أسيوط - فاتن الخطيب: ما بين ذرات تراب ممزوجة بالدماء، وفكر رافض للفن بشتى صوره، استطاعت ثقافة البداري أن تشق طريقها، وتحول مسار الرصاصات الطائشة لتغمدها في قلب التقاليد البالية، ليشهد مركز الدم والنار "مركز البدارى" إقامة أنشطة ثقافية متنوعة في الآونة الأخيرة، لإعادة تشكيل الوعي العام بالمركز.. "ولاد البلد" ترصد هذه الأنشطة والفعاليات ودورها في تثقيف وتشكيل الوعي لدى مواطنو البداري. نجاحات وطموحات يقول صبرة سالم، رئيس نادى أدب البدارى، إن ثقافة البدارى تمر بطفرة ثقافية فاقت كل الفترات السابقة، فقد شهد هذا العام مجموعة من الفعاليات فاقت ما تم منذ عشرين عاما سبق، وذلك لعدة أسباب أهمها وجود الأستاذ محمد شافع مديرا لثقافة البدارى، وما زاد ثقافة البدارى حظا كان تبنى الدكتورة فوزية أبو النجا رئيس الإقليم والأستاذ عبدالعال زهران مدير عام الثقافة بأسيوط لها. ويكمل صبرة: لقد تنوعت فعاليات الثقافة بين ندوات شعرية ومحاضرات دينية متنوعة وكذلك مجموعة من الورش الفنية، وكان من أهم النجاحات التى تحققت الوصول بالثقافة إلى القرى والنجوع المحرومة ثقافيا، وإن كنا نأمل فى تحقيق المزيد وطموحنا لا نهاية له. فن تشكيلى يضيف محمد شافع، مدير ثقافة البدارى، شهدت ثقافة البدارى خلال الآونة الأخيرة إقامة ورش فنية مختلفة وعلى رأسها ورشة الحفر على النحاس وورش الحفر على الألومنيوم، وكذلك تكوين أول فريق فن تشكيلي لثقافة البدارى على يد الفنان الكبير الفنان شعبان خلف، ومن بين الأنشطة المؤثرة أيضا الجولات المدرسية لنادى الأدب واكتشاف المواهب والقدرات الأدبية وتبنيها، وترجع فكرة هذه الجولات إلى الشاعرين الكبيرين ماهر مهران وصبره سالم وكنت شريكا لهما فى تلك الفكرة. مجتمع ذكورى يشير شافع قائلا: لقد صادفتنا فى رحلتنا بعض من المعوقات أهمها العنصر البشرى، فنحن نركز على المرأة في المجتمع البدرواى لأنها ركيزة الحياة وانطلاقها، لكن المرأة مكبلة بقيود المجتمع الذكوري الذى يلغى كيان المرأة ويلغى حقها كمبدعة خلاقة قادرة على العطاء، وأحلامى أن أستعيد للبدارى وجهها الحضارى البراق وأن أضعها على مسار الطريق الصحيح وأن أزرع في كل بيت مبدع ومبدعة، فمبدع واحد ومبدعة واحدة قادرون على تغير خارطة البدارى وجعلها أكثر إشراقا وتفاؤلا، مضيفا أن الثقافة وحدها لا تستطيع أن تغير تغييرا جذريا، إنما يجب تضافر مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحكومية والدولية وجهود الأفراد الخلاقة من أجل إحداث تغير كبير فى هذا المجتمع. عادات قاتلة يوضح شعبان خلف، فنان تشكيلى، أن أهم المعوقات التى تقابلهم فى أنشطتنا الفنية العادات السيئة فى البدارى وأولها عدم قدرة الفتاة على ممارسة مواهبها المختلفة فى الفن بشتى أنواعه، ونظرة بعض الناس لمثل هذه المواهب على إنها تضيع الوقت وليس لها فائدة، إضافة إلى انتشار الدروس الخصوصية وبقاء الطلاب طوال اليوم فى المدرسة وباقى اليوم فى الدروس وعدم ترك مساحة للممارسة المواهب التى تنمى نشاط الطلاب، متمنيا تغير النظرة السيئة لهذه المواهب لأن لها قيمة كبيرة للإنسان وقد تكون مصدر رزق أساسى له، إضافة إلى تنشيط العقل لاستقبال أى معلومات بالإضافة إلى أنها تمنع الإصابة ببعض الأمراض مثل الاكتئاب والانطواء وتساهم فى البعد عن العنف. ويرى خلف أن تجربة ثقافة البدارى فى الفترة الأخيرة تجربة ناجحة وذلك بفضل الله أولا ثم الأستاذ محمد شافع الذى يشجع الطلاب بقوة و يعمل على توفير الخامات وتنويع الأشغال الفنية لكى يكون لدى الطلاب الفائدة الكبيرة والمتنوعة بأنواع شتى من الفن، مطالبا من الجهات الداعمة العمل على جذب الطلاب بتقديم جوائز سواء كانت شهادات تقدير أو مبالغ نقدية، وأن يُخصص أن قصر ثقافة أسيوط مبلغا ماليا لكل ورشة يكون خاصا بالجوائز للمتدربين لتشجعيهم على الاستمرار، وكذلك توعية الناس عن طريق الندوات والاجتماعات لدور الثقافة وأهميتها.