صدر مؤخرا مجموعة الشاعر العراقي سعدي يوسف "قصائد الحديقة العامة" جاءت في غالبها صورا نفاذة مؤثرة لموضوع يتكرر في وجوه مختلفة لكنها كلها تنبض بالآم الغربة والوحشة. يصور الشاعر في بعض قصائد الديوان الإنسان رهين غربتين.. غربة فعلية أي البعد عن الوطن وأخرى أشد منها وهي شعوره بأنه كان مغربا في وطنه إلى درجة تحول معها إلى شبيه لتلك العصافير التي ترفض الانطلاق عائدة إلى غابتها التي تبدو لها رغم كل الذكريات ومشاعر الشوق أنها لم تترفق بها. اشتملت المجموعة على نحو 50 قصيدة توزعت على 94 صفحة وصدرت عن "منشورات الجمل- كولونيا "ألمانيا"- بغداد". يقول في قصيدته "طبيعة" وفق صحيفة "العرب" اللندنية: في تشرين الأول في باريس الأشجار تغطي الأرصفة المغبرة بالذهب الريح تخفف من وطأتها وتسيل مع الذهب الغابات رسائل ثم بريد جوي من ريف يعلن: أني المنسي أقيم هنا .. بيتي من ذهب وغبار. في قصيدته الأولى "منزه الأنهار الثلاثة" يقول الشاعر: أشرعة بيض بجع أبيض غيمات خريف بيض... الشمس تسخن في المرج مراياها والأشجار كأن ضحى الجنة يفتح بوابته هل أدخل؟ نورس بحر من عدن ضل وها هو يهبط مرتبكا بين البجع الأبيض والأشرعة البيض أما "قصيدة يائسة" فيقول فيها: البلاد التي نحب انتهت من قبل أن تولد البلاد التي لم نحب استأثرت بما قد تبقى من دم في عروقنا نحن كنا أهلها قل: بلى ولكن تولانا سعير من أول الخلق هل كنا نياما أم غافلين لم يبق عندي من تراب أريد أن يتلاشى هابطا من أصابعي البلاد التي نحب انتهت ومما قال الشاعر نقرأ من قصيدته "لمن اكتب الآن؟: لا شأن لي بالعراق ولا بالعواصم لا شأن لي بالصداقات فاترة أو بالنساء اللواتي تخلين عني ولا شأن لي بالبنادق والطائرات المغيرة لمن اكتب الآن..؟ أكتب كي لا أموت وحيدا!