تعرف علي المواعيد المتبقية لانتخابات مجلس النواب 2025 بمراحلها المختلفة    صيدلة سيناء فرع القنطرة تحصل على الاعتماد من هيئة ضمان الجودة    عيار 21 يسجل 5565 جنيها .. تعرف علي سعر الذهب اليوم الخميس 27-11-2025    وزير بريطاني: يجب فتح جميع معابر قطاع غزة    شوط أول سلبي بين البنك الأهلي وبورفؤاد في كأس مصر    تشغيل محطة طاقة نووية الأبرز، السيسي يصدر قرارين جمهورين مهمين    وزير الثقافة يكلّف غادة جبارة قائمًا بأعمال رئيس أكاديمية الفنون    هيئة الرعاية الصحية توقع 7 مذكرات تفاهم لتعزيز الشراكات وتطوير الخدمات    دوري أبطال إفريقيا - الأهلي بالزي الأساسي أمام الجيش الملكي    مفتي الجمهورية ومدير مكتبة الإسكندرية يبحثان توسيع التعاون في التوثيق والتراث والبحث العلمي    مبادرة "جميلة يا بلدى" بالغردقة تناقش علاقة أخلاق المسلم بالبيئة والصحة    محافظ الأقصر يشهد انطلاق فعاليات أسبوع الخير أولى.. صور    «فاكسيرا» تضع خارطة طريق لمواجهة فصل الشتاء    انخفاض الحرارة غدا.. وأمطار على بعض المناطق والصغرى بالقاهرة 16 درجة    نتنياهو يعقد اجتماعا أمنيا طارئا لبحث التطورات على الساحة اللبنانية    مدبولي: دور الرئيس السيسي في وقف الحرب على غزة محل إشادة دولية واسعة    توزيع جوائز الفائزين بمسابقة أجمل صوت فى تلاوة القرآن الكريم بالوادى الجديد    الأزهر: التحرش بالأطفال جريمة منحطة حرمتها جميع الأديان والشرائع    إعلان نتائج بطولة الملاكمة بالدورة الرياضية للجامعات والمعاهد العليا دورة الشهيد الرفاعي "53"    رئيس المجلس الوطني للإعلام بالإمارات يزور عادل إمام.. والزعيم يغيب عن الصورة    عقدة ستالين: ذات ممزقة بين الماضى والحاضر!    توجيهات مزعومة للجنة الدراما تثير جدلا واسعا قبل موسم رمضان 2026    غلق وتشميع 4 معامل تحاليل ومركزين للجلدية في حملة مكبرة ببني سويف    مقتل سيدة بطلقات نارية في قنا    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    سوريا تعلن إطارا تنظيميا جديدا لإعادة تفعيل المراسلات المصرفية    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    بعثة منتخب سيدات اليد تغادر إلى هولندا لخوض لبطولة العالم    «إعلام الأزهر» تطلق مؤتمرها الدولي السادس    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    أوقاف الغربية تنظّم ندوة علمية بالمدارس بعنوان «حُسن الجوار في الإسلام»    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير البترول يعقد لقاءً موسعاً مع شركات التعدين الأسترالية    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    لتعاطيهم المخدرات.. إنهاء خدمة 9 عاملين بالوحدة المحلية وإدارة شباب بكوم أمبو    كأس مصر| البنك الأهلي في اختبار حاسم أمام بور فؤاد بحثًا عن عبور آمن لدور ال16    الليلة: نادى الفيوم يعرض فيلم "فيها ايه يعنى" ضمن مهرجان المحافظة السينمائى    عادل فتحي نائبا.. عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    مرصد الأزهر يحذر من تفاقم الظواهر السلبية داخل المدارس ويدعو إلى تأهيل المعلمين    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    ارتفاع حصيلة الفيضانات وانزلاقات التربة في إندونيسيا إلى 19 قتيلا    ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    3 قرارات جديدة لإزالة تعديات على أملاك بنك ناصر الاجتماعى    جامعة بنها ضمن الأفضل عربيًّا في تصنيف التايمز البريطاني    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    «امرأة بلا أقنعة».. كتاب جديد يكشف أسرار رحلة إلهام شاهين الفنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذه المتعة فى صرخات العبيد
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 04 - 2010

كان برنامج مهرجان أبوظبى 2010 الذى يقام للعام السابع على التوالى، وتنظمه مؤسسة أبو ظبى للثقافة والفنون حافلاً ،فهنا تتجمع أعظم فرق الموسيقى فى العالم ، لكننى كنت أنتظر حفل أسطورة الجاز "وينتون مارساليس " ومشغولاً بتلك الموسيقى التى خرجت من آلام العبيد تحت سطوة الأسياد فى زمن الرق والعنصرية البيضاء المتوحشة، فهناك على نهر المسيسيبى تجمع خليط من المهاجرين الأسبان والإنجليز والفرنسيين، شكلوا طبقة الأسياد لمدينة "نيو أورليانز" واشتروا الزنوج من أدغال أفريقيا، وأذاقوهم ألوان العذاب، إلا من رحم ربى، وفى المزارع والحقول والأحراش وفى قسوة البرد وصهد الشمس كانت أغانى الأجداد هى الدواء.
ينطلق صوت محزون ومقهور ليتجاوب معه أصوات تهون قسوة الحياة، حتى جاء فجر الحرية 1863 على يد الرئيس "أبراهام لينكولن" عندما أصدر أهم قرار فى التاريخ بإلغاء نظام الرق والعبودية، ووجد العبيد أنفسهم أحرارا من حقهم الغناء والتجول فى الشوارع، فصنعوا حالة جديدة من البهجة جعلت أصحاب الكازينوهات وعلب الليل يستعينون بهم، فراحوا يرتجلون الموسيقى ويستخدمون آلات أجدادهم من الطبول الضخمة، بل ويصنعون من آلات النفخ النحاسية، التى خلفتها الحروب، أعذب الألحان بعد أن كانت تلك الآلات قاصرة على أداء المارشات العسكرية، وانتشرت موسيقى الجاز تعبر أرواحا مكتبئة وحزينة تبث شكواها عبر الموسيقى.
وتطور الجاز وظهر مشاهير وأساطير من بين هؤلاء الزنوج، حتى جاء "وينتون مارساليس" الذى يقف أمامى على خشبة مسرح قصر الإمارات الآن.. ومع كل مقطوعة كان الجمهور يهتف ويصفق ويضحك فى شعور بالبهجة، وكنت أشعر بانتصار لكل المضطهدين، ما هذا الفن الذى جعل الأوربيين يركعون لإله الموسيقى يتراقصون ويتطايرون ويعترفون بمواهب أصحابه بعد أن كان أجدادهم يعذبونهم ويحتقرونهم!.
وكان "وينتون" مذهلا ببشرته السوداء وقامته القصيرة، يمتلك ملامح مراهق ممتلىء، رغم اقترابه من الخمسين، نفخ وينتون فى آلته النحاسية وقدم مقطوعات حزينة ومؤلمة وتمايل وصال وجال، وهو يلف المسرح بين أربعة من أعضاء فرقته، ثم سكت ليترك عازف الدرامز يقدم وصلة عبقرية وهو يصنع البهجة بضربات خفيفية وسريعة كالبرق، كانت يداه تتحركان بخفة كأنما أصبحتا عشرين يد لرجل أسمر وحيد!، كنت أصفق متأملاً الفتيات الجميلات مسحورات بموسيقى الجاز الأفريقية، انظر إلى أكفهن البيضاء الصغيرة وهى تصفق فى نشوة لفنانين سود فينتابنى شعور غامض بالانتصار.
انتهت الفقرة الأولى من الحفل، وكان الجمهور يتأهب للاستماع إلى معزفات جديدة من "وينتون" فإذا به يقدم بكل تقدير واحترام عازف العود العالمى "نصير شمة" مؤكداً أنهما "مارساليس وشمة" التقيا فى الواحدة بعد منتصف الليل وبعد ساعة واحدة كانا قد أندمجا موسيقيا وتلاقيا فنياً واتفقا على تقديم فقرة مشتركة بين آلات الجاز والعود الشرقى فى تجربة هى الأولى من نوعها تكون مفاجأة للجمهو، وتحدث مارساليس بتواضع فنان كبير عن أهمية "نصير شمة "وعن عبقرية العود الشرقى وبعد استقبال حار لنصير شمة ،اكتست الصالة الممتلئة عن آخرها بالصمت فى ترقب لما يمكن أن يقدمه العود مع آلات النفخ النحاسية، بينما كنتُ أشعر بخوف وقلق يتشابه تماما مع حالتى أثناء مشاهدة مباراة نهائى كأس أمم أفريقيا الأخيرة بين مصر وغانا، جلس عازف العود العربى فى المقدمة ورنتْ نغمات العود وجاوبتها آلات موسيقى الجاز فى تناغم رائع، وصفق الجمهور، فرأيت اللاعب محمد جدو يحرز هدف الفوز من تمريرة الساحر الصغير محمد زيدان، ونجح نصير شمة فى تحقيق الحلم الكبير الذى يبحث عنه منذ سنوات طويلة، فهاهو العود يمتزج مع موسيقى الجاز وهاهو جمهور العالم الذى يصفق ويرقص مع آلات النفخ النحاسية يرى ويسمع آلة شرقية أصيلة وقد وصلت إلى قمة العالمية.
نجح شمة، الذى كان بإمكانه أن يكتفى بكونه عازفا مشهورا يقدم ألحانا قديمة ويتمسك بالمقامات المعهودة ويتفوق على سابقيه، لكنه ومنذ سنوات طويلة أصر على أن يجعل العود آلة عزف عالمية، وأن يدخل به إلى أهم مسارح العالم، معتمداً فى ذلك على مهاراته كعازف محترف وعلى ثقافتة الواسعة التى جعلته يقترب من كل الفنون المكتوبة والمسموعة، ودخل بالعود إلى قاعات ومسارح لم يعزف فيها إلا الأوركسترات ولم يدخلها عازف سولو قبله، ومنذ الثمانينيات كان "شمه" يضع بصمته الخاصة وهو يختار قصائد كبار الشعراء ليصنع منها معزوفة موسيقية لا تقل روعة وإبداعاً عن جماليات الشعر، فقدم "أنشودة المطر" للشاعر العراقى الكبير بدر شاكر السياب، كما قدم أكثر من خمس قصائد من ديوان "لماذا تركت الحصان وحيداً" للشاعر الكبير محمود درويش، وحين تم تكريم "درويش" فى تونس وبرلين طلب من "شمه" أن يكون معه فى تقديم تلك التجربة التى أبهرت الجمهور، خاصة وأن "شمة" لم يكن يلحن القصائد بل يقدم معزوفات تقترب من عالمها بحيث يصبح لكل من الشاعر والعازف دوراً منفصلا ومتصلا فى نفس الوقت.. لقد كانت أياماً ممتعة حقا.. وتستحق السيدة "هدى خميس كانو" مؤسس مجموعة أبوظبى للثقافة والفنون، المؤسس والمدير الفنى للمهرجان التحية على كل ما شاهدناه من فنون الموسيقى والأوبرا.
.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.