صدر مؤخرا عن دار صفحات بدمشق كتاب "الفلسطينيون داخل الخط الأخضر" لمؤلفه نبيل محمود السهلي، ويقع في 98 صفحة من القطع الكبير. ووفقا لمحمد جمعة بصحيفة "البيان" الإماراتية يوضح الباحث خصوصية المجتمع الفلسطيني داخل الخط الأخضر، أي داخل المنطقة الفلسطينية التي أقيمت عليها إسرائيل والتي تشكل 78% من مساحة فلسطين، من خلال استعراضه الآثار السياسية والديموغرافية والاجتماعية الناجمة عن النكبة عام 1948، إضافة إلى الممارسات الإسرائيلية في مختلف المجالات، والتي حاولت أن تبتلع الكتلة السكانية العربية، وتجعلها جماعة اثنية هامشية، في إطار دولة يهودية صهيونية الأيديولوجيا. بعد عام 1948 لم يبق من الشعب الفلسطيني في المناطق التي أقيمت عليها إسرائيل سوى 156 ألف عربي، تركزوا في الجليل والمثلث والنقب، إضافة إلى مجموعات سكانية أخرى في حيفا ويافا واللد وعكا والرملة. وارتفع النمو السكاني العربي داخل الخط الأخضر، ولا يزال، من 156 ألفاً عام 1948 إلى 98672 عام 1998 إلى 1258000 فلسطيني عام 2004. يشكل سكان القرى حوالي 72% من إجمالي السكان العرب داخل الخط الأخضر، ويسكنون حوالي 105 قرى عربية، ويشكل سكان المدن القدر الباقي، ويعيش نصفهم في الناصرة وشفا عمرو، والنصف الآخر يتوزع في المدن المختلطة، عكا واللد وحيفا، ويشكل البدو حوالي 10% من إجمالي السكان الفلسطينيين، نصفهم في النقب، والنصف الثاني في الجليل الفلسطيني. بلغ مجموع القوة البشرية الفلسطينية داخل الخط الأخضر عام 2005 حوالي 650 ألف عربي يعملون في قطاع الزراعة والبناء والصناعة وبنسبة 49%، ويتوزع باقي القوة البشرية على قطاعات التجارة والخدمات العامة والخاصة. ويمنع على العرب العمل في الصناعات الاستراتيجية، خاصة العسكرية. يرى السهلي أن ممارسة التمييز العنصري هي أحد أهم سمات الدولة الإسرائيلية والتي يمكن وصفها بالممارسة المنظمة والمقننة والمحمية من قبل الدولة، وهو ما ينبع من تعريف إسرائيل لنفسها دولةً للشعب اليهودي، وهو ما ورد أيضاً في ما يسمى بوثيقة الاستقلال، والمنصوص عليه في قانون العودة إلى إسرائيل ومنح الجنسية وكامل حقوق المواطنة، على عكس الفلسطينيين الذي جرى طردهم عام 1948. كرست إسرائيل التمييز العنصري ضد العرب بإصدارها سلسلة من القوانين والأنظمة مثل: قانون الحاضر الغائب عام 1950، قانون الجنسية عام 1952، وقانون صندوق أرض إسرائيل عام 1953. وعلى مستوى الممارسة السياسية العربية داخل إسرائيل، يمكن القول إنه لا يمكن لأي حزب سياسي عربي أن يمارس النشاط ما لم يعترف برنامجه السياسي بكون إسرائيل دولة للشعب اليهودي، وعليه فلا يمكن لأي حزب عربي أن يطالب بالمساواة الكاملة بين السكان العرب والاسرائيليين. وعلى الرغم من تلك الإجراءات التميزية والتعسفية المقننة، لم تستطع إسرائيل طمس الهوية العربية أو الانتماء العربي، وتعيش إسرائيل هاجساً ديموغرافياً تؤكد عليه الدراسات الاجتماعية والسياسية والأمنية التي تنشرها المؤسسات البحثية والسياسية الاسرائيلية، كذلك التقارير الاستخباراتية والأمنية. ويتحدث المؤلف عن مجموعة التحديات التي تواجه السكان العرب، والمتمثلة في استمرار السلطات الإسرائيلية في التضييق عليهم داخل الخط الأخضر سواء بمصادرة أراضيهم، أو هدم منازلهم. ومحاولة شق الصف العربي باختراع مصطلحات مختلفة توحي بوجود أقليات بالداخل، وليس أقلية عربية لها أهداف مشتركة. وتعاني الأقلية العربية معاناة مركبة، لأنهم يحملون الهوية الإسرائيلية من جهةٍ، وغير معترف بحقوق المواطنة بالنسبة إليهم من جهةٍ أخرى، علاوةً على الإجراءات القمعية التعسفية اليومية من قبل الجيش تحت حجج وذرائع مختلفة.