ما تزال اثار واصداء الارتفاع الجنوني لاسعار الاراضي والعقارات تتواصل منذ ان عقدت المزادات اياها التي قفزت بالاسعار الي حد جنوني اربك قطاع الاستثمار العقاري وساهم في زيادة حسرة الفقراء. والغريب ان هذا الارتفاع ظهر فجأة ودون سابق انذار وبعد فترة طويلة كانت فيها الاسعار ثابتة لا تتحرك، ورغم كل ما قيل عن تلك الصفقات التي حصل بها محظوظون علي اراض مميزة، فان تعثر قطاع العقارات يعود الي الارتفاع المستمر في اسعار مواد البناء ومنها الحديد والاسمنت والخشب وغيرها في الوقت الذي تراجع فيه سعر الدولار الذي كان متهما دائما بأنه السبب فيما تشهده الاسعار عموما من ارتفاع .. ويري كثير من الخبراء أن زيادة اسعار المواد الخام غير مبررة، بينما يري البعض الاخر ان ارتفاع اسعار الاسمنت جاءت بسبب خصخصة شركات الاسمنت، ولم تنجح بعض القرارات العنترية في ضبط ايقاع السوق وعدم جنوح وجنون الاسعار، في الوقت الذي لابد ان نعترف فيه انه علي رغم من اهمية قانون التمويل العقاري لنشاط قطاع المقاولات والاستثمار العقاري ، لكن هذا القانون بوضعه الحالي يتسم بالعقم نتيجة لارتفاع اسعار الفائدة التي وصلت لمعدلات عالية تمثل عبئا كبيرا علي الشباب وهم الفئة التي يجب ان تستفيد من هذا القانون.. من هنا لم يشعر أحد بنتائج التمويل العقاري خاصة بعد أن دخلت البنوك في منافسة غير متكافئة مع مؤسسات التمويل العقاري في هذا المجال.. لكل هذه الاسباب وغيرها نطالب الحكومة بفتح ملف الارتفاع الجنوني لاسعار الاراضي والعقارات، وكذلك نتوجه الي منظمات الاعمال المختلفة خاصة في مجال العقارات بان يكون لها صفحة ايجابية في هذا الملف حيث ان المقاولين والمستثمرين يعملون وفق نظم فردية وتحقيقا لمصالح شخصية، وبعيدا عن منظومة متكاملة تحقق الصالح العام. واذا كنا ننادي بتشجيع الاستثمار والقضاء علي المعوقات التي تواجه مسيرته فاننا نطالب بوقفه نعيد النظر خلالها في مسألة الاقبال الكبير من جانب المستثمرين الذين يتطلعون الي مشروعات استثمارية كبيرة او متوسطة، او حتي بعض الاشقاء العرب الذين ساهمت ظروف خاصة في بلادهم الي السعي لامتلاك عقارات في مصر وبأي ثمن ، الامر الذي ساهم في ارتفاع الاسعار واصبح المواطن المصري في مأزق فلا هو قادر علي أن يجاري هذه الاسعار الجنونية، ولا هو يستطيع الاستغناء عن مسكن يأويه، فارتفاع الاسعار هذا لم يقتصر علي القصور والفيلات الفاخرة لكنه انسحب ايضا علي شقق الغلابة وغير القادرين، خاصة وقد لجأت شركات المقاولات والعقارات الي التخلي عن مشروعاتها في بناء المساكن المتوسطة والشعبية، والاتجاه الي بناء الاسكان الفاخر، وينطبق ذلك بشكل كبير علي هؤلاء الذين حصلوا علي اراض في الماضي القريب باسعار منخفضة تحت دعوي انهم سيقيمون عليها مشروعات تساهم في حل ازمة الاسكان الخانقة، وهنا اصبح ابناء الطبقة الوسطي وما دونها في مأزق لا يقدرون علي مواجهته، في ذات الوقت الذي تطرح فيه الحكومة مشروعات غير جاذبة وغير منطقية مثل مشروع "ابن بيتك" وغيره من المشروعات التي عندما يقترب منها المواطن يجدها تبتعد كثيرا عن العبارات البراقة التي روجت لها. والان.. سؤال يطرحه الكثيرون: هل كانت المزادات فكرة ايجابية لانعاش قطاع الاستثمار العقاري؟.. وهل راعت الحكومة التأثيرات السلبية علي محدودي الدخل والضحايا؟.. ويظل السؤال قائما: اذا كان المزاد قد طرح .. فمن هم المشترون؟