رأت عيناها ضوء الشمس على أرض قرية العقال البحرى بمركز البدارى في أسيوط، كبُرت الطفلة وأينع بداخلها عشق الفن ليفصح عن نفسه فى المرحلة الإعدادية ويُدخلها حياة عاشت حلو بريقها، وذاقت مر رفضها من مجتمعها الذي غلبه صوت الرصاص وأزكمت أنوف قاطنيه رائحة الدم، ولكنها قاومت بضراوة حتى أوجدت لنفسها مكانا. إنها مروة محمود على ابنة ال21 عامًا، أول فنانة تشكيلية ببيت ثقافة البدارى... "ولاد البلد" التقتها لتسمع رحلتها عن قرب في الحوار التالى. لكل فنان جرس إنذار يدق بداخله لينبهه بموهبته، فمتى دق جرس موهبتك؟ بدأت موهبتى بالرسم ثم ابتكار وتطوير للذات في الفن التشكيلى، وبدأت أشعر بموهبتى في المرحلة الإعدادية، فكنت أرسم وأصمم أزياء، ولمست معلمة الرسم موهبتى وشجعتنى بقوة وأدين لها بعظيم الفضل فيما وصلت إليه، وأشركتنى فى مسابقات للرسم وحصلت على المركز الأول على مستوى المحافظة. وماذا كانت الخطوة التالية بعد اكتشافك لموهبتك؟ أَملى علىّ مجتمعى الريفى توجهاته، وكان التوجيه للعلم والدراسة، فهو مجتمع لا يشجع المرأة على أي شيئ وقاهر للمواهب، وبسبب نظرة مجتمعى لم التحق بكلية الزراعة لأنهم يرونها غير مناسبة للبنات والتحقت بالمركز الدولى للغات والإدارة وعلوم الحاسب الآلى. ومنذ متى التحقتى ببيت ثقافة البدارى؟ فى شهر سبتمبر الماضى، ووجدت كل الترحاب من مدير البيت ولمست مدى إيمانه بموهبتى فدعمنى وساندنى بشدة. وكيف بدأت رحلتك فيه؟ رشحنى مدير بيت الثقافة لأكون مساعد مدرب فى ورشة الحفر على النحاس. وهل سبق لك خوض أعمال تدريبية ؟ هذه أول مرة أعرض أعمالى، وأول مرة أتولى هذه المهمة، وخصص مدير البيت ركنا باسمى لعرض أعمالى الفنية. وكم عمل شاركتى بالتدريب فيه؟ بدأت مساعد مدرب فى ورشة الحفر على النحاس ومدربا فى ورشة ذوى الاحتياجات الخاصة، وأجهز حاليا لورشة الزجاج. في مجتمع رافض لموهبتك.. ما الذى عانته مروة أثناء رحلة إخراج فنها للنور؟ واجهتنى العديد من الصعوبات أولها أننا نحيا فى مجتمع ذكورى لا يعترف بحقوق المرأة، فوجدت رفضا وعدم اعتراف بفنى والنظر إليه على أنه شيئ لا قيمة له، ولكنى قاومت وسأظل أقاوم وسلاحى هو إيمانى بموهبتى. وماذا عن نظرة المرأة لفنك؟ أفضل من نظرة الرجل الرافض رفضا تاما، فهناك البعض من الفتيات الواعيات مدركات لفنى، وهناك من تأثرت بنظرة الرجل للفن. وماذا عن حلم مروة الأكبر؟ سأحارب لأكون فنانة كبيرة ليس لأجلى ولكن لإنقاذ المواهب الدفينة سجينة الفكر الرافض لها في مجتمعاتنا الصعيدية وخاصة مسقط رأسي البدارى. ومن كان المحارب الذى حمى مروة بدرع دعمه لها؟ أمى حماها الله كانت الداعم وساندتنى ومازالت تساندنى بقوة، وأهلى بحق هم نعمة كبيرة أحمد الله عليها وأشكر دعمهم لى. وماذا عن مثلك الأعلى فى الفن؟ ليس هناك فنان محدد، ولكن بداخلى فنان له حياة خاصة ورؤية خاصة أسير وفقا لتطلعاته وتتحرك أناملى وفقا لإحساسى به. وما هى مخططاتك القادمة؟ أتمنى عمل معرض على مستوى المحافظة يضم جميع أعمالى. ولمن تتوجهى برسائلك الخاصة؟ رسالتى الأولى لمجتمعى وأقول لهم "افرجوا عن البنت" وأتمنى أن تقرأوا وأن تمنحوا الفتاة حقوقها المهضومة، ورسالتى الثانية لكل فتاة بدراوية بأن تتحدى كل الصعوبات لتحقيق أحلامها " طول ما بتعملى حاجة صح متخافيش".