وزير التموين يشهد توقيع بروتوكول تعاون لتطوير المجمعات الاستهلاكية    ارتفاع طفيف لأسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم    مستشار الرئيس الفلسطيني: "نتياهو" يستخدم سلاح حماس كذريعة لفصل غزة عن الضفة    سلة – الأهلي يهزم الجزيرة في ثاني جولات دوري السوبر    وفاة شخص وإصابة آخر إثر تصادم موتوسكلين بقنا    سكك حديد مصر: حادث اصطدام قطار بسيارة نقل بالضبعة لم يسفر عن أي إصابات    إبراهيم المعلم: الفن والثقافة والإبداع حرية وتنوع.. ولم أمارس رقابة ذاتية في النشر    مصطفى كامل يكشف تفاصيل ملفات الفساد في نقابة المهن الموسيقية (فيديو)    يا أعز من عينى.. إحساس راق من نسمة محجوب فى برنامج كاستنج.. فيديو    متحدث الصحة: إطلاق الرقم الموحد 105 لتلقي استفسارات المواطنين    متحدث الوزراء: لا مساس بأسعار الخدمات الطبية المقدمة لمحدودي الدخل    بدء تطبيق المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحى الشامل في هذا الموعد    بوتين يصادق على اتفاقية روسية-هندية لتنظيم نشر القوات وحركة السفن والطائرات العسكرية    ضبط 20 طن أجبان غير صالحة بأحد الثلاجات بغرب الإسكندرية    عيد البحرين ال 26 |القاهرة تثمن مواقف المنامة تجاه القضية الفلسطينية    خبير استراتيجي: داعش يعيد بناء نفسه في البادية السورية.. وواشنطن تستثمر حادث تدمر لشرعنة قاعدة عسكرية    تركيا تسقط طائرة مسيّرة اقتربت من مجالها الجوي فوق البحر الأسود    شعبان يوسف: تجاهل معارك طه حسين مع درية شفيق غير جائز    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الانتهاء من التصالح على مخالفات البناء ل 15 ألف طلب للمواطنين بسوهاج    البعثة المصرية ترفع رصيدها إلى 20 ميدالية فى دورة الألعاب الأفريقية للشباب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    الأهلي يستعد لضربة هجومية كبرى في الشتاء    "الوطنية للانتخابات": إغلاق 31 مقرًا باليوم الأول من جولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات النواب بالخارج    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    عاهل الأردن يلتقي رئيس الوزراء الهندي لتنسيق الجهود الإنسانية والإقليمية    تقارير إعلامية: القبض على نيك راينر بتهمة قتل والده المخرج روب راينر ووالدته ميشيل سينجر    اجتماع منتظر بين وكيل صلاح وليفربول لحسم مستقبله    الأردن يدعو لحشد دولي عاجل لحماية دور الأونروا وضمان استمرار عملها في غزة    محمد دياب يرد على هجوم محمد صبحي ضد فيلم «الست»: عيب وغير مقبول    منذ قليل.. فتح لجان تصويت المصريين فى لوس أنجلوس بجولة الإعادة بانتخابات النواب    السيطرة على حريق بمخبز دون خسائر بشرية في أسوان    وزير الأوقاف: الانضباط المؤسسي ومجابهة التطرف في صدارة أولويات المرحلة    نائب رئيس جامعة عين شمس: تقديم أوجه الدعم والرعاية للطلاب الوافدين    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    ضبط المتهمين في مشاجرة دامية بالبحيرة| فيديو    الجيش الإسرائيلي يعتزم هدم 25 مبنى سكنياً في الضفة الغربية    البحيرة تستعد لأمطار اليوم: المحافظ ترفع درجة التأهب بجميع المراكز والمدن    رضوى الشربيني تهاجم أحمد العوضي بعد تصريحه الأخير: "كل واحد وتربيته"    تأجيل محاكمة 56 متهما بالهيكل الإداري للإخوان لجلسة 11 فبراير    عاجل- رؤساء المجالس التصديرية خلال اجتماع مع رئيس الوزراء: توطين الصناعة وخفض الواردات لتعزيز الصادرات المصرية    سعر طن حديد عز.....اسعار الحديد اليوم الإثنين 15ديسمبر 2025 فى المنيا    الدليل الكامل لامتحان اللغة العربية نصف العام 2025–2026 للمرحلة الابتدائية    "صحة الشيوخ" تُسرّع دراسة إنشاء مستشفى جديد بحلوان بعد توقف القرار 3 سنوات    اتحاد التمويل الاستهلاكي: نمو مستدام وتراجع ملحوظ في التعثر رغم زيادة عدد العملاء 208%    آخر موعد للتقديم الكترونياً لوظيفة معاون نيابة إدارية دفعة 2024    تصدير 37 ألف طن بضائع عامة من ميناء دمياط    رئيس جامعة القاهرة يصدر قرارات بتعيين وتجديد تعيين 14 رئيسًا لمجالس الأقسام العلمية بطب قصر العيني    الزمالك ينتظر انتظام عدي الدباغ في التدريبات الجماعية اليوم    جوجل توقع اتفاقاً للطاقة الشمسية فى ماليزيا ضمن خطتها لتأمين كهرباء نظيفة    جامعة بنها تطلق مبادرة لدعم الأطفال والتوعية بحقوقهم    انطلاق اجتماعات الاتحاد الأفريقي لكرة السلة في مصر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    إصابة نجم ريال مدريد تعكر صفو العودة للانتصارات    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    وفد من لجنة الصحة بمقاطعة هوبي الصينية يزور مستشفى قصر العيني التعليمي    محمد صلاح يوجه رسالة للمصريين من خلال ابنته "كيان" قبل أمم إفريقيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نداهة الشعر خطفت سيد حجاب من كلية الهندسة
نشر في التحرير يوم 21 - 10 - 2014


«إمبارح المغربية بكيت مع حصانى
رخرخت له لجامه زى ما ابويا وصّانى
وقعدنا فى الضل نبكى، صديق يبوح لصديق
عوايدنا نبكى سوا فى الفرحة أو فى الضيق
أنا عربجى.. آه.. وده حصانى وانا صاحبه
مصاحبه مطرح ما ياخدنى وانا ساحبه
واكمنّى شايله ف عيونى عمره ما عصانى»
هذا الموال من قصيدة بديعة نشرتها مجلة «صباح الخير» فى 21 أكتوبر 1965 للشاعر الشاب سيد حجاب، ولم تكن هذه هى القصيدة الأولى التى تنشرها المجلة له، بل كان العظيم صلاح جاهين يقدم الموجة الجديدة من الشعراء الجدد الشباب منذ مطلع ستينيات القرن الماضى، فقدّم عبد الرحمن الأبنودى وفؤاد قاعود وفريدة إلهامى ومحمود عفيفى ورزق هيبة وغيرهم، واحتفى بسيد حجاب بشكل كبير، وكانت كلماته لهذا الشاعر الشاب خير تشجيع له على التقدم والاستمرار، بل أصبحت كلمات جاهين كأنها شهادة تخرج للشاعر، أو شهادة تفوُّق تلزم هذا الشاعر أن لا يخزل الرائد، وكانت مواهب حجاب الطازجة والبكر والطموح، وثقافته المتنوعة والواسعة تؤهله لكى يفى بتحقيق الشهادة الجاهينية، هذه الشهادة التى جاءت مصاحبة لقصيدته الفاتنة «ابن بحر»، والتى نشرها جاهين فى عام 1961 فى بابه الذى كان يقدمه تحت عنوان «شاعر يعجبنى»، وقال فى مقدمتها «عندما أبحث عن كلمات أقدم بها هذا الشاعر الجديد.. لا تلبينى إلا الكلمات العاطفية.. ولوكان هناك حب من النظرة الأولى.. أكون أنا قد أحببت شاعرنا هذا.. من أول نظرة.. اسمه سيد حجاب.. تذكروا هذا الاسم، فإنه سيعيش طويلا فى حياتنا المقبلة.. وسيكون له شأن عظيم.. هو طالب فى كلية الهندسة بجامعة القاهرة.. لم يتم بعد عامه الواحد والعشرين.. ولكنه بلغ سنّ الرشد الأدبى بسرعة..»، واستعرض جاهين بعض ما جاء لسيد حجاب فى رسالة أرسلها له، وكان يحلم بأن يكتب قصيدة طويلة عن البطل حسن طوبار الذى أشعل الثورة فى وجه الفرنسيين قبل ثورة القاهرة بشهرين، ويشيد جاهين بهذا الطموح الذى يشعل جذوة الشاعر الجديد، ويدفعه نحو الفن العظيم بقوة، وكان قد دار حوار بين حجاب وجاهين، وكان الشاعر الكبير الرائد والأستاذ قد أشار على الشاعر أن يعدّل بعضًا من قصيدته المنشورة «ابن بحر»، ولكن سيد حجاب الشاعر الشاب يرفض التعديل بلطف، وينشر جاهين القصيدة معجبًا بالشاعر وعناده، ويعتبر عناده «عاملا من العوامل التى ستجعل من هذا الشاعر الجديد.. شاعرًا عظيمًا.. شاعرًا يكتب إحساساته بلغة الشعب.. اللغة التى تحمل كل آلامنا الماضية.. وآمالنا المقبلة.. شاعرًا يحمل فى شجاعة مسؤولية الكلمة».
هذه الكلمات الصائبة، والتى لم يغامر بها جاهين، كأنها رؤيا واضحة العيان فى حق الشاعر الشاب، كانت دافعًا قويا له ولمشواره الذى كان قد بدأ قبل ذلك بسنوات، وكان الصبى السيد أحمد محمد الشيتوى حجاب، والذى اختصر اسمه إلى سيد حجاب فى ما بعد، والذى ولد فى 23 سبتمبر عام 1940، كان قد غاص فى مكتبة والده، وهو فى سن مبكرة، وعرّج قليلا على جماعة الإخوان المسلمين، ولذلك كان يناديه أهل المطرية بالشيخ سيد، ولكن بعد دراسته وتفوقه والتحاقه بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وتعرفه على مجموعة من شعراء ومثقفى الإسكندرية مثل عبد العليم القبانى وعبد المنعم الأنصارى وغيرهم، خرج من حالة المشيخة إلى الحياة الأعرض.
وهناك كتب الشعر الفصيح، وكان مبدعا فيه، ثم أغواه شيطان الشعر، وداعبته نداهته، فتمرد على كلية الهندسة، واقترح على والده أن يترك الكلية ليتفرغ لكتابة الشعر، ولكن هذا الاقتراح قوبل بعاصفة من الرفض، فالوالد المستور، والذى كان يعول عشرة من الأبناء، ويصرّ على إكمال تعليمهم، لا يمكن أن يقبل فكرة أن واحدًا من أبنائه لم يحصل على المؤهل العالى، ولكن الشاعر الذى لمسه شيطان الشعر، خفّض من غلواء اقتراحه، وعدّله إلى الانتقال إلى القاهرة، ليدخل قسم المعادن والمناجم، بدلا من قسم العمارة.
وبالفعل انتقل إلى هندسة القاهرة، وسكن مع شقيقتين له قرب دوران شبرا، كما يذكر سيد خميس فى دراسةجيدة، وفى عامى 1958 و1959 تعرف على التنظيمات اليسارية، وانتظم فى أحد هذه التنظيمات، وكان لا زال يكتب الشعر الفصيح، وقدمته الإذاعية المرموقة سميرة الكيلانى فى برنامج «كتابات جديدة»، وأشاد بشعره وموهبته الناقد الكبير الدكتور محمد مندور، ولكن الشاعر العنيد فى هذا العام ترك شعر الفصحى، وكذلك لم يمكث سوى سنة واحدة فى كلية الهندسة، وكذلك تم اعتقال معظم أبناء اليسار، فوجد نفسه وحيدًا دون التنظيمات التى كانت تبث الأحلام والنشاط فى ذلك الشباب الفائر.
وكان قد تعرّف على النقاد فاروق عبد القادر ومحمد عفيفى مطر وكامل الكفراوى، ورجل كان يبيع الكتب القديمة، وكانت قد قطعت يده فى حادثة، ثم علّم نفسه، وحصل على ليسانس الآداب ثم الماجستير والدكتوراه وعمل كمخرج ومقدم برامج فى إذاعة «البرنامج الثانى» وكان من أهم إنجازاته ترجمة كتاب «الخيال الرومانسى» لموروا، وتعرّف حجاب على آخرين اشتبك معهم فى الحياة القاهرية، وارتبط ارتباطا وطيدًا بمثقفى وندوات ولقاءات القاهرة، ومن هؤلاء طبعًا الشاعر الصعيدى الذى كان يحضر الندوات بملابسه العسكرية، حيث كان يؤدى الخدمة العسكرية، وهو الشاعر الموهوب بشدة عبد الرحمن الأبنودى، وأصبح حجاب والأبنودى وقاعود، هم الثلاثى الذى لاحت ثورتهم الشعرية فى الأفق، إذ كان العظيمان صلاح جاهين وفؤاد حداد، قد كتبا سطرًا خطيرًا فى تطور شعر العامية المصرية، وكان من العسير أن تنبثق التربة المصرية عن شعراء متجاوزين فى ذلك الوقت، ولكنهم فعلوها، وراحوا يبدعون جديدًا حالمًا ومتجاوزًا، وتقلَّب حجاب فى عدة وظائف لم تناسبه، حتى أصدر ديوانه الأول «صياد وجنيّة» عام 1966، وأخرجه الفنان عدلى رزق الله، وكتب كلمة الغلاف الشاعر العراقى عبد الوهاب البياتى، وكان قد تزوج من فنانة الخزف السويسرية «إيفلين بوريه». وفى سبتمبر أى بعد صدور الديوان بقليل دخل سيد المعتقل مع رفاقه الغيطانى وصبرى حافظ وإبراهيم فتحى وغالب هلسا وآخرين، وخرج منه ليسافر إلى الخارج، ويعود فى العام 1971 ليتوسع ويرتبط اسمه بأجمل وأعذب الكلمات والأغانى والفنانين والمسلسلات، ليصبح الشاعر رقم 1 فى تفعيل وصياغة وجدان المصريين من خلال أعذب الكلمات وأرقّها وأكثرها شجنًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.