أكد الرئيس السوداني عمر البشير حرص السودان علي دعم وتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية مع مصر ، مشيرا إلي الروابط التاريخية التي تربط بين الشعبين الشقيقين. جاء ذلك لدي لقائه أمس بمجلس الوزراء وفد من قيادات حزب الحرية والعدالة برئاسة د. محمد سعد الكتاتني رئيس الحزب. كشف رئيس حزب الحرية العدالة المصري عقب لقائه الرئيس السوداني عمر البشير بالخرطوم أمس عن زيارة مرتقبة للرئيس محمد مرسي للخرطوم مطلع أبريل القادم. وأوضح الكتاتني في تصريحات صحفية، أن البشير أكد أن الحدود المشتركة بين البلدين ستكون حدوداً لتبادل المنافع والمصالح، مبيناً أن مجالات الأعمال في السودان مفتوحة أمام رجال الأعمال المصريين. وأضاف الكتاتني أن المشروعات التنموية التي تم الاتفاق عليها بين البلدين والتي على رأسها الطريق البري بين السودان ومصر ستجد طريقها للتنفيذ وفق المواقيت الزمنية المحددة. من جهة أخري عقد اجتماع ثلاثي بالخرطوم أمس بين وزراء المعادن في كل من السودان ومصر وليبيا ، لبحث سبل التعاون بين الدول الثلاث في مجال استكشاف المعادن والتنسيق بين الشركات العاملة في هذا المجال . وأكد الدكتور كمال عبد اللطيف وزير المعادن السوداني في كلمته التي افتتح بها الاجتماع ، على ضرورة التعاون بين الدول الثلاث ، مشيرا إلى أنه على صعيد الأعمال الجيولوجية بين السودان ومصر والتي بدأت منذ عام 1983 فقد أسفرت عن إعداد أطلس جيولوجي لمنطقة التكامل المشتركة وتأسيس الشركة السودانية المصرية للتعدين فضلا عن توقيع مذكرات تفاهم لتفعيل التعاون في مجال المسح الجيولوجي في المناطق المشتركة على الحدود . وأشار أيضا إلى أنه على صعيد مواز فهناك تعاون بين السودان وليبيا وتبادل للزيارات بين الهيئات النظيرة في البلدين ، كما شهدت ذات الفترة تعاونا مقدرا بين مصر وليبيا في مجال الجيولوجيا والمعادن . وتحدث عبداللطيف عن أهمية التعاون والتضافر بين الدول الثلاث خاصة بعد المتغيرات السياسية التي شهدتها كل من مصر وليبيا وانتصار الإرادة الشعبية فيهما ، قائلا إن العديد من العوائق والأسباب التي كانت تحول دون مزيد من التكامل قد زالت الآن ، الأمر الذي يفتح الأبواب لدخول مراحل أرحب من التنسيق والتعاون بين الدول الثلاث . وحث الوزير بيوتات التمويل والصناديق العربية ومؤسسات التمويل الدولية على العمل في دعم مجوهودات الاستثمار في مجال الثروة المعدنية ودعم قدرات المؤسسات الحكومية للدول الثلاث ، فضلا عن مساندة القطاع الخاص وتيسير سبل التمويل أمام الشركات العاملة في مجال التعدين وخدماته . كما أشار الوزير السوداني إلى أهمية دراسة إمكانية امتلاك الدول العربية لقمر اصطناعي متخصص في الاستكشاف والتحري المعدني والمسوحات الجيولوجية ، وإمكانية قيام صندوق أو مصرف عربي متخصص في مجال التعدين لتمويل الاستثمارات التعدينية ، أو على الأقل قيام فروع في المصارف العربية المتخصصة للمساهمة في دراسة المشاريع التعدينية . وأوضح أن بلاده تعد لاجتماع مشترك بين الدول التي يضمها تكوين الدرع العربي النوبي الجيولوجي خلال هذا العام بالخرطوم للبحث في تقوية سبل التعاون والتنسيق المشترك ، وأضاف أن شهر مايو القادم سيشهد استضافة السودان لاجتماعات مركز وسط وشرق أفريقيا للتعدين "سيماك" والذي يتمتع السودان بعضوية فاعلة فيه من جانبه ، أكد المهندس أسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية المصري الحرص على التعاون المشترك بين الدول الثلاث في هذا المجال الذي يلعب دورا مهما في اقتصاديات هذه الدول سواء بشكل مباشر أو غير مباشر ، ودعا إلى أهمية تصنيع الخامات المعدنية لتعظيم القيمة المضافة والعمل على تعبئة القدرات للنهوض بهذا القطاع الحيوي . وأضاف أن مصر تعمل في هذا المجال على 3 محاور : الأول وضع سياسات واضحة وجاذبة للاستثمار في هذا القطاع ، مشيرا إلى أنه تم تطوير قانون الاستثمار الذي تم وضعه عام 1956 وتعديله ليتواكب مع المتغيرات الحالية ، والمحور الثاني هو إعادة الهيكلة والنظر في جهاز الثروة المعدنية من خلال علمائها وخبرائها المختصين في المساحة الجيولوجية . وقال إن المحور الثالث هو تكليف استشاري عالمي لوضع خطة طويلة المدى من أجل تدقيق ما لدى مصر من إمكانيات في قطاع الثروة المعدنية من حيث النوع والكم وأنسب الوسائل لاستغلالها وأنسب الصناعات التي يمكن أن تقوم عليها لتعظيم القيمة المضافة . وأشار إلى مقترح إقامة مدن تعدينية كاملة في المناطق التي يمكن تنميتها بمصر ، وأيد طرح السودان لفكرة إنشاء الصندوق الانمائي التعديني ، وأكد على أهمية تبادل المعلومات بين الدول الثلاث ووضع برنامج زمني محدد في هذا الشأن لا يتجاوز شهورا قليلة ، كما اقترح انشاء لجنة دائمة مشتركة تعنى بمدى جدية العمل والتنفيذ في هذا القطاع الحيوي المهم . وأوضح الوزير المصري أن هناك تشابها كبيرا في التراكيب الجيولوجية وطبيعة الأرض ، مؤكدا على إمكانية تكامل المصالح وتبادل الأدوار لتحقيق الفوائد المشتركة للدول الثلاث . ودعا المهندس أسامة كمال إلى تبادل المعلومات وبناء القدرات البشرية وتنمية المهارات في هذا القطاع ، وبناء مراصد عن الحالة المعدنية وإعادة استكشاف المعادن وعمل الخرائط الجيولوجية والاستفادة من تقنيات الأقمار الاصطناعية والاستشعار عن بعد في مجال استكشاف المعادن . من جانبه أكد الدكتور سليمان علي الفيتوري وزير الصناعة الليبي أهمية مثل هذه الاجتماعات ، مشيرا إلى ضرورة توحيد الرؤية ووضع خرائط للمناطق المعدنية الواعدة في الدول الثلاث بإجراء المسح استعانة بأحدث التقنيات في هذ المجال ، وتشكيل لجان فنية للمتابعة وبناء منظومة معلومات وتحديث البيانات المتعلقة بالمعادن . ودعا الفيتوري إلى ضرورة مراجعة القوانين المتعلقة بالتعدين وإعادة هيكلة المؤسسات المعنية بهذا الشأن وتقوية سبل التعاون والتنسيق المشترك ، مشيرا إلى أهمية تبادل الخبرات في مختلف مجالات العمل الجيولوجي ومجال التعدين والترويج للاستثمارات والاستكشاف والتنقيب عن الثروات المعدنية وترشيد استغلالها ووضع المواصفات الفنية للمنشآت والمنتجات المعنية . كما طالب الفيتوري بتنفيذ مشروعات مشتركة لاستغلال الثروة المعدنية في الحدود المشتركة بين الدول الثلاث لاسيما في منطقة جبل العوينات . يذكر أن اسم الدرع العربي الجيولوجي يطلق على الجانب الشرقي للبحر الأحمر فيما الدرع النوبي يطلق على الجانب الغربي للبحر ، وتكون الدرعان كوحدة واحدة بنفس القوى وفي نفس الوقت ولم ينفصلا عن بعضهما مكونين البحر الأحمر إلا قبل 50 مليون سنة مضت . وكان المؤتمر الثاني عشر للمعادن الذي عقد بالخرطوم في الفترة من 27 / 29 نوفمبر الماضي ، قد استضاف مجموعة من الجيولوجيين والوزراء بالدرع وخصصوا محورا كاملا لمناقشة اقتصاديات الدرع العربي النوبي وأوصوا بالإستفادة من تجارب دول المنطقة في مجال المسح والدراسات الجيولوجية للإستغلال الأمثل للمعادن المتوفرة بالمنطقة .