عيد العمال الليبرالي    رئيس «إسكان النواب»: توجد 2.5 مليون حالة مخالفة بناء قبل 2019    أسعار النفط تسجل أكبر تراجع أسبوعي في 3 أشهر    بالصور.. وزير الشباب والرياضة يتفقد معسكر "يلا كامب" بمدينة دهب    بعد «اتفاقية التكييف».. محافظ بني سويف: تحوّلنا إلى مدينة صناعية كبيرة    إدخال 349 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة من معبري رفح وكرم أبو سالم    البيت الأبيض: بايدن يستقبل العاهل الأردني الأسبوع المقبل    موريتانيا.. أقدم معارض يدعم الرئيس الغزواني في الانتخابات المقبلة    أخبار الأهلي : عاجل .. استبعاد 11 لاعبا من قائمة الأهلي أمام الجونة    بحضور 25 مدربًا.. اتحاد الكرة يُعلن موعد الدورات التدريبية للرخصة «A»    تير شتيجن على موعد مع رقم تاريخي أمام جيرونا    التحقيقات تكشف سبب مقتل شاب علي يد جزار ونجله في السلام    تحرير 12 محضرا تموينيا خلال حملة مكبرة في البحيرة    مروة ناجي تتألق ونجوم الموسيقى العربية ينتزعون الإعجاب على المسرح الكبير | صور    آمال ماهر تتألق بأجمل أغانيها في جدة | صور    قصر أثري للبيع مقابل 10 يورو بشرط واحد.. كان يسكنه رئيس وزراء بلجيكي سابق    فريدة سيف النصر ترد على اتهامات توترها للفنانين داخل لوكيشن "العتاولة"    هند صبري وابنتها يقلدان مشهد من «نيللي وشريهان»    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    5 فئات ممنوعة من تناول الرنجة في شم النسيم    لعنة تخطي الهلال مستمرة.. العين يخسر نهائي كأس الرابطة من الوحدة    عمرو أديب ل مصطفى بكري: التعديل الوزاري إمتى؟.. والأخير يرد    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    الوزراء: منظومة الشكاوى الحكومية تلقت 2679 شكوى بمخالفات مخابز    قتلا الخفير وسرقا المصنع.. المؤبد لعاطل ومسجل خطر في القاهرة    بعد غيبوبة 10 أيام.. وفاة عروس مطوبس تفجع القلوب في كفر الشيخ    "قطّعت جارتها وأطعمتها لكلاب السكك".. جريمة قتل بشعة تهز الفيوم    وظائف وزارة العمل 2024.. بالتعاون مع شركات القطاع الخاص    كيف يعاقب قانون العمل المنشآت الممنتعة عن توفير اشتراطات السلامة المهنية؟    بعد محور جرجا على النيل.. محور يربط «طريق شرق العوينات» و«جنوب الداخلة - منفلوط» بطول 300 كم لربط الصعيد بالوادي الجديد    أخبار الأقصر اليوم.. تفاصيل لقاء قائد قطاع المنطقة الجنوبية لإدارة التراخيص والتفتيش ونائب المحافظ    بمشاركة كوكا، ألانيا سبور يتعادل مع أنقرة 1-1 في الدوري التركي    أنشيلوتي يؤكد مشاركة نجم ريال مدريد أمام قادش    أجمل دعاء ليوم الجمعة.. أكثر من الصلاة على سيدنا النبي    ردا على بيان الاهلي.. الكومي يكشف تفاصيل ما سوف يحدث في أزمة الشيبي والشحات    طب الفيوم تحصد لقب الطالبة المثالية على مستوى الجامعات المصرية    حسام موافي يوجه نصائح للطلاب قبل امتحانات الثانوية العامة (فيديو)    المؤتمر الدولي لكلية الألسن بجامعة الأقصر يعلن توصيات دورته الثالثة    المحكمة الجنائية الدولية عن التهديدات ضد مسئوليها: يجب أن تتوقف وقد تشكل أيضا جريمة    ضبط ربع طن فسيخ فاسد في دمياط    بالصور| انطلاق 10 قوافل دعوية    خدمة الساعات الكبرى وصلاة الغروب ورتبة إنزال المصلوب ببعض كنائس الروم الكاثوليك بالقاهرة|صور    رئيس قوى عاملة النواب يهنئ الأقباط بعيد القيامة    في تكريم اسمه |رانيا فريد شوقي: أشرف عبد الغفور أستاذ قدير ..خاص    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    تنفيذ إزالة فورية لتعدٍّ بالبناء المخالف بمركز ومدينة الإسماعيلية    بواسطة إبراهيم سعيد.. أفشة يكشف لأول مرة تفاصيل أزمته مع كولر    المقاومة الفلسطينية تقصف تجمعا لجنود الاحتلال بمحور نتساريم    المنتدى الاقتصادي العالمي يُروج عبر منصاته الرقمية لبرنامج «نُوَفّي» وجهود مصر في التحول للطاقة المتجددة    سوسن بدر تعلق على تكريمها من مهرجان بردية لسينما الومضة    بيان عاجل من المصدرين الأتراك بشأن الخسارة الناجمة عن تعليق التجارة مع إسرائيل    ضبط 2000 لتر سولار قبل بيعها بالسوق السوداء في الغربية    التعليم العالي: مشروع الجينوم يهدف إلى رسم خريطة جينية مرجعية للشعب المصري    سموتريتش: "حماس" تبحث عن اتفاق دفاعي مع أمريكا    «الإفتاء» تحذر من التحدث في أمور الطب بغير علم: إفساد في الأرض    إصابة 6 أشخاص في مشاجرة بسوهاج    الفلسطينيون في الضفة الغربية يتعرضون لحملة مداهمات شرسة وهجوم المستوطنين    الغدة الدرقية بين النشاط والخمول، ندوة تثقيفية في مكتبة مصر الجديدة غدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلاميون في الصومال‏...‏ من الهامش إلي مركز الأحداث‏(4‏ 5):‏

انهارت سلطة المحاكم الإسلامية في الصومال أمام قوات الاحتلال الاثيوبي بعد ستة أشهر فقط من حكمها‏,‏ وسقطت سقوطا مدويا خلال أيام قليلة‏,‏ وتفككت بنيتها وتلاشت مؤسساتها
واختفت رموزها من الساحة الصومالية بصورة فاجأت الجميع‏,‏ لتدخل الصومال بين عشية وضحاها تحت الاحتلال الاثيوبي‏,‏ وبعد أيام من سقوط سلطة المحاكم بدأت تظهر تحركات عسكرية عشوائية من بقايا قوات المحاكم‏,‏ يقول عنها محمود يوسف موسي الأستاذ في جامعة هرجيسا‏:‏ أن الناس ظنوها في البداية حركة المذبوح التي سرعان ماتزول تحت ضربات القوات الاثيوبية وقوات الحكومة الانتقالية المدعومة منها‏,‏ غير ان هذه الحركات بدأت تنتظم وتنتشر في كثير من المناطق الصومالية‏,‏ وبعد فترة وجيزة أصبح لها جناح سياسي‏,‏ يجمع إسلاميين بجانب وطنيين‏,‏ ومن هنا تم تشكيل كيان سياسي عسكري قاد نضالا وطنيا لتحرير الصومال من القوات الاثيوبية المحتلة‏,‏ وسمي هذا الكيان نفسه تحالف إعادة تحرير الصومال‏,‏ وقد نشط في الساحة السياسية والدبلوماسية‏.‏ وكانت له في الميدان ميليشيات تقاوم وتقاتل الاحتلال‏,‏ وكان خليطا من عناصر المحاكم الإسلامية وعناصر قبلية ووطنيين وإسلاميين من فصائل شتي‏,‏ إلي جانب حركة الشباب التي إنفصلت من جسم المحاكم‏,‏ وكان هدف المقاومة هو الجامع لهذا الطيف العسكري‏.‏
وأصبح لهذه المقاومة حضور قوي في الميدان‏,‏ مما آضطر الحكومة الاثيوبية والجهات الداعمة لها إلي أن تراجع حساباتها‏,‏ مما مهدالسبيل للاعتراف بالمقاومة كجهة سياسية لاغني عنها في تهدئة الأوضاع وترتيب البيت الصومالي من جديد‏,‏ ومن ثم فتح المجتمع الدولي لها الأبواب لتحاور الحكومة الانتقالية‏,‏ وتشارك في تسوية سياسية تخرج المنطقة من التوترات‏,‏ وهو ماحدث بالفعل بعد سنة ونصف من المواجهات الدامية بين المقاومة الصومالية والقوات الاثيوبية‏.‏
ومما ساعد في تشكيل وترتيب المقاومة الصومالية عسكريا وسياسيا بصورة سريعة هو نجاة قادة المحاكم الإسلامية الذين تمركزوا في المناطق الجنوبية من الصومال‏,‏ واستطاعوالملمة شملهم وتجميع أسلحتهم ومعداتهم‏,‏ مما مكنهم من نقلها مرة أخري إلي مقديشو‏,‏ كما ساعدهم كذلك انتشار القيادات التي خرجت من الصومال إلي مناطق مختلفة من العالم‏,‏ حيث أصبحت مصدر تمويل وبناء علاقات مساندة للمقاومة في الداخل‏.‏
تشكيلات متوازية وتعثر
ويري الباحث الصومالي محمود يوسف موسي أن هذه الجهود لم تخل من بعض التعثرات‏,‏ التي أدت إلي قيام تشكيلات متوازية‏,‏ تعمل في ميدان المقاومة‏,‏ دون أن يكون بينها تنسيق‏,‏ حيث آثرت حركة الشباب عدم المشاركة في لجنة المقاومة‏,‏ بعد رفض إقتراحها الذي دعا إلي تأسيس تنظيم جديد يحل محل اتحاد المحاكم‏,‏ وبالرغم مما شاب هذه المرحلة من عيوب في تكوين المقاومة إلا أن المحصلة النهائية أنها إستطاعت إجبار قوات الاحتلال الأثيوبي علي الرحيل من الصومال‏,‏ ويعود ذلك لعدة أسباب‏,‏ أولها هو التعاطف الشعبي الكبير من الشعب الصومالي مع قوي المقاومة‏.‏وقد تجسدت تلك الثقة في الدعم المادي والمعنوي الكبير للمقاتلين في الميدان‏.,‏ كذلك تأييد الجالية الصومالية في المهجر‏,‏ وماقامت به من تحركات دبلوماسية وتسيير مظاهرات حاشدة لكسب الرأي العام العالمي‏,‏ مما أعطي المقاومة بعدا وطنيا وقوميا‏,‏ تجاوز حدود العشائر والقبائل والمناطق‏,‏ ووفر لها غطاء مكنها من الإستمرار في عملياتها‏,‏ حتي تمكنت من إجبار قوات الاحتلال علي الرحيل‏.‏
وساعد علي ذلك أيضا الثقة في نظام المحاكم وماحققته خلال فترة حكمها القصيرة من إنجازات‏,‏ إضافة إلي الإرث النضالي والجهادي لدي الصوماليين ضد الاستعمار وتوافر الإمكانات القتالية‏,‏ والأهم هو غياب أي مبرر منطقي للغزو الأثيوبي للصومال‏,‏الذي كان غزوا أحاديا وعاريا من الشرعية الدولية‏,‏ وقد ادي ذلك إلي معارضة دولية لهذا لغزو‏,‏ الذي جاء في إطار مشروع إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الخاص بمكافحة الإرهاب‏,‏ ولم تكن هناك قوة وطنية في الصومال بإمكانها تبرير هذا الغزو أو الدفاع عنه‏,‏ الأمر الذي أعطي للمقاومة قبولا في الأوساط الإقليمية والدولية التي وقفت ضد الغزو الأثيوبي للصومال‏,‏ وقد الهبت العداوات التاريخية والحساسية القائمة بين الصومال واثيوبيا خلال قرون عديدة المشاعر القومية لدي الشعب الصومالي‏,‏ كما ارتفعت الأصوات داخل أثيوبيا بعد تزايد الخسائر في صفوف القوات الاثيوبية بالصومال تطالب النظام الأثيوبي بترك الصومال وشأنها والتركيز علي الشئون الداخلية في بلاده‏.‏
لكن برغم كل هذه الفرص التي وجدتها المقاومة الصومالية إلا أنه كانت هناك مجموعة من العقبات أمامها وأبرزها وفقا للتقرير الذي أصدره مؤخرا مركز الشاهد للبحوث والدراسات الإعلامية‏:‏ غياب رؤية موحدة لدي الفصائل المكونة للمقاومة سواء علي المستوي الفكري أو مستوي الممارسة السياسية في الميدان‏,‏ وذلك أن التيارات الإسلامية والوطنية التي هبت للدفاع عن الصومال كانت تتفق في مواجهة الاحتلال الاثيوبي‏,‏ ومن ثم كانت اجتهاداتها متباينة في التعاطي مع التطورات التي تشهدها الساحة‏,‏ سواء من الناحية السياسية أو العسكرية‏,‏ إضافة إلي ضيق الوعاء السياسي الذي احتضن المقاومة‏,‏ إذ إن المكون الرئيسي للمقاومة كان اتحاد المحاكم الإسلامية‏,‏ وبالرغم من النجاحات التي حققها فإنه لم يكن يتسع لمشروع سياسي عسكري بإمكانه استثمار التعاطف الذي وجدته المقاومة من القوي الإقليمية والدولية المناهضة لسياسة مكافحة الإرهاب‏,‏ أو قيادة نضال عسكري وسياسي‏.‏
ضغوط خارجية
وقد أدت الاستجابة السريعة للمجتمع الدولي لمطالب المقاومة وزجها بها قبل أن يكتمل عامها الأول في أتون حراك سياسي ودبلوماسي إلي هزات عنيفة في أطرها التنظيمية وجعلها عرضة لضغوط خارجية ومنازعات داخلية‏,‏ مهدت السبيل إلي التمايزات التي حدثت في صفوفها‏,‏ إضافة إلي ضغوط اريتريا التي استضافت المقاومة‏,‏ والتي كانت لها استراتيجياتها الخاصة تجاه التطورات بالمنطقة‏,‏ وكان من الملاحظ أن اريتريا ترغب في أن تظل المقاومة الصومالية ورقة رابحة في يدها لتساوم بها مع خصومها علي المستويين الإقليمي والدولي‏.‏
وبعد انسحاب القوات الاثيوبية في مطلع عام‏2009‏ أصبحت الساحة الصومالية خالية لطرفي المقاومة الصومالية من الإسلاميين‏,‏ الطرف الذي قبل التفاوض وتسلم السلطة‏,‏ والطرف الرافض الذي توعد أنه سيواصل القتال حتي النهاية‏,‏ وبدلا من استثمار هذه الفرصة التاريخية وتحويل النصر العسكري الذي تحقق للمقاومة إلي نصر سياسي‏,‏ والاصطفاف حول الدولة التي يرأسها الزعيم السابق للمقاومة الشيخ شريف شيخ أحمد وتصحيحها من الداخل‏,‏ فضلت مجموعات من المقاومة المواجهة وحسم الأمور عسكريا مع رفاق دربهم في النضال‏,‏ ولم تجد النداءات المتكررة من العلماء ومن القطاعات المختلفة من الشعب الصومالي آذانا صاغية‏,‏ وكانت النتيجة المباشرة لذلك أن تحولت الساحة الصومالية التي شهدت هدوءا نسبيا بعد انسحاب قوات الاحتلال إلي ساحة معركة‏,‏ تعج بموجات من الاقتتال والتناحر بين الأطراف الرافضة للصلح وبين الرئيس الشيخ شريف وقطاعات واسعة من قوي المقاومة للاحتلال التي أيدت الصلح‏.‏
ويري الباحث الصومالي محمود يوسف موسي الأستاذ في جامعة هرجبسا أن المقاومة الصومالية التي ظهرت كقوة فاعلة عسكريا وسياسيا فشلت في تقديم مشروع إسلامي وطني يمكن أن يخرج المجتمع الصومالي من المعاناة الطويلة التي أنهكت حياته‏,‏ ويقول‏:‏ آنه يصعب علي الدارس للحركات الاسلامية والمقاومة في الصومال التنبؤ بمستقبلها السياسي‏,‏ وذلك نتيجة ارتباطاتها الخارجية والإفلاس السياسي الذي تعاني منه‏,‏ مما أورثها خلافات داخلية مزمنة‏,‏ إضافة إلي المؤامرات الخارجية التي تفاقمت بسبب تصرفاتها السياسية الضيقة‏,‏ وانشغالها بقضايا ثانوية صرفتها عن القضايا الاستراتيجية الكبيرة‏,‏ ويتوقع الباحث أن العمر السياسي للتنظيمات السياسية الإسلامية ودورهم في الساحة الصومالية لن يكون طويلا لعدة أسباب‏:‏
أولها التدخلات الخارجية علي المستويين الإقليمي والدولي‏,‏ حيث يتفاقم بصورة متزايدة صراع المصالح والنفوذ بين القوي المختلفة في الساحة الصومالية‏,‏ مما سيزيد تفكيك وتشتيت البني التنظيمية لهذه الحركات التي لم تتهيأ بعد لمواجهة المخاطر المحيطة بوطنها‏.‏
وثانيا‏:‏ بسبب ضيق الأطر التنظيمية وضيق الوعي السياسي لدي هذه التنظيمات‏,‏
وثالثا بسبب الضبابية والغموض الذي يكتنف البرامج والمشاريع التي ترغب في طرحها‏,‏ وكذلك عدم مطابقة سلوكها لما ترفعه من شعارات إسلامية‏,‏ حيث تفتقر هي نفسها لتطبيق هذه الشعارات التي تدعو إليها‏,‏ ولذا فإن مصير التنظيمات الإسلامية ومستقبلها السياسي في الصومال مرهون باستيعابها للتناقضات المحلية في البيئة الصومالية والتطورات السياسية علي المستوي الإقليمي والدولي والتعامل معها بحنكة والإستفادة من التجارب السابقة والراهنة‏.‏
معارضة الشباب المجاهدين
ومن جانبه يري علي عدو جبريل الكتبي الصحفي والباحث في شئون شرق إفريقيا‏:‏ أن أكبر تحد واجه إتفاقية جيبوتي التي أتت بحكومة الشيخ شريف هو معارضة معظم قوي المقاومة المسلحة لها المكونة من تحالف إعادة تحرير الصومال جناح أسمرة ومجموعة راس كامبوني ومجموعة عانولي التي شكلت فيما بعد الحزب الإسلامي‏,‏ بالإضافة إلي حركة شباب المجاهدين‏.‏
التي أبدت معارضتها القوية للاتفاقية‏,‏ حيث عارضت هذه القوي أساسا التفاوض مع الحكومة السابقة بغض النظر عن النتائج التي تتمخض عنها‏,‏ وهذه المعارضة لايمكن الاستهانة بها‏,‏ ولم تأل جهدا في إفشال تنفيذ الاتفاقية وإفشال تحويلها إلي واقع ملموس في الحياة السياسية والاجتماعية للمواطن الصومالي‏.‏
وقد وسعت حركة الشباب المجاهدين أقوي هذه الجماعات وأكثرها تطرفا عملياتها المسلحة عقب اتفاقية جيبوتي وتشكيل حكومة الشيخ شريف‏,‏ وبسطت نفوذها علي معظم مناطق جنوب الصومال وأحياء من العاصمة مقديشو‏,‏ وهي تهدف من ذلك إلي ايجاد واقع علي الأرض يجعل من تنفيذ الاتفاقية أمرا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا‏,‏ وعلي الرغم من أن الاتفاقية تمت بتشجيع ورعاية الأمم المتحدة إلا أن الكتبي يري ان المجتمع الدولي كان غير جاد في إيجاد حل حقيقي للازمة الصومالية‏,‏ فالاتفاق كان في صيغته الأولية ينص علي إرسال قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة تحل محل القوات الأثيوبية المنسحبة لسد الفراغ الأمني‏,‏ وقد بعث الطرفان اللذان وقعا الاتفاقية وفدا إلي مجلس الأمن الدولي لتقديم طلب مشترك بخصوص ذلك‏,‏ إلا أن الطرفين تيقنا في النهاية من عدم استعداد مجلس الأمن لتوفير تلك القوات‏,‏ مما حدا بهم إلي إعادة كتابة هذا البند في صيغته الأخيرة‏,‏ لتكليف قوات الاتحاد الافريقي والميليشيات التابعة للحكومة وبحفظ الأمن بعد إنسحاب القوات الأثيوبية‏,‏ ومن جانب آخر لم تتجاوز سياسة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تجاه الصومال هاجسها الأمني من أن يصبح الصومال مأوي لمجموعات إرهابية تستغل فراغ السلطة‏,‏ مع العلم بأن جوهر الأزمة في الصومال سياسي وليس أمنيا‏,‏ ولكن الولايات المتحدة ليست راغبة في الوقت الراهن لسبب أولآخر في إيجاد حل سياسي دائم للقضية الصومالية‏,‏ وقد تكون هذه السياسة جزء من الفوضي الخلاقة التي وضعتها إدارة بوش الابن لإدارة الصراع في المناطق الساخنة من العالم‏,‏ وبما أن الصراع في الصومال لم يعد صوماليا‏,‏ وإنما تتورط فيه قوي دولية وإقليمية لها مصالح متناقضة‏,‏ فإنه من الضرورة بمكان إشراك هذه القوة في مسار التفاوض‏,‏ إذ أنه بدون هذه المشاركة سيكون من الصعب تحقيق انفراج حقيقي في مصالحة وطنية صومالية ذات شأن‏.‏
زعيم لم يتشوه تاريخه
ويري عبدالله عبدالقادر محمد الأستاذ في جامعة نيروبي‏:‏ أن حكومة الشيخ شريف توافرت لديها فرصتان لم تتوافر لأي من الحكومات الإنتقالية السابقة‏,‏ وهي أولا العامل الداخلي المتمثل في أنه ولأول مرة لم تكن هناك منطقة معينة أو قبيلة محددة تدعي أنها لاتعترف بالحكومة الإنتقالية أو تريد أن تحاربها بخلاف ماكان يحدث للحكومات الانتقالية السابقة ويضاف إلي ذلك التاريخ القصير المشرق للشيخ شريف خلال ستة أشهر من حكمه عام‏2006,‏ فالرجل لم يكن زعيم حرب تشوه تاريخه‏,‏ ولم يدخل في صراع قبلي‏,‏ سواء في داخل عشيرته أو مع العشائر الأخري‏,‏ ومن جهة أخري كان هناك تهيؤ في المجال الداخلي‏,‏ حيث كان المواطن الصومالي قد سئم من الحروب العبثية وتبعاتها الباهظة‏,‏ وكان يبحث عن أي مخرج منها‏,‏ أما العامل الخارجي فتمثل في أن هذه الحكومة قد جاءت بعد أن استنفدت جميع المحاولات الأجنبية والتدخلات الخارجية بدءا بالتدخل الأمريكي في ديسمبر عام‏1992,‏ الذي انتهي بفشل ذريع‏,‏ ومرورا بزعماء الحرب الذين كانوا وكلاء لجهات خارجية‏,‏ ثم توج التدخل الاجنبي بوصول عشرات الآلاف من القوت الاثيوبية مدججة بالسلاح‏,‏ كما جاءت حكومة الشيخ شريف أيضا بعد فشل خمسة عشر مؤتمرا سياسيا عقد معظمها في خارج الصومال‏,‏ ورغم الإشارات العديدة التي تؤكد رغبة المجتمع الدولي في دعم حكومة الشيخ شريف‏,‏ إلا أن هذه الحكومة في واقع الأمر هي في موقع لايمكنها من الإستفادة من هذه الفرص بسبب المشكلات والصعوبات التي تواجهها‏,‏ ومن بينها مايتعلق بالإنسان الصومالي نفسه‏,‏ وأخري تتعلق بالمجتمع الدولي وبالحكومة الانتقالية نفسها‏,‏ والمشكلات التي تتعلق بالإنسان الصومالي تتعلق بجزء كبير من النخب الصومالية التي تحكم الآن أو تسعي إلي الحكم ليس لديها رؤي وطنية‏,‏ كما أنها لاتمتلك مشروعا طموحا يحقق لها النجاح في الأعمال الموكلة إليها‏,‏ مما يعطيها فرصة الاستمرار في المسرح السياسي‏,‏ وهناك عاملان لايزالان يشكلان هاجسا بالنسبة لتلك النخب‏,‏ وهو أولا العامل القبلي الذي يستخدم لأغراض شخصية‏,‏ وأن السياسي الصومالي يستمد شرعيته من قبيلته وليس من وطنه أو من كفاءته الشخصية‏,‏ وهذه المسألة لاتشكل عقبة لهذه الحكومة وحدها‏,‏ بل كانت العقبة التي ساهمت كثيرا في انهيار الحكومات الانتقالية السابقة‏,‏ وقطعا ستسبب ضررا كبيرا في بناء مستقبل صومالي تسوده العدالة واحترام الإنسان‏,‏ أما العامل الثاني فهو الانتهازية‏,‏ وهي التي تشكل الحافز الرئيسي لمعظم أو كثير من الذين يسعون لتولي مناصب في الحكومة‏,‏ وذلك أن فهمهم للسلطة والمسئولية يتمحور حول كيفية جمع أموال كثيرة تستخدم في شراء المناصب لتشكيلات حكومية قادمة‏,‏ وكأن كل واحد منهم موقن بأن الحكومة التي يعمل في إطارها لامستقبل لها وأنها ذاهبة لامحالة‏.‏
الخطأ العظيم
أما المشكلات التي تتعلق بالمجتمع الدولي فتتمثل في الأخطاء التي ارتكبها في سعيه لحل الأزمة الصومالية‏,‏ والخطأ العظيم له يتلخص في إيجاد ترتيبات لتشكيل حكومة خليط من أطياف كثيرة أقواها المقاومة الإسلامية مع حكومة عبدالله يوسف التي شارفت علي الانهيار‏,‏ المشكلة الأولي كانت انقسام المعارضة حول الدخول في مفاوضات مع الحكومة‏,‏ مابين قائل أن هذه الحكومة سوف تزول ولاداعي للتفاوض معها‏,‏ ومابين قائل أن هذه الحكومة مع ضعفها تتمتع بشرعية ومعترف بها دوليا‏,‏ ولايمكن إزالتها بسهولة‏,‏ وأن النظام الأساسي للتحالف لم يستبعد خيار السلام والدبلوماسية‏,‏ والفريق الأخير مثل الاغلبية ووصف بالاعتدال برئاسة الشيخ شريف‏,‏ وخاض المفاوضات مع الحكومة‏,‏ وخرج رئيسا في جيبوتي‏.‏
ويري الباحث الصومالي عبدالله عبدالقادر محمد الأستاذ في جامعة نيروبي أن المجتمع الدولي كان يتوقع فوز نور عدي رئيس الوزراء في حكومة عبدالله يوسف بالرئاسة‏,‏ ورغم ذلك قبل بفوز الشيخ شريف بها باعتباره اهون الشرين‏,‏ وذلك لأنه غير مصنف لديه في خانة التطرف‏,‏ كما ان لديه رصيدا شعبيا سيساهم في تمكين الحكومة الجديدة علي أرض الواقع‏,‏ بالإضافة إلي رغبة المجتمع الدولي في الخروج من المستنقع الصومالي الذي فشلوا فيه مرارا وتكرارا باقل الخسائر‏,‏ ونظرا لأن الشيخ شريف لم يأت باختيار المجتمع الدولي‏,‏ كما أن خلفيته الثقافية وعلاقاته مع بعض الدول العربية مثل السودان وليبيا كان الغرب ينظر إليها بعين الشك والريبة‏,‏ ولكن الشيخ شريف حرص من جانبه علي توطيد علاقاته مع المجتمع الدولي من خلال تأكيده بأنه شخصية مستوعبة ومتفهمة للامور ذات الحساسية لدي القوي الإقليمية والدولية‏,‏ ومن ثم قبل باستمرار وجود القوات الأفريقية أميصوم في مقديشو‏,‏ وسكت عن تجاوزات الحكومة الأثيوبية واعتداءاتها علي الأراضي الصومالية‏,‏ وشكل كل ذلك مؤشرا قويا لما تعرض له الشيخ شريف من ضغوط من قبل المجتمع الدولي‏,‏ وبالرغم من أهمية حرصه علي تحسين علاقاته مع القوي الإقليمية والدولية إلا أنه كان بإمكانه أن يفعل ذلك مع الاحتفاظ برصيده الشعبي‏,‏ بل كان بإمكانه سخب البساط من تحت أقدام القوي المعارضة بأن يعلن فور تسلمه للرئاسة عن جدولة إنسحاب قوات حفظ السلام الافريقية وتغيير قيادات الجيش والأمن في الحكومات السابقة‏,‏ وقد بررت قوي المعارضة عملياتها ضد الحكومة الجديدة بأن قوات حفظ السلام الأفريقية هي نفسها التي أعلن الشيخ شريف عليها الحرب قبل عامين ثم هاهو يتمسك بها اليوم ويدافع عن وجودها‏,‏ واصفا إياها بأنها تحمي الحكومة الصومالية‏,‏ والشيء نفسه ينطبق في حكمه وكان شيئا لم يكن‏,‏ وبسبب هذه السياسات غير المتوازنة خسر الشيخ شريف رصيده الشعبي‏,‏ حيث يشاهده المواطن الصومالي العادي محاطا بقوات الاتحاد الأفريقي وبقادة الأجهزة العسكرية والأمنية للحكومة السابقة‏,‏ ويذهب إلي المطار بدبابات أوغندية‏,‏وربما أعطي هذا المشهد معارضيه فرصة للإستمرار في عملياتهم المسلحة‏,‏ بدعوي أن شيئا لم يتغير‏,‏ أنه يبيع القضية في المزاد العلني‏,‏ وهناك تساؤلان يطرحان هنا بقوة لماذا لم يضغط المجتمع الدولي علي الشيخ شريف ليراجع زملاءه في اسمرة ويصالحهم قبل مؤتمر جيبوتي‏,‏ ولماذا لم تحدث تغييرات معقولة علي أرض الواقع لدعم الشيخ شريف وتهيئة الجو له‏.‏
حالة عجز
أما المشكلة الثالثة فتتعلق ببنية الحكومة ذاتها‏,‏ حيث عدم التجانس بين أعضائها‏,‏ فهم لم يكونوا في حزب واحد له برامجه‏,‏ وليس لديهم برامج سياسية ونضالية مشتركة جعلتهم يتعارفون عن قرب بصورة قوية ومتينة‏,‏ فضلا عن قلة الكفاءات العلمية للوزراء وأعضاء البرلمان وقلة الخبرة‏,‏ وقد أعلنت حكومة الشيخ شريف تطبيق الشريعة‏,‏ ورغم ذلك استمر معارضوها من رفاق الأمس من الإسلاميين في إعلان الحرب عليها‏,‏ واستمرت هي في حالة عجز عن أن تكون إدارة فعالة لحكم البلاد‏,‏ وعن تحقيق إجازات ملموسة في الجوانب الضرورية للمواطنين في مجالات الأمن والعدل والشئون الإنسانية والخدمات‏,‏ وقد ظل النازحون يقبعون في أماكنهم انتظارا للأمن والاستقرار الذي يعيدهم إلي مناطقهم الأصلية‏,‏ وظهر داخل السلطة نفسها علامات توتر وخلافات كثيرة‏.‏
ويؤكد الباحث الصومالي عبدالله عبدالقادر محمد الأستاذ بجامعة نيروبي رغم ذلك أن الفرص مازالت متاحة أمام حكومة الشيخ شريف‏,‏ وأنها في غالبها فرص لم تتوافر للحكومات الانتقالية السابقة‏,‏ ولكن هذه الفرص ترتبط بمدي تبنيها لسياسات محددة وواضحة تخدم المصالح العامة للشعب الصومالي‏,‏ويري أن لافرص مازالت متاحة أمام الحكومة في حالة تغيير وضعها الحالي‏,‏ لأن المعارضة الإسلامية ليست قوية كما يبدو في ظاهرها‏,‏ وليس ذلك لأن المجتمع الدولي يناوئها ويصفها بالتشدد والإرهاب‏,‏ بل لأن الإنسان الصومالي العادي الذي توقع كثيرا بقدوم الإسلاميين‏,‏ ووقف في البداية معهم واستبشر بمقدمهم خيرا‏,‏ يراجع الآن موقفه من هذا الخطاب الديني الاستئصالي الذي تتبناه المعارضة الإسلامية وفي الحلقة الأخيرة الأسبوع المقبل نستقريء مستقبل المعارضة الإسلامية المسلحة لحكومة الشيخ شريف‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.