(رويترز) - بذلت المستشفيات المكتظة في شمال غرب إيران جهودا مضنية لاستيعاب الاف المصابين يوم الأحد وأسرع رجال الانقاذ إلى القرى النائية بعد زلزالين أوديا بحياة ما يقرب من 300 شخص. وتكدس الاف الاشخاص في مخيمات مؤقتة أو قضوا الليل في الشوارع بعد زلزالي يوم السبت خشية وقوع مزيد من الهزات الارتدادية التي وصل عددها حتى الان إلى 60 هزة. وقال شاهد عيان لرويترز انهم باتوا ليلتهم عرضة لبرد الليل مع نقص الخيام وغيرها من الامدادات. وقال مصور محلي يدعى طاهر ساداتي هاتفيا "رأيت بعض الناس الذين دمرت منازلهم تماما ونفقت مواشيهم. الناس في حاجة إلى المساعدة. يحتاجون إلى ملابس تدفئهم ومزيد من الخيام والاغطية والخبز." وذكرت وسائل إعلام إيرانية ان أشد الاضرار ومعظم الخسائر البشرية وقعت على ما يبدو في القرى الريفية حول بلدات آهار وفرزاغان وهريس قرب مدينة تبريز الكبيرة. وقال أحمد (41 عاما) المقيم في تبريز لرويترز ان ابن عمه الذي يعيش في قرية قرة آهار قتل وعثر بالفعل على جثته. وأضاف "لا أحد يعرف ما الذي حدث لزوجته وابنتيه (اربع وسبع سنوات) نخشى اذا لم تتمكن فرق الانقاذ من الوصول اليهن سريعا ان يفقدن حياتهن ايضا إن كن لا يزلن على قيد الحياة." لكن تلفزيون (برس تي في) الإيراني الناطق باللغة الانجليزية أفاد نقلا عن مسؤولين إيرانيين بأن عمليات الانقاذ انتهت بحلول بعد ظهر يوم الأحد وانه تم اخراج جميع الاشخاص الذين كانوا محاصرين تحت الانقاض. ويصعب الوصول إلى الكثير من القرى برا الأمر الذي يعرقل جهود الانقاذ. وقال سكان ووسائل إعلام إيرانية إن المستشفيات في تبريز واردبيل والمدن الاخرى القريبة استقبلت كثيرا من المصابين وان هناك صفوفا طويلة من الناجين الذين ينتظرون العلاج. وقال أحمد "اردت الذهاب إلى هناك الليلة الماضية للمساعدة ولكن سمعت ان حركة المرور سيئة وان الاوضاع ليست آمنة بدرجة كافية. الناس في تلك القرى يحتاجون إلى المساعدة." ونقلت وكالة انباء مهر شبه الرسمية عن عباس فلاحي عضو البرلمان عن آهار وهريس قوله ان الناس في بعض القرى ما زالوا "في أمس الحاجة للطعام ومياه الشرب." وأضاف "رغم وعود المسؤولين لم توزع إلا مساعدات اولية بسيطة في المنطقة ومعظم الناس تركوا بلا خيام. اذا استمر الوضع على ما هو عليه فسيرتفع عدد الضحايا." وقال مواطن من تبريز اسمه ايدين انه ذهب إلى مستشفى محلي يوم السبت للتبرع بالدم ورأى العاملين في المستشفى بسعون جهدهم لاستيعات تدفق المرضى. وأضاف ان معظم المرضى والمصابين نقلتهم عائلاتهم إلى هناك مما يشير إلى وجود نقص في سيارات الاسعاف. وقال طالب جامعي من بلدة آهار ان مستشفى البلدة الذي يضم 120 سريرا ممتليء إلى اخره. وأضاف هاتفبا ان هناك زحاما مروريا على الطريق الضيق الذي يربط بين آهار وتبريز حيث يحاول المصابون الوصول إلى المستشفيات. وتابع "الناس مذعورون ويمتنعون عن العودة إلى منازلهم لانهم يخشون ان تكون الابنية غير آمنة." وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن الزلزال الأول بلغت قوته 6.4 درجة ووقع على بعد 60 كيلومترا شمال شرقي مدينة تبريز وهي مركز تجاري وبعيدة عن مناطق انتاج النفط في إيران والمنشآت النووية المعروفة. وأضافت الهيئة أن الزلزال الثاني الذي بلغت قوته 6.3 درجة وقع بعد 11 دقيقة من الزلزال الاول بالقرب من فرزاغان على بعد 49 كيلومترا شمال شرقي تبريز. وقال أحمد رضا شجيعي المسؤول بالهلال الأمر لوكالة انباء الطلبة الإيرانية ان اكثر من 1000 قرية في المنطقة تضررت من الزلزالين. وأضاف ان الاضرار بلغت أكثر من 70 في المئة في نحو 130 قرية وان 20 قرية دمرت بالكامل. وقال المصور ساداتي الذي كان يوثق الاوضاع بعد الزلزالين "رأينا بعض القرى وقد أتى عليها الدمار. الشيء الجيد هو ان الزلزال وقع نهارا ولم يكن كثير من الناس في منازلهم. لو وقع ليلا لكان عدد الضحايا اكبر كثيرا." وذكرت وكالة فارس للانباء نقلا عن حاكم آهار رضا صديقي ان من المعتقد ان قرابة 300 شخص قتلوا. ونقلت وكالة انباء الطلبة عن رئيس هيئة الطوارئ الوطنية غلام رضا معصومي قوله ان من المعتقد ان عدد المصابين بلغ خمسة الاف شخص. وأضاف شجيعي انه تم نشر ما يقرب من 100 سيارة اسعاف و1100 من عمال الهلال الاحمر كما وزعت 44 الف عبوة طعام و5600 خيمة. ولدى الهلال الأحمر ما يكفي من الامدادات وتتوفر المياه النقية لمعظم السكان لكن شجيعي طلب من المواطنين التبرع بالمال لجهود الاغاثة. وذكرت وكالة انباء الطلبة ان المسؤولين في طهران قدموا التعازي لاسر الضحايا وأعلنوا الحداد لمدة يومين في الاقليم. ونقلت الوكالة عن معصومي قوله انه تم توفير المأوى لزهاء 36 ألف شخص في المنطقة المنكوبة. وقال عضو البرلمان محمد حسن نيجاد ان عدد الوفيات قد يرتفع سريعا اذا لم يتم الاسراع بجهود الاغاثة. وأضاف لوكالة انباء الطلبة "لم تصل جماعات الاغاثة إلى كثير من القرى لأن الوصول إلى بعض هذه القرى يستغرق عدة ساعات في الظروف العادية." وتابع "الطرق مغلقة حاليا والسبيل الوحيد للوصول إلى هذه القرى عن طريق الجو." وأظهرت صور نشرت على مواقع اخبارية ايرانية على الانترنت العديد من الجثث المسجاة على الأرض في مشرحة ببلدة آهار ومسعفين يحيط بهم سكان قلقون وهم يعالجون الجرحى في العراء مع غروب الشمس. وأظهرت صور اخرى رجال انقاذ يقومون باخراج اشخاص من تحت الانقاض بعضهم احياء وكثيرون قتلى. وقالت امرأة في طهران تدعى نرجس (28 عاما) انها رأت عشرات الاشخاص في مستشفى ينتظرون دورهم للتبرع بالدم. وتقع إيران على خطوط صدع زلزالية وتعرضت لعدة زلازل مدمرة في السنوات الاخيرة من بينها زلزال بلغت قوته 6.6 درجة في عام 2003 سوى مدينة بم التاريخية بجنوب شرق البلاد بالارض وأدى إلى قتل نحو 31 ألف شخص. ووقع زلزالا السبت في اقليم اذربيجان الشرقية وهو منطقة جبلية تجاور اذربيجان وارمينيا إلى الشمال. والمباني في تبريز عاصمة الاقليم مشيدة بشكل جيد وقالت وكالة أنباء الطلبة انه لم ترد أنباء عن سقوط قتلى أو جرحى من سكان المدينة ذاتها. لكن المنازل والمتاجر في القرى الايرانية تبنى غالبا من الأحجار أو الطوب اللبن الذي يمكن أن ينهار في زلزال قوي. وذكر تلفزيون (برس تي) ان خطوط المياه والكهرباء والهاتف في منطقة فرزاغان تعطلت مما يزيد من صعوبة جهود الانقاذ. وقال مقيمون في تبريز ان سكان المدينة تركوا منازلهم واحتشدوا في الشوارع عقب الزلزالين. واضاف احدهم في اتصال هاتفي "الجميع كانوا مذعورين الليلة الماضية. نصبوا خياما وناموا في الشوارع والمتنزهات." (إعداد حسن عمار للنشرة العربية-تحرير عمر خليل)