الأكاديمية الطبية العسكرية تنظم عددا من الفعاليات العلمية والطبية المتميزة    وزيرا الري والزراعة يشهدان الاحتفال باليوبيل الذهبي لتأسيس المركز القومي لبحوث المياه    «الحرب الكيميائية» توقع بروتوكولا مع «المحطات النووية» لتوليد الكهرباء    ارتفاع سعر الجنيه الذهب اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر.. آخر تحديث    «تنمية المشروعات» يمول المشروعات المتوسطة والصغيرة ب 200 مليون جنيه    وزير الري يلتقى مدير عام المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي    بدء صرف مساعدات تكافل وكرامة للمستفيدين عن شهر أكتوبر 2025 غدا    وزير الخارجية اللبناني: الرئيس السيسي حقق إنجاز تاريخي باتفاق وقف الحرب    اتجاه في الزمالك لعودة الونش لدفاع الأبيض أمام بطل الصومال    ضبط مواد غذائية وزيوت طعام مجهولة المصدر بالشرقية    «السكة الحديد»: تشغيل رحلات مخصوصة من وإلى طنطا الجمعة القادم (الجداول)    عبد المغني يشارك محمد إمام «شمس الزناتي».. ويترقّب طرح «صقر وكناريا»    أسرة عبد المنعم إبراهيم تتلقى العزاء في شقيقه غدًا الأربعاء    وزير الصحة: فحص أكثر من 94 مليون مواطن للكشف عن الأمراض غير السارية وفيروس سي    طريقة عمل الثومية مثل المطاعم.. تحفظ في الثلاجة أسبوع ب4 فصوص ثوم مهروس (بالخطوات)    أهالي مطروح يهنئون الرئيس السيسي بنجاح قمة شرم الشيخ التاريخية للسلام    رئيس وزراء بريطانيا: لا يمكن ضمان أمن إسرائيل ومستقبل غزة دون نزع سلاح حماس    زيادة ربع مليون نسمة في تعداد سكان مصر خلال 60 يومًا    دعمًا لأطفال غزة.. الثقافة تطلق قافلة مسرح المواجهة والتجوال إلى رفح    موقف البنك الأهلي من رحيل أسامة فيصل للقلعة الحمراء    بالتعاون مع "إيتيدا".. سامسونج إلكترونيكس مصر تواصل دعم طلاب "برنامج الابتكار"    القبض على «سيدة» اقتحمت مدرسة في أكتوبر واعتدت على المدير والمعلمين بعد فصل ابنها (تفاصيل)    الإغاثة الطبية الفلسطينية: 70 مليار دولار تقديرات إعادة إعمار قطاع غزة    ب36 شخصية رفيعة.. قارة آسيا تتصدر الحاصلين على قلادة النيل    حقيقة تأجيل «القائمة الوطنية من أجل مصر» التقدم بأوراق ترشحها للانتخابات (خاص)    مكاسب مالية وحب جديد.. الأبراج الأكثر حظًا نهايات عام 2025    احتفالا بذكرى انتصارات أكتوبر.. الرقابة الإدارية تنظم ندوة حول مكافحة الفساد ببورسعيد    الخارجية الفرنسية تعرب عن تقدير باريس لدور مصر المحورى فى اتفاق شرم الشيخ    إيمان كريم: بروتوكول التعاون مع "قضايا الدولة" يعزز دعم ذوي الإعاقة    دار الإفتاء توضح حكم ارتداء الأساور للرجال.. متى يكون جائزًا ومتى يُمنع؟    التصديري للملابس الجاهزة: هدفنا التوسع في الأسواق الأوروبية    دار الإفتاء توضح حكم تنفيذ وصية الميت بقطع الرحم أو منع شخص من حضور الجنازة    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في الشرقية    فرانكو دوناتو وأحمد شبراوي ضمن أفضل 10 رماة في العالم    محمد فضل الله يكتب: لماذا إنفانتينو في شرم الشيخ؟    «الصحة» تنظم يوما علميًا للتعريف بالأدلة الاسترشادية بمستشفى المطرية التعليمي    محافظ البحيرة تتفقد عددًا من المشروعات الخدمية بقرية الأبعادية بدمنهور    ارتفاع عدد الوفيات بين تلاميذ تروسيكل منفلوط ل3 أطفال    سفير فلسطين بالقاهرة: دور مصر محورى فى وقف الحرب ومنع تهجير سكان غزة    مدرب المنتخب: وارد انضمام السعيد لأمم أفريقيا.. ولا توجد أزمة مع إمام عاشور    وفد رفيع المستوى من مقاطعة جيانجشي الصينية يزور مجمع الأقصر الطبي الدولي    صحف العالم فى عرض مستمر احتفاء باتفاق شرم الشيخ.. بوبليكو الإسبانية: عكست الثقة الدولية فى قدرة مصر على قيادة التفاوض وتحقيق استقرار المنطقة.. Die Zeit الألمانية تشيد بالتنسيق الكبير لحدث جمع 30 من قادة الدول    طقس الإسكندرية اليوم.. انخفاض في درجات الحرارة وفرص ضعيفة لأمطار خفيفة    قمة شرم الشيخ.. الإعلام الأمريكي يبرز كلمة الرئيس السيسي وإشادة ترامب بدور مصر في السلام    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 14 أكتوبر 2025    حماس توضح أسباب تسليم عدد أقل من جثامين الرهائن وتؤكد: «القيود الميدانية خارجة عن الإرادة»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 14-10-2025 في محافظة الأقصر    اليوم.. الحكم على 4 متهمين ب"خلية الحدائق"    تصفيات كأس العالم - رأسية فولتماده تمنح ألمانيا الفوز على إيرلندا الشمالية وصدارة المجموعة    رئيس المجلس الأوروبي: تخصيص 1.6 مليار يورو لدعم السلطة الفلسطينية خلال العامين المقبلين    جولة داخل متحف الأقصر.. الأكثر إعجابًا بين متاحف الشرق الأوسط    شادي محمد: حسام غالي خالف مبادئ الأهلي وأصول النادي تمنعني من الحديث    هبة أبوجامع أول محللة أداء تتحدث ل «المصري اليوم»: حبي لكرة القدم جعلني أتحدى كل الصعاب.. وحلم التدريب يراودني    «التعليم» توضح موعد بداية ونهاية إجازة نصف العام 2025-2026 لجميع المراحل التعليمية    الخميس المقبل.. ريم حمدي تحيي حفلًا في مهرجان الموسيقى العربية    «زي النهارده».. وفاة الشاعر والإعلامي واللغوي فاروق شوشة 14 أكتوبر 2016    دولة التلاوة.. تاريخ ينطق بالقرآن    مصرع شاب غرقًا في حوض زراعي بقرية القايات في المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مَن يقُود السَّفينة ؟!
نشر في مصر الجديدة يوم 08 - 05 - 2011


عمرو صلاح الدين
إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم دائما ما كانت مثار جدل عبر التاريخ الإنساني كله ، فكم من حاكم قاد رعيته بالحديد والنار ، وكم من شعب ثار على حاكمه واستأصل شأفته وقتله شر قتلة . وبين هذا وذاك يظهر حاكم عادل يسود رعيته بالحب والعدل ويدين له رعيته في المقابل بالطاعة والحب والولاء ،بيد أن هذا النوع من القلة بمكان حيث يعدون على أصابع اليد في تاريخ بلد أو أمة ما .

لم تفلح كثير من الأمم في تنظيم شئونها وتعديل مسار تاريخها السياسي فعاشوا حياة الفوضى والهمجية وساد في بلادهم قانون الغاب ، فكثير من شعوب أوروبا إبان عصورهم المظلمة كانوا على هذا الدرب الوحشي . على حين اختارت الشعوب التواقة للتحضر والتقدم أن تحكمها مؤسسات تتمثل في الحاكم وما يعينه على تسيير شئون البلاد والعباد ، وتأكد لها أنه لامناص عن هذا الحل إن أرادت الرفعة والسمو لبلادها . وما إن وصلت البشرية إلى هذا اليقين حتى سعت في تكوين العديد من التصورات للحاكم الذي يدير البلاد .

فحضارات قديمة كالفراعنة والبابليين والصينيين وغيرهم عمدوا إلى هذا الحل وأنشأوا أول حكومات تدير البلاد في التاريخ . وطفت على سطح الأحداث في تلك الأزمان مسألة ضمان الطاعة والولاء والالتزام الأخلاقي تجاه الحاكم حتى تستقر أمور البلاد ، فكان لجوؤهم إلى فكرة تأليه الحاكم ضرورية حتى يطمأنوا إلى استمرار ولاء الرعية لحاكمهم ، ونجحوا في ذلك إلى حد كبير .

فما بين التأليه والفوضى عاشت الشعوب جزءا لا بأس به من التاريخ الإنساني . لكن الحقيقة التاريخية التي لا يستطيع إنكارها عاقل هو أن الأمم التي نصّبت حاكما لها ولو ادعوا ألوهيته شيّدوا أعظم الحضارات التي عرفها التاريخ .

ثم حدث أن شهد التاريخ الإنساني نموذجًا مثاليًا للحاكم بظهور الإسلام ، حاكم يستمد استقراره وقوته و ولاء شعبه من رافدين أساسيين : الالتزام الأخلاقي الشرعي بوجوب طاعة ولي الأمر ما لم يأمر بمعصية ، وعدله ورعايته لمصالح رعيته واعتناؤه بما يقيم شئون دينهم ودنياهم . انبنى على هذا الأساس وهذا التناغم الفريد بين الحاكم والمحكوم أعظم حضارة عرفها التاريخ .

ظهرت أيضا نماذج تاريخية أخرى من أنظمة الحكم تتعارض و مفهوم السلطة الحقيقية للحاكم ، فرأينا كيف كان السلطان أو الخليفة مجرد رمز للشعب وممارسة الحكم الفعلي في يد آخرين كالأقارب مثلا أو الوزراء ، أو أصحاب النفوذ والقوى ، أو في يد القوة العسكرية ، أو في يد محتل أجنبي .

بعد هذا التنوع التاريخي في أنظمة الحكم ومع سطوع شمس العصر الحديث وتخلي المسلمين عن حضارتهم الدينية والعلمية والسياسية والأخلاقية وعزهم التليد ، استمر تخبط الشعوب في اختيارأنظمة الحكم ، فمنهم من فضل الملكية وآخرون أرادوها اشتراكية وآخرون جمهورية ، وشعوب اختارت الديموقراطية . ولم يعد أمامنا تقريبا إلا اتجاهين رئيسيين في الحكم .

اتجاه شمولي ديكتاتوري يعتمد على الولاء المطلق من طائفة ما للحاكم ، تستأثر هذه الطائفة بكل أنواع القوة والنفوذ في البلد ، ولا تعيش إلا على مبدأ التخوين والاعتقال الدائم لكل المعارضين وإيذائهم ، والعمل على بث الرهبة والخوف في كل صفوف الشعب . والعجيب أن كثيرًا من تلك الشعوب أحبت حاكمها على الرغم مما فعله بهم ، فعشق الروسيين للينين والمصريين لجمال عبدالناصر والكوبيين لكاسترو لا يخفى على أحد . مما يعيب هذا الاتجاه - مع كونهم قد ينعمون بالاستقرار - انتشار التخلف والجهل وضعف الاقتصاد ، وهبوط معدلات النمو والتطور .

اتجاه ديموقراطي حر يقوم على تدوال السلطة ، ويعتمد على أن الشعب هو مصدر السلطات ، والحاكم ما هو إلا وسيلة لتسيير أمور البلاد بما يتوافق مع ما تشرعه وترغب فيه المؤسسات التشريعية في هذه البلد أو تلك . وهو الاتجاه الذي يروَج له كثيرا في كل الأوساط الإعلامية في البلاد الإسلامية .

في نظام الحكم الديموقراطي لا يستأثر الحاكم بالحكم وحده ، ولا الشعب وحده هو الذي يحكم ، ولا المؤسسات التشريعية كمجلس الشعب أو الشورى أو مجلس الشيوخ أو البرلمانات بتنوعها هي التي تحكم وحدها ، ولا القوات المسلحة هي التي تحكم وحدها . بل هو حكم مشترك بين كل هؤلاء ويتفاوت نصيب كل منهم في الحكم باختلاف أحوال البلاد وظروفها التاريخية . وهنا سؤال يطرح نفسه : من الذي يحكم إذن ؟! وهل يعقل أن تستقر أحوال البلاد إذا قادها كل هؤلاء على اختلاف أهوائهم وتوجهاتهم ؟ إن بلدًا مثل أمريكا أتاح هذا الصراع الخفي على السلطة بين هذه الأطراف السبل لكثير من المفسدين والمنحرفين كاللوبي الصهيوني إلى التغلغل في كل مؤسسات هذه البلد بل والتحكم فيها ، ومن ثم التحكم في كثير من مقدرات العالم . أدت هذه الفوضى المنظمة في الحكم إن صح التعبير إلى سياسة خارجية متخبطة وإلى إهدار أموال البلاد فيما لا طائل منه ولا هدف . حقا قد تستطيع تلك الشعوب إسقاط حكومة لا ترتضي أداءها أو سياستها ، ولكن بعد أن تكون قد مارست ما يحلو لها من السياسات الخاطئة .

ماذا إذن لو حكم المسلمون بما يأمرهم به إسلامهم ! اختيار صحيح للحاكم مبني على الشروط التي دونت في كتب السياسة الشرعية ، ثم إعطاؤه السلطات والقوة التنفيذية المحكومة بالشرع ، ثم معاونته على رفعة شأن الأمة وازدهارها . إنها لحظة عزيزة أتمنى لو قدر لي أن أعيشها ولو ليوم . حاكم مسلم يدين له المسلمون بالولاء والطاعة في غير معصية ، حاكم يحرص على شئون الرعية ويجعلها نصب عينيه ، حاكم يبذل قصارى جهده في رفعة شأن بلده وقومه . ولا ضير لو جار بعض الجور أو قصر بعض التقصير ، فهو في النهاية بشر يصيب ويخطئ ، مادام يظهر الحرص والعناية ، ويوكل إلى من يستحق الخدمة والرعاية . ورعية تحفظ إمامها وتقومه و تسد على المخربين والمفرقين طرق التشتت والافتراق وتتقي الله عز وجل فيه . إننا لو استرشدنا واهتدينا بديننا القويم فلن تكون هذه الأمنيات الغالية عنا ببعيد ، والله الهادي إلى سواء السبيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.