حقوق المرأة أولوية، محافظ البحيرة تلغي قرار إدارة المواقف ب"منع ركوب السيدات بالمقعد الأمامي"    ستارمر يعلن عودة الناشط علاء عبد الفتاح إلى بريطانيا ويوجه رسالة شكر للسيسي    نشرة أخبار طقس اليوم السبت 27 ديسمبر| تحذيرات هامة من الأرصاد    مصرع شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى مدينة 6 أكتوبر    اليوم.. جنايات الإرهاب بوادي النطرون تنظر محاكمة «تكفيري» أسس جماعة إرهابية    نيكول سابا تنتقد سلوك الجمهور تجاه الفنانين وتروي موقفا شخصيا لها (فيديو)    من 8 صباحا والعودة مفتوحة، فصل الكهرباء اليوم عن 5 مناطق في إسنا جنوب الأقصر    اليوم، انطلاق التصويت بالداخل في جولة إعادة 19 دائرة ملغاة من انتخابات النواب    انفصال بعد 21 عامًا يشعل السوشيال.. داليا مصطفى في صدارة الاهتمام وتفتح صفحة جديدة فنيًا    منها السرطان والخصوبة، النوم بجانب هاتفك يصيبك ب 4 أمراض خطرة على المدى الطويل    جاهزية 550 مقرًا انتخابيًا في سوهاج لجولة الإعادة بانتخابات مجلس النواب 2025    افتتاح مسجد «عبد الله بن عباس» بمدينة القصير بتكلفة 7.5 مليون جنيه| صور    "التحالف الوطني" يُطلق مسابقة "إنسان لأفضل متطوع" ويوقع أعضاؤه أول ميثاق أخلاقي مشترك للتطوع في مصر| صور    ضبط 11 محكومًا عليهم والتحفظ على 4 مركبات لمخالفة قوانين المرور    وزير الرى يتابع إجراءات تدريب الكوادر الشابة بالوزارة فى مجال إدارة المشروعات    هجوم صاروخي روسي يستهدف العاصمة الأوكرانية كييف    عماد الزيني رئيسًا ل "هواة الصيد" ببورفؤاد.. والجمعية العمومية ترسم لوحة الانتصار ب 2025    وزيرا التعليم العالي والأوقاف يفتتحان مستشفى جامعة بورسعيد    بورسعيد تهدي الوطن أكبر قلاعها الطبية.. افتتاح المستشفى الجامعي| صور    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    مدرب مالي يهاجم التونسي هيثم قيراط حكم ال VAR بعد التعادل أمام المغرب في أمم إفريقيا    شاهد.. حريق هائل يلتهم أكشاك بمحيط محطة رمسيس| فيديو    صور من الظل إلى العلن.. الديمقراطيون يفضحون شبكة علاقات إبستين    التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    أمم إفريقيا – مدرب مالي: كنا نستحق ركلة جزاء إضافية أمام المغرب    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    الأردن يدين الانفجار الإرهابي في مسجد بحمص ويؤكد تضامنه الكامل مع سوريا    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    الشدة تكشف الرجال    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    إقبال كبير من أعضاء الجمعية العمومية لانتخابات الاتحاد السكندري    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    الليلة في أمم إفريقيا.. المغرب يصطدم بمالي في مواجهة لا تقبل القسمة على اثنين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أدباء منتحرون‮ .. ‬ظاهرة روسية فريدة
انتحار الفكر‮..‬ ‮ ‬أم فكر الانتحار؟

يقول شاعر روسيا الخالد ألكسندر بوشكين‮:‬
‮ ‬والموت فكرة
‮ ‬أراها قريبة إلي نفسي
‮ ‬وإلي روحي‮.‬
كتب علي أحد أقدم أوراق البردي المصرية حوارا شعريا دار بين رجل تعب من الحياة مع نفسه‮. ‬وما لبث أن تحول الحوار إلي جدال ساخن‮. ‬وكان السؤال الرئيس‮ : ‬هل‮ ‬يجب أن‮ ‬يتشبث الإنسان بالحياة،‮ ‬أو أنه من الأفضل أحيانا اختيار الموت‮. ‬وتقدم القصيدة أفكارا قيمة للشاعر المصري القديم الذي‮ ‬يعاني من مشاعر الحزن واليأس والعجز‮. ‬ويقول فيها‮ "‬الموت‮...‬أضحي اليوم قريبا من بصري‮.. ‬لكن روحي قالت لي‮: ‬نح همومك جانبا‮.. ‬يا أخي وصديقي وقدم قربانا للإله وتمسك بالحياة‮".‬
لا‮ ‬يختلف الروس كثيرا عن العرب في التعامل مع لفظة‮" ‬انتحار‮" ‬فعادة ما تنطق همسا،‮ ‬وتعتبر من التابوهات سواء بالنسبة للضحية أو من بقي علي قيد الحياة‮. ‬وعادة ما‮ ‬يرتبط الانتحار بأمراض نفسية وشعور بالوحدة أو عدم الإيمان بما‮ ‬يجري في الحياة،‮ ‬أو بآلام روحية وعذابات نفسية‮. ‬ويعد الأدباء سواء الكتاب أوالشعراء من أكثر الناس عرضة لمثل هذه الأمراض‮. ‬حيث تصل بهم إلي درجة‮ ‬يصعب تحملها حيث‮ ‬يشعر الأديب بالألم والمعاناة،‮ ‬ليس فقط لكون هذه المشكلات قائمة من حوله،‮ ‬بل ولشعوره بمسئوليته في حدوثها وفي تخليص المجتمع منها‮. ‬
والمثير للاهتمام في الأدب الروسي أنه لا‮ ‬يوجد أديب روسي لم‮ ‬يتعرض لهذا الموضوع في أعماله،‮ ‬ولم‮ ‬يصور مشهد الانتحار‮. ‬ولعل مشهد انتحار البطلة آنا كارينينا في رواية تولستوي التي تحمل الاسم نفسه من أهم المشاهد العالقة في عقول محبي الأدب العالمي‮. ‬كما صورها بوشكين وجوجول وراديشيف وغيرهم‮. ‬وينتمي الأدباء خاصة والمبدعون بصفة عامة إلي قائمة الناس الأكثر عرضة لخطر الانتحار‮. ‬ويرجع ذلك لهشاشتهم العاطفية وتعري مشاعرهم وحالة الصراع مع الثوابت التي تغلب علي حياة معظمهم‮. ‬ويعتقد علماء النفس أن كل إنسان لا تقتصر حياته علي المتعة الجسدية بل‮ ‬يعمل علي تغذية عقله قبل جسده،‮ ‬قد فكر ولو مرة واحدة في الانتحار‮. ‬أما المبدع والأديب خاصة فيستشعر قرب هذه الفكرة منه طوال‮ ‬
الوقت‮. ‬وهي تغويه من آن لآخر‮.‬
‮ ‬ويعد ألكسندر راديشيف‮ (‬1749‮-‬1802م‮) ‬أول الأدباء الروس الكبار الذي أنهي حياته بنفسه‮. ‬حكم عليه بالإعدام وسجن في سجن بتروبافلوفسكايا ؛ بسبب قصيدته الثورية‮ "‬رحلة من بطرسبورغ‮ ‬إلي موسكو‮" ‬ولكن الحكم خفف إلي النفي لعشر سنوات قضاها في المنفي السيبيري‮ ( ‬إيليمسك‮ ) ‬وهناك كتب رسالة فلسفية بعنوان‮ "‬في الإنسان‮ : ‬فناؤه وخلوده‮". ‬وقد عاني الشاعر مما سماه شعور الاستهانة بالقيمة الإنسانية‮. ‬وقد حاول كثيرا الدفاع عن هذه القيمة ودفع ثمنا لذلك من حريته وثروته،‮ ‬وأخيرا حياته‮.‬
‮ ‬يقول راديشيف في إحدي قصائده‮:‬
‮ ‬هل تود معرفة من أنا؟
‮ ‬ما أنا؟ إلي أين أسير؟
‮ ‬سأظل كما كنت طوال حياتي
‮ ‬لست قطيعا ولا شجرة ولا عبدا
‮ ‬أنا إنسان‮!‬
‮ ‬أشق طريقي في دروب‮ ‬
لم يعهدها أحد قبلي
‮ ‬وشهدت الفترة من تسعينيات القرن التاسع عشر إلي العقد الثالث من القرن العشرين أكبر عدد من حالات الإنهاء الطوعي للحياة من قبل الأدباء الروس،‮ ‬حتي أطلق عليها فتره انتشار وباء الانتحار بين الأدباء‮. ‬فقد شهدت تلك الفترة انتحار كل من‮ : ‬فيكتور جوفمان عن‮ ‬27‮ ‬عاما،‮ ‬وإيفان إيجناتيف عن‮ ‬33‮ ‬عاما،‮ ‬وفسيفولود كنيازيف عن‮ ‬22‮ ‬عاما،‮ ‬وفاسيلي كوماروفسكي عن‮ ‬33‮ ‬عاما،‮ ‬وأندريه لوزيتسكي عن‮ ‬30‮ ‬عاما،‮ ‬وآنا مار عن‮ ‬28‮ ‬عاما وغيرهم‮. ‬ولم تشهد فتره في تاريخ روسيا قبلها أو بعدها عدداً‮ ‬مماثلاً‮. ‬وقد رأي الأدباء المنتحرون في الكاتب ليونيد أندريف‮ (‬1874‮-‬1919م‮) ‬ملهما لهم‮. ‬وهوالذي تناول موضوع الموت بكثافة في أعماله،‮ ‬وسحر به كثيرا‮. ‬وتزخر كتاباته بالتشاؤم والقنوط المفرط ولكنه لم يشتهر في حياته باضطرابات نفسيه أو جنون الرغبة في الانتحار‮.‬
‮ ‬وقد تحول الانتحار إلي ظاهرة في تلك الفترة التي شهدت تحولات سياسية وثورية كبيرة في روسيا في بداية القرن العشرين‮. ‬وكان كثير من المقدمين علي الانتحار يرسلون بخطاب إلي أندرييف بوصفه زعيما وملهما بدا وكأنه أنار لهم الطريق في إبداعاته بأن،‮ ‬في الموت الخلاص من الآلام والعذابات الروحية‮. ‬وجمع أندرييف مجموعة كبيرة من الرسائل الأخيرة التي كتبها هؤلاء الأدباء في اللحظات الأخيرة قبل إقدامهم علي الانتحار،‮ ‬حتي أنها أصبحت عادة عند كل من يريد الانتحار من الأدباء الروس أن يكتب رسالة إلي أندرييف‮.‬
‮ ‬ونتوقف سويا عند أشهر ثلاث حالات انتحار بين الأدباء الروس‮:‬
‮ ‬مارينا تسفيتايفا‮ ( ‬1892‮-‬1941م‮). ‬قضت نصف حياتها بعيدة عن وطنها حيث اضطرت إلي الهجرة ؛ لموقفها المعارض من الثورة الاشتراكية وعاشت في عوز شديد خلال تلك الفترة وكان زوجها معدما؛ ولذا اضطرت للعمل ومحاولة كسب المال من الكتابة،‮ ‬وأحيانا من الترجمة‮. ‬عانت كثيرا في المهجر واضطرت للعودة إلي الوطن أثناء الحرب وتنقلت مع ابنها بين المدن الروسية حتي استقرت في تتارستان‮. ‬وهناك قامت بشنق نفسها وتركت ابنها وحيدا وأوصت زملاءها الأدباء برعايته‮. ‬وحتي الآن لم يتم التعرف علي قبرها‮. ‬وقد تركت تسفيتايفا لابنها ورقة كتبت فيها‮ " ‬سامحني يا بني‮! ‬لو انتظرت أكثر لساء الوضع أكثر‮. ‬أنا مريضة بمرض خطير‮. ‬أشعر بأنني لست أنا‮. ‬أحبك بجنون‮. ‬أرجو أن تفهم أنني لم يعد بإمكاني البقاء‮. ‬أبلغ‮ ‬أباك وأختك إذا رأيتهما أنني أحببتهما حتي آخر لحظة في حياتي،‮ ‬وقل لهما إنني وصلت إلي طريق مسدود‮".‬
كما كتبت في وصيتها إلي زملائها الأدباء ليتعهدوا ابنها برعايتهم‮:" ‬عزيزي نيقولاي نيقولايفيش‮ ! ‬أعزائي بنات عائلة سينياكوفي‮! ‬أتوسل إليكم أن تأخذوا ابني‮ "‬مورا‮" ‬وتتبنوه وتساعدوه أن يكمل دراسته‮. ‬لم أعد أستطيع تقديم شئ له وبقائي سوف يقضي عليه‮. ‬تركت لكم في الحقيبة‮ ‬450‮ ‬روبل،‮ ‬كما يمكنكم بيع كل أغراضي‮. ‬كما تركت بضع دفاتر بها أشعار وعدة قصص أتركها لكم‮. ‬حافظوا علي ابني مورا العزيز ؛فصحته ليست علي ما يرام،‮ ‬وأحبوه كابن لكم فهو يستحق‮. ‬وسامحوني فلم أعد أحتمل‮. ‬لا تتركوه أبدا‮. ‬سأشعر بالارتياح والسعادة في قبري لو عاش معكم،‮ ‬وإذا سافرتم خذوه معكم‮. ‬لا تهملوه‮!"‬
كتبت الشاعرة أبياتا قبل انتحارها بعامين‮. ‬ويمكن وصف هذه الأبيات بنشيد المنتحرين‮:‬
‮ ‬لا حاجة لي لأذن تسمع
‮ ‬لا حاجة لي لعين تري‮ ‬
لا حاجة لي
‮ ‬لعالمك المجنون هذا‮! ‬
فلاديمير ماياكوفسكي‮ (‬1893‮-‬1930م‮) ‬عاش الشاعر الشهير ماياكوفسكي حياة‮ ‬غير مستقرة‮. ‬وقد لاقت كتاباته رفضا شديدا من قبل السلطات السوفيتية،وتعرض للهجوم من جانب القراء والنقاد الموالين للثورة البلشفية‮. ‬إلا أن ذلك لم يكن السبب الرئيس في إقدامه علي الانتحار،‮ ‬بل رفض حبيبته فيرونيكا بولونسكويا العيش معه‮. ‬وقد أطلق النار علي نفسه بعد لقاء أخير جمع بينهما‮. ‬وكان قد ترك قبلها بيومين ورقة كتب فيها‮ :" ‬لو مت فلا تتهموا أحدا،‮ ‬ورجاءً‮ ‬لا تغتابوني‮. ‬فالميت يكره الغيبة بشدة‮. ‬أمي وأخواتي وزملائي‮. ‬أرجوكم التمسوا لي العذر فلم يكن لدي خيار آخر‮...." ‬وقد تحالف الشاعر في البداية مع الشيوعيين،‮ ‬ثم ما لبث أن تراجع وندم علي فعلته‮. ‬ولذا هناك رأي قوي يقول إن الشاعر قد وعي بذنبه كشاعر باع موهبته في البداية ثم استيقظ وندم‮. ‬
‮ ‬قالت الشاعرة ماريا تسفيتايفا عن ماياكوفسكي‮ "‬عاش ماياكوفسكي‮ ‬12‮ ‬عاما كاملة تحت وطأة الشعور بأنه يقتل الشاعر الذي في داخله،‮ ‬وفي العام الثالث عشر استيقظ الشاعر وقتل الإنسان‮. ‬إذا كان من وجود هنا لما يسمي الانتحار في هذه الحياة،‮ ‬فإنه ليس حيث يراه الناس،‮ ‬بل استمر كامنا في أعماقه لاثني عشر عاما‮" ‬
سيرجي‮ ‬يسينين‮ (‬1895‮-‬1925م‮). ‬كثيرون لا يصدقون حتي يومنا هذا أن يسينين قد انتحر‮. ‬فلا توجد أدلة علي موته انتحارا‮. ‬والجدير بالذكر أنه كان مدمنا علي الشراب حتي إنه تعرض للاعتقال كثيرا بسبب ذلك‮. ‬كما حاول الشاعر مرات عديدة الانتحار‮ . ‬وكان زملاؤه والمحيطون به ينقذونه في اللحظات الأخيرة‮. ‬وليس من المعروف حتي الآن الحالة العقلية التي كان عليها الشاعر صاحب الثلاثين عاما،عندما شنق نفسه بأن ربط عنقه في أنبوب التدفئة في فندق‮ "‬انترناشيونال‮" ‬مستخدما حزام حقيبته‮. ‬وقد كتب أشعارا في وداع أصدقائه ومحبيه قال فيها‮:" ‬إلي اللقاء‮. ‬يا صديقي‮. ‬إلي اللقاء‮. ..‬فالموت في هذه الحياة ليس بأمر جديد والحياة بالطبع ليست أجدد‮...‬لا أري أي فرصة للاستمرار في الحياة‮. ‬فالفن الذي منحته جل حياتي يخضع لسيطرة قيادة حزب جاهلة مغرورة‮... ‬حياتي ككاتب لم يعد لها معني‮ . ‬وأنا أغادرها الآن بكل سعادة لأتخلص وأنجو من البقاء العفن،حيث يتم وصمك بكل أصناف القذارة والكذب والوشاية‮"‬
‮ ‬‮ ‬وشهد القرن العشرون العديد من حالات الانتحار بين الأدباء الروس نذكر منهم الشاعر ليونيد أرونزون‮ (‬1939‮-‬1970م‮)‬،‮ ‬وماكس باتورين‮ (‬1964‮-‬1997م‮)‬،‮ ‬ودميتري جولوبكوف‮ (‬1930‮-‬1972م‮) ‬وألكسندر باناموريوف‮ (‬1934‮-‬1979م‮)‬،‮ ‬وليونيد سوبوليوف‮ (‬1898‮- ‬1971م‮ ) ‬وغيرهم كثيرون‮. ‬ولعل التحولات السياسية والاجتماعية الحادة التي شهدتها روسيا في العقود الثلاثة والقيود التي فرضت علي الإبداع كانت السبب الرئيس في وقوع معظمها،‮ ‬بالإضافة إلي ما سبقت الإشارة إليه،‮ ‬من دوافع وأسباب خاصة بالمبدع والأديب‮.‬
‮ ‬هناك مقولة شهيرة بين الشعراء في روسيا‮: ‬هؤلاء الذين أنهوا حياتهم بطريقة مأساوية‮...‬أولئك هم الشعراء الحقيقيون‮. ‬بالطبع لا يمكن القطع بصحتها تماما،‮ ‬ولكن لا شك أنها تعبر وبصدق عن حالة وظاهرة روسية فريدة‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.