أهل المهنة هم أهلي واحبابنا وكل زميل يعمل في المجال الصحفي يعرف ما يعانيه كل صحفي شريف يحاول ان يعبر عن مجتمعه ويعبر عن نفسه وينافس زملاءه ويحقق لنفسه السمعة والسبق ويؤدي ما عليه من دين لهذا البلد ولأهل مصر... ولكن ليست كل الاحلام تدرك وليست الصورة باللون الوردي الجميل الذي نحاول ان نصوره للناس فالتدخلات كثيرة والاطماع اكثر وطمع النفس البشرية لاحدود له وتلوين الحقيقة أشد وأظلم وأكثر تأثيرا علي الناس. صحفي شاب عرف من أين تؤكل الكتف وعرف الطريق لعقول رؤسائه فأصبح له من السطوة والحظوة لديهم واستحوذ علي صفحة تهم قطاعا كبيرا من الناس وبكل ذكاء استغل كل الامكانيات ففي غمضة عين تحول من ساكني القبور إلي ساكني القصور ولأن القطاع يمس آلام الناس داعب الامل في الشفاء وسمح لكل آفاق مغرض ان يبث سمومه واهدافه للناس... فتلونت الحقيقة وضاع النور وسط ظلام النفوس. عاش حياته كلها في كنف أهل الحظوة والسلطة وتسلق علي الاكتاف وتعلم اللعب علي كل الحبال حتي انه اخترع اسلوب الحبل الاستيك الذي يسمح له بالتراجع في أي وقت دون ترك أي أثر وجهز نفسه بالعديد من المساعدين والافاقين صاحبي المنافع ليقوموا بدور الاذاعة والتليفزيون لتصرفاته وليشيعوا روح الشك وسط الزملاء... نموذج فريد وغريب والاغرب ان يظل الناس مخدوعة فيه وتصدق اكاذيبه وتعتقد انه يعمل للصالح العام والغريب ان العالم عنده لايمثل الا اغراضه الخاصة التي يغلفها في ورق من السوليفان الابيض ليبهر به عيون آخرين. رئيس تحرير صم آذانه عن سماع أصوات الزملاء وترك الجميع في واد وأصبح هو في واد آخر وهو علي اقتناع تام ان ما يفعله هو الصواب والاخرون ما هم الا جهلة لايستحقون الالتفات لرأيهم أو حتي سماع كلامهم فالجميع دون المستوي وهو الصحفي الاوحد... حتي انه أصبح الوحيد الذي يقرأ مطبوعته وهوي بها إلي أسفل سافلين في أرقام التوزيع وهو مقتنع انه يقدم صحافة حديثة. جلس إلي مكتبه وأصبح يتأمل في الشهادات المعلقة والصور التي تزين الحائط فاعجبه نفسه وقرر ان يكتب مذكراته الصحفية وكلما كتب سطرا قطع الورقة وكتب من أول السطر.. ظل علي هذا الحال ساعات حتي دق جرس التليفون... ايوه نعم نصف صفحة... شمال.. طيب حالا.. نسي المكتب والمذكرات واسرع لابلاغ قسم الاعلانات ان يحجز له المساحة الاعلانية... وماتنسوش العمولة المرة دي... ده نصف صفحة.. واتصل بصالة التحرير ليبلغهم حزف التحقيق الرئيسي لإفساح المجال للوافد الجديد الذي يملأ الصفحة ويملأ الجيوب الجمال والدلال لهما من النصيب الاكبر في التأثير علي المصادر والرؤساء ولكن ان يكون همها الاول والاخير الايقاع بالزملاء وترتيب الافخاخ لتستغلهم وتحقق المكاسب بما يخفي ضعفها الصحفي ويعلو بها علي رقاب الآخرين فهذا هو النموذج الاكثر شهرة في عالم الصحافة المصرية فالحرب مع الزملاء والمصادر متاح فيها استخدام كل الاسلحة الشرعية وغير الشرعية وحتي المحرمة دوليا ودينيا.. المهم ان تصل إلي رضا الرؤساء وتقدم الصفوف لتكون الآمر الناهي في المطبوعة ومش مهم عدد الجثث التي داست عليها للوصول إلي هذا المكان. هذه نماذج خاصة جداً موجودة في كل جريدة ويعاني منها كل اصدار وتجر الصحفي إلي الدرك الاسفل من الصحافة والنار وتضعه في الصفحات السوداء في تاريخ هذه المهنة سيئة الحظ والتي ابتلاها الله بالطامعين والمتسلقين وأصحاب المصالح حتي أضاعوا آداب وشرف أصحاب القلم ولوثوا سمعته وخرجوا به من خطه المستقيم إلي الخط الدائري والزجزاج وضاعت معهم مهنة من أجل المهن عند الناس... «اللهم اني اشكو لك هذه النماذج التي أنت أولي بها فإما ان تهديها أو تأخذها وتريحنا والشرفاء من شر البلية وشرور انفسهم ومصالحهم».