العربي الافريقي والافريقي العربي ممدوح طه تستضيف القاهرة العاصمة المصرية العربية القمة الأفريقية الدورية للاتحاد الأفريقي نهاية الشهر الحالي وعلى جدول أعمالها عدد من المسائل الحيوية بل والمصيرية على مستقبل الاتحاد وهى تقف بالفعل الآن على مفترق الطرق بين التوجه شمالا بالانقسام في اتحاد أورو متوسطي، أو التوحد جنوبا باتحاد عربي أفريقي، أو بين الشراكة شرقا مع العرب في آسيا، أو بالوقوع في الوصاية غربا بهيمنة أميركية.
وكانت القاهرة عاصمة مصر كبرى الدول العربية والأفريقية قد شهدت أول مؤتمر للقمة الأفريقية في العام 1964، ضمن ثلاثة مؤتمرات للقمة في عام واحد بأول قمة عربية وأول قمة أفريقية، وقمة دول عدم الانحياز، عندما كانت مصر بقيادة جمال عبد الناصر تشكل ريادة حقيقية لحركة التحرر العربي والافريقى والعالمي.
وبعد المسيرة التحررية الجديرة بالإعجاب والمسيرة الاتحادية الجديرة بالاحترام للقارة السمراء الناهضة، من الاستعمار إلى الحرية، ومن الحرية إلى الحركة لتحقيق حلم الوحدة الأفريقية وصولا إلى التنمية، لتعويض شعوبها عهود القهر والتخلف، ومحاربة محور الشر الاستعماري ثالوث الجهل والفقر والمرض.
هل يصبح مؤتمر القاهرة لقمة الاتحاد الأفريقي برئاسة حسني مبارك هو الذي يشهد إعلان الحكومة الاتحادية الأفريقية ليقطع الطريق على محاولات تقسيم القارة وفصل العرب عن أفريقيا للهيمنة السياسية عليها بهدف الاستحواذ على ثرواتها الهائلة من المياه والنفط والأراضي الزراعية؟
فالواقع أن الارتباط العربي الأفريقي حقيقة قائمة جغرافية وتاريخية، واقتصادية وسياسية،و ثقافية وإثنية، والحاجة المتبادلة للتكامل بينهما أصبحت أكثر إلحاحا، فالعرب والأفارقة كانوا يعانون معا من سيطرة الاستعمار الأوروبي الإنجليزي والفرنسي والإيطالي، ويناضلون معا من أجل التحرر والاستقلال، ويشتركون معا في أصول قبلية واحدة، ويتطلعون معا إلى هدف الوحدة التي مزقها الاستعمار بالأمس ومازال يتآمر عليها اليوم..
وحيث يشكل العرب الأفارقة أكثر من نصف الوطن العربي، ومن ثلث سكان القارة الأفريقية، كما يشكل الأفارقة المسلمون نصف سكان القارة، من هنا ينبغي أن يولي العالم العربي والإسلامي اهتماما أكبر وحضورا اقتصاديا وثقافيا وسياسيا أوسع للتكامل مع إفريقيا التي تقف في معظمها ظهيرا مساندا للقضايا العربية، وعمقا استراتيجيا حقيقيا للوطن العربي في ظل أزمة الغذاء والطاقة، وفي ظل توجه دولي أميركي وأوروبي متعدد الأشكال والأهداف يسعى لمنع وحدتها لتأكيد وجوده فيها..
ومنذ إعلان «الاتحاد الافريقى» بدأ السعي الإفريقي نحو النهضة والتنمية في ظل الروح السياسية الجديدة لاستعادة الذات التي تسود القارة يفرض على القوى العالمية المتنافسة للهيمنة والنفوذ السياسي والاقتصادي على الثروات الكامنة في أفريقيا التراجع عن سياساتها الاستعلائية والاستعمارية السابقة، وإعادة صياغة السياسات والأطر الجديدة لعلاقاتها المتقاطعة مع قارة الفرص الواعدة، والقارة الغنية والتي يراد أميركيا وأوروبيا لأبنائها أن يبقوا غير متحدين ليبقوا غير أغنياء!
ولا يخفى على المراقبين الاهتمام العالمي المتزايد لترتيب علاقات استراتيجية مع القارة الناهضة من جانب الدول الكبرى المتنافسة على النفوذ والاقتصاد ومصادر الطاقة في العالم،خصوصا ذلك التنافس الأميركي الأوروبي وخصوصا الفرنسي، والأميركي الصيني والأميركي الروسي، والملفت أن هذا المسعى التنافسي الأميركي يسعى أيضاً إلى تفكيك التكامل الاقتصادي والسياسي العربي الافريقى بل والأفريقي الأفريقي نفسه. عن صحيف البيان الاماراتية 30/6/2008