تكاد السعادة تجعله يطير فرحاً، وهو يقود مركبة "التوك توك" التي اشتراها لمساعدة اسرته البسيطة، ففى هذا اليوم السعيد استطاع ان يحصل على الكثير من الزبائن، واخرهم شابين عرضا عليه 20 جنيهاً مقابل مشوار بسيط. وبينما كانت ينطلق فى الطريق المظلم الهادىء، فجأة كان السكين يحاصر رقبته ليذبحها، وبعد ان انتفض جسده لتصعد روحه، عاجله الاخر بعدة طعنات حتى يتأكدا من وفاته، ثم القوا بجثته بين الزراعات، وهربا كما تهرب الاشباح. الصمت يعم أرجاء قاعة المحكمة، المتهمان داخل قفص الاتهام، شاردا الذهن، ينتظران دورهما في الرول، الدموع تملأ عيونهم، يلتفتان يمينًا ويسارًا بنظرات زائغة، وكأنهما غائبين عن العالم من حولهما، شريط من الذكريات الأليمة يمر أمامهما، يفكران كيف كانوا؟ وكيف أصبحوا؟، وعلى الجانب الآخر يجلس الأب المكلوم يتذكر جثة ابنه الذي قتل بدم بارد دون أي ذنب اقترفه، وينتظر كلمة العدل التي ستعيد حق ابنه المسكين، فجأة يقطع القاضي بصوته الجهور صمت الأصوات وضوضاء الأفكار السابحة في خيال كل منهم ليقول: "حكمت المحكمة حضوريًا بمعاقبة كل من محمود، ومدحت بالإعدام شنقًا لاتهامهما بقتل الطفل "على حلمي" وسرقة مركبة التوك توك منه. علي حلمي، طفل يبلغ من العمر 14عامًا، يسكن مع والده، وأشقائه في بيت بسيط بمنطقةالخانكة، ليكمل تعليمه نظرًا لظروف معيشتهم الصعبة، لم يشغل نفسه باللهو واللعب مثل من في عمره، وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه عاش حياة قاسية تحمل فيها ما لم تتحمله الجبال، فقرر النزول لسوق العمل لمساعدة والده، فعمل حدادًا داخل إحدى الورش، ثم استأجر توك توك للعمل عليه بعد الانتهاء من عمله الأساسي في الورشة، ولم يكن يعلم ما يخفيه له القدر، حينما أوقعه فريسة سهلة لعاطلين قاما بقتله وسرقته. فالمتهم الأول، محمود الذي عاش داخل أسرة مفككة، لم يشعر بوجودها حوله، أصبح مدمنًا للمخدرات، كل همه هو الحصول على المال بأي طريقة كانت حتى يستطيع أن ينفقها على مزاجه، فلم يكن أمامه سوى السرقة، فاتفق مع المتهم الثاني وهو صديقه "مدحت" الذي يعرفه منذ سنوات على ذلك، ولم يبذل جهدًا طويلًا في إقناعه بفكرة السرقة، فهو الآخر يحتاج للمال، فقرر الاثنان الخروج ليلًا لاصطياد فريستهما، فلم يجدا أمامهما سوى "على"، بجسمه الحنيف وشكله الصغير، ذهبا إليه ليقنعاه أن يقلهم إلى إحدى القرى البعيدة مقابل إعطائه عشرون جنيه وهي أكثر من حقه، فرح ذلك الصغير بالمبلغ، وقرر توصيلهما، وفي طريقه وأثناء الظلام الدامس، والبعد عن أعين الناس، أخرج محمود من ملابسه "كتر" تعدى به على الطفل، ليسقط على الأرض غارقًا في دمائه، وعلى الرغم من توسلاته بأن يتركوه إلا أنهما لم يرحما ضعفه، وذبحه محمود، ثم قام مدحت بطعنه عدة طعنات حتى يتأكد من وفاته، وألقيا بجثته وسط الزراعات دون أدنى شفقة أو رحمة منهما، وأخذا التوك توك، وفرا هاربين، لم ينتظر الاثنان لليوم الثاني لبيع التوك توك، فهما يعرفان جيدًا من سيأخذه، ذهبا لشخص يدعى "رامي"، وباعا له التوك توك نظير أربعة آلاف جنيه، والذي بدوره قام هو الآخر ببيعه لشخص يدعى شعبان، أخذ كل منهم نصيبه من الأموال، وحققوا ما كان يتمنوه، وكانوا يعتقدون أن جريمتهم لن تنكشف وسيعيشون حياة سعيدة، إلا أنهم فوجئوا برجال المباحث فوق رؤوسهم، وتم القبض عليهم، وأحيلت القضية للمحكمة، والتي أسدلت الستار على تلك الجريمة البشعة بحكمها العادل بإعدام العاطلين، والسجن المشدد ثلاث سنوات لمن اشتروا التوك توك منهما.