الهيئة الوطنية للانتخابات: نرصد الشائعات فور صدورها ونواجه محاولات التشكيك بالحقائق    وزير البترول يبحث مع سفير الإمارات تعزيز التعاون والشراكة فى قطاع البترول والغاز    الأعلى للإعلام يعاقب عبد العال    الداخلية تنفى ادعاء تعطيل التصويت بانتخابات مجلس النواب فى حلوان    تأجيل محاكمة 73 متهمًا بخلية اللجان النوعية بالتجمع    فيلم قصير عن مسيرة المخرج خالد جلال فى قرطاج المسرحى قبل انطلاق ندوته    أحمد المسلماني يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب    وزير الداخلية: استنفار أمني يضمن انتخابات تليق باسم مصر.. والعملية الانتخابية تسير بشكل منتظم (فيديو)    تاجيل محاكمه ام يحيى المصري و8 آخرين ب "الخليه العنقوديه بداعش"    روني يهاجم صلاح ويطالب سلوت بقرار صادم لإنقاذ ليفربول    «بعد ضجة البلوجر سلمى».. نصائح مهمة تحميكي من التشتت وتثبتك على الحجاب    مظهر شاهين: برنامج «دولة التلاوة» نجح فى أن يعيد القرآن إلى صدارة المشهد    المستشار الألماني يستبعد تحقيق انفراجة في مفاوضات السلام الخاصة بأوكرانيا خلال هذا الأسبوع    الرئيس التنفيذي لهونج كونج يشكك في جدوى العلاقات مع اليابان بعد النزاع بشأن تايوان    الأمن السورى يمدد حظر التجول فى حمص    ننشر قرار زيادة بدل الغذاء والإعاشة لهؤلاء بدايةً من ديسمبر    مسلم يفجر مفاجأة ويعلن عودته لطليقته يارا تامر    يسرا ودرة يرقصان على "اللي حبيته ازاني" لحنان أحمد ب "الست لما"    نقابة الموسيقيين على صفيح ساخن.. النقيب مصطفى كامل: لا أحب أن أكون لعبة فى يد عصابة كل أهدافها الهدم.. وحلمى عبد الباقى: فوجئت بتسجيل صوتى يحتوى على إهانات وكلمات صعبة عنى ولن أسكت عن حقى    تنميه تعلن عن تعاون استراتيجي مع VLens لتعجيل عملية التحول الرقمي، لتصبح إجراءات التسجيل رقمية بالكامل    شاهد بالبث المباشر الآن.. مباراة الدحيل × الاتحاد بث مباشر دون "تشفير" | دوري أبطال آسيا للنخبة    خلال زيارته لوحدة بني عدي.. محافظ بني سويف يوجه بمتابعة رضيعة مصابة بنقص هرمون الغدة الدرقية    إصابة 8 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى ترعة على طريق دمياط الشرقى بالمنصورة    «الرزاعة»: إنتاج 4822 طن من الأسمدة العضوية عبر إعادة تدوير قش الأرز    "القاهرة الإخبارية": القافلة 79 تحمل أكثر من 11 ألف طن مساعدات إلى غزة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فاجتهد ان تكون باب سرور 000!؟    احزان للبيع..حافظ الشاعر يكتب عن:حين يختلط التاريخ بالخطابة الانتخابية.    ضبط 1038 مخالفة مرورية لعدم ارتداء الخوذة    إصابة 8 عمال زراعة بتصادم سيارة وتوكوتك ببني سويف    تشابي ألونسو: النتيجة هي ما تحكم.. وريال مدريد لم يسقط    اليوم.. إياب نهائي دوري المرتبط لكرة السلة بين الأهلي والاتحاد    وكيل الأزهر يستقبل نائب وزير تعليم إندونيسيا    الداخلية تواصل عقد لقاءات مع طلبة المدارس والجامعات للتوعية بمخاطر تعاطى المواد المخدرة    استقبال 64 طلبًا من المواطنين بالعجوزة عقب الإعلان عن منظومة إحلال واستبدال التوك توك بالمركبات الجديدة    المرأة الدمياطية تقود مشهد التغيير في انتخابات مجلس النواب 2025    رغم بدء المرحلة الثانية…انتخابات مجلس نواب السيسي تخبط وعشوائية غير مسبوقة والإلغاء هو الحل    كأس العرب - حامد حمدان: عازمون على عبور ليبيا والتأهل لمرحلة المجموعات    الفيضانات توقف حركة القطارات وتقطع الطرق السريعة جنوبي تايلاند    هبوط المؤشر الرئيسي للبورصة بمنتصف التعاملات بضغوط تراجع أسهم قيادية    طريقة عمل سبرنج رول بحشو الخضار    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن برنامج دورتها الثامنة عشرة    رئيس الطائفة الإنجيلية يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب: المشاركة واجب وطني    د. أحمد ماهر أبورحيل يكتب: الانفصام المؤسسي في المنظمات الأهلية: أزمة حقيقية تعطل الديمقراطية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    البرهان يهاجم المبعوث الأمريكي ويصفه ب"العقبة أمام السلام في السودان"    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    وزير الصحة يستعرض المنصة الرقمية الموحدة لإدارة المبادرات الرئاسية ودمجها مع «التأمين الشامل»    الرعاية الصحية بجنوب سيناء تتابع خطة التأمين الطبي لانتخابات مجلس النواب    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس حزب الجبهة الوطنية يدلى بصوته في انتخابات النواب 2025    سعر صرف الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 24 -11-2025    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    فون دير لاين: أي خطة سلام مستدامة في أوكرانيا يجب أن تتضمن وقف القتل والحرب    موعد مباريات اليوم الإثنين 23 نوفمبر 2025| إنفوجراف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات الصينية-الأمريكية بين مطرقة الحرب الباردة الجديدة وسندان الحلم الصيني
نشر في مصراوي يوم 16 - 08 - 2020

تقف العلاقات الصينية الأمريكية حاليا عند أدنى مستوى لها منذ نحو 50 عاما حينما بدأ الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون حوارا مع الصين عام 1971، حيث يلوح في الأفق في الوقت الراهن شبح "حرب باردة جديدة" بين واشنطن، التي تعتقد أنها تجيد التحكم في خيوط هذه الحرب لسابق خبراتها بها، وبين بكين التي يراودها "حلمها الخاص"، الذي يلتف حوله مليار و400 مليون شخص بإقامة مستقبل مشرق لرخاء الدولة وبناء مجتمع رغيد في جميع نواحي الحياة، ولن تتخل عنه مطلقا لأنه الأساس الذي يربط كيانات الدولة شاسعة المساحة بمختلف قومياتها.
فالولايات المتحدة دأبت خلال الفترة الماضية على مهاجمة وانتقاد الصين في عديد من الملفات والقضايا، لاسيما الأوضاع في منطقة "هونج كونج" الإدارية الخاصة، ومنطقة "شينجيانغ" الويغورية ذات الأغلبية المسلمة، وبحر الصين الجنوبي، ونظام الحكم الاشتراكي، وشركاتها للتكنولوجيا والجيل الخامس، وامتد الأمر إلى اتهامات بسرقة حقوق الملكية الفكرية ومحاولة سرقة أبحاث تتعلق بأبحاث حول لقاحات مرشحة لمكافحة وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) وأسرار تجارية وعسكرية، وكذلك اتهامات باستغلال ممثلي وسائل إعلامها في الولايات المتحدة في أنشطة دعائية للصين لتقوم واشنطن بتصنيف هذه الوسائل كبعثات أجنبية، ووجود ما وصفته ب"أنشطة تجسس" في القنصلية الصينية العامة في هيوستن لتقوم الإدارة الأمريكية بإغلاقها في واحدة من أكبر المؤشرات على حجم التدهور في العلاقات.
واعتبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في أكثر من خطاب وتصريح على مدار الأشهر الماضية، أن المنافسة مع الصين "صراع وجودي بين الحق والباطل".
كما ألقى مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي روبرت أوبراين ومدير مكتب التحقيقات الفدرالي "إف بي آي" كريستوفر راي، والمدعي العام الأمريكي ويليام بار، خطابات موجهة ضد الصين تضمنت اتهامات بشكل مكثف، وانتقادات لاذعة للحزب الشيوعي الصيني الحاكم والنظام الاجتماعي للصين مع محاولة تصوير أن الشعب الصيني والحزب الشيوعي يقفان في موقع مخالف لبعضهما البعض.
ووصل الأمر إلى أن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر أكد أن الولايات المتحدة تخوض حاليا حقبة من التنافس بين القوى العظمى، ما يعني أن أكبر منافسين استراتيجيين للولايات المتحدة، هما الصين ثم روسيا، واعتبر أن الصين هي المشكلة الأكبر، وأن بكين تسعى إلى إعادة صياغة قواعد النظام الدولي الذي يعمل بشكل جيد للغاية من أجل مصلحة دول العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
وتعيد هذه التصريحات والاتهامات، التي يكيلها مسؤولو الإدارة الأمريكية للصين، إلى الأذهان اللغة التي استخدمتها واشنطن خلال مواجهتها مع الاتحاد السوفييتي إبان فترة الحرب الباردة.
وفي المقابل، اتخذت الصين تدابير مضادة قوية، تضمنت إغلاق القنصلية العامة الأمريكية في تشنغدو، وإجراءات ضد مكاتب مؤسسات إعلامية أمريكية في الصين، وتقديم احتجاجات شديدة رفضا للتدخل في شؤونها الداخلية بشأن "هونج كونج" و"شينجيانغ"، وتأكيد موقفها من الهجمات السيبرانية وحقوق الملكية الفكرية، ورفضها أي محاولات لما وصفته ب"الوقيعة" بين شعبها والحزب الحاكم، مع إصدارها بشكل دوري تقارير حول أوضاع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.
وقال عضو مجلس الدولة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في تصريحات أوائل الشهر الجاري، "إن الصين تعارض بشدة ما يسمى ب"الحرب الباردة الجديدة"، لأنها تنتهك تماما المصالح الأساسية للشعبين الصيني والأمريكي، وتنحرف تماما عن اتجاه التنمية والتقدم العالميين، معتبرا في الوقت نفسه أن "الحرب الدبلوماسية" لا تثبت قوة أمريكا.
وأضاف أن بعض الساسة الأمريكيين يلفقون أكاذيب مختلفة لتشويه سمعة الصين، ويختلقون الحجج لعرقلة التبادلات الطبيعية بين الجانبين، ويريدون جر الدولتين إلى الصراع، ودفع العالم إلى الاضطراب والانقسام مرة أخرى، وأن الصين، بصفتها أكبر دولة نامية في العالم وعضوا دائما بمجلس الأمن الدولي، ستواصل اتباع مسار التنمية السلمية بثبات والتمسك باستراتيجية الانفتاح متبادلة المنفعة ونشر السلام العالمي.
وأكد وانغ يي، في لهجة تعكس استعداد بلاده لجميع الاحتمالات حيال العلاقات مع واشنطن، أن الصين لا تنوي الدخول في "حرب دبلوماسية" مع الولايات المتحدة التي من شأنها أن تضر فقط بمصالح الشعبين بشكل أكبر، وأنه إذا أصرت الولايات المتحدة على أن تسلك ما وصفه ب"الطريق الخاطيء"، ستكون الصين مستعدة للرد بشكل مناسب.
كما ظهرت أصوات في الولايات المتحدة يتقدمها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو تتحدث عن "فشل" النموذج الذي تبنته الحكومات الأمريكية المتعاقبة للارتباط بالصين، وهو ما اعتبره مسؤولو الصين أن هدفه محاولة "احتواء الصين وتعطيل خطى تنميتها"، وأن أي شخص يحاول إيقاف مساعي تحقيق التنمية الصينية أو تغييرها (الحلم الصيني) محكوم عليه بالفشل والهزيمة.
وتنظر الصين، من جانبها، إلى التصريحات والإجراءات الأمريكية باعتبارها محاولة لوأد "حلمها" والمساس بكيانها ووجودها ونظامها، حيث أن حلم الصين قائم على بناء جسر مباشر بين الحزب الشيوعي الحاكم والشعب عبر توحيد سياسات الحزب مع تطلعات الشعب.
وحيث أن الصين، أصبحت بعد حرب الأفيون عام 1840 دولة شبه مستعمرة وإقطاعية، ما فرض على القيادات الصينية المتعاقبة رسم "حلم" يمتد لحوالي مائتي عام ليلتف حوله الشعب الصيني بكافة مكوناته، والذي يتمثل في السعي لنيل الاستقلال الوطني والتحرر الشعبي خلال المائة عام الأولى، وتحقيق رخاء الدولة وازدهارها والثراء المشترك لأبناء الشعب بحلول عام 2050 على أقصى تقدير (المائة عام الثانية).
واستطاعت الصين خلال 70 عاما من المئوية الثانية أن تتحول من دولة كانت بالكاد تستطيع إطعام شعبها قبل 70 عاما، إلى دولة تعمل حاليا على إنجاز بناء مجتمع رغيد في جميع نواحي الحياة.
فعلى سبيل المثال، تطور الاقتصاد الصيني بشكل كبير ازداد معه إجمالي قيمة الناتج المحلي عام 2018 ب174 ضعفا عما كان عليه عام 1952، وأصبح الاقتصاد الصيني عام 2010 الثاني في العالم متجاوزا اليابان مع توسع الانفتاح الصيني على الخارج، ووصل إجمالي حجم التصدير عام 2018 إلى 4,6 تريليون دولار ليسجل زيادة بنحو أربعة آلاف ضعف عما كان عليه قبل 70 عاما، فيما كان نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف للسكان عام 1956 نحو 98 يوان فقط، ونصيب الفرد من الإنفاق الاستهلاكي 88 يوان فقط، فأصبح في عام 2018 نصيب الفرد من الدخل القابل للتصرف للسكان 28228 يوان، ونصيب الفرد من الإنفاق الاستهلاكي 19853 يوان.
ويرى المستشار بالأمم المتحدة وأستاذ الاقتصاد بجامعة كولومبيا الأمريكية جيفري ساكس، في مقابلة أجراها مؤخرا مع وسائل إعلام أمريكية، أن تأجيج حرب باردة جيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين سيكون "خطأ فادحا"، حيث أن هذه الحرب ستكون أكثر خطورة من سابقتها، رغم اعتقاد الكثير من الأمريكيين أنهم يمسكون بزمامها، وهي وجهة نظر خطيرة للغاية في التفكير.
واعتبر ساكس أن مهاجمة الصين أصبحت استراتيجية يتبعها الحزبان الجمهوري والديمقراطي لتحقيق مكاسب سياسية في الولايات المتحدة، لكن الحرب الباردة الجيوسياسية مع الصين ستهدد الأمن العالمي في فترة مضطربة بالفعل مع استمرار انتشار جائحة (كوفيد-19) في جميع أنحاء العالم.
كما يرى الأستاذ المشارك في معهد العلاقات الدولية بجامعة رنمين في الصين دياو دا مينغ أنه في مواجهة الصعوبات الداخلية والخارجية، ومن أجل الحفاظ على ما يسمى بالقيادة الدولية للولايات المتحدة، عادت واشنطن إلى ما وصفه ب"النص المسرحي للحرب الباردة" التي تظن أنها تجيده، محاولة صنع تهديد خارجي ضخم لزيادة التضامن الداخلي وكسب الدول الغربية إلى جانبها.
وفي ظل النهج الأمريكي الحالي نحو الصين وارتباطه بشواغل جيوسياسية عديدة، وتأكيد بكين أن أكثر ما تهتم به هو تحسين رفاهية شعبها دون أي رغبة في تحدي أو استبدال مكانة "الهيمنة العالمية" للولايات المتحدة أو التدخل في الانتخابات العامة هناك، فإن أي مساع لتشكيل تحالفات عالمية قطبية جديدة ونبذ التعددية لن تعود بالفائدة على شعبي البلدين وشعوب العالم، وسيكون العالم على مستويات السلام والاستقرار والتنمية الأكثر تضررا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.