أسعد هيكل الجنزوري يعمل خادم لدي العسكر و ليس خادم لدي الشعب ، فهو لن يستقيل لأسباب عديدة اقلها انه متهم في العديد من قضايا الفساد المالي و سبق و أن صدر بحقه قرار منع من السفر فهو يدرك أن الاتهامات الجنائية تلاحقه و يعلم أن عاطف عبيد و احمد نظيف قد سجنا في اتهامات لا تختلف كثيرا عن الاتهامات الموجهة إليه هو و باقي أفراد عصابة مبارك لما اقترفوه في حق الشعب من فساد و جرائم . في شهر نوفمبر من العام الماضي كان شباب مصر الثائر النبيل قد فطن مبكرا إلي خطورة ترشيح الجنزوري كرئيس للوزارء علي مسيرة ثوره قامت ضده و ضد سياسات الخصخصة و نهب الأراضي و الثروات التي حدثت في عهده ، قام الشباب باحتجاج ضد توليته رئاسة الوزراء بميدان التحرير تعرضت له بالقوة الشرطة العسكرية مع الأمن المركزي فسقط علي أثره عشرات الشهداء و مئات المصابين ، ثم نقل الشباب احتجاجاتهم إلي شارع محمد محمود فعمد العسكر إلي قنص عيونهم وحصد أرواحهم . انضممنا حينذاك مع بعض الزملاء المحامين إلي المعتصمين من الشباب الذين نقلوا اعتصامهم أمام مجلس الوزراء لنرصد و نتابع و نحاول أن نقدم ما نستطيع من جهد قانوني للثوار مع غيرنا من الأطباء و الكثير من المتطوعين من شرفاء هذا الوطن ، تلقينا بلاغات من شباب ذهب نور عينه و لا يوجد في جيبه ثمن قطعه قطن أو شاش يداوي بها جرحه ، تحدثنا مع فتي عمره 14 عام روي لنا مأساة اسرته فأخيه الأكبر مات من جراء التعذيب في احد أقسام الشرطة قبل الثورة ثم قتل أخيه الثاني أثناء أحداث جمعة الغضب ، شاهدنا و رأينا الكثير من شباب و بنات مصر ينشدون الحرية و يلتمسون العيش بكرامه و يبحثون عن العدالة . التقينا مع بعض الشباب بالجنزوري في مقره حينذاك بالمركز القومي للتخطيط حيث كان يطلب إجراء مقابلات مع المعتصمين يزعم من خلالها انه يريد أن يتعرف علي مطالبهم و أسباب اعتصامهم و اعتراضهم عليه ، سألنا الجنزوري الشباب عاوز ايه ؟ قلنا له : العدالة الاجتماعية ، قال : يعني ايه ؟ قلنا : يعني هل أنت قادر أن تعيد للشعب الأراضي التي نهبت و الشركات التي خصخصت و تضع حد أقصي للأجور ، أشاح الجنزوري وجهه عنا إلي الناحية الاخري و همم بكلمات قليله قائلا : الكلام ده يحتاج تقييم و دراسة ثم هب واقفا و غادر مكانه سريعا ليلتقي وزيرته المرشحة لتولي حقيبة التعاون الدولي فايزه أبو النجا ليؤلف الوزارة برئاسة عابراً خطواته إلي ديوان مجلسة فوق جثث و دماء شباب مصر ليستمر في تطبيق نفس سياسات مبارك التي تخلفت بالبلاد و نشرت فيها الفساد . كم كان شباب مصر أكثر تقدما و تطلعا و مصداقية حين اعترضوا طريق الجنزوري مبكرا ، كم كانت رؤيتهم ثاقبة ، كم كانت تضحياتهم غالية ، في وقت كان فيه آخرين يحتفلون و يتغنون بمقاعد برلمانيه لا قيمة لها و لا ثمن يوازي قطرة دم أريقت أو عين راح بصرها من عيون شباب مصر ، لن يستطيع الإخوان سحب الثقة من حكومة الجنزوري ، لسبب بسيط جدا و منطقي أن الرجل الذي لم يبالي و لم تتحرك مشاعره وقت أن أريقت دماء و ذهبت أرواح شباب وطنه لن يبالي اليوم ايضا لمجرد سماع أصوات تنادي تحت قبة البرلمان بعزله . للحق و للتاريخ نقول انه علي كل ما اخطئوا في حق شباب مصر الثائر العظيم و في حق هذا الوطن أن يتحلوا بشجاعة الاعتراف بالخطأ و أن يعملوا مع الثوار مجددا من اجل الاتحاد و القوه و تصحيح مسار الثورة مرة أخري ، فالثورة هي فقط القادرة بقدر الله و إرادته علي نزع الحكم من الجنزوري و غيره كما نزعته عن مبارك من قبل ، و الثورة لازالت مستمرة و ستنتصر بإذن الله .