القطاع العقاري المصري في انتظار انطلاقة تحقيق – زينب مكي الاستثمار العقارى تتناثر البلدوزرات والكسارات و الرافعات على أطراف القاهرة عاطلة عن العمل بعدما ظل القطاع العقاري على مدار عقد كامل المحرك الأساسي وراء الطفرة الاستثمارية في البلاد إلى أن دمره نظاما سياسيا ارتكزت مقوماته على علاقات الصداقة والقرابى. والآن وبعد مرور أكثر من 5 أشهر على ثورة "25يناير" التى اطاحت بنظام الرئيس "المخلوع" محمد حسني مبارك مازال يتحمل القطاع العقاري تبعة ملاحقات الفساد التي تتزايد يوما بعد يوم خاصة بعد أن فقدت الشركات العقارية الكبرى مصداقيتها لدى المواطنين والمستثمرين. وبين متفاءل ومتشائم وحذر انقسم الخبراء حول واقع ومستقبل سوق العقارات فى مصر في ظل حالة الحذر والترقب التي انتابت المواطنين والمستثمرين وجهات التمويل متأثرين بالواقع السياسي والأمنى في البلاد. مصير 4 ملايين عامل وفي الوقت الذي حذر خبراء ومطورون عقاريون من خطر استمرار الحكومة المصرية في إصدار قرارات بسحب الأراضي من المطورين والمستثمرين العقاريين بدعوى أن هؤلاء المستثمرين خالفوا القانون، حيث قررت الحكومة إلغاء وفسخ 19 عقدا لأراضي مساحتها تقدر ب 160 ألف فدان، تخص شركات ورجال أعمال مصريين وأجانب. ونوه الخبراء بأن الاستمرار في مثل هذه الإجراءات قد يؤدي إلى نتائج خطيرة على القطاع العقاري المصري الذي يشكل 16% من الناتج القومي للبلاد ويعمل فيه 4 ملايين عامل مصري تقريبا. وعلى الصعيد نفسه، أكد عادل عبد الرازق ، صاحب شركة مقاولات صغيرة ، انه اضطر لوقف نشاط شركته متأثر بارتفاع أسعار مواد البناء وخاصة الحديد بعد 2008 نظرا لعدم قدرته على المنافسة ، مؤكدا ان سياسات الاحتكار التي كانت ترفع بأسعار مواد البناء ساهمت بشكل كبير في إغلاق العديد من الشركات الصغيرة ومكاتب المقاولات. وأكد عبد الرازق انه وبعد الثورة يأمل فى ان تضع الدولة القوانين والتشريعات اللازمة لحماية الشركات الصغيرة ودعمها، مؤكدا أنه في انتظار انطلاقة قوية لسوق المقاولات والبناء فى مصر ، خاصة فيما يخص الشركات الصغيرة التى تستطيع أخذ بعض "البنود" من الشركات الكبرى عقود من الباطن فور استقرار البلاد . سوق مفتوح وفي اتصال هاتفي مع شبكة الإعلام العربية "محيط"، رأى الاستاذ شريف الخشن رئيس مجلس إدارة "المجموعة العربية" أن السوق العقارية تعتبر "رمانة الميزان" فى الاقتصاد المصري حيث يسطير القطاع على نسبة كبير من حجم الاستثمار بوجه عام إضافة ألى أن من أكبر القطاعات التي تشغل الأيدى العاملة "اليومية". وأكد الخشن أن شركات المقاولات الكبرى مازالت تسعى لتشغيل أكبر عدد يمكنها من المشاريع لعدم فقد هذه العمالة، وعن سوق مواد البناء، أكد الخشن أنه مازال سوق ثابت لم يحدث عليه الكثير من التغيرات نظرا لاستمرار الطلب عليه. وعلى الجانب الأخر، أكد هشام المهدى ، خبير ومتمن عقاري، ل "محيط" أن سوق العقارات فى مصر مازال ثابت وأن الاسعار لم تنخفض مثلما يزعم البعض ، معللا ذلك بأن القوانين والتشريعات التي وضعت في عام 2007 و 2008 والتي سمحت بتملك الأجانب للعقارات مازالت موجودة وهى ما سمح بدخول جانب أخر للطلب فى السوق فى مقابل قلة المعروض. وأوضح المهدى أن هذه القوانين لا يمكن تغييرها لأنها تعبر عن السوق المفتوح وتلاقي قبل دول ملحوظ ولكن ما يمكن ان تقوم به الدوله في هذه الحالة هو أيجاد حالة من التوازن بسن القوانين التي تمنع الاحتكار وكذلك القوانين التى تنظر لمحدودى الدخل أو القوانين ذات الطابع الاجتماعى. حديد التسليح ... سنوات من الاحتكار ويقول احمد زين الدين ،مسوق عقاري ، أنه لاحظ انخفاض أسعار العقارات بشكل نسبى في الفترة الأخير حتى فيما يخص التأجير وليس فقط البيع الشراء ، مشيرا إلى أن المشترين والمستثمرين مازالوا يمرون بحالة قلق تفوق ميزة انخفاض الأسعار التي قد لا تتكرر . وأكد زين الدين أن سوق التأجير تراجعت ايضا بشكل ملحوظ خاصة مع تراجع حركة السياحة بنسبة كبيرة ، داعيا المجتمع المدنى لعمل حمالات تسويقية عبر الانترنت وغيرها من وسائل الاتصال لدعوة السائحين مرة أخرى خاصة العرب ،راهنا ذلك كله باستقرار البلاد سياسيا وأمنيا. موجة من التفاؤل وفي هذا الصدد، توقع التقرير العقاري لشركة "كولدويل بانكر الكويت" حول أوضاع السوق العقارية في مصر بعد ثورة يناير أن تبدأ موجة تلقي استثمارات جديدة بعد انتخاب رئيس الدولة والانتهاء من وضع الدستور الجديد. ورأى التقرير أنه خلال الفترة المقبلة سيشهد السوق العقاري المصري تطوراً ايجابياً في ما يخص التشريعات التي ستكون أكثر شفافية وتنهي ظاهرة "الواسطة" والمجاملات التي كانت متبعة في تخصيص الأراضي والمناقصات، لا سيما في ظل حركة التصحيح الشاملة التي تدعم سوق العقارات. ولفت التقرير الى ان اغلب المؤسسات العقارية العربية الكبرى تترقب وضع السوق العقاري في مصر حالياً، وتتابع مجرياته وتدرس التطورات عن كثب، حيث تتوقع تلك المؤسسات مناخاً أفضل للاستثمار العقاري في مصر بعد ثورة 25 يناير التي اعتبروها داعماً للاستثمار، خاصة بعد كثرة الاشادات العالمية بها. الاستقرار مطلب جماعي احد المشروعات السكنية وفي النهاية يبدو أن هناك العديد والعديد من الأسباب التي تعوق ازدهار القطاع العقاري المصري ، ماقد يجعل الأمر قد يستغرق سنوات لتجاوز التحديات القانونية خاصة التي تواجهه، وقد يكون الانتظار طويلا جدا بالنسبة لبعض المستثمرين الباحثين عن القيمة في هذا القطاع. وفي الوقت الذي اختلف فيه الخبراء حول أسباب تراجع القطاع العقار فانهم اجتمعوا حول دعوة الحكومة لإعادة صياغة الإطار القانوني الحاكم للقطاع العقاري في مصر بالإضافة إلى أهمية مرور تلك الفترة الانتقالية "الضبابية" التى تمر بها البلاد بعد الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر المقبل.