هل يعد الفلاح الذي يخزن محصوله محتكرا؟

السؤال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "من احتكر فهو خاطئ" فهل هذا ينطبق علي الفلاح البسيط الذي يجني محصوله ويخزنه وهوفي ذهنه أنه سيبيعه بعد مدة؟
يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور أحمد طه ريان استاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر يقول: الاحتكار مرض خطير وداء وبيل إذا انتشر في أمة من الأمم. امتص قلة من الناس دماء الأغلبية منها حيث تتحكم هذه الأقلية من التجار الجشعين في كل مايحتاجه الناس من السلع الغذائية التي يعتمد عليها معظم المواطنين. وماتحتاجه دوابهم من الإعلاف وماتحتاجه سياراتهم من المحروقات وغير ذلك من السلع والخدمات حيث تجمع من مصادر انتاجها حتي تقل في الأسواق فتكون النتيجة ارتفاع أثمانها وحينئذ يبدأ هؤلاء في طرحها في الأسواق بالأسعار التي يحددونها هم. ويوم أن تتدخل السلطات المختصة بوضع الأسعار المناسبة لهذه السلع يقوم هؤلاء الجشعون برفعها من الأسواق واخفائها حيث تباع سراً أو تحت جنح الظلام بأضعاف أسعارها. لذلك نخاطب في التجار دينهم وأنهم سيقفون بين يدي ربهم يوم القيامة حيث يسألهم عن كل درهم أو قرش ظلموا فيه مواطنيهم. فالاحتكار الذي لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم فاعله إنما يتمثل في جمع أقوات الناس وأعلاف دوابهم ونحو ذلك مما يعتمد عليه عامة الناس من الأسواق. أو من مصادر الانتاج داخل الدولة وتخزينه قصداً لرفع سعره. ثم بيعه بهذا السعر المرتفع فيزداد الغلاء وتشتد الحياة علي الناس. لذلك شدد رسول الله صلي الله عليه وسلم علي منع الاحتكار الضار بعامة الناس. فعن معقل بن يسار قال: قال رسول الله: "من دخل في شيء من أسعار المسلمين ليغليه عليهم. كان حقاً علي الله أن يقعده بعظم من النار يوم القيامة" وقال أيضاً: "من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه" أما من خزن طعامه أو علف دوابه من زرعه ثم باعه فاستفاد من جهد ذلك المحتكر فليس محتكراً لأنه لا نتوفر فيه شروط الاحتكار.
والله أعلم
المصدر: جريدة "الجمهورية ".