خاص |دعوة مصرية في مؤتمر جنيف لاعتماد حماية من المخاطر البيولوجية في بيئة العمل    محافظ القاهرة يفتتح «بازرا القاهرة» الخامس    قفزة نوعية بإطلاق خدمات الجيل الخامس للاتصالات 5G في مصر    مسئول أمريكي: البيت الأبيض «قريب من خط النهاية» في عدة اتفاقات تجارية    مقتل إسرائيليين إثر انفجار سيارة فى منطقة جلجولية المحتلة    أولمو: الأضواء لن تعيق مسيرة يامال.. وهذا مفتاح نجاح إسبانيا    لتعويض كاريراس؟ تقرير: بنفيكا توصل لاتفاق لضم دال    ذات الأذنين تظهر في رولان جاروس    التصدي لمخالفات البناء وتنفيذ الإزالة في المهد ورفع الطوارئ بالمستشفيات    عدم تطوير وإهمال جسيم وحفرة كبيرة ...معاينة النيابة الإدارية لموقع ثقافة الأقصر    الأكشن والإثارة يسيطران على برومو فيلم في عز الضهر ل مينا مسعود    إيرادات الأحد.. "المشروع X" يتفوق على "ريستارت" و"سيكو سيكو" الثالث    الإفتاء توضح أفضل وقت لذبح الأضحية    علاج القولون بالأطعمة والمشروبات، نظام غذائي لتهدئة الأمعاء    لن ندخل الحزام الزلزالي.. البحوث الفلكية توضح مدى تأثير العواصف الشمسية    الجوزاء.. تعرف على صفات برج الفرعون المصري محمد صلاح    القاهرة الإخبارية: ليالٍ دامية في غزة.. الاحتلال يرتكب مجازر جديدة بحق المدنيين    مدير تلال الفسطاط يستعرض ملامح مشروع الحدائق: يتواءم مع طبيعة القاهرة التاريخية    رومانو: الفحوصات الطبية تفصل انضمام لويس هنريكي ل إنتر    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لطلاب الثانوية العامة وتيسير الأمور.. ردده الآن    عدلي القيعي يكشف مفاجأة بشأن رحيل معلول عن الأهلي    إيساف: «أبويا علّمني الرجولة والكرامة لو ماعييش جنيه»    أرامكو السعودية تنهي إصدار سندات دولية ب 5 مليارات دولار    الإصلاح والنهضة: 30 يونيو أسقط مشروع الإخوان لتفكيك الدولة ورسّخ الوعي الوطني في مواجهة قوى الظلام    خالد الجندي: الحج المرفّه والاستمتاع بنعم الله ليس فيه عيب أو خطأ    "مطروح للنقاش" يسلط الضوء على قرارات ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم    ضربات الشمس في الحج.. الأسباب والأعراض والإسعاف السريع    تعرف على محطات الأتوبيس الترددي وأسعار التذاكر وطريقة الحجز    مياه الفيوم تطلق حملات توعية للجزارين والمواطنين بمناسبة عيد الأضحى المبارك    شرح توضيحي للتسجيل والتقديم في رياض الأطفال عبر تعليم القاهرة للعام الدراسي الجديد.. فيديو    رئيس جهاز العاشر من رمضان يتدخل لنقل سائق مصاب في حريق بمحطة وقود إلى مستشفي أهل مصر للحروق    واشنطن بوست: فوز ناوروكي برئاسة بولندا تعزز مكاسب اليمين في أوروبا    رئيس الوزراء الفلسطيني يدعو لوكسمبورج للاعتراف بدولة فلسطين قبيل مؤتمر السلام في نيويورك    في رحاب الحرم.. أركان ومناسك الحج من الإحرام إلى الوداع    موعد أذان مغرب الاثنين 6 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب الواردة في عشر ذي الحجة    أهم أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد يهنئ نافروتسكي بفوزه بالانتخابات الرئاسية البولندية    ديلي ميل: إلغاء مقابلة بين لينيكر ومحمد صلاح خوفا من الحديث عن غزة    بريطانيا: الوضع في غزة يزداد سوءًا.. ونعمل على ضمان وصول المساعدات    «أجد نفسي مضطرًا لاتخاذ قرار نهائى لا رجعة فيه».. نص استقالة محمد مصيلحى من رئاسة الاتحاد السكندري    رئيس جامعة بنها: تبادل التهاني في المناسبات الدينية يؤكد التماسك    عبد الرازق يهنىء القيادة السياسية والشعب المصري بعيد الأضحى    «صحة الاسكندرية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد الأضحى    يديعوت أحرونوت: وفد إسرائيل لن يذهب إلى الدوحة للتفاوض    تسرب 27 ألف متر غاز.. لجنة فنية: مقاول الواحات لم ينسق مع الجهات المختصة (خاص)    وزير الثقافة ينفي إغلاق قصور ثقافية: ما أُغلق شقق مستأجرة ولا ضرر على الموظفين    الهيئة العامة للأوقاف بالسعودية تطلق حملتها التوعوية لموسم حج 1446    السجن 3 سنوات لصيدلى بتهمة الاتجار فى الأقراص المخدرة بالإسكندرية.. فيديو    محافظ الإسكندرية: العاصفة أظهرت نقاط القوة والجاهزية لدى فرق العمل    للمشاركة في المونديال.. الوداد المغربي يطلب التعاقد مع لاعب الزمالك رسميا    السيسي: ضرورة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط    الرئيس السيسى يستقبل مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية    تخريج 100 شركة ناشئة من برنامج «أورانج كورنرز» في دلتا مصر    حزب السادات: فكر الإخوان ظلامي.. و30 يونيو ملحمة شعب وجيش أنقذت مصر    «تعليم الجيزة» : حرمان 4 طلاب من استكمال امتحانات الشهادة الاعدادية    «التضامن»: انطلاق معسكرات «أنا وبابا» للشيوخ والكهنة لتعزيز دور رجال الدين في بناء الأسرة المصرية    توريد 169 ألفا و864 طنا من محصول القمح لصوامع وشون سوهاج    رئيس الوزراء يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات خلال شهر مايو الماضي    هيئة الشراء الموحد: إطلاق منظومة ذكية لتتبع الدواء من الإنتاج للاستهلاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلامتك يا عم سيد حجاب
نشر في أخبار الحوادث يوم 26 - 11 - 2016

في‮ ‬27‮ ‬يوليو عام‮ ‬1961‮ ‬وفي مجلة‮ "‬صباح الخير‮"‬،‮ ‬كتب الشاعر الكبير صلاح جاهين في بابه الاكتشافي المهم‮ "‬شاعر جديد‮ ‬يعجبني‮" ‬يقدّم قصيدة جديدة للشاعر الشاب سيد حجاب،‮ ‬وكان ذلك الباب قد عمل علي تقليب التربة الفنية المصرية،‮ ‬ليكتشف لنا مجموعة من خيرة شعراء مصر في شعر العامية،‮ ‬وعلي رأسهم عبد الرحمن الأبنودي وفؤاد قاعود وفؤاد بدوي‮ ‬_قبل أن‮ ‬يتحول للشعر الفصيح_،‮ ‬ورزق هيبة ومحمود عفيفي وفريدة إلهامي وغيرهم،‮ ‬وكان هذا الدور الذي نفتقده الآن محفزا علي الإبداع والاستمرار والتقدم لكل من ملكوا ناصية التعبير والفن والطموح والأمل‮.‬
وكان سيد حجاب الطالب في كلية الهندسة،‮ ‬والآتي من مدينة‮ "‬المطرية‮" ‬محافظة الدقهلية،‮ ‬والمدجج بمشاعر فيّاضة عارمة،‮ ‬وثقافة تاريخية نوعية،‮ ‬والذي كان عمره لم‮ ‬يزد عن الواحد والعشرين عاما،‮ ‬أحد هؤلاء الشعراء الشباب الجادين والجسورين في ذلك الوقت،‮ ‬وتتميز تلك الجسارة في قدرته علي إبداع ما‮ ‬يخصّه،‮ ‬وما‮ ‬يجعل صوته ذا أبعاد فنيّة جديدة،‮ ‬وكان ذلك الوقت‮ ‬يموج بحركة ضاجة وكبيرة في شعر العامية المصرية،‮ ‬وذلك علي‮ ‬يديّ‮ ‬صلاح جاهين نفسه،‮ ‬وتوأمه الفني فؤاد حداد،‮ ‬وقد ملأ الاثنان فضاء الشعر بتجاربهما الثرية والمتطورة،‮ ‬والتي جعلتهما من نجوم الشعر في العالم العربي،‮ ‬إذ كانت بعض المجلات العربية تنشر قصائدهما‮.‬
في ذلك الوقت جاء عبد الرحمن الأبنودي من الجنوب،‮ ‬حاملا إرث الملاحم والعديد والغناء الشعبي،‮ ‬وجاء سيد حجاب من الشمال،‮ ‬مفعما بالهوا البحري وطراوته ومعانيه الفيّاضة،‮ ‬وكانت بينه وبين جاهين مراسلات ومساجلات وحوارات عبر البريد،‮ ‬وكان جاهين‮ ‬يردّ‮ ‬علي خطابات الشعراء بنفسه،‮ ‬فيبدأ كتابته عن الشاعر الشاب سيد حجاب قائلا‮ : " ‬عندما أبحث عن كلمات أقدّم بها هذا الشاعر الجديد‮ .. ‬لا تلبيني إلا الكلمات العاطفية‮ .. ‬ولو كان هناك حب من النظرة الأولي‮ .. ‬أكون أنا قد أحببت شاعرنا هذا‮ ..‬من أول نظرة‮ .. ‬اسمه سيد حجاب‮ .. ‬تذكروا هذا الاسم،‮ ‬فإنه سيعيش طويلا في حياتنا المقبلة،‮ ‬وسيكون له شأن عظيم‮ ..‬هو طالب في كلية الهندسة بجامعة القاهرة‮ .. ‬لم‮ ‬يتم بعد عامه الواحد والعشرين‮ .. ‬لكنه بلغ‮ ‬سن الرشد الأدبي بسرعة‮ .. ‬انظروا ماذا‮ ‬يقول في خطاب أخير له،‮ ‬من بلدته المطرية،‮ ‬علي بحيرة المنزلة‮ ...".‬
ويستعرض جاهين رسالة الشاعر الشاب له،‮ ‬والتي‮ ‬يبلغه فيها بأنه بصدد كتابة قصيدة طويلة عن حسن طوبار البطل الذي أشعل ثورة في وجه الفرنسيين قبل ثورة القاهرة بشهرين،‮ ‬وأرعب الجنرال داماس،‮ ‬ثم انهزم قبل اشتعال ثورة أكتوبر القاهرية بنحو أسبوعين،‮ ‬ولذلك وجد حجاب نفسه أمام حالة فريدة في التاريخ،‮ ‬حالة تصلح للدراما الشعرية بامتياز،‮ ‬وهو من أجل ذلك كان‮ ‬غارقا في جدّه وجدّنا جميعا عبد الرحمن الجبرتي،‮ ‬ليتشرب روح الحكاية والتاريخ،‮ ‬ولم‮ ‬يكتف حجاب بالجدّ‮ ‬العزيز الجبرتي،‮ ‬ولكنه ذهب ليبحث في الدوريات التي كانت تصدرها مديرية الدقهلية،‮ ‬وفيها وجد كثيرا من قصص ذلك البطل،‮ ‬ولم‮ ‬يتوقف الشاعر الشاب عند تلك المصادر التاريخية،‮ ‬بل قرر أن‮ ‬يذهب إلي مسقط رأس البطل،‮ ‬ليتعرف بشكل مباشر علي الحكايات والقصص والمكان،‮ ‬ويقول حجاب لجاهين في رسالته‮ :".. ‬والمهم بعد كل هذا أنني لن ألتزم بحرفية الواقع،‮ ‬وربما لا بحرفية الحواديت عنه‮ ..‬سأتخير من كل هذا ما‮ ‬يمكن أن‮ ‬يخدم وجهة نظري‮ .. ‬وسأسقط علي هذا البطل المنهزم كل ما أفتقده في البطل‮ ..‬وسأضمنه واقعنا إلي حد كبير‮ ..‬كل هذا في صياغة شعبية دارجة‮.. ‬بمعني أنني سأجرّ‮ ‬عربة ثقافتي وراء ظهري ولن أدفعها أمامي‮..".‬
كلمات حجاب الأولي،‮ ‬تؤكد علي أنه بلغ‮ ‬سنّ‮ ‬الرشد الأدبي كما قال عنه صلاح جاهين،‮ ‬وأعتقد أنه ولد كبيرا لكي‮ ‬يكون كبيرا طوال رحلة عطائه الثرية،‮ ‬رغم أنه‮ ‬يتمرد علي مصطلح‮ "‬الشاعر الكبير‮"‬،‮ ‬وعندما ناداه البعض في إحدي المناسبات ب"الشاعر الكبير‮"‬،‮ ‬أعلن اعتراضه‮ ‬_بمودة_،‮ ‬وقال‮ :"‬هل نقول عن المتنبي بالشاعر الكبير؟‮"‬،‮ ‬ولكن مسيرة حجاب تعني بكل المعاني الجميلة والعنيدة والنبيلة والوطنية في الوقت ذاته‮.‬
وعندما أقول‮ "‬العنيدة‮"‬،‮ ‬فأنا أعني ذلك،‮ ‬وهو منذ بداياته الشعرية،‮ ‬أبدي ذلك العند الواعي والمثقف والإبداعي،‮ ‬ففي رسالة لصلاح جاهين له،‮ ‬اقترح عليه بتغيير نهاية القصيدة المعدة للنشر،‮ ‬وهي قصيدة‮ "‬ابن البحر‮"‬،‮ ‬لأن نهايتها كانت معتمة،‮ ‬وأشفق عليه جاهين من ذلك الجو الكابوسي،‮ ‬فهو‮ ‬يقول فيها‮:‬
‮(..‬بصيّت من الشباك هناك
بصيّت لباقي الناس لقيتهم‮..‬
في الطريق متشنقين‮ ‬
حوالين رقابيهم شباك‮ ‬
وبرضه ماشيين ميتين
حولت عيني للسما‮..‬
ياميت ندامه‮ .. ‬ده السما متلغمه
بنجوم كتير‮..‬
عيون‮ ..‬عيون‮..‬
صفرا بتضحك كالعما‮..)‬
ولكن سيد حجاب رفض اقتراح جاهين بالتغيير،‮ ‬وأصرّ‮ ‬علي ذلك،‮ ‬ولم‮ ‬يغضب صلاح جاهين،‮ ‬ولكنه قال‮ :" ‬إنني أعجب بهذا العناد،‮ ‬وأعتبره عاملا آخر من العوامل التي ستجعل من هذا الشاعر الجديد‮ ..‬شاعرا عظيما‮ ..‬شاعرا‮ ‬يكتب إحساساته بلغة الشعب‮ .. ‬اللغة التي تحمل كل آلامنا الماضية‮ ..‬وآمالنا المقبلة‮ ..‬شاعرا‮ ‬يحمل في شجاعة مسئولية الكلمة‮ ..".‬
هذه المصافحة الأولي لشاعر شاب،‮ ‬مع شاعر كبير،‮ ‬كانت الرافعة الأولي التي حملت سيد حجاب إلي بوابات المجد،‮ ‬وإلي الحياة الشعرية والثقافية والسياسية الواسعة،‮ ‬وتعرّف حجاب مع آخرين طبيعة الدور الموكل إليه هو وزملاؤه من الشعراء والنقاد وكتّاب القصة والمفكرين والساسة والفنانين،‮ ‬وكان كل واحد من أبناء هذا الجيل،‮ ‬الذي أطلق عليه‮ "‬جيل الستينيات‮"‬،‮ ‬يعرف موقعه الفني والثقافي والفني والنقدي والسياسي بامتياز،‮ ‬فالكاتب والناقد والمفكر إبراهيم فتحي كان بمثابة‮ "‬المعلّم‮"‬،‮ ‬والذي‮ ‬يطلق مقولاته النقدية والفكرية العميقة،‮ ‬ليلتف حوله هؤلاء الشباب،‮ ‬وهو كان‮ ‬يسبقهم بسنوات في التجربة الثقافية والسياسية،‮ ‬وهو صاحب ثقافة موسوعية وشاملة،‮ ‬وبالتالي كان‮ ‬يمدّ‮ ‬أبناء هذا الجيل بالمعرفة والرأي السديد والحاسم في كافة المجالات الأدبية والسياسية والفكرية،‮ ‬وأنشأ حوله تيارا ثقافيا وفنيّا متميزا،‮ ‬استطاع هذا التيار أن‮ ‬يتفاعل مع المقولات الجديدة لابراهيم فتحي،‮ ‬فتولدت عطاءات متنوعة لكتّاب القصة مثل جمال الغيطاني ويحيي الطاهر عبدالله ومحمد البساطي وغالب هلسا وغيرهم،‮ ‬وفي الشعر كان عبد الرحمن الأبنودي وسيد حجاب وأمل دنقل وغيرهم،‮ ‬وفي النقد كان صبري حافظ وسيد خميس وغالب هلسا_كذلك_ وغيرهم،‮ ‬وشكّل هؤلاء ما‮ ‬يشبه الجماعة الأدبية والثقافية والفكرية ذات الطابع اليساري الواضح،‮ ‬وكان إبراهيم فتحي قد خرج من المعتقل في أوائل عام‮ ‬1964،‮ ‬وكان الشاب سيد خميس‮ ‬يؤسس دارا للنشر لنشر شعر الامية المصرية،‮ ‬حملت اسم الجدّ‮ ‬الأكبر لشعراء العامية‮ "‬ابن عروس‮"‬،‮ ‬ونشر الديوان الأول لعبد الرحمن الأبنودي في ذلك العام،‮ ‬وكتب خميس دراسة نقدية موسعة ورصينة ومهمة عن الديوان والحركة الشعرية الجديدة،‮ ‬وأوضح التمايزات التي جاءت بها تلك الحركة،‮ ‬وأصدر بيانا عن الدار الجديدة جاء فيه‮ :"..‬من اسم ابن عروس الشاعر الفارس‮ ..‬تستمد حركتنا الشعرية الكثير من القيم والتقاليد‮ ..‬فقد ربط ابن عروس،‮ ‬الشعر بالشرف‮.. ‬بالناس،‮ ‬وعلي هذا الدرب سار الكثيرون من الشعراء الشرفاء،‮ ‬الذين تحتفظ بهم ذاكرة شعبنا‮ .. ‬ومشي في نفس الطريق‮ ..‬النديم،‮ ‬بيرم،‮ ‬فؤاد حداد‮ .. ‬وعندما اختار صلاح جاهين‮ (‬أشعار بالعامية المصرية‮) ‬لديوانه‮ (‬عن القمر والطين‮) ‬كان‮ ‬يكمل طريق الرواد العظام،‮ ‬وكان‮ ‬يضع في الوقت نفسه الشعار المناسب لهذا الشعر‮ ..‬وهذا الشعر العامي المصري الجديد،‮ ‬يغنّي مرحلة التحول العظيمة،‮ ‬التي نعيشها،‮ ‬ويغنّي أحلام هذا الجيل‮ .. ‬ومن هذا المنبع،‮ ‬جاءت أشعار هذا الديوان،‮ ‬ومنه أيضا سيصدر ديوان‮ ‬الشاعر المصري سيد حجاب‮ (‬صيّاد وجنيّة‮)..".‬
إذن بعد قصيدة‮ "‬ابن بحر‮" ‬التي قدمها صلاح جاهين لحجاب عام‮ ‬1961‮ ‬تم الإعلان عن ديوانه الأول عام‮ ‬1964،‮ ‬وفي تلك الفترة كان شباب الشعراء وكتّاب القصة‮ ‬يجتمعون في المقاهي والمنتديات،‮ ‬ويعلنون الآراء السياسية الحّادة في كل ما‮ ‬يجري،‮ ‬ويعبرون عن ذلك في كل مايكتبون بالشكل الفني الذي بطبيعة تجربة كل نص،‮ ‬وكان النزوع إلي الأفكار الاشتراكية واضحا وعميقا،‮ ‬وكانت العلاقة بين مصر الدولة،‮ ‬والسوفيت تعمل علي قدم وساق،‮ ‬ورغم ذلك كان هؤلاء الشباب مقلقين إلي حد كبير،‮ ‬وهناك من‮ ‬يتنصت عليهم في مقاهيهم،‮ ‬ويقرأ كل مايكتبون بالحرف،‮ ‬ويتم تأويل كل مايكتب بالطريقة المؤامرتية،‮ ‬تلك الطريقة التي تعمل علي تصنيف هؤلاء في خانة المعارضين والمتمردين،‮ ‬رغم إعلان سيد خميس في بيانه السابق‮ "..‬بأننا نعيش مرحلة‮ ‬غنية‮.."‬،‮ ‬ولكن أشعار الشباب جاءت شبه نقيض لإعلان خميس،‮ ‬وخاصة مايكتبه حجاب والأبنودي،‮ ‬وكانت أشعارهما‮ ‬يتم تحليلها في‮ ‬غرف‮ ‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.