"طوارئ وطنية وانتزاع للسلطة".. صراع سياسي بين ترامب والديمقراطيين

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم الجمعة، حالة الطوارئ الوطنية في البلاد، لتمويل الجدار الحدودي مع المكسيك، بعد رفض الكونجرس في السابق، وهو ما تسبب في تعطيل حكومي استمرّ لقرابة الشّهر.
وقال ترامب إن "كل ما أهدف إليه هو تأمين حدودنا وأؤكد أن الجدار مع حدود المكسيك سينجح بنسبة 100%"، مقرًا بأنّ المكسيك تنسّق مع الولايات المتحدة "بشكل أفضل من الماضي".
انتزاع للسلطة
رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية بمجلس الشيوخ تشاك شومر، وصفا ما حدث من إعلان ترامب لحالة الطوارئ بأنه "انتزاع للسلطة من قبل رئيس محبط".
وقال الديمقراطيان البارزان إن ما وصفه ترامب بالأزمة عند الحدود الجنوبية غير موجودة، وإن ترامب يتجاوز حدود القانون في محاولة للحصول على ما فشل في تحقيقه من خلال العملية التشريعية الدستورية".
وحث القائدان الديمقراطيان الجمهوريين على القتال ضد هذا الإعلان.
وتابع البيان المشترك: "الرئيس ليس فوق القانون. لا يمكن للكونجرس أن يسمح للرئيس بتمزيق الدستور".
ولكن، ما هي حالة الطوارئ التي أعلنها الرئيس ترامب؟ وماهي الصلاحيات التي توفرها له؟
ماهي حالة الطوارئ؟
حالة الطوارئ حق يمنحه الكونجرس للسلطة التنفيذية، وعلى رأسها الرئيس، للتعامل مع الأزمات الطارئة بسرعة وحسم، ويحق له أن يتجنب أي قيود أو حدود على قراراته المتعلقة بالتعامل مع الأزمات.
ويتطلب إعلان "حالة الطوارئ الوطنية" أن يبلغ الرئيس الكونجرس بوجود أزمة طارئة وإعلان ما يتطلب للتعامل معها، ويفرض القانون على الرئيس أن يبلغ دوريا الكونجرس بمستجدات الأزمة.
ويختلف ذلك عن إعلان الرئيس حالة الكوارث في ولاية معينة نتيجة تعرضها لأعاصير أو عواصف ثلجية كبيرة، ويمنح هذا الإعلان حق توجيه أموال فدرالية للتعامل مع الكارثة (وهو ما سيستخدمه ترامب لتمويل الجدار).
ما القوانين المنظمة لفرض حالات الطوارئ القومية؟
يسمح القانون للرئيس بفرض حالة الطوارئ لمدة عام واحد، ويمكن تجديدها. وهناك قانونان حاكمان لهذا الموضوع وهما:
- "قانون حالة الطوارئ القومي" الذي تم إقراره عام 1976.
- "قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية" الذي تم إقراره عام 1977، ويختص بمنح الرئيس حق فرض عقوبات أو معاقبة الحكام المستبدين أو الإرهابيين أو منظمات أجنبية تضر بالمصالح الأمريكية.
وينبغي على الرئيس في الحالتين أن يؤكد وجود "تهديدات غير طبيعية وخطيرة على الأمن القومي والمصالح الأمريكية".
لماذا يلجأ ترامب لفرض حالة الطوارئ الوطنية؟
لجأ ترامب لهذا الحل نظرًا لرفض الكونجرس طلبه تخصيص مبلغ 5.7 مليارات دولار لتمويل الجدار الحدودي على حدود المكسيك الذي وعد ببنائه أثناء حملته الانتخابية، ويلتف ترامب على الكونجرس الذي يعدّ الجهة الوحيدة المخولة بتحديد أوجه الإنفاق والمخصصات للبرامج والجهات الحكومية في الميزانية العامة للدولة.
أشهر حالات إعلان الطوارئ في أمريكا
طبقا لبيانات معهد برينان للدراسات القانونية، تم فرض حالة الطوارئ القومية في 58 حالة، واستخدم هذا الحق كل الرؤساء منذ تمرير القانون، إلا أن معظم الحالات لا تجذب الاهتمام لتداعياتها البسيطة وللاتفاق العام عليها.
وهناك 31 حالة طوارئ قومية في الوقت الراهن، يعود أقدمها إلى عام 1979 عندما فرض الرئيس جيمس كارتر الطوارئ القومية لتجميد أصول الحكومة الإيرانية أثناء أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين، ويتم تجديدها سنويا.
ومن أشهر الحالات الأخرى:
إعلان الرئيس باراك أوباما حالة الطوارئ القومية بسبب انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير عام 2009.
إعلان الرئيس جورج بوش الابن حالة الطوارئ القومية عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.
هل يمكن عكس قرار ترامب؟
من المتوقع أن يلجأ خصوم ترامب للقضاء، لكن المحاكم تتردد في التدخل بالقضايا المرتبطة بالأمن القومي التي للرئيس اليد العليا في اتخاذ القرار بخصوصها، ومن الصعب أن تقبل المحاكم الفدرالية الحكم في قضايا تشكك في تعريف "حالة الطوارئ" وفيما إذا كان ترامب يُضخم من خطورة الأوضاع عند الحدود.
عمليا وتاريخيا تتردد المحاكم في تغيير أو رفض قرارات للرئيس تتعلق بالأمن القومي، ومثال ذلك حظر دخول مواطني عدد من الدول الإسلامية على خلفية تهديد الأمن القومي، حيث دعمت المحكمة الدستورية العليا قرار الرئيس.