تكثيف جهود النظافة والتجهيز لاستقبال عيد شم النسيم وأعياد الربيع في المنيا    فيديو.. شعبة بيض المائدة: لا ارتفاع في الأسعار بسبب شم النسيم    ورش عمل مكثفة لمديريات الإسكان حول تطبيق قانون التصالح في بعض مخالفات البناء    إصابات بين المدنيين في غارة إسرائيلية على جنوب لبنان    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    حمدي فتحي: استحقينا التتويج بكأس قطر.. ولا أرى صعوبة في المنافسة على الدوري    حسام عاشور: رفضت الانضمام للزمالك.. ورمضان صبحي "نفسه يرجع" الأهلي    البحيرة: ضبط 240 كيلو دهون غير صالحة للاستهلاك و4 مخابز لتصرفهم في 95 شيكارة دقيق بلدي    البحر الأحمر تستعد لأعياد شم النسيم بتجهيز الشواطئ العامة وارتفاع نسبة الإشغال في الفنادق إلى 90%    العثور على جثة عامل ملقاة في مصرف مياه بالقناطر الخيرية.. أمن القليوبية يكشف التفاصيل    إيرادات فيلم السرب تتخطى 9 ملايين جنيه.. وشقو يقترب من 63 مليون    أخبار الأهلي: شوبير يكشف عن تحديد أول الراحلين عن الأهلي في الصيف    استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    تبدأ من 5 جنيهات.. أرخص 10 أماكن «فسح وخروج» في شم النسيم 2024    ضبط سيارة محملة ب8 أطنان دقيق مدعم مهربة للبيع بالسوق السوداء بالغربية    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيد حجاب يغرد فى لقاء جمهور المعرض
نشر في شموس يوم 31 - 01 - 2013


قال: أنا شاعر على باب الله والوطن والإنسانية
تخاطبت مع الأبنودى بالإشارة وفؤاد قاعود كشف السر!
خفت من عصبية بيرم .. وجاهين استقبلني بمشاعر شيخ قبيلة ولد فيها شاعر بصوت جميل
اتحاد الكتاب كيان شكلي .. لا يلعب شيئا في حياتنا ولا يضيف للأدب!
هذه أسباب انضمامي للإخوان.. وانتمائي لبيئة دينية منحنى لقب "شيخ"!
شحاته فتح لي كنز "على بابا" و"القط" وضعني بجوار عفيفي مطر
عاصفة من التصفيق صاحبت الشاعر الكبير سيد حجاب وهو يخطو على الدرج باتجاه المنصة، محبة متبادلة بين المبدع وجمهوره، وألفة هيمنت على قاعة ازدحمت بعشاق ومريدين فتنهم بقصائده، وسحرهم بقصصه المسكونة بالتفاصيل.
رجع حجاب عشرات السنين إلى الوراء، ذاكرته القوية، وإجادته لفن الحكي، جعلته قريبا من قلوب انصتت إليه بشغف، وكان السكون الذي يتخلل كلماته يشبه ربابة قادرة على صنع موسيقى تصويرية (غير موجوده) تطالبه بألا يتوقف عن الحديث.
برر حجاب انحيازه إلى العامية في وقت كان فيه الناس يقدسون الفصحى، حنينه إلى الماضي جعله يتذكر والده، ويذكّر الأبنودي بما كان، ويطالب صلاح جاهين بالعودة للحياة، ويعظّم فؤاد قاعود صاحب الفضل، بينما جسد بملامح حزينة علاقته بعمار الشريعي وهو يستعيده بقصيدة أبكت أصحاب الدموع القريبة وصنعت ابتسامة كالبكاء على وجوه من تخونهم الدموع.
"حقيقة لا أعرف كيف أقدم شاعرا كبيرا وإنسانا عظيما وثائرا ومناضلا؟!".. إنه الدكتور أحمد مجاهد رئيس الهيئة العامة للكتاب يبحث عن صيغة مناسبة بإمكانها أن تفي بالغرض وتوفي شاعر كبير حقه من حفاوة يستحقها ومديح يليق بمآثره.
رأى د. مجاهد أن اختيار شعر العامية لسيد حجاب هو اختيار سياسي وفكري فلم يكن شاعرا مباشرا ، بل وضع المضمون الأيديولجي أمامه وسار خلفه، وعرف كيف يتوارى المضمون الثوري خلف الشكل الجمالي.
وتطرق إلى صراع العامية والفصحى الذي وصفه ب "لا صراع" وضرب مثلا بالنشر الالكتروني والورقي حيث لا فواصل بينهما ويجمعهما هدف الوصول إلى القارئ، وركز رئيس الهيئة العامة للكتاب على انجاز حجاب في مجال الأغنية، وصنفه على قائمة من لم يكتبوا الأغنية وإنما يبدعون الشعر المغنى!
د. مجاهد طلب من ضيفه أن يأخذ الحضور إلى براح الشعر وسيرة صاحبه التي تستطيع أن تضع الحضور في براح الإبداع.. وسأل مجاهد ضيفه عن سيد حجاب الذي لا نعرفه وكانت الإجابة هي رحلة طويلة اختصرها الشاعر الكبير في ساعتين تقريبا، انتقى فيهما من كنوز ذاكرته ما أبهر الجميع.
تحية حجاب إلى الجمهور كان نصّها: "مساء الخير، والحق، والجمال، ونلتقي على عشق وطن نحلم به حرا مستنيرا عادلا.. نلتقي على الانتماء لهذه الانسانية العبقرية التي بلغت رشدها ودخلت الى عصر الحكمة في ثورة المعلوماتية، نحن ننطلق الآن في اتجاه جنة الحكمة الارضية فالحمد لله الذي أورثنا الأرض نتبوأ فيها من الجنة حيث نشاء"
يصمت ويبتسم ويقول: زنقني د. مجاهد في الحارة الشخصية.. أنا شاعر على باب الله والوطن والانسانية، والله هو الحق، والوطن هو الخير العام الذي يجب ان نتقاسمه معا بعدالة ورحمة، والإنسانية هي الجمال والسعي الى الكمال فالله خلقنا في احسن تقويم.. نحن أجمل مخلوقات الله..
ويضيف: "ولدت في نهاية الحرب العالمية الثانية، في المطرية على ضفاف بحيرة المنزلة، ولذلك فأنا انتمي إلى جيل الستينيات الذي وضع العالم في تساؤل حول الوجود وأشعل ثورة الشباب وهي البذور الأولى التي طرحت ما نحن فيه الآن.
أنتمي إلى أسر الصيادين المتعلمين، درس والدي لبعض سنوات في الأزهر وعمل موظفا صغيرا، واستطاع أن ينشأ مكتبة أتيح لى في طفولتي أن أنهل منها وخاصة في أوقات حظر التجول أثناء انتشار مرض الكوليرا عام 1947 فأقرأ الكثير من كتب فهمت أقلها ولم أعي الكثير منها، وبقيت في ذاكرتي الكثير منها.
قرأت وأنا صغير ثقافات تقليدية، وجلست إلى القرآن والإنجيل، في الوقت الذي ساهمت فيه المطارحات الشعرية التي كان الأب يعقدها في المساء ارتجال الشعر لأنجو من عملية استبعادي وأظل داخل الحلقة.
كانوا يقولون إن والدي شاعر في صباه، وحين كبرت أدركت أن همّ الحياة أبعده عن الشعر.
وقد عرف "أبويا" من شقيقاتي أنني أكتب الشعر ونظرا لانتماء الأسرة إلى بيئة دينية كانوا يلقبونني بالشيخ سيد، طلب والدي أن يسمع مني فقرأت عليه بعض قصائدي، فقال لي "إنت شاعر بالسليقه، أعطاك الله هذه الموهبة لتحمده عليها ولحظتئذ فهمت أن لعبة الشعر وظيفتها الحمد، ونصحني بثقل الموهبة بالدرس، وأعطاني دروسا في العروض وأنا في سن 11 سنة وكان يستخدم في تعليمي طريقة الأزهريين القدامي.
وفي هذا السن كان الهمّ المصري العام مطروح كهم خاص، وكل البيوت تشارك في مظاهرات الاستقلال التام أو الموت الزؤام، أما مهاجمة الفدائيين لمعسكرات القاعدة في القنال كانت تجعلنا نخرج نحن الأطفال لنهتف: السلاح السلاح .. الكفاح الكفاح.
وفي ذلك الوقت كان منا من يذهب الى الإخوان أوالوفد والسعديين وكان للإخوان ولمصرالفتاة بريق خاص عند من يماثلوننا سنا، فانضممت إلى الاخوان وصرت متميزا بين شباب الدعاة اقول خطبي شعرا، وكنت قد بدأت خطواتي الشعرية على عادة تربوية اننا نقدس الفصحى ولا نرى العامية ابداعا، بينما أعيش في وسط كله يغني بالعامية.
يؤكد حجاب على أن الشعر ديوان العرب والغناء ديوان المصريين؛ نغني في كل لحظة فالغناء حولى في كل مكان ويتسرب الوجداني في الوقت الذي كان الشعر هو ما كتب باللغة الفصحى باعتبارها اللغة المقدسة ولغة القرآن.
ويقفز الشاعر الكبير إلى دراسته في المرحلة الثانوية ويقول: التقيت هناك بالأستاذ شحاته سليم نصر مدرس الرسم وهي المادة التي تحولت حينها إلى هوايات، وكان مسؤولا عن الأنشطة الرياضية، وكنت ألعب السلة، وكرة اليد والسباحة وأمثل المنطقة في هذه الألعاب وخاصة "الباسكت"رغم قصر قامتي.
ونشرت شعري في مجلة الحائط المدرسية وعرضت كتاباتي على الأستاذ شحاته (بعد أن طلبها منى) وهو من جيل حسن فؤاد المفكر، فتعلمت منه درسا مهما، حين رجع إلي بعد مرور عدة أيام يقول: (حبيت شعرك، انا مبعرفش في الشعر، والأستاذ عبد الكافي مدرس اللغة العربية أكد على أنه موزون ومقفى.. أنت تكتب عن مشاعرك.. لكن لو اتحبست فيها هتعرف إن مشاعر الإنسان محدودة، ممكن يكتب في المرة الأولى حاجه حلوة، الثانية أحلى والثالثة هيبقى صنايعي!! .. حواليك 30 ألف صياد جوه كل واحد فيهم 10 قصايد مش لاقيين يكتبهوهم)
ويقول حجاب معقبا على نصيحة أستاذه: كأنه فتح أمامي كنزا ولا كنز على بابا.
وكنت من الفرع المتعلم لأسرة صيادين، أعيش في مربع المتعلمين فبدأت أدخل البيوت و"أسرح" معهم في البحيرة ووجدت ما شاور عليه الأستاذ شحاته.
وما لاحظته على الواقع أن الناس تقدس الفصحى وتحتقر العامية، ولكني حين قرأت ليوسف إدريس، والشاروني، وحقي، اكتشفت أنهم يكتبون السرد بالفصحى والحوار بالعامية ففعلت مثلهم وأبدعت قصايد السرد فيها بالفصحى والحوار بالعامية وضاقت بي الفصحي فكتبت قصائد كاملة بالعامية.
وإلى مدينة الثغر يصطحب حجاب ضيوفه على قارب كلماته: خرجت إلى الإسكندرية، ومن مدينة الصيد الصغرى الى الكبرى التقيت بجاليات أجنبية لديها منتديات وصحف مثل الجالية السورية والأرمن وغيرها.
وكانت الاسكندرية تكاد تكون العاصمة الثقافية لمصر في ذلك الحين فانفتحت أمامي نوافذ كثيرة للمعرفة وكنا نتابع سينما ومسرح محمد على (مسرح سيد درويش حاليا) ونتفرج على الباليه تفتحت مداركي، وكان حلمي دراسة العمارة فرسبت في اعدادي عمارة وحين انتهيت من الدراسة ولد في داخلي حلم بديل ففطنت إلى أن الهندسة طريقي للعمل والعامية طريقي للشعر.
بعد سبع سنوات من العزلة والتعلم نقلت إلى القاهرة التي سأحكي عنها بعد قليل، ولكني أريد التوقف قليلا عند محطة تانية هندسة فقد حدث ثلاثة أشياء جعلتني أقرر هجر الهندسة: الأولى أن فوزي العنتيل في مجلة الرسالة الجديدة نشر لي مختارات شعرية في بريد الشعراء مع كلمة جميلة كانت محفزة.
والثانية: أحد زملائي الذي أرسل أشعاري إلى البرنامج الثاني من خلال حلقات "كتابات جديدة" التي كانت تستضيف محمد مندور ووجدت الدكتور مندوريستغرق خمس دقائق في تعليقه على أشعار طالب كلية الآداب وقضى بقية الساعة يتغزل في أشعاري ويشيد بحسي التجريبي ونبهني لإمكانية أهمية ما افعل.
والثالثة أن نفس الصديق أرسل أشعاري إلى مجلة الشهر التي يصدرها سعد الدين وهبة ويرأس تحريرها عبد القادر القط ونشر لي ثلاث اغنيات بجوار شاعر كان من أوائل من التقيت معهم في القاهرة وهو عفيفي مطر.
فقررت التوقف عن دراسة الهندسة واندفعت لدراسة الادب من خلال الندوات والمراكز الثقافية والمسرح، وكنت أذهب صامتا أسمع فقط، وكان في إحدى الندوات شاعرا يحضر بملابس الخدمة العسكرية ويظل صامتا مثلي فتلتقي أعيننا باستحسان او استهجان.
وفي يوم تم تقديم الشاعر المجند عبد الرحمن الأبنودي فالقى قصيدته بعد الندوة وتقدمت اليه محييا وعبرت له عن رأيي في القصيدة بكلمات نقدية، وذهبنا الي باب اللوق مع محمد إبراهيم أبو سنة - وكان طالبا بكلية اللغة العربية يرتدي الزي الأزهري - وسمير سويلم.
وكانت الألفة هي ما تشمل جلسة يقودها فؤاد قاعود الذي طالب كل واحد منا بكلمة بعد القاء القصائد، وكلما التفت لي الأبنودي أقوم وأقدم قراءة نقدية للقصيدة، إلى أن وقف فؤاد قاعود وسأل الأبنودي عني فقال له " واحد بيحب الشعر" فصاح قاعود: "انت بتكتب شعر" وطلب مني أن أسمعهم فأسمعتهم قصيدة "علاقة أزلية" وصار بيت فؤاد قاعود بعدها بيتنا فتعرفت على والدته وأخته ووالده.
ويعترف حجاب بولعه ببيرم التونسي وكيف كان يذهب إلى قهوة باب اللوق خصيصا ليراه فيجبره النادل على احتساء شئ فيطلب ليمونا، ويقول: ظهر بيرم فجأة فوجدته مشاكسا أشيب وخصلة من شعره تتدلى على جبينه و"يشاكل دبان وشه" فخفت وشربت الليمون وانصرفت.
وعندما يصل إلى محطة صلاح جاهين يتحدث عن فؤاد قاعود الذي قدمه إليه ويقول: تعلمت درسا إنسانيا خالصا من جاهين وأنا أشاهده يجلس إلى سليمان جميل الذي يلحن "مصرع لومومبا" لحجازي.. أحسست أن الرجل يضع نفسه في موقع المسئولية ويعلو بالجمال أينما كان.
ويواصل: في الاستراحة قدمني فؤاد، فقرأت أول قصيدة عليه، وبعد أن سمعها تجهم، وصمت، فطلب فؤاد أن القي واحدة أخرى ففعلت ولم أجد إلا نفس التجهم وتكور الملامح، وبعد الثالثة راقبت صلاح جاهين وهو يأخد فؤاد بالحضن ويدور به في الحجرة ويقول له: "بقينا كتير يا فؤاد".
أدركت من أي منطلق يقولها عم صلاح، فرفاق عمره غيبتهم الأسوار محسن الخياط وغيره بينما ظل جاهين هو في الخارج وفرحته كانت كبيرة بي واكتملت فرحته وشعر بمشاعر شيخ القبيلة التي ولد فيها شاعر بصوت جميل.
وفي مجلة "صباح الخير" وتحت عنوان بابه "شاعر جمل يعجبني" قدم جاهين في منتصف يوليو 1961 فؤاد قاعود وقدمني في 31 يوليه ليتحمل الواحد مسئولية ودين وخاصة وهو يقول عني: "لا تلبيني إلا الكلمات العاطفية وإذا كان هناك حبا من النظره أحببته من الشطرة الأولى تذكروا جيدا هذا الاسم سيكون له شأن كبير في حياتنا المقبلة"
وبالشعر يختتم حجاب ندوته، استمع الجمهور إلى ثلاث قصائد أهدى فيها "صحبة ورد لأحلى صحبة" إلى روح عمار الشريعي ويقول في مطلعها: إلى روح شقيق الروح رفيق الحلم والمشوار عمار، قصيدة قريبة من الوقع الذي نعيشه وهى آن الأوان بأه نبقى أحرار بجد وقد نوه لنشرهما في مجلة المجلة.
وفى مداخلته تحدث الكاتب الصحفى والشاعر أسامة عفيفي رئيس تحرير مجلة "المجلة" قائلا أنه قدم اساتذته العظام الذين طمأنوه على موهبته المشتعلة وقال عفيفي: إن حجاب فعل نفس الشئ معنا حين طمأننا على مواهبنا مبكرا.
وأضاف: في عز إطفاء المصابيح الثقافية، واغلاق المطبوعات، وحيث مثقفين كبار هاجروا إلى عواصم أوروبية كان سيد حجاب يقيم ندوة في مجلة الشباب قدم فيها كل أصوات جيل السبعينيات: حلمي سالم، وماجد يوسف، وحسن طلب، وغيرهم. واعتبر الندوة بمثابة ورشة أولى استطاع فيها أن يقدم مبدعين في ظل وقت بوليسي ويتحمل مسئولية أن يقدم هذه الإبداعات ويدعمها.. وبالنسبة لي طمأنني أن أكتب شعر النثر وقال لي: "هو ده الشعر"، فسيد حجاب صاحب فضل كبير وهو أحد آباء جيل السبعينيات.
ويرد حجاب: الجزء الذي استلفت نظري في حديث عفيفي هو تطرقه إلى شعر النثر، فرغم أنني أحمل تحفظات على قصيدة النثر إلا أنني لم أبد نفس الحفاوة بأشعاره المنضبطة عروضيا، وأعجبت بقصائده النثرية وأما تحفظاتي فمصدرها أن الإبداع يبدأ ثم يأتي التقعير والتنظير، وفي قصيدة النثر سبق التنظير الإبداع مما يجعلنا أمام ابداعات مغتربة والمنتج الفكري يقود الواقع الابداعي على غير مقتضيات طبيعة الأشياء، فضلا عن أن قصيدة النثر بنيت على القطيعة المعرفية التي فهمت خطأ فالمعرفة تراكمية والقطيعة منهجية، ونحن ما زلنا نعيش في إطار ثقافات تقليدية برغم محاولات رفاعة الطهطاوي وطه حسين.
نعيش في ثقافة النقل ولم ندخل إلى ثقافة العقل ومن هذا المنطلق دخل شعراء يحملون قيم منهجية قديمة وما خرج هو شعر قديم معبأ في قوالب جديدة وقلة من هذه الأعمال تملك عيون جديدة ومنهج جديد مع تشكيل جديد ولذلك لم تقدم نماذج عليا تحتذى كما أن كيمياء اللغة بمعناها وصوتياتها.
وعن سر ابتعاد حجاب عن اتحاد الكتاب يقول الشاعر الكبير: اتحاد الكتاب أول ما تأسس كان يرأسه ثروت اباظة، وظللت أقدم طلب الانتماء له ويطلب مني التزكية من عضوي الاتحاد، و كان من العبث الالحاح على هذه العضوية إلى أن وجدت في مجلس الادارة بهاء طاهر وزكاني، وكان لي من الانجازات ما يزكيني أكثر من مجلس إدارة الاتحاد الذي اشعر أنه اتحاد شكلي لا يلعب شيئا في حياتنا ولا يضيف شيئا للأدب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.