ارتفاع حصيلة ضحايا حريق هونج كونج إلى 44 قتيلا واعتقال 3 مشتبه بهم    الأرجنتين ترشح رافائيل جروسى لمنصب الأمين العام العاشر للأمم المتحدة    ترامب: هجوم واشنطن عمل إرهابي والمهاجم أفغاني دخل البلاد في عهد بايدن    محمد ياسين يكتب: يا وزير التربية    السيطرة على حريق شب في مقلب قمامة بالوايلي    حبس سائق ميكروباص سرق 450 جنيهًا من راكبة بدائري السلام    د. إيناس جلال تكتب: «الظاهرة»    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    فانس يوضح الاستنتاجات الأمريكية من العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا    محافظ كفر الشيخ: مسار العائلة المقدسة يعكس عظمة التاريخ المصري وكنيسة العذراء تحتوي على مقتنيات نادرة    مقترح إسرائيلي مهين للإفراج عن مقاتلي حماس المحاصرين في أنفاق رفح    وسائل إعلام: منفذ الهجوم في واشنطن مواطن أفغاني    حجز سائق اغتصب سيدة داخل سيارة ميكروباص أعلى دائري السلام    تفاؤل وكلمات مثيرة عن الطموح، آخر فيديو للإعلامية هبة الزياد قبل رحيلها المفاجئ    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    رسميًا خلال أيام.... صرف معاشات شهر ديسمبر 2025    المصل واللقاح: فيروس الإنفلونزا هذا العام من بين الأسوأ    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    مشاركة تاريخية قادها السيسي| «النواب 2025».. المصريون يختارون «الديمقراطية»    اليوم، قطع الكهرباء عن عدة مناطق في 3 محافظات لمدة 5 ساعات    اجواء خريفية.....حاله الطقس المتوقعه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    الحماية من الإنفلونزا الموسمية وطرق الوقاية الفعّالة مع انتشار الفيروس    حملات مكثفة لرفع المخلفات بالشوارع والتفتيش على تراخيص محال العلافة بالقصير والغردقة    إعلام أمريكي: مطلق النار على جنديي الحرس الوطني مواطن أفغاني    دفاع البلوجر أم مكة: تم الإفراج عنها وهي في طريقها لبيتها وأسرتها    برنامج ورش فنية وحرفية لشباب سيناء في الأسبوع الثقافي بالعريش    مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    هل هناك جزء ثاني من مسلسل "كارثة طبيعية"؟.. مخرج العمل يجيب    عادل حقي: "بابا" أغنية عالمية تحولت إلى فولكلور.. والهضبة طلب مني المزمار والربابة    وفاء حامد: ديسمبر حافل بالنجاحات لمواليد السرطان رغم الضغوط والمسؤوليات    أتالانتا يضرب بقوة بثلاثية في شباك فرانكفورت    ارتفاع البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق    الرئيس السيسي: يجب إتمام انتخابات مجلس النواب بما يتماشى مع رغبة الشعب    مدير الFBI: حادث استهداف الحرس الوطني تهديد للأمن القومي وترامب على اطلاع كامل بالتفاصيل    4 أرقام كارثية تطارد ليفربول في ليلة السقوط المدوي بدوري الأبطال    فيتينيا يقود باريس سان جيرمان لمهرجان أهداف أمام توتنهام    ماذا قدمت منظومة التأمين الصحي الشامل خلال 6 سنوات؟    جيش الاحتلال يتجه لفرض قيود صارمة على استخدام الهواتف المحمولة لكبار الضباط    وكيل زراعة الغربية يتابع منظومة صرف الأسمدة ويؤكد: دعم المزارعين أولوية    أتلتيكو مدريد يقتنص فوزا قاتلا أمام إنتر ميلان في دوري الأبطال    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    ريال مدريد يكتسح أولمبياكوس برباعية في دوري أبطال أوروبا    آرسنال يحسم قمة دوري الأبطال بثلاثية أمام بايرن ميونخ    عبد الله جمال: أحمد عادل عبد المنعم بيشجعنى وبينصحنى.. والشناوى الأفضل    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    إعلان نتائج "المعرض المحلي للعلوم والهندسة ISEF Fayoum 2026"    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق- حلم العودة يراود الموسيقيين العراقيين
نشر في مصراوي يوم 12 - 07 - 2012

(رويترز) - كان عدد الحفلات الموسيقية في أمسية واحدة يصل إلى 15 حفلا لدرجة أن الاختيار بينها كان قرارا صعبا وكانت الحياة تدب في أوصال العاصمة العراقية بغداد مع دقات الطبول ونغمات أوتار العود.
لكن هذا كان زمنا بعيدا انقضى.
فقد فر كثير من أمهر العازفين من العراق خلال حكم الرئيس الراحل صدام حسين خوفا من التعرض للاضطهاد بسبب آرائهم السياسية ولقلة الموارد المالية إذا هم رفضوا استخدام فنهم في تمجيد القائد.
وخرج آخرون من البلاد بعد الغزو الامريكي عام 2003 هربا من العنف الذي اجتاح العراق وأدى إلى توقف الحفلات الموسيقية وبعد أن تلقى بعضهم تهديدات من الذراع العراقية لتنظيم القاعدة.
أما الان فقد بدأ بعض العازفين يخططون بتؤدة للعودة أملا في إحياء التراث الموسيقي العراقي الثري على أرض العراق.
وقال عازف العود العراقي المعروف نصير شمة على هامش حفل في بغداد هو الثاني له في بلاده منذ ما يقرب من 20 عاما قضاها في المنفى "لا يبدو هذا غريبا الان. يتصلون بي ويبعثون إلي برسائل يسألونني عما شاهدته.
"وأنا أقول نعم هذا وقت العمل لمساعدة الشعب العراقي. طبعا من واجب كل عازف عراقي أن يكون هنا."
بدأ شمة (49 عاما) العزف على العود وهو في سن الحادية عشرة وهرب من العراق عام 1993 إلى تونس بعد أن تحدث علانية عن انتهاكات حقوق الانسان وغياب الديمقراطية في ظل حكم صدام وانتهى به الأمر في السجن. أما الان فإن شمة يعيش في القاهرة.
وأوضحت اجراءات الامن التي اتخذت في حفل شمة بأحد الفنادق الفاخرة في المنطقة الخضراء المحصنة بالعاصمة العراقية أن طريق النهوض بالموسيقى في العراق مازال طويلا.
واضطر جمهور من المسؤولين في الحكومة العراقية والموسيقيين والصحفيين تأنقوا جميعا لهذا الحفل للمرور عبر عدة نقاط تفتيش حتى يتمكنوا من الوصول للقاعة التي أقيم فيها الحفل بل وتحملوا تفتيشا بالكلاب المدربة.
واصطف حراس مسلحون حول القاعة عندما خفتت أضواؤها وكان بعضهم يدق الارض بقدميه سرا على وقع الموسيقى.
وقاد شمة بعوده الفرقة الموسيقية التي ضمت عازفين للكمان والاكورديون والفلوت والات نحاسية والطبول في أغنية رومانسية هادئة. ومع تزايد سرعة الايقاع في مقطوعات أطول وأكثر مرحا اعتمدت على ايقاع الطبول انطلق تصفيق كثير من الجالسين في القاعة الذين بلغ عددهم 300 شخص مع النغمات.
وقال شمة إن حفلات مثل حفله الذي استمر ساعتين ونظمه اتحاد الصحفيين العراقيين تعيد الروح للحفلات الموسيقية في البلاد رغم أن الترتيبات ليست مثالية.
وفي وقت سابق من العام الجاري عزف شمة في حفل مماثل خلال اجتماع للقادة العرب.
وأضاف شمة "لكني أحب العزف في مناطق شعبية ليس مثلما هو الحال هنا في وجود الكثير من اجراءات الامن في الخارج. أريد أن يأتي أصدقائي والشباب. وأفضل قاعات الحفلات الأصغر حجما لانها تقرب المسافة (بين الفنان والجمهور) وتكون المشاعر أعمق."
ويأمل أن يعود في حفل مماثل في العراق خلال شهر رمضان كما أنه يخطط لافتتاح مدرسة للعود بنهاية العام الجاري بمنزل قديم في بغداد.
أما الفنان العراقي عازف الساكسفون حميد البدري وكان ضمن الفرقة الموسيقية فيرى أن مجرد إقامة الحفل في فندق فاخر شيء يدعو للارتياح.
يقول البدري الذي كان يرتدي ملابس سوداء بالكامل "غادرت العراق قبل عشر سنوات لان القاعدة حاولت أن تقتلني لانني فنان. الموسيقى بالنسبة لهم حرام."
ويضيف "الان اختلف العراق وهذا شيء جميل. هذه أول مرة أعزف فيها هنا منذ سافرت."
وبعد عدة ليال غنت المغنية الثورية التونسية آمال المثلوثي في ناد اجتماعي بالعاصمة أمام جمهور من الدبلوماسيين والمسؤولين العراقيين والمدرسين في حفل نظمه المعهد الفرنسي.
وقال طارق صفاء الدين رئيس نادي العلوية إن هذا الحفل كان من أكبر الحفلات من نوعه في النادي خلال السنوات العشر الاخيرة.
وتقيم فرق صغيرة حفلات للموسيقى الشعبية العراقية كل أسبوع في حديقة النادي الذي تأسس عام 1924 .
وقال صفاء الدين "هذا هو ما يحدث في العامين الأخيرين أما قبل ذلك كان الوضع مثلما هو في العراق. لم يكن أحد يأتي للنادي."
وأضاف أن حفل المثلوثي هو بداية لعصر جديد في الحفلات الموسيقية الحية في بغداد.
وصاحب كمان حزين صوت المثلوثي القوي وهي تغني باللهجة التونسية بينما صاحبت الاضواء البراقة دقات الطبول والالات النحاسية بينما تمايل جمهور الحاضرين يمنة ويسرة على مقاعدهم وهم يهزون الرؤوس طربا.
وقبل اختتام الحفل بايقاعات تراثية على وقع رنين الصنج قفز عدد من الحاضرات إلى ممر في القاعة وانطلقن يؤدين رقصة كردية على تصفيق جمهور الحاضرين بينما كان عدد من الاطفال الصغار يتنقلون من مقعد لاخر.
وقالت عراقية تدعى صابرين قفزت إلى المسرح للتحدث مع المغنية عقب الحفل "كلمات الأغاني ضد الخوف وضد الدكتاتورية والدعوة للحرية والحياة الكريمة .. نحن نفتقد مثل هذه الأغاني في بغداد هنا."
وأضافت "يا عراقيون يا بغداديون نحن بحاجة لمثل هذه الموسيقى ذات الايقاع المتفائل."
ومازالت الحياة في العراق تحمل في طياتها الكثير من المخاطر رغم تراجع العنف الطائفي الذي قتل عشرات الالاف عامي 2006 و2007 .
وفي الشهر الماضي قتل 237 شخصا على الاقل وأصيب 603 في أعمال عنف أغلبها تفجيرات حسب احصاءات رويترز ليصبح يونيو حزيران من أكثر الشهور دموية في العراق منذ انسحاب القوات الامريكية في نهاية العام الماضي.
ولا يسع بعض الموسيقيين العراقيين الصغار من أمثال عازف البوق فراند نشأت ذي الثمانية عشر عاما سوى الحلم بالأجواء الموسيقية البوهيمية التي يصفها له أقرانه الأكبر سنا الذين عرفوا الحياة في بغداد القديمة.
يقول نشأت الذي كان يرتدي قميصا كتب عليه بيتهوفن حصل عليه في رحلة حديثة إلى ألمانيا مع أوركسترا الشباب العراقي "اعتدنا عليها لاننا لم نعزف بحرية. عندما عزفت في حفل للمرة الاولى كان الحفل مؤمنا جدا مع وجود الكثير من أفراد الامن. ولهذا يبدو ذلك عاديا لي."
ويضيف أنه مازال من الصعب التنقل بالالات الموسيقية في المدينة وخاصة عبر نقاط التفتيش.
"كثيرون يسألونني ما هذا. فهو يبدو مثل صندوق غريب. كان هذا صعبا في الايام السابقة أما الان فالوضع أكثر أمنا."
ويقول نشأت الذي يعزف أيضا مع عازفين كبار في الاوركسترا السيمفوني الوطني ويعزف موسيقى الجاز منفردا ومع مجموعات صغيرة من اصدقائه إن أغلب الحفلات تقام في فنادق وقاعات مؤمنة في بغداد أو في مدينة اربيل في اقليم كردستان العراق وإن هذا النشاط مزدهر.
واستطرد "ذات مرة أقمنا حفلا امتلآ عن آخره بالناس حتى أنهم اضطروا للوقوف على السلم."
ومع ذلك لم يكن لتراجع حدة العنف أثر حتى الان على نشاط فراك محمد حسين صانع العود ذي السبعين عاما والذي يقضي ما يصل إلى أربعة أشهر في صناعة العود الواحد يدويا.
يقول حسين الذي يعزف العود ويصنعه منذ 50 عاما "الان ابيع القليل جدا جدا جدا من العود. ربما واحد في الشهر." وقبل الغزو عام 2003 كان يبيع ثلاثة أو أربعة أعواد في الشهر.
ويضيف في ورشته الصغيرة التي تكتظ بالادوات وعشرات الصور لعازفين عراقيين "عندما جاء الامريكيون للعراق لم تعد هناك حفلات ولا غناء. الان لا يشتري العود سوى قلة من الطلبة والأساتذة."
أشار حسين إلى صورة قديمة له بالابيض والاسود من عام 1959 وهو يرتدي حلة سوداء ورابطة عنق ويحتضن عوده موضحا أنها تمثل له أوج أيام بغداد في الموسيقى.
ويروي حكايات عن زمن كان العازفون والمطربون يتجمهون فيه في ورشته السابقة الأكبر ويعزفون. وكانوا يشترون العود منه ومن أشقائه الثلاثة الذين يعملون بصناعة العود لكنهم هجروا العراق.
يقول حسين "العود حضارة عراقية. وبإذن الله سيعود الامان في المستقبل للعراق. فبوسع العراق الان أن يشم نسيم الحرية."
من سيلفيا وستول


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.