تفاوض من وراء ستار أحمد خليل صرح الرئيس الفلسطيني محمود عباس مؤخرا بأنه ضد الكفاح المسلح بسبب عدم قدرة الفلسطينيين عليه وشدد على أهمية التوصل لحل هذا العام قبل رحيل ادارة الرئيس الأميركي جورج بوش. من الواضح ان عباس قد وضع المصالح الوطنية العليا والمستقبل الاستراتيجي للشعب الفلسطيني برسم العملية التفاوضية الجارية من خلف الستار والتي تدار حصريا من قبل ثلاثي يضم الرئيس عباس وأحمد قريع وصائب عريقات وعلى نفس طريقة مفاوضات اوسلو السرية التي كانت تضم عرفات وإلى جانبه عباس وقريع. تجرى هذه المفاوضات في طي الكتمان وفي ظل غياب اية مرجعية وطنية فلسطينية تمثل الشعب الفلسطيني أو مؤسساته الوطنية التمثيلية مثل المجلس التشريعي والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أو المجلس المركزي الفلسطيني وبالطبع مع تغييب جميع الفصائل والقوى الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني. ومن هنا ينبع حرص الفريق المفاوض على ابقاء العملية التفاوضية سرية لادراكه ان ما يقدم عليه يتعارض مع الاتجاهات العامة السياسية الفلسطينية كما رسمها المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية واللجنة التنفيذية وكما رسمتها وثيقة القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني الفلسطينية كما يماطل عباس في اصدار مرسوم بتشكيل لجنة عليا لتوجيه العملية التفاوضية لكي لا تتحول إلى عبء يحد من هامش مناورته وهو يشعر بالارتياح للعمل فقط مع قريع وعريقات ويكتفي بالتشاور مع القاهرة وعمان واما بقية قيادات الشعب الفلسطيني فلا يجد عباس نفسه ملزما بالتشاور معها وربما يجد هامش المناورة لديه أوسع مع استمرار انشغال الفلسطينيين بالانقسام السياسي ومواصلة الاعتداءات الإسرائيلية على المناضلين والمدنيين في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة لان في ذلك حسب رؤيته ما يبرر معارضته للكفاح المسلح والاخطر لتبرير ما سيصدم الشعب الفلسطيني به من نتائج للمفاوضات السرية على طريقة اتفاق اوسلو. فهذا الفريق التفاوضي يخطط كما يصرح للتوقيع على اتفاقيات والمصادقة عليها وتقديمها للرأي العام الفلسطيني قائلا: هذا افضل ما يمكن الوصول اليه بالطبع لن تكون هكذا نتائج مقنعة وبالتالي لن يتورع عن محاولة فرضها بالقوة. ولذلك ليس غريبا ان المفاوضات الجارية كما تقول تسربيات من داخل دائرة عباس تدور حول الاتفاق على ترتيبات لتحديد العلاقات بين الكيان الفلسطيني المسمى دولة وإسرائيل وتحديدا عبر لجان لكل من الثقافة والاقتصاد والأمن والمعابر والعلاقات السياسية والدبلوماسية. وحصر متابعة قضايا القدس واللاجئين والمستوطنات والجدار بين قريع وليفني استجابة للضغوط الإسرائيلية بتأجيل قضايا الحل الدائم الجوهرية إلى وقت لاحق والانشغال بمفاوضات اللجان العتيدة التي تدور عمليا في اطار تحسين اتفاقية اوسلو. عن صحيفة الوطن القطرية 4/3/2008