القرارات الأخيرة التي أصدرتها الحكومة بزيادة رسم الصادر علي التصدير من 160 جنيها إلي 180 جنيها لطن الحديد و60 جنيها للأسمنت.. ساهمت في انخفاض الحديد والأسمنت بعض الشيء، بعد تراجع الصادرات من 91 ألفاً خلال الأسبوع الماضي إلي 66 ألفاً لتوفير احتياجات السوق المحلي.. ورغم انخفاض الأسعار نسبياً.. إلا أن أسعار سوق العقارات مازالت تواصل ارتفاعها الجنوني.. في ظل الارتفاعات الكبيرة في مدخلات البناء الأخري سواء كان الخشب أو الألومنيوم، أو الكابلات.. وهو ما يضطرنا للسؤال كيف يمكن الاستفادة من انخفاض الحديد والأسمنت، وانعكاساته علي تراجع أسعار سوق العقارات.. من خلال هذا التحقيق نتعرف علي الأسباب الحقيقية وراء عدم انخفاض سوق العقارات. يقول علي موسي رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية إنه رغم التراجع الطفيف في أسعار الحديد والأسمنت، نتيجة قرارات الحكومة بفرض رسم صادر علي الصادرات من الحديد بواقع 180 جنيها للطن و60 جنيها للأسمنت، والعمل علي التوسع في إقامة مصانع جديدة سواء للحديد الإسفنجي لمواجهة الاحتكارات أو ارتفاع الأسعار في السوق، إلا أن ذلك لم يؤثر في انخفاض أسعار سوق العقارات. العرض والطلب ويشير إلي ان قوي العرض والطلب المبرر الرئيسي في الارتفاع الجنوني للعقارات، بعدما مر هذا القطاع بسنوات عديدة من الركود والكساد، موضحا انه في ظل استمرار الطلب علي العقارات ستواصل الأسعار ارتفاعها الجنوني، خاصة بسبب المنافسة الشديدة بين شركات الاستثمار العقاري العربية، والتي ساهمت في وصول أسعار الأراضي إلي مستويات عالية، والتي تكبد المستثمرين تكلفة كبيرة يضطرون إلي تعويضها من خلال رفع أسعار الوحدات السكنية. ويشير إلي ان زيادة الأسعار لم تقتصر علي الحديد والأسمنت فقط، وإنما شملت العديد من مدخلات مواد البناء سواء بالنسبة للرمل أو الأخشاب أو الألومنيوم بنسب كبيرة.. موضحا ان تراجع الأسعار في سوق العقارات لن يحدث سوي في الإسكان الحكومي فقط، الذي يتم علي أسس غير استثمارية، مؤكداً ان الأمر يتطلب اتخاذ قرارات مماثلة علي مواد البناء الأخري من الخشب أو الرمل أو الألومنيوم والكابلات والدهانات للحد من الارتفاعات الجنونية للإسكان. الرقابة علي الأسواق ويضيف أحمد الزيني رئيس شعبة الحديد والأسمنت بالغرفة التجارية أن عمليات الرقابة علي الأسواق، وتراجع أسعار مواد البناء التي وصلت إلي أسعار خيالية، خاصة الحديد الذي شهد ارتفاعا ليصل لأكثر من 4 آلاف جنيه للطن، لم تساهم بالدرجة المطلوبة في خفض أسعار الوحدات السكنية، رغم التهديدات المتتالية من الحكومة بإلغاء دعم الطاقة من علي المصانع، لاجبارهم علي خفض الأسعار، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام سوق العقارات للتراجع، إلا ان ذلك من المستبعد حدوثه بسبب وجود عوامل أخري تعمل علي حفاظ السوق علي أدائه وأهمها الرواج والحراك في سوق العقارات، بعدالتدفق الكبير من العرب والأجانب، وزيادة الطلب علي الأراضي بالمدن الجديدة، والساحلية، والتي وصل المتر بها إلي أكثر من 3 آلاف جنيه. ويشير إلي ضرورة قيام الحكومة بفرض رسوم صادرات علي باقي مدخلات البناء الأخري، للحد من عمليات التصدير وتوفير متطلبات السوق المحلي من هذه المواد لضبطه، موضحا ان محدودية الأراضي التي توفرها الحكومة، ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعارها لافتا إلي حالة الركود التي مر بها سوق العقارات خلال السنوات الماضية، ولكن مع الاكتشافات المتتالية للبترول في منطقة الخليج، وتحقيقهم أرباحاً عالية دفعتهم إلي الاستثمار العقاري وهذا التكالب يساهم في استمرار ارتفاع سوق العقارات في مصر والدول العربية. توازن السوق ومن جانبه يؤكد محمد عجلان رئيس شعبة مواد البناء بجمعية رجال الأعمال انه رغم الارتفاعات الكبيرة في الحديد والأسمنت إلا ان هذا الارتفاع مقارنة بالدول المحيطة يعتبر الأرخص وعلي الحكومة ترك السوق يعمل وفق نظام العرض والطلب، حيث إنه سيستعيد توازنه، بعد انتهاء موجة الارتفاعات، مضيفا ان سياسة الحكومة في استمرارها بفرض أسعار علي التصدير سيؤدي إلي تراجع أسعار العقارات، في ظل انخفاض الصادرات من 114 ألفا و800 طن إلي 75 ألفاً لطن الأسمنت.. بالإضافة إلي توافر العشرات من المحاجر التي يستخلص منها الأسمنت بتكلفة رخيصة للغاية. الاستثمارات الخليجية أما ممدوح بدر الدين رئيس شركة بدر للاستثمار العقاري فإنه يقول إن سوق العقارات شهد خلال الفترة الماضية رواجا كبيرا نتيجة توجه الاستثمارات الخليجية نحو مصر، بعد القفزات النفطية بهذه الدول، والبحث عن مناطق للاستثمار فيها، مما أدي إلي وصول سعر متر الشقة إلي أكثر من ألفي جنيه، حيث إن الشقة التي مساحتها 90 متراً في حي شعبي يقدر ثمنها بأكثر من 180 ألف جنيه. ويشير إلي ان الاستثمار العقاري يقوم عليه أكثر من 90 صناعة تضم الحديد، الأسمنت، السيراميك، الأخشاب، النجف، الزجاج، البويات، مؤكداً ان محدودية الأراضي التي تخصصها الحكومة ساهمت بشكل كبير في ارتفاع أسعارها. ويؤكد حمدي عبد العال رئيس شركة الرضوي للاستثمار العقاري ان الأسعار تتباين من مكان لآخر، حيث تتوقف علي مدي موقع الأرض وقربها للمرافق الأساسية أو بعدها.. فالأرض التي تحظي بمقومات متميزة نجد ان سعر المتر بها مرتفع، في حين ان الأراضي البعيدة تتراجع أسعارها، مؤكداً ان الارتفاعات في سوق العقارات لن تستمر طويلا، وسوف تتجه إلي التراجع.