رئيس الوزراء يتابع الإجراءات المتخذة لتوفير اللحوم الحمراء    رئيس الوزراء يُتابع جهود تنفيذ الإجراءات الخاصة بخفض الانبعاثات والتحول الأخضر المُستدام    إطلاق «هاكاثون» للذكاء الاصطناعي في التكنولوجيا المالية تحت مظلة «فينتك إيچيبت»    موهوبون ومحبوبون ولديهم مهارات تفاوض.. ترامب يتغنى ب جاريد كوشنر وستيف ويتكوف    نتنياهو أمام الكنيست: ترامب أعظم صديق عرفته دولة إسرائيل في البيت الأبيض    الأمين العام المساعد للجامعة العربية: نشهد مرحلة مهمة من الصراع مع إسرائيل    وزير الشباب والرياضة يلتقي إنفانتينو على هامش حضوره مؤتمر السلام بشرم الشيخ    نيابة أسيوط تصرح بدفن الطفلة المتوفاة في حادث انقلاب تروسيكل وتحيل السائق لفحص المخدرات    ضبط سائق وضع طعامًا مسمومًا للكلاب الضالة في حدائق الأهرام    الحماية المدنية تسيطر على حريق محدود بمحولات كهرباء في بولاق    الليلة على مسرح السامر.. افتتاح ملتقى شباب المخرجين بعرض هيموفيليا    الليلة.. خالد جلال ضيف بودكاست كلام في السينما على قناة الوثائقية    المركز القومي للسينما يشارك ب 5 أفلام في مهرجان بيونج يانج الدولي    البحيرة: 470 مواطنا يستفيدون من القوافل الطبية والسكانية المجانية بكفر الدوار والدلنجات    نائب وزير الصحة يتفقد منشآت طبية بالشرقية ويمنح مهلة شهر لمعالجة الملاحظات    العربية: إلغاء مشاركة نتنياهو في قمة شرم الشيخ    "من أنت".. ترامب يهاجم مراسلة بولتيكو ويتهم الصحيفة بنشر أخبار كاذبة    محافظ قنا يوجه بتقديم كافة الرعاية الطبية لمصابى حادث أتوبيس الألومنيوم    بدء أولى جلسات استئناف المتهمين بقضية الدارك ويب فى شبرا الخيمة    تموين الفيوم تلاحق المخالفين وتضبط عشرات القضايا التموينية.. صور    استبعاد لياو من المشاركة مع البرتغال ضد المجر فى تصفيات كأس العالم    «المالية»: فرص اقتصادية متميزة للاستثمار السياحي بأسيوط    تأكيدا لليوم السابع.. الزمالك يعتذر رسميا عن المشاركة فى البطولة العربية لسيدات الطائرة    الرئيس الأمريكى ترامب يلقى خطابا أمام الكنيست وسط تحية كبيرة من الحضور    مسلسل لينك الحلقة 2.. تحالف غير متوقع بين بكر وأسما لكشف سرقة أموالهما    هتافات وتكبير فى تشييع جنازة الصحفى الفلسطيني صالح الجعفراوى.. فيديو    خبير اقتصادي: قمة شرم الشيخ لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد المصري    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات محلية    هل يمكن حصول السيدات الحوامل على لقاح الأنفلونزا ؟ فاكسيرا تجيب    إعلان أسماء مرشحي القائمة الوطنية بانتخابات مجلس النواب 2025 بمحافظة الفيوم    "هتفضل عايش في قلوبنا".. ريهام حجاج تنعى الصحفي الفلسطيني صالح الجعفراوي    بالفيديو.. الأرصاد: فصل الخريف بدأ رسميا والأجواء مازالت حارة    حجز محاكمة معتز مطر ومحمد ناصر و8 أخرين ب " الحصار والقصف العشوائي " للنطق بالحكم    اليوم.. بدء استيفاء نموذج الطلب الإلكتروني للمواطنين المخاطبين بقانون «الإيجار القديم» (تفاصيل)    وزيرا ري مصر والأردن يفتتحان الاجتماع ال38 للشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه    تشكيل منتخب فرنسا المتوقع أمام آيسلندا في تصفيات كأس العالم 2026    بتواجد أبو جريشة.. الكشف عن الجهاز الفني المساعد ل عماد النحاس في الزوراء العراقي    ب 35 لجنة.. بدء التسجيل ب «عمومية أصحاب الجياد» في الإسكندرية    وزير السياحة يترأس اجتماع مجلس إدارة هيئة المتحف القومي للحضارة المصرية    مبيعرفوش يمسكوا لسانهم.. أبراج تفتش الأسرار في أوقات غير مناسبة    أحمد فهمي الأعلى مشاهدة ب «ابن النادي»    بعد منحها ل«ترامب».. جنازة عسكرية من مزايا الحصول على قلادة النيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 13-10-2025 في محافظة قنا    أوقاف السويس تبدأ أسبوعها الثقافي بندوة حول المحافظة البيئة    هل الغسل يغني عن الوضوء؟ أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي بالتفصيل    محمد رمضان يوجّه رسالة تهنئة ل«لارا ترامب» في عيد ميلادها    مصادر تكشف مصير 4 أعضاء ب«النواب» تم تعيينهم في «الشيوخ»    جامعة بنها: فحص 4705 شكاوى بالمنظومة الموحدة.. تفعيل نقطة اتصال جديدة لخدمة المواطنين    رئيس «الرعاية الصحية» يتفقد مجمع الفيروز بجنوب سيناء استعدادًا لقمة شرم الشيخ    مباحثات مصرية - ألمانية لتعزيز التعاون وفرص الاستثمار في القطاع الصحي    هل يجوز الدعاء للميت عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟.. «الإفتاء» توضح    تحرك عاجل من نقابة المعلمين بعد واقعة تعدي ولي أمر على مدرسين في أسيوط    أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 13 أكتوبر 2025    فاروق جعفر: هدفنا الوصول إلى كأس العالم ونسعى لإعداد قوي للمرحلة المقبلة    عراقجي: إيران لن تحضر القمة في مصر بشأن غزة.. ما السبب؟    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 13 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    صلاح وزوجته يحتفلان بالتأهل في أرضية ستاد القاهرة    البطاقة 21.. غانا تتأهل لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب المروحيات والمراوح
نشر في مصر الجديدة يوم 14 - 01 - 2013


جان بول سارتر
عام 1960، رفع جان بول سارتر لواء التمرد على العربدة الفرنسية في القارة السوداء، وطالب الجنود الفرنسيين بالانسحاب من الجزائر والعودة إلى أحضان ذويهم. وحين تنامى إلى مسامع الرئيس الفرنسي شارل ديجول ما قاله سارتر، لم يحرك ساكنا، وظل مطبقا شفتيه على أنفاسه الحارة. يومها، لم يرق صمت ديجول للكثيرين من القادة العسكريين لأنهم كانوا يخشون من تمادي سارتر في تأليب ذوي الضمائر الحية عليهم. وحين أعرب أحدهم جهرة عن استنكاره لموقف الرئيس الفرنسي من الوجودي الثائر، قال ديجول: "إنه سارتر! من يستطيع أن يهزم سارتر؟"
كان ديجول يعلم تماما أن أطنان البارود التي قلبت الجزائر ظهرا على بطن ولونت الأسمنت بالأحمر القاني وغيرت ملامح الخارطة ولون المستقبل لن تفلح في قمع الأقلام الحرة، وأن أقدام جنوده التي تخوض في برك الدماء هناك لا تستطيع التقدم شبرا واحدا نحو محبرة كاتب جريء لا يعرف في الحق لومة قائد. سكت ديجول عن تحريض سارتر مرغما لأنه كان يعلم يقينا أن نقطة حبر واحدة من قلم فيلسوف العصر قادرة على إلقاء بزته العسكرية بكل ما عليها من نياشين في وحل التاريخ.
يوما ما احتل الفرنسيون الجزائر بحجة استعادة هيبة فرنسا بعد أن لوح الداي حسين بمروحته في وجه القنصل الفرنسي ذات إهانة، واليوم تحتل مالي بحجة حماية الشرعية والمستضعفين من شرور الإسلاميين الذين تحولوا إلى مشجب تاريخي لكل محتل وطامع. وبعد اعتذار جاء متأخرا جدا لشعب ذاق الأمرين وفقد مئات الآلاف من الأرواح التي لم تدر فيم قُتِلت، تتقدم الأحذية الفرنسية الثقيلة لتطأ رقاب شعب إفريقي آخر بحجة أخرى أكثر تقبلا في أروقة النفاق العالمي.
ذات استغفال، أعلن الفرنسيون توجه أربعين ألف حذاء ثقيل نحو سواحل الجزائر لاستعادة هيبة فرنسا، لكنهم لم يعلنوا عن نيتهم إسقاط ديون تقدر بعشرين مليون فرنك فرنسي استدانتها فرنسا من خزائن حبوب الجزائر إبان ثورتها المباغتة بعد أن حاصرتها الدول الأوروبية قاطبة. واليوم تتقدم نفس الوجوه الكالحة بحجة مشابهة لسحل شعب لا يدري أطفاله لماذا يُقتلون.
باسم حماية الأطفال، تُسقط فرنسا اليوم مئتين وخمسين كيلوجراما من المتفجرات فوق رؤوس الآمنين، وتعربد طائراتها في سماواتنا البليدة التي لا تستطيع رصد محركاتها ولا متابعة دوائر دخانها الملفوفة المشتبكة. وباسم محاربة الإرهاب والتطرف، تزداد القوات الغازية تطرفا كل يوم وتتوغل في فيافيفنا وتمعن في إذلالنا وقهرنا واستباحة أراضينا لأنها لا تخشي آلياتنا الصدئة ومجنزراتنا البالية.
تتقدم الخطى الثقيلة نحو الشمال في مالي مدعومة بصمت دولي مريب ومباركة غير مشروطة ودعم مخابراتي ولوجستي من قوى الاستبداد الإنجليزية والأمريكية لتكسب كل لحظة أرضا جديدة من فيافينا الثرية. ها هي القوات الفرنسية مصحوبة بدعوات الطيبين في أرجاء المعمورة، تقتل في يوم واحد عشرة من المدنيين منهم ثلاثة أطفال أرادوا أن ينجوا من الحريق فكان مصيرهم الغرق في نهر ظنوا أنهم عابروه بسواعدهم المرهقة وعضلاتهم الصغيرة.
في كل يوم، باسم تحرير الشعوب تتغول الدول الكبرى وتعربد في سماواتنا كيفما تشاء لأنها تضمن أن مفكرا بحجم سارتر لم يعد له وجود بعد أن تحولت الرؤوس في أوروبا الغازية إلى دانات مدافع، وتحولت الأقلام إلى ثعابين رقطاء تكره كل ما هو إسلامي وتقتل بذنب أو دون جريرة من يرفضون الدوران في فلك المحتلين والطواف حول غاياتهم المقيتة التي لم تعد خافية على أحد. اليوم يحتل الفرنسيون النيجر كما احتلوا الجزائر بالأمس، لكنهم لا يجدون رؤوسا سارترية تقف في وجه أطماعهم الاستعمارية. وإن كانت فرنسا قد احتلت الجزائر قرنا ردا على تطاول مروحة إفريقية على مندوب فرنسي سام، فكم يا ترى تحتاج لتعيد الأمن لأبناء النيجر المستغيثين بصدرها الرؤوم؟ لكم الله أيها النيجريون!
عبد الرازق أحمد الشاعر
أديب مصري مقيم بالإمارات
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.