* الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.. وعدم معاملة المحصول التاريخي الذي احتفي به الأجداد الفراعنة.. وصاحب بعض الاحتفالات الدينية.. لم يبدأ بقرار الحكومة الروسية.. تجميد اتفاقياتها للتصدير إلي الدول الأخري وبينها مصر.. حتي التأكد من امكانية تلبية هذه الاتفاقيات .. ولكن ما صاحبه من ارتفاع في البورصة العالمية.. وتأثيره السلبي علي موقف دعم رغيف الخبز "خصص له 40% تقريبا من اجمالي الدعم" حيث أصبحت الحكومة مطالبة بفتح أسواق بديلة للاستيراد.. وتحمل فارق السعر.. دون رفع أسعار رغيف الغلابة المدعم.. وان كانت الحلويات والمخبوزات قد زادت أسعارها للمستهلك.. دون انتظار لنفاد الرصيد الاستراتيجي "يكفي 5 شهور" وكالعادة بادر التجار برفع أسعار الدقيق.. وأنواع الخبز المختلفة.. واعتبروها فرصة لكسب أكبر دون انتظار لتطورات الموقف مع تلبية احتياجات رمضان المبارك وهي بكل أسف أصبحت عادة.. يرتفع السعر لسلعة ما.. لأسباب وجيهة.. وتختلف الأسباب.. ليستقر السعر الجديد استعدادا لارتفاعه في أول مناسبة قادمة.. ولنراجع مثلا ما شهدته أسواق اللحوم من ارتفاعات بالسعر منذ رمضان الماضي.. استطاعت بكل أسف المرور من بالون المقاطعة الشعبية وقفزت اللحوم فوق حاجز الستين جنيها بالأحياء الشعبية.. رغم ان منافذ الحكومة تبيعها بنصف السعر وناهيك عن التضامن التلقائي لتجار الدواجن والأسماك وكافة البدائل.. وتضاعف أسعار الكفتة والكباب والكبدة والمخ.. الخ في المطاعم من الشعبية حتي الخمسة نجوم. * لا نريد أن نخرج عن القمح لارتباطه الوثيق برغيف العيش الذي تستخدمه 90% من الأسر المصرية مدعما بواقع 4 6 أرغفة للفرد.. ونعتمد علي الاستيراد نظرا لتقلص المساحة المنزرعة وشكاوي المزارعين من متاعب توريد المحصول لمخازن الحكومة.. وان السعر غير مناسب لزيادة التكلفة.. وترد الحكومة بالموافقة علي زراعة 5.3 مليون فدان في الموسم الجديد بزيادة 400 ألف فدان.. وتدعو المزارعين لاستخدام أصنافها الحديثة المنتجة بمساندة بحثية دولية وانتاجية هذه الأصناف 122 أردباً في الفدان ولكنها تحتاج إلي رعاية واهتمام حقيقي من خبراء الزراعة بالمحافظات.. وفي أعقاب الأزمة الروسية اقتنع وزير الزراعة بضرورة تحقيق الاكتفاء الذاتي وعبور الفجوة الحالية.. وساعتها يمكننا أن نصدر قمحنا المنتج في ظروف مناخية مثالية للخارج.. واستيراد كميات بسعر أرخص.. حيث ان خريطة الاستيراد من دول الاتحاد الأوروبي.. الأرجنتين.. كازاخستان.. أوكرانيا.. استراليا.. كندا.. فرنسا.. سوريا.. ألمانيا.. الولاياتالمتحدة.. وبين هذه التعاقدات 540 ألف طن من القمح الروسي ونستورد سنويا 9 ملايين طن قمح تتعدي قيمتها 14 ------------------------------------------------------------------------ مليار جنيه.. يستورد منها القطاع الخاص 2 3 ملايين طن.. وهيئة السلع التموينية من 5.5 إلي 6 ملايين طن.. لتحتل مصر صاحبة الأرض الخصبة والخبرة الفلاحية.. والمناخ المعتدل.. ومجاري المياه الدائمة.. المرتبة الأولي عالميا في الاستيراد قبل الصين والجزائر ونيجيريا.. *وفي مواجهة الموقف الروسي.. والاضطرار المصري لتغيير استراتيجية الاستيراد لتأمين المخزون الاستراتيجي باللجوء إلي دول أخري للشراء منها.. وقد تكون أسعارها أعلي.. كشف وزير الزراعة عن استراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال 10 سنوات قادمة.. ونعلم ان انتاجنا الحالي ما بين 56 60% ولكننا نهدف إلي تغطية 75 80% حتي عام ..2022 مع زراعة 4 ملايين فدان علي الأقل بين 11 مليونا تمثل المساحة الزراعية.. ومساعدة الفلاحين علي استخدام الطرق الحديثة وتوفير التقاوي والأسمدة بأسعار مناسبة.. ولعل تنفيذ هذه الاستراتيجية يبدأ بالصنفين الجديدين مصر 1. مصر 2 المقاومين للصدأ وانتاجيتهما عالية.. * ويتضح من تصريحات وزير الزراعة والمسئولين عن البحوث الزراعية ان الاستراتيجية الجديدة لن تحقق الاكتفاء الذاتي بصورة كاملة فهناك 20% من الاحتياجات مطلوب تدبيرها.. ولكن الرأي العام سيكون موقفه إيجابياً بالنسبة لهذه الخطة التي تنتقل به من سياسة الاستيراد.. واستبدال المحاصيل الرئيسية بتلك الأكثر مبيعاً.. التي ثبت لنا منذ أن كان تعدادنا 40 مليونا انها لا تلائم مصر ولا المزارعين.. المعروف عنهم استثمار كل شبر من الأرض في الزراعة حتي بما يعرف بطرح النيل واستفادوا من السد العالي بتحويل جذري في الدورة الزراعية لتشمل أكثر من نبات في نفس الوقت.. بل انه بالنسبة للقمح بالذات.. لدينا تاريخنا وانجازاتنا من الأبحاث وقبل أن نتعاون مع الآخرين.. ونشير علي سبيل المثال إلي زراعة القمح علي الأرض الرملية بالصحراء.. وانتاج قمح ذهبي يروي بالمياه المالحة.. وإذا كان لابد من تغيير ثقافة الاختيار ان صح التعبير.. بعد ما عاش الفلاح المصري لسنوات بين أحلام الفراولة والكنتالوب.. وتصدير الزهور.. ونسينا ان لكل بلد تقاليده وبراعته.. فخسرنا المكانة العالمية للقطن المصري وبعدها القمح والذرة.. رغم امكانية احلالهما بدلا من البرسيم الذي يلتهم معظم المساحة الزراعية.. وفي نفس الوقت نشكو من تراجع الثروة الحيوانية وزيادة أسعار العلف.. بل لا أكون مبالغاً إذا ما اعتمدنا الفكر غير التقليدي في الانتاج.. فلدينا في العلمين ومطروح ما يقرب من مليون فدان.. من الأراضي التي زرعها الرومان بالقمح المصري.. واعتبروها سلة لغذائهم.. ولكن هذه الأرض يهددها الألغام المزروعة في كل شبر.. ونراقب بأمل شديد الجهود التي تشرف عليها وزيرة التعاون الدولي لتطهير الألغام.. بواسطة الدول التي زرعتها إبان الحرب العالمية الثانية أو الدول الصديقة.. ولنرفع شعار سنبلة القمح مكان كل لغم يتم نزعه.. ان زراعة أرض العلمين بالقمح كفيلة بقلب كل عناصر معادلة استيراد القمح والسنابل الذهبية التي تتحدث الآن عن قصورها لتلبية الاحتياجات.. وليس معقولا أن تقف الحكومة وحدها أمام طوفان الغلاء لتحمي فقط الرغيف المدعم.. وتترك باقي أسرة المخبوزات للمستغلين أصحاب الضمائر الفاسدة.. كما ان هذه الاستراتيجية.. لو وجدت من يتحمل مسئولية تنفيذها في الأراضي الجديدة قبل القديمة.. ستحمي مواطنينا من الشوائب والحشائش والأمراض المصاحبة لشحنات القمح.. ويتم اكتشافها في المنافذ والموانيء.. ليتحدث الناس عن القمح الفاسد.. بدلا من التعبير بثقة عن سلامة وجودة رغيف العيش.. صاحب الأولوية الأولي في حياة المواطن.. ومع التأمين المحلي للقمح الذي مازالت احتفالات الحصاد في قلوبنا وتراثنا.. نلتفت لمسئولياتنا الأخري بترتيب واقعي لأولويات الزراعة.. نستهدف مصلحة الوطن والمواطن.. ونفتح الباب لإنسان قوي.. يخوض معركة التنمية المتكاملة.. ومن يدري ربما عادت القرية منتجة لخبزها وطعامها وملابسها.. وأحلامها.