هاجس الخوف من التيار الإسلامى بشكل عام والإخوان بشكل خاص هاجس موروث فى الدولة المصرية منذ قيام ثورة يوليو وإلى الساعة. وهذا الهاجس يزيد أو ينقص حسب رؤية النظام, فالرئيس جمال عبد الناصر الذى صعد إلى الحكم فى العصر الذهبى للإخوان، كان قد خبر عملهم السرى وقوتهم فى الشارع المصرى ومن هذا المنطلق تعامل معهم بقسوة وشدة، ومن خلال عدد من الضربات التى قسمت ظهر الجماعة إلى اليوم. ومن بعد عبد الناصر جاء الرئيس السادات وسمع إلى من أقنعه بالاستعانة بالإخوان لضرب خصومه من اليساريين والشيوعيين. قال لى الراحل محمد عثمان إسماعيل الوزير الذى أسس تكوين الجماعات الإسلامية أيام السادات فى حوار طويل صدر بعد ذلك فى كتاب أنه فاتح الرئيس السادات فى هذا فأقتنع ومنحه ضوء أخضر لفتح حوار مع الجماعة، فألتقى محمد عثمان إسماعيل مرشد الإخوان عمر التلمسانى وصارحه برغبة السادات ناقلا له شرطى السادات ليتركهم "الإخوان" يمارسون العمل السياسى بشكل علنى, وشرطا السادت كانا أن تتخلى الجماعة عن اسم "الإخوان المسلمين" وأن تحل التنظيم السرى، لكن التلمسانى وبعد أن سمح لمحمد عثمان أن يشعل سيجارة وتناول منه واحدة على سبيل المباسطة رد عليه وقد فهم: "السادات يريد أن يستخدمنا". وانتهت المقابلة عند هذا الحد فذهب محمد عثمان يكون تياراً إسلامياً فى الجامعات يناصر به السادات ضد خصومه من الطلبة، والغريب أن ممدوح سالم رئيس الوزراء فى هذا التاريخ القادم إلى رئاسة الوزراء من وزارة الداخلية كان يحارب توجهات محمد عثمان بشدة وكانت له مقولة أمنية أثيرة وهى أن الأمن يستطيع أن "يلم الشيوعيين من مطروح لأسوان فى ساعتين زمن لكن الإسلاميين مثل الحصان الجامح إذا أنفلت صعب السيطرة عليه". ومضى الإخوان بعد السادات وحتى الظرف الراهن يمارسون عملهم فى السر والعلن لكن تحت ضغوط أقل كثيرا من تلك التى عانوا منها أيام عبد الناصر لكن أيضا ظل الإخوان يمثلون الهاجس المتوارث والأول للنظام، على الرغم من أن هناك من هم أخطر منهم الآن ويلعبون على الساحة المصرية ويهيجون المصريين بخبث ولؤم شديدين, وحتى نقترب من الصورة أكثر لابد أن نوضح أن هناك ثلاث قوى أممية تتصارع لخطف مصر وتسعى لتنفيذ مشروعاتها لإنشاء نظام عالمى وهذه القوى دون أى ترتيب: الإخوان والشيوعيين والرأسمالية العالمية أو سمها الإمبريالية أو اليهودية العالمية. وإذا كان الإخوان يدعون إلى إحياء الخلافة الإسلامية كدولة أممية للمسلمين فالشيوعيون كانوا ومازالوا يؤمنون و"يحنون" إلى جنة الشيوعية حتى بعد سقوط الاتحاد السوفيتى ويبقى الرأسماليون العالميون الذين يعتقدون أنهم نهاية التاريخ ومشروعهم فى الشرق الأوسط هو مرحلة كان مخططا لها منذ زمن يزيد على أكثر من 100 عام وكانت إسرائيل هى حجر الزاوية فى هذا المشروع.