ناقش مجلس الشورى في جلسته اليوم الإثنين تقريرا أعدته لجنة الشئون المالية والاقتصادية عن الصناديق والحسابات الخاصة بحضور وزير المالية الدكتور ممتاز السعيد وممثلون للبنك المركزي والجهاز المركزي للمحاسبات. وعرض الدكتور محمد عبدالمجيد الفقي رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية التقرير الذي أشار إلى أن إجمالي عدد الصناديق والحسابات الخاصة التي لم تنقل أرصدتها إلى حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي بالمخالفة للقانون الذي صدر عام 2006 بلغ 300 صندوق وحساب وهي لاتزال بالبنوك التجارية وبلغت أرصدتها 8ر8 مليار جنيه لم يستطع الجهاز المركزي للمحاسبات الوقوف على حركتها إيداعا وسحبا. وأوضح التقرير أن الحسابات والصناديق الخاصة تتبع الوحدات الإدارية المختلفة الواقعة في نطاق الموازنة العامة ولكل منها مواردها الخاصة التي تحجب عن الموارد العامة وتستخدمها في تأدية خدمات عامة أو في عمل مشروعات تخدم الغرض الأساسي للوحدة الإدارية المنشأة بها. وأضاف التقرير أن كل ما يدفعه المواطن داخل أي مؤسسة أو هيئة حكومية ولا تأخذ به الإيصال الأحمر، والذي لا يدخل حساب الموازنة العامة، بل حسابات هذه الصناديق مثل التمغات المدفوعة للحصول على بطاقة الرقم القومي وتراخيص البناء وترخيص السيارات والمحال التجارية وغيرها. وذكر التقرير أن هذه الحسابات يفرض القائمون عليها رسوما على طالب الخدمة، التي توفرها الدولة أساس، كالتعليم والصحة وغيرهما من الخدمات وتستأثر هذه الحسابات بهذه الموارد دون الخزانة العامة بالرغم مما توفره الدولة من أصول ثابتة وتجهيزات متمثلة في المباني الإدارية والآلات وغيرها لممارسة تلك الأنشطة، وبذلك أصبحت هذه الحسابات والصناديق كيانا داخل الدولة تدار من خلال مجالس إدارتها ولا تستفيد الدولة منها أي شىء، كما أن وجودها أدى إلى فروق كبيرة في دخول ورواتب العاملين عليها بالقياس بنظرائهم وزملائهم ممن لا يعملون بها. وأوضح أنه يتم صرف جانب من أموال الصناديق كقروض وسلف وإعانات لبعض الجهات والعاملين والاتفاق على الضيافة وشراء أغدية ونشر إعلانات التعازي والتهاني المظهرية وتوصيل الخدمات لبعض كبار المسئولين وإجراء صيانة لمنازلهم واستئجار مباني دون استغلالها، وإخفاء الموقف المالي الحقيقي لها، بالإضافة إلى ضعف الرقابة المالية عليها قبل الصرف وبعده، مما أوجد الكثير من المخالفات التي أدت إلى إهدار هذه الموارد. وأوصى التقرير بضرورة القضاء على الفساد الذي شاب عمل هذه الصناديق وبضرورة خضوعها لرقابة وزارة المالية قبل الصرف وعدم فتح حسابات باسمها خارج البنك المركزي إلا بموافقة وزير المالية، وإلزام الجهات التي فتحت حسابات البنوك التجارية بالرجوع للبنك المركزي، وعدم حصول ممثلي وزارة المالية الذين يراقبون صرف أموال الصناديق على أية مكافأت وحظر إنشاء صناديق أو فتح حسابات، خاصة تقوم على استغلال أموال الدولة وثرواتها الطبيعية. كما أوصى بضرورة تشكيل لجان فحص من الجهاز المركزى للمحاسبات مع مندوبي وزارة المالية لمراجعة ما يخص كل صندوق وإلغاء أي مادة قانونية تعطي صلاحية إصدار قرارات إنشاء صناديق خاصة وحسابات خاصة، وحصر الصناديق التي تخص مؤسسة الرئاسة، وفحص حساباتها، وإصدار تشريع يجرم عدم الإفصاح عن الحسابات الخاصة، وإيقاف أنشطة الصرف مع جميع الحسابات التي ليس لها لائحة تنظم نشاطها المالي، وتشديد رقابة وزارة المالية قبل الصرف ورقابة الجهاز المركزي للمحاسبات بعد الصرف على أموال هذه الصناديق إيرادات ومصروفات. كان النائب محمد الفقي رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى استهل عرض التقرير بالإشارة إلى أن هناك أرقاما مختلفة تقدمها وزارة المالية عما تم حصره في الجهاز المركزي للمحاسبات، خاصة أن المسئول الأول عن الحصر هو وزارة المالية، في الوقت الذي يزيد فيه العجز بالموازنة عن 180 مليار جنيه، متسائلا كيف سنسد العجز الذي ينحصر في الاستدانة؟. وأضاف أن بعض وسائل الإعلام تروج إلى أن أعضاء مجلس الشعب يريدون الاستيلاء على الصناديق الخاصة بالزمالة في المؤسسات الحكومية .. نافيا أي علاقة بالمجلسين بهذه القضية .. مؤكدا أنه لا مساس بصناديق الزمالة الخاصة بالموظفين، كما نفى نية المساس بتصفية الموظفين من الدولة وتقليص عددهم. وقال إن وزارة المالية قامت ببعض المحاولات لحل أزمة الصناديق ولكنها لم تنته .. مؤكدا أن حل القضية يحتاج إلى إرادة سياسية وبعض التشريعات والقرارات التي تصدر بقرار فاعل من الحكومة وليس بصفة بيروقراطية وكأنه "لم تقم ثورة مات فيها شهداء". ولفت إلى أن أحد الوزراء السابقين أكد أن ما تحتويه الصناديق يزيد عن تريليون و300 مليار جنيه، وأن هذا رقم خاطىء مبنى على تقارير خاطئة .. مطالبا بتقديم المستندات التي تثبت أنه تم تجميد أموال الصناديق الخاصة ومراقبتها في البنك المركزي. وقال النائب محمد الفقي رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى إن الجهاز المركزي للمحاسبات أكد أنه تم صرف مبالغ كثيرة من الصناديق على نفقات الضيافة لبعض الجهات وشراء أغذية للوفود ونشر إعلانات وتعازي لبعض الجهات للمجاملة وتوصيل خدمات المياه لمساكن بعض المسئولين .. موضحا أن هناك مخالفات رهيبة، منها إخفاء بعض الصناديق والحسابات الخاصة برفع صفة الصناديق أو بعض الحيل، وتجميد بعض أموال هذه الصناديق في صورة ودائع لا تظهر، وإنشاء بعض الحسابات الفرعية من الحسابات الأصلية لإخفاء جزء كبير من هذه الحسابات، وإحالة أرصدة بعض الصناديق إلى حساب الدائنين الافتراضي لحساب وزارة المالية مع التعامل مع هذه الحسابات، حيث كان يستخدم بعض أموال الصناديق في دفع أجور ومجاملات لكبار الموظفين والمستشارين. وأشار إلى أنه كان يعرف مستشارا كان أصله غفيرا وكان يأخذ مكافأة شاملة 5 آلاف جنيه، إلا أنه كان يتقاضى أضعافها عن طريق "الصرف الأمريكاني" عن طريق خروج استمارة يوقع عليها الموظف ولا يقبضها. وأضاف أن الدكتور حازم الببلاوي ذكر أنه حضر اجتماعا في وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية وجلسة أخرى وزارة في البترول وقدم له عند انصرافه مظروف به 7 آلاف جنيه في اجتماع وزارة التأمينات وآخر به 5 آلاف جنيه من وزارة البترول، وأنه رفض تلقي هذه الأموال. وأوضح أن الحل في توفر إرادة سياسية، خاصة وان وزير المالية حينما أصدر منشورا للسيطرة على الصناديق "هاج" المحافظون بدعوى أن الصناديق تحقق نوعا من السيولة. وطالب الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية بإلغاء الصناديق والحسابات الخاصة وضمها إلى الموازنة العامة للدولة، وأن تكون هناك موازنة واحدة للدولة لتصرف من القنوات الشرعية. ورفض السعيد خلال جلسة مجلس الشورى أمس تلميح النواب لوجود انحرافات في الوزارة، وقال "كنت حريصا على تفادي الصناديق وتقدمت بمشروع قانون لضمها للموازنة العامة، تطبيقا لمبدا الشمول، فلا يصح أن تكون هناك موازنتان للدولة لكن لم يلق مشروع القانون قبولا من مجلس الشعب وقتها. وأضاف أنه "يجب أن تنقل جميع أرصدة الصناديق الخاصة للبنك المركزي في الحساب الموحد، لكي تكون تحت نظر وزارة المالية للصرف منها تحت إشرافها، وتم ذلك خلال سنة ونصف السنة نقل أرصدة بلغت 35 مليار جنيه، وتم تحديد جميع أرصدة الحسابات الخاصة في البنك المركزي 37 مليارا ويتبقى حاليا 8ر8 مليار جنيه لدى جهات وبنوك تجارية نطالب بنقلها ل"المركزي" وفشلنا فى ذلك مما اضطرني إلى إصدار قرار بتجميد أرصدة هذه الحسابات فلا تتلقى إلا ايداعا فقط دون سحب". وأكد أن من يقول إن الحسابات بالمليارات عليه أن يقدم دليلا على ذلك، وأن مواردنا 97 مليارا، وتساءل السعيد هل "المركزي" على بينة ليقول ذلك، لأن الادعاء بوجود هذه المبالغ غير حقيقي ويسبب بلبلة في الشارع. وعلق محمد سيد أحمد رئيس قطاع بالجهاز المركزي للمحاسبات قائلا إن ماورد في تقرير الجهاز أنه من خلال ما أتيح له من بيانات بلغت جملة إعداد الصناديق 6361 حسابا خاصا أرصدتها في المركزى بالعملة المحلية والعالمية بلغ 47 مليار جنيه. وأضاف أن أهم ملاحظات الجهاز كانت عدم استصدار قرارات جمهورية لإنشاء صناديق خاصة بالمخالفة، وعدم إصدار حسابات لهذه الصناديق، وعدم تحصيل جانب من موارد ومستحقات بعض الصناديق، وبقاء أرصدة بعضها مجمد فترة طويلة، واستئجار بعض المباني دون استغلالها وأجهزة دون الاستفادة منها، وعدم إحكام الرقابة على عمليات الصرف والإيداع، وعدم سداد بعض الصناديق لحساباتها لجهات أخرى، وعدم وجود لوائح مالية للصناديق معتمدة من وزارة المالية. وتعرض وزير المالية لهجوم من بعض النواب بسبب دفاعه عن سياسات وزارة المالية منذ عام 2006، وحتى الآن، وقال أحد النواب إن سياسات الوزارة تمثل امتدادا لسياساتها قبل الثورة، وغضب الوزير .. قائلا بعد الهجوم على شخصه "إن دفاعه عن الوزارة هو دفاع عن جميع العاملين فيها". وتدخل رئيس المجلس الدكتور أحمد فهمي، والذى قال "إننا نحترم شخص الوزير لكن الانتقادات موجهة إلى سياسات الوزارة". ورفعت الجلسة للاستراحة على أن تعود للانعقاد لاستكمال مناقشة الموضوع.