أزمة لبنان ووساطة موسى عقلية الموظف لا تحلّ الازمة جورج حداد غدا او على الارجح ، بعد غد يعود امين عام الجامعة العربية عمرو موسى الى بيروت في محاولة جديدة لحل الازمة اللبنانية المتسحكمة. والمحاولة الجديدة ، هي في الواقع ليست جديدة وانما يمكن اعتبارها امتدادا واستكمالا لمحاولات سابقة ، كان آخرها تلك الزيارة التي قام بها اثر قرار وزراء الخارجية العرب الذي اتخذ في السادس من الشهر الماضي،، آنذاك.. جاء عمرو موسى واجتمع مع رموز الموالاة والمعارضة ، دون ان يتمكن من احداث اختراق جدّي في مواقف الاطراف المتنازعة،،. وكان فشل موسى متوقعا ، لان تفسيره لبنود المبادرة العربية الذي اصرّ عليه ، وعلى وحدانيته ، جاء منحازا انحيازا واضحا لوجهة نظر الفريق الحاكم (الحريري جعجع صفير) الا ان اصرار موسى على عدم الاخذ بنظرية الصفقة المتكاملة أو كما يسمونها السلة الواحدة لبنود المبادرة العربية ، كما طالب ويطالب فريق المعارضة (حزب الله وامل والتيار العوني فضلا عن الاحزاب والرموز الاخرى) شكل بحد ذاته ، تجاهلا مستغربا لهواجس المعارضة ومخاوفها من العودة بالوضع السياسي الى ما كان عليه ابان رئاسة اميل لحود المنتهية ولايته،،. اللافت.. أن موسى الذي يفترض انه جاء وسيطا كان يعرف تمام المعرفة صورة الوضع الذي كان يجمع بين ظاهرتي المأساة والملهاة حين كان الحريري وفريقه يتجاهلون وجود رئيس دولة دستوري فيعمدون الى سلق القرارات المحلية والدولية دون ان يكون لغيرهم رأي فيها،، أما الذريعة في كل هذا التحدّي فكانت أنهم يملكون الاكثرية النيابية ، ناسين وعن سابق تصور وتصميم ان ديمقراطية لبنان ليست كأيّ من الديمقراطيات الاخرى المتعارف عليها ، وانما هي كما سُمّيت، وكما هي فقط اجماع لدى جميع اللبنانيين ، ديمقراطية توافقية،،. واما عمرو موسى ومن يقف خلفه من اطراف لبنانية وعربية انهم يفصلون بنود المبادرة العربية بعضها من بعض. وهذا يعني ان انتخاب الرئيس يجب ان يحصل بمعزل عن البند الثاني من المبادرة وهو «تشكيل حكومة وحدة فورا»،،. وصحيح ان فريق الحريري السنيورة جنبلاط لم يعارض الدخول الى البحث في تفاصيل تشكيل الحكومة بشرط ان يأتي هذا التشكيل الوزاري ، بما فيه رئيس الحكومة واعضاؤها خاضعين للمواصفات والشروط التي يضعها فريق الاكثرية،،. اما المعارضة التي يمثلها وينطق باسمها العماد ميشال عون ، فليست تمانع في ان يضم الفريق الوزاري المقترح اكثرية موالية في عدد الوزراء حيث يقاس العدد بالنسبة البرلمانية لكل من الموالاة والمعارضة شريطة ان يتوفر في الفريق الوزاري عامل المشاركة الجدية في صنع القرار ، وتوجيه دفة الحكم،،. وذلك لن يكون الا بعد اتفاق الطرفين على مبادىء واهداف النهج الذي يجب ان يرضاه ويلتزم به الفريق الوزاري المقترح،، وهنا .. وعند هذه النقطة يعترف الطرفان،،. وبالطبع ، فان تفسير الافتراق والاختلاف لا يقود ولا يشير الاّ الى أمر واحد هو ان فريق الاكثرية (المسروقة) مصر اصرارا على الاستئثار بالحكم وتوجهاته وسياساته الداخلية والخارجية،،. وكذلك على أهمية الاتفاق قبل العناق ، يكفي الاستشهاد بما قاله الرئيس بوش علنا ، بأنه يعتبر حكومة السنيورة شأنا متصلا في صميم الامن القومي الاميركي،،. لا يحتاج الامر الى ذكاء وعبقرية لادراك واستنتاج ان لجماعة الاكثرية ورئيس حكومتها السنيورة ثمّة تعهدات والتزامات حيال الادارة الاميركية ، لا يمكن الوفاء بها الاّ ، في حالة ان يكونوا اسياد الموقف واصحاب القول الفصل في ما ينبغي على الدولة اللبنانية الاقدام عليه او.. الاحجام عنه،، وبالطبع فان وفاء الحريري والسنيورة وجماعاتهما بالتعهدات الملتزمين بها امام بوش وعصابته المتصهينة في البيت الابيض يبقى امرا متعذر التحقيق لوجود شريك حقيقي ليس متصلا بالتعهدات والالتزامات الدولية التي ربما حملت في ثناياها الشر والويل على لبنان واللبنانيين كل اللبنانيين،، مشكلة عمرو موسى السياسي والدبلوماسي العريق انه صار يعمل ويتحرك بعقلية الموظف المأمور ، وعقيلة الموظف تبقى بعيدة لعقلية الوسيط النزيه!! عن صحيفة الدستور الاردنية 6/2/2008