كالقبائل الهمجية في زمن ما قبل التاريخ، يأتون بالحيوانات ويقيدونها، يضربونها ويعذبونها، حتى تزرف الدموع، وتنزف الدماء، وسط هتافاتهم وتهليلهم، إنهم بعض "العربجية" الذين ينظمون مسابقة غريبة لقياس قدرة خيولهم على التحمّل في الدقهلية. "مصراوي" كان هناك.. ضرب وتعذيب، كانت المشاهد الأبرز للمسباقة الغريبة التي نظمها عدد من "العربجية" وأصحاب العربات الكارو، اليوم الإثنين، بقطعة أرض فضاء يمتلكها أحد الأشخاص، في مدينة المنصورة، وتستغلها إدارة مرور الدقهلية لتعليم القيادة للمبتدئين، لكنها اليوم كانت حلبة تنافس استخدمت فيها أبشع وسائل الضرب والتعذيب للحيوانات. اعتاد "العربجية" على تنظيم المهرجان الغريب كل عام، في نفس المكان، حيث يمزجون بكاء ودماء أحصنتهم، بفرحتهم وبهجتهم، وتنافسهم العجيب. إذ يأتون بالأحصنة لاختبار مدى قوتها، وصلابتها على جر عربة كارو مقيدة بالسلاسل أو الحبال من كافة الاتجاهات، يعتليها مجموعة من الأشخاص، ليبدأ المتنافس في ضرب حصانه وتعذيبه، لاستثارته، واستفزازه لجر العربة وكسر قيوده وأغلاله. في الأرض الفضاء يتجمع عشرات من أصحاب عربات الكارو والأحصنة، وسيارات نصف نقل تحمل عددًا من الأحصنة تنتظر دورها للمشاركة في المسابقة الغريبة.. أتوا من محافظاتكفر الشيخ والغربية والشرقية إضافة إلى الدقهلية نفسها. يبدأ المتسابقون في تجهيز عربتهم، وأحيانًا تظل العربة كما هي، ولكن يتم استبدال الحصان المشارك فقط، وعند دخول الحصان المتسابق إلى الساحة، يبدأ صاحبه في خلع ملابسه، والإتيان ب"كرباج"، أو"خرزانة" ليبدأ الضرب بأنحاء متفرقة من جسد الحصان، وسط هتافات الحاضرين. ربط القيود تبدأ عملية تقييد الحصان منذ إشراكه في المسابقة، وربطه بالعربة، فمن شروط المسابقة أن يتم إحضار عربة كارو إلى الساحة، ويجري ربط الكاوتشوك بواسطة حبال أو سلاسل حديدية تمنع حركتها، ومن ثم يتم ربط الحصان المشارك في العربة وتقييده بكشل كامل، ثم ينهال عليه صاحبه بالضرب، حتى يكشف مدى قوته على جر 10 أطنان، وإذا استطاع الزحف بالعربة، ومن عليها من بشر وحجر، وكسر قيوده، يصبح هو الحصان الأقوى ليربح صاحبه المسابقة. بكاء الحصان مع استمرار المسابقة وسعي كل متنافس للفوز بحصانه، كان الضحية هو الحصان نفسه الذي لم يستطع النطق أو التعبير عما يشعر به من ألم جرّاء الضرب المتواصل الذي يقوم به صاحبه على جسده لمرات متتالية، بل وصل الأمر إلى سقوط بعض الأحصنة ركضًا على الأرض من شدة الألم . ورصد "مصراوي" بكاء بعض الأحصنة التي شاركت، ولم تشفع دموعها عند أصحابها، للتوقف عن حملة التعذيب التي بدأها المشاركون تحت مسمى سباق شم النسيم. نزيف الدماء مع شدة الضرب المتواصل لبعض المتسابقين المشاركين بأحصنتهم، نزفت بعض الأحصنة دمًا من جسدها ومن قدمها إلا أن النزيف لم يوقف صاحب الحصان عن المشاركة، بل واصل ضرباته المتتالية على جسد الحصان من أجل جرّ العربة، لينتهي الأمر بالحصان للسقوط في حالة لاوعي، ما دعا البعض للتدخل وإنقاذ الحصان من يد صاحبه الذي بدا وكأنه يتوعد حصانه النازف، وتسبب في خسارته وعدم استكماله للسباق. الرفق بالحيوان قال الدكتور إيهاب عباس، صاحب مستشفى بيطري بمدينة المنصورة، وأحد المعنيين بمجال الرفق بالحيوان في الدقهلية، أن ما حدث اليوم يُعد مهزلة ضمن المهازل التي تحدث في الآونة الأخيرة من تعذيب للحيوانات والتنكيل بهم. وأضاف "عباس" أن الفترة الأخيرة شهدت قيام بعض الأشخاص بتنظيم حلبات مصارعة للكلاب بنظام المراهنات عن طريق إدخال كلاب على بعضها البعض، ويتم الإعلان عن الكلب الفائز في حال وفاة الآخر. وأشار الطبيب البيطري، إلى أن تلك المراهنات أصبحت تتم في بعض القرى، ونسعى للتقدّم بمقترح قانون لمجلس النوّاب بشأن إقرار بعض مواد الرفق بالحيوان. وأوضح أن ماحدث اليوم من تنظيم سباق للعربجية والاستعانة بالأصحنة والتعدي عليها بالضرب من أجل جرّها واكتشاف مدى قوتها يُعد تعدٍ صارخ على حق الحيوان، وسيجري مناقشة الأمر والعمل على عدم تكراره مرة أخرى. الحي.. آخر من يعلم من ناحيته نفى مصدر بحي غرب المنصورة، معرفته بالسباق الذي يجري، مشيرًا إلى أن قطعة الأرض ليست من أملاك الحي، ولم يحصل القائمين على تلك المسابقة على أي موافقات بشأن إقامتها. وأضاف المصدر، الذي رفض نشر اسه، في تصريحات خاصة ل"مصراوي" أن المعروف أن العربجية يتجمعون كل عام في تلك القطعة، لركن عرباتهم الذين يأتون بها من كل ناحية، ويفترشون الحدائق العامة بطول شارع الجيش، لكن عن إقامتهم مسابقة غريبة كهذه فليس لدينا علم بذلك.