تقدمت الزوجة بخطوات بطيئة يملؤها الانكسار ولسان حالها يقول انني اخطأت ولكنها استجمعت قواها وبدأت تحكي قصة زواجها وكيف انتهت للوقوف أمام القاضي قالت بنبرة حزن زوجي رجل غيور لأبعد الحدود، ورغم أن الغيرة شيء تحبه المرأة إلا أن غيرة زوجي فظيعة لأنها مقرونة بالشك وهذا ما يجعلها غير مقبولة، خاصة حين يكون الشك منصبا علي شخص قريب جدا منه فبعد انتهاء شهر العسل الذي قضيناه بعيدا عدنا لنمكث في بيت أهل زوجي، لأنه لا يستطيع استئجار شقة ولو قانون جديد، وكان هذا اتفاقه قبل الزواج لأنني يتيمة الأب وأسرتنا تعاني من الفقر وأمي لم تمانع بإقامتي مع حماتي فبيتها كبير وليس لديها أولاد سوي زوجي وشقيقه الذي يصغره بعدة أعوام وبالفعل تزوجنا بعد ان اشتري لي فقط غرفة نوم جديدة وعشنا مع والدته وأخيه، كنت سعيدة بوجودي وسط هذه العائلة ولم أشعر بأن شيئا تغير علي، فأنا أخدم حماتي كما كنت أخدم أمي وهي سعيدة بي وتعاملني مثل إبنتها، وكذلك شقيق زوجي الذي يصغرني بعدة أعوام فقد اعتبرني الأخت التي طالما كان يحلم بها فحماتي لم ترزق ببنات، ولأنني لا أحب الخروج من المنزل ولا ارغب باقامة صداقات خارجية فقد اكتفيت بصداقتي مع شقيق زوجي حيث كنت امضي معه وقت فراغه في مشاهدة التليفزيون او بلعب الكوتشينة، وكثيرا ما ساعدته في مذاكرته، كل هذا كان يحدث بوجود حماتي التي لاتخرج من البيت اطلاقا لمرضها لكن زوجي نهشته الغيرة وبدأ يتصرف تصرفات غريبة، فأحيانا يعود فجأة للبيت وقبل انتهاء مواعيد عمله، وأحيانا يفاجئني فأجده ورائي في المطبخ دون أن اسمع صوت أقدامه، كما انه اصبح شديد العصبية ويتعامل بجفاء معي ومع اخيه في البداية لم اتخيل انه يشك بي وبأخيه، حتي والدته تصورت انه ربما يعاني من مشاكل في عمله، فالحياة بيننا طبيعية جدا وليس بها ما يدعو للشك أو العصبية كل ما في الأمر انه كما يشدد علي أن ألبس ملابس محتشمة في المنزل بحجة اننا لسنا وحدنا، وبالفعل التزمت بأوامره لاتجنب نوبات عصبيته المتكررة، ولكن هذا لم يمنع ما حدث ذات يوم حين عاد زوجي فجأة من عمله وكنت امسح ارضية المطبخ ورفعت ملابسي فوق الركبة وهنا جن جنونه وانهال علي بالضرب والشتائم وكاد يضربني بالسكين، ولم تستطع والدته المسكينة منعه بل انه دفعها بعيدا فسقطت علي الأرض، اما شقيقه فلم يكن في البيت أصبت بحالة نفسية سيئة وتلمكني البكاء باستمرار لم استطع الصمود طويلا امام عصبيته المفتعلة طلبت منه ان اعمل ولكنه رفض فهو يغالي في التدين حتي وصل بي الأمر انني توجهت لأحدي المسابقات دون علمه وبايعاز من حماتي التي شجعتني علي العمل لاستئجار شقة قانون جديد بجوارها لدرجة انها ذهبت لصاحب المنزل لكي تتوسل اليه لتخفيض الايجار ولكن الغيرة انتصرت علي الحب وصارت الحياة مستحيلة بيننا ورفض الطلاق بالمعروف مما اضطرني لرفع دعوي خلع حتي اتحرر من قيده وتصمت الزوجة بدموعها وتطلب المحكمة برئاسة المستشار عبدالعزيز محمد رئيس محكمة العجوزة والقاضيين احمد شنن وامير الفار بحضور محمد الشريف وكيل النيابة وامانة سر فتحي عبدالحسيب الزوجين لكي تصلح بينهما ويتقدم امام القاضي الذي اسدي النصح له وان الدين يسر لا عسر فيه ولا يشاد الدين أحدا إلا غلبه ويقنعه بعمل زوجته حتي يحققا سويا رغدا من العيش وهنا يبرز من الصفوف سيدة عجوز كسا الشيب وجهها تتكأ علي عصا وقد أنهكها المرض واخرجت من طيات ملابسها كيسا به مبلغ مالي ووضعت قبلة علي جبين ابنها وهي تسترق قلبه ان يأخذه لكي يدفع مقدم الشقة بعد ان وافق صاحب المنزل علي طلبها ويرد الابن بامتعاض وتتدخل المحكمة باقناعه وتدمع عيناه قائلا هذا المبلغ تحويشة عمرها وتندفع الزوجة وهي تتوسل إليه أن يأخذه وهو دين عليها سوف تسدده لحماتها من عملها ويرضخ الزوج ويحتضن زوجته ويقبل يد امه وتنتهي الدعوي ويسأل عن شقيقه فترد امه عند خالك! جمال قنديل