدام مع عيديد وتسببت القوات الدولية في قتل المئات من أفراد الشعب الصومالي في إطار محاولتها القبض علي عيديد‏,‏ وهو الأمر الذي تراجعت عنه لاحقا‏.‏
انفصال أرض الصومال
وفي غمار الإقتتال والحرب الأهلية رأت الحركة الوطنية في شمال الصومال عدم انتظار الفصائل الجنوبية لتحسم أمرها‏,‏ فقررت في مايو عام‏1991‏ الإنفصال وعادت إلي اسمها القديم‏'‏ صومالي لاند‏'‏وعاصمتها هرجيسا‏,‏ ولم تنل هذه الحكومة اعترافا دوليا‏.‏
وتري الباحثة أن المؤامرات الأمريكية علي الصومال لم تنته‏,‏ وأن مخططها الجديد بعد سحب قواتها من مقديشو هو تجاهل الأطراف المتصارعة جميعها والإتيان بحكومة موالية عبر مؤتمر مصالحة في نيروبي برئاسة عبد الله يوسف الموالي لإثيوبيا‏,‏ وفي ظل حكومته إنهار مابقي من الدولة الصومالية واستشري الفساد وانعدم الأمن وانتشر العنف‏,‏ وفي ظل هذه الفوضي ظهرت المحاكم الإسلامية في يونيو‏2004,‏ والتي ظهرت كقوة اجتماعية نجحت في ضبط الأمن وفض الخصومات فاكتسبت الثقة‏,‏ وفي عام‏2005‏ أعلنت أنها لاتعترف بالحكومة الإنتقالية‏,‏ وفي يونيو‏2006‏ بسط رجال المحاكم الإسلامية نفوذهم بعد أن سقطت مقديشو في أيديهم‏,‏ وتغلبوا علي أمراء الحرب مما جعلهم يمثلون تهديدا لإثيوبيا‏,‏ التي تحركت قواتها لغزو الصومال عام‏2006‏ بعد ستة أشهر من حكم المحاكم‏,‏ مما أدي لسقوط سريع لقوات المحاكم‏,‏ التي قادت بعدها حرب عصابات ضد قوات الإحتلال الإثيوبي‏.‏
القرصنة وتدويل المنطقة
تري الكاتبة الصحفية عايدة العزب موسي أنه من الظلم التاريخي والإنساني أن يختزل تاريخ بلد إفريقي كبير مثل الصومال‏,‏ وأن يدمغ شعبه بالقرصنة واللصوصية‏,‏ لمجرد أن حفنة من أبنائه يقومون بعمليات قرصنة قبالة سواحله‏,‏ وتضيف الباحثة‏:‏ والله أعلم إن كانوا هم وحدهم من يقومون بهذا العمل بدافع ذاتي أم أن هناك من يدفعهم إلي هذه العمليات الخارجة علي القانون العام‏,‏ وهم غير مدركين الدوافع الحقيقية من ورائها اللهم إلا حفنة من المال‏.‏
من هم القراصنة ؟
يلقي البعض وزر القرصنة علي الصوماليين‏,‏ وإن كان لم يثبت بعد تحديد كل جنسياتهم‏,‏ والمتعاطفون معهم يعتبرونهم أبطالا وحراسا للحدود والمياه والحقوق‏,‏ والمناهضون لهم يقولون إنهم لصوص يهددون سلامة الملاحة الدولية‏,‏ ويرجعون نشأتهم إلي عام‏1991‏ منذ سقوط الحكومة المركزية في الصومال‏,‏ وتري الكاتبة الصحفية عايدة العزب موسي أنه من الصعب تصور مجموعة من القناصة الصيادين البسطاء يمكن أن يهددوا أنشطة الممرات المائية العالمية وأمن المنطقة‏,‏ مشيرة إلي أنهم يمارسون نشاطهم بتكتيكات حرب العصابات‏,‏ وتتساءل‏:‏ من يصدق أن مجلس الأمن وبعض الدول الغربية غير متورطة لإبقاء الوضع في الصومال علي ماهو عليه مشاعا ونهبا سائبا‏,‏ وتقول‏:‏ نحن لاندري إن كان هؤلاء القراصنة قراصنة حقا أم هم جزء من معارك القرن الإفريقي تختبيء الدول فيه خلف واجهات متمردة أو قرصنة
ماذا يراد بالصومال‏:‏
تري الباحثة أنه يراد بالصومال ثلاثة أمور‏:‏
‏1-‏ أن تكون قاعدة عسكرية للولايات المتحدة‏.‏
‏2-‏ أن تكون مقبرة لدفن النفايات السامة للدول الغنية‏.‏
‏3-‏ أن يستولي علي اليورانيوم منها
أولا‏:‏ الصومال قاعدة عسكرية للولايات المتحدة‏:‏
اليوم تتصارع أساطيل أكثر من عشرين دولة‏,‏ وإن كانت أمريكا أكثرهم شراهة وتعمل بقوة وجرأة لتسيطر علي منطقة القرن الإفريقي والمحيط الهندي‏,‏ الذي يعاد تقسيم النفوذ فيه من جديد‏,‏ والتنافس الآن علي أشده وإن بدا انه تحت راية الأمم المتحدة‏,‏ والقواعد العسكرية والأساطيل العسكرية وشركات الأمن الخاصة تصول وتجول بدواعي مواجهة الإرهاب‏,‏ والولايات المتحدة لها مشروعها الكبير المنفرد في القرن الإفريقي‏.‏ ولاشك أن القراصنة في خليج عدن يتسببون في اختناق التجارة عبر هذا المسار الملاحي المهم جدا‏,‏ حيث يعد ممرا ل‏20%‏ من تجارة البترول العالمية‏,‏ ويتسببون في ارتفاع تكلفة الشحن‏,‏ وأن إيقاف القرصنة يكون بإحدي وسيلتين إما استعادة حكم القانون في الصومال‏,‏ وهذا ماترفضه القوي الخارجية‏,‏ فهي تخشي ان تعود من جديد المحاكم الإسلامية أو أي نظام وطني آخر يحول دون أطماعها في الصومال‏,‏ وإما أن تفتش كل سفينة تغادر السواحل‏,‏ ولكن هذا الحل غير مجد تماما‏,‏ فالقناصة أصبحوا يباشرون نشاطهم ليس في المياه الإقليمية فحسب‏,‏ بل في أعالي البحار وهزيمتهم فيها مهمة صعبة‏,‏ وأصبحت القرصنة قضية عالمية بعد تزايد خطورتها‏,‏ والمنطق يقول إن حصار الساحل الصومالي هو الحل العملي‏,‏ خاصة وأن أغلب القراصنة ينتمون إلي منطقة بونت لاند ويعيشون في بلدة واحدة هي بوصاصو‏,‏ ويخبئون سفنهم في ثلاثة موانيء مما يسهل عملية عزلهم‏,‏ والمجتمع الدولي يعلم من هم القراصنة وأي مرافيء يستخدمون‏,‏ ويعرف سفنهم الرئيسية ويمكنه الالتفاف حولهم‏,‏ ولكن ذلك مكلف في الوقت الذي ترتهن فيه موارد أمريكا في افغانستان والعراق‏,‏ وقد اقترحت البحرية الأمريكية أن تسلح السفن التجارية‏,‏ وهي فكرة رفضها بحارة هذه السفن أنفسهم‏,‏ لخوفهم أن يؤدي ذلك إلي استفزاز القراصنة‏,‏ كذلك اعترض إتحاد البحارة الأمريكيين خشية أن يحدث رد سريع تقع فيه كوارث بيئية أو موت آلاف في سفن الركاب‏.‏
وتقول عايدة العزب موسي إن الولايات المتحدة تعتبر الآن مسيطرة فعليا علي الصومال‏,‏ ليس بحكومته التي جاءت بها ولابنفوذ إثيوبيا التي تحارب لها بالوكالة‏,‏ وهي تريد الاستئثار وحدها بالصومال والمنطقة‏,‏ وهي لاتريد حصاره ولا تدويله‏,‏ بل أن يبقي علي هذا الحال حتي تفرغ من ورطتها في العراق وأفغانستان ثم تلتفت إليه‏,‏ وهي تملك قواعد عسكرية كبيرة في الصومال‏,‏ وهي تعتبر القرن الإفريقي جزءا مهما ورأس جسر لممارسة سياسة التوسع الاستعماري الجديد في إفريقيا الجنوبية والقرن الإفريقي‏,‏ والموقع الجغرافي للصومال يحدد الأهمية الاستراتيجية للقواعد العسكرية علي أرض الصومال‏,‏ وبواسطة هذه القواعد تتحقق إمكانية وضع مضيق باب المندب تحت التصويب‏,‏ وقد عملت أمريكا علي ذلك منذ أن ضعفت الحكومة المركزية بالصومال‏,‏ ففي عام‏1980‏ فرضت الولايات المتحدة علي الصومال المعاهدة التي اشترطت إعطاء القوات المسلحة الأمريكية حق استخدام ميناء بربرة الصومالي وميناء ومطار مقديشو‏,‏ كما زرعت أمريكا قواعد عسكرية أخري في كينيا وجزر القمر وجيبوتي‏.‏
ثانيا‏:‏ دفن النفايات
وتقول الباحثة إن موضوع دفن النفايات في الصومال دائما مايحاط بسرية‏,‏ ويتم دون أن يكشف‏,‏ وقد كشف الصيادون الصوماليون أنهم شاهدوا حاويتين كبيرتين تحملان نفايات تقترب من السواحل شمال مقديشو‏,‏ وه‏1‏و ماقد يسبب كارثة صحية في الصومال التي أصبحت مكانا للتخلص من النفايات في ظل عدم وجود خفر سواحل‏,‏ وقد ذكر أحمد ولد عبد الله سفير الأمم المتحدة في الصومال إن الشركات الأوروبية والآسيوية تلقي بالنفايات السامة التي تشمل النفايات النووية علي شواطيء الصومال ورد الأمر إلي انعدام سيطرة الحكومة‏,‏ وهذا الأمر يعود إلي عام‏1991‏ حين وقع وزير الصحة الصومالي حينذاك نور علمي عثمان عقدا مع شركة سويسرية علي دفن آلاف الأطنان من النفايات في مقديشو‏,‏ وقد ذكر تك توتال المتحدث بإسم برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه في الخمسة عشر عاما الماضية استخدمت الشركات الأوروبية الصومال وغيرها في دفن كميات من النفايات الذرية والعشوائية‏,‏ منها نفايات لإشعاعات اليورانيوم والرصاص ومعادن ثقيلة مثل الزئبق وغيرها ونفايات المستشفيات وصناعية وكيماوية‏,‏ ونتائج ذلك كارثية علي الأوضاع الصحية للصوماليين‏.‏
ثالثا‏:‏ اليورانيوم
الصومال بلد غني باليورانيوم‏,‏ وأعمال التنقيب الأولي عنه أجريت بمشاركة الاتحاد السوفيتي في سبعينيات القرن العشرين‏,‏ وكان هذا سببا من أهم أسباب إلتهاب الوضع في الصومال وفقا لما تري الباحثة‏,‏ وهو محاولة احتلال مكامن اليورانيوم‏,‏ وهي تري أن الصراع العالمي حول اليورانيوم سيحتدم في الفترة القادمة‏,‏ وبالتالي سيتزايد الصراع حول الصومال‏.‏
الأمن القومي
وتري عايدة العزب موسي أن تدويل أمن البحر الأحمر يحمل في طياته تداعيات كارثية علي الأمن القومي العربي‏,‏ أقلها حرمان الدول العربية من السيطرة علي حركة الملاحة في الممر الذي تعد غالبية الدول المطلة عليه دولا عربية‏,‏ بل قد تكتسب أطراف دولية حقوقا في المنطقة استنادا لقرارات مجلس الأمن التي خولتها استخدام القوة لمواجهة القرصنة‏,‏ والتي تستخدم للضغط علي الدول العربية في حالة تضارب المصالح مع تلك الأطراف الدولية‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.