نجح صناع السينما العالمية فى تعويض الملل الواضح بين جماهير المشاهدين، من تكرار القصص السينمائية على اختلاف تيماتها ونماذج البطولة من نجوم ونجمات السينما العالمية، ولجأوا أخيرا لتيمة الرعب، ليكون بمثابة العصب الرئيسي لمئات من الأفلام التى ظهرت على مدي السنوات الماضية، بعد أن كان فى المعتاد لا يعدو خيطا ضمن خيوط سيناريوهات أفلاما بعينها، خصوصا الدرامية منها. وبدلا من أن يكون النجوم الكبار هم أبطال هذه النوعية من الأفلام التى اجتاحت دور العرض والمنازل على حد سواء، كان الممثلين الصغار هم القاسم المشترك الأكبر لدي منتجي أفلام الرعب الجديدة، فالبطولة لم تعد للنجم ... ولا للسيناريو ... ولا للإخراج، بل للرعب وللرعب فقط. المثير فى الأمر أنه وفى الوقت الذي يصعب على كثير من متذوقي فن السينما تحمل جرعات الرعب المنهجية واللامنطقية فى هذه الأفلام، إلا أنها قد اجتذبت الغالبية العظمي من المراهقين فى العالم أجمع، خاصة بعد أن تحولت المشاهد بالغة الدموية والوحشية كتلك التى شاهدناها فى فيلم "قتلة بالفطرة" للمخرج الشهير "أوليفر ستون"، مجرد لهو مقارنة بأفلام مثل "المنشار" و"الصرخة" – scream- بأجزائه العديدة، أو "هالويين" ايضا بأجزائه المتكررة. الأكثر إثارة للجدل، هو أن أفلام الرعب الحديثة باتت تتحدي الأفلام التقليدية بما فيها "الآكشن" والعنف التقليدي، ناهيك عن أفلام الرومانسية، فهذا بكل تأكيد ليس زمان الرومانسية، وشباك التذاكر الذي لا يكذب أبدا، لهو أكبر دليل على هذه الحقيقة اواضحة وضوح الشمس، والتى تسببت فى إفلاس عديد من شركات الإنتاج، وفي حين قرر بعض المنتجين الهروب إلى الأمام، والانجراف وراء موجة أفلام الرعب للرعب، فإن نجوما كبارا شعروا فجأة أنهم باتوا فى الظل، لمجرد أنهم تعدوا المرحلة العمرية "فترة المراهقة"، ببساطة تغيرت المعادلة الهوليودية مرة واحدة وللأبد، وأبرز سمات هذا التغيير هو انتهاء عصر لافتة "للكبار فقط".
الأمر المؤكد هنا أن نفسية طفل القرن الواحد والعشرين والمدجج سينمائيا بأفلام الرعب للرعب، بات محصنا تلقائيا تجاه أية مشاهد عنف يراها فى التليفزيون، وأصبحت أخبار المذابح اليومية فى سورية أو غيرها لا تشكل له مثار شعور بالألم أو التعاطف، فما يراه فى الأفلام أشد دموية وبشاعة ولا شك، وهو ما أضفي على شخصية الطفل فى هذا العصر قساوة أكثر وإنسانية أقل، بما يثير الشكوك حول المحرك من وراء ستار لتصعيد هذه الموجة من الأفلام التى سرعان ما تنتقل من الشاشة الفضية إلى الصغيرة، وهو ما أرجعته الدكتورة "هالة منصور" – الخبيرة بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية – إلى ما وصفتها بخطة تتبناها الصهيونية العالمية بهدف جذب أنظار الأجيال الجديدة عن الصراع العربي – "الإسرائيلي"، وفى نفس الوقت تعويدهم على متابعة ما تم ارتكابه من مذابح وما سيتم من مذابح متوقعة ضد الفلسطينيين، ومن قبل ذلك فى العراق، وهكذا. واوضحت "منصور" أن ليس فقط أفلام الرعب التى باتت تشكل وجدان أطفال هذا العصر، بل وعلى شاكلتها هناك برامج المصارعة والألعاب التى يمارسها المراهقون من نوعية الفيديو جيم، وهي مبنية فى الأساس إما على أفلام الرعب أو برامج المصارعة. واشارت إلى اتساق هذه الظاهرة وإحدي بروتوكولات صهيون الشهيرة، والتى تعتبر أن الإعلام هو وسيلة للغزو الفكري للشعوب بصفة عامة، وهو أيضا ما يتسق وحقيقة أن الإعلام العالمي يسيطر عليه صهاينة بالدرجة الأولي.