ترامب يعلن تصنيف السعودية رسميا حليفا رئيسيا خارج حلف الناتو    مصرع شاب وإصابة اثنين آخرين في انقلاب سيارتي تريلا بصحراوي الأقصر    إصابة عامل فى حادث انقلاب جرار لصيانة القطارات بالبحيرة    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    مصرع شاب وإصابة اثنين في انقلاب سيارتي تريلا بالأقصر    خروج أحمد سعد من المستشفى بعد حادث العين السخنة وشقيقه يكشف موقفه من الحركة    إحالة مخالفات جمعية منتجي الأرز والقمح للنيابة العامة.. وزير الزراعة يكشف حجم التجاوزات وخطة الإصلاح    وزير الإعلام البحريني يبحث في زيارة للشركة المتحدة سبل التعاون الإعلامي.. صور    على رأسها إسبانيا وإسكتلندا، 5 منتخبات جديدة تحجز مقاعدها في كأس العالم 2026    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    في ذكرى رحيله.. أبرز أعمال مارسيل بروست التي استكشفت الزمن والذاكرة والهوية وطبيعة الإنسان    معرض «الأبد هو الآن» يضيء أهرامات الجيزة بليلة عالمية تجمع رموز الفن والثقافة    ختام التصفيات الأوروبية.. اكتمال قائمة المتأهلين لكأس العالم وتحديد منتخبات الملحق    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    حصاد مباريات جولة مثيرة بالقسم الثاني    الأحزاب تتوحد خلف شعار النزاهة والشفافية.. بيان رئاسي يهز المشهد الانتخابي    إسلام عفيفي يكتب: الاستثمار في الجغرافيا    جميع المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026    شجار جماعي.. حادثة عنف بين جنود الجيش الإسرائيلي ووقوع إصابات    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    إنهاء تعاقد مُعلم في نجع حمادي بتهمة التعدي على تلميذ    عاجل مستشار التحول الرقمي: ليس كل التطبيقات آمنة وأحذر من استخدام تطبيقات الزواج الإلكترونية الأجنبية    قوات الاحتلال تطرد عائلة الشهيد صبارنة من منزلها وتغلقه    وزير الدفاع الروسي: قوات الصواريخ والمدفعية تلعب الدور الحاسم في تدمير العدو    وزارة الاتصالات تنفذ برامج تدريبية متخصصة في الأمن السيبراني على مستوى 14 محافظة    أحمد موسى: الرئيس دائمًا يؤكد قيمة الوحدة الوطنية.. ودعم البوتاجاز مثال على اهتمام الدولة    أسامة كمال: الجلوس دون تطوير لم يعد مقبولًا في زمن التكنولوجيا المتسارعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    الفنانون يدعمون تامر حسنى فى أزمته الصحية.. هنا الزاهد ودياب: تقوم بالسلامة    القادسية الكويتي يكشف حقيقة فسخ التعاقد مع كهربا    فضيحة الفساد في كييف تُسقط محادثات ويتكوف ويرماك في تركيا    جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر تطلق مؤتمرها الرابع لشباب التكنولوجيين منتصف ديسمبر    أحمد فؤاد ل مصطفى محمد: عُد للدورى المصرى قبل أن يتجاوزك الزمن    زيورخ السويسري يرد على المفاوضات مع لاعب الزمالك    سفارة روسيا فى مصر: بوتين يشارك بالفيديو كونفرانس فى احتفال تركيب وعاء ضغط مفاعل الضبعة    تحريات لكشف ملابسات العثور على جثة شخص في الطالبية    النيابة العامة تكشف تفاصيل تحويل مضبوطات ذهبية لاحتياطى استراتيجى للدولة    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    أوكرانيا تطالب روسيا بتعويضات مناخية بقيمة 43 مليار دولار في كوب 30    وزير المالية: مبادرة جديدة لدعم ريادة الأعمال وتوسيع نظام الضريبة المبسطة وحوافز لأول 100 ألف مسجل    إسبانيا تتعادل مع تركيا وتتأهل إلى كأس العالم 2026    فيلم وهم ل سميرة غزال وفرح طارق ضمن قائمة أفلام الطلبة فى مهرجان الفيوم    طيران الإمارات يطلب 65 طائرة إضافية من بوينغ 777X بقيمة 38 مليار دولار خلال معرض دبي للطيران 2025    «مصر العليا للكهرباء»: 4.3 مليار جنيه مشروعات للغير وفائض تشغيل كبير    مديرة وحدة علاج الاضطرابات النفسية تحذر من الآثار السلبية للتنمر على نفسية الطفل    إيهاب الخولي: الرئيس السيسي يثمن إرادة المصريين ويؤكد على الشفافية    هيئة الدواء: نعتزم ضخ 150 ألف عبوة من عقار الديجوكسين لعلاج أمراض القلب خلال الفترة المقبلة    "تعليم القاهرة" تشدد على أهمية تطبيق لائحة التحفيز التربوي والانضباط المدرسي    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    حماة وطن ينظم مؤتمر حاشد لدعم مرشحه محمود مرسي بالقليوبية    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    الشيخ رمضان عبد المعز يبرز الجمال القرآني في سورة الأنبياء    التنسيقية تنظم رابع صالون سياسي للتعريف ببرامج المرشحين بالمرحلة الثانية لانتخابات النواب    رئيس جامعة كفرالشيخ يفتتح معرض الفنون التشكيلية للطلاب| صور    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: مقارنة المهور هي الوقود الذي يشعل نيران التكلفة في الزواج    كيف يحدث هبوط سكر الدم دون الإصابة بمرض السكري؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليرمونتوف‮ .. ‬ أمير آخر للشعر في روسيا

تمر هذه الأيام الذكري‮ ‬175علي وفاة شاعر روسيا العظيم ميخائيل ليرمونتوف‮. ‬ففي السابع والعشرين من‮ ‬يوليو عام‮ ‬1841م سقط كبير شعراء الرومانسية الروسية في مبارزة وعمره لم‮ ‬يكن قد تجاوز السابعة والعشرين‮. ‬ولعل هذا الشاعر لم‮ ‬ينل الاهتمام اللائق في عالمنا العربي،‮ ‬رغم ما قدمه من إبداعات أثرت ولا تزال في تطور الشعر الروسي الكلاسيكي‮. ‬لم‮ ‬يكن هذا الشاعر بأقل من سابقه ألكسندر بوشكين شاعر روسيا الأول وأمير شعرائها‮. ‬ويكفي أن نقتبس مقولة كبير نقاد الأدب الروسي بيلينسكي‮: " ‬كان مقدرا‮ ‬
ل‮ (‬ليرمونتوف‮) ‬أن‮ ‬يعبر بنفسه و‮ ‬يحقق بأشعاره أهدافاً‮ ‬أكثر سمواً‮ ( ‬سواء من حيث متطلبات‮ ‬
الشعر أو خصائصه أو التوقيت‮) ‬من شعر بوشكين‮".‬
ولد ليرمونتوف في موسكو عام‮ ‬1814م،‮ ‬وكتب أول أشعاره و هو في الرابعة عشرة من عمره‮. ‬وكان قدر الشاعر أن‮ ‬يعيش في فترة من أكثر الفترات التاريخية الثورية في روسيا‮. ‬فقد شهدت تلك الفترة دحر حركة الديسمبريين،‮ ‬ونشاط ما‮ ‬يعرف بالديمقراطية الثورية،‮ ‬كما كانت تلك الفترة من أكثر العصور رجعية وتخلفا في تاريخ روسيا الحديث‮. ‬وينحدر الشاعر من عائلة أرستقراطية،‮ ‬قضي طفولته في ضيعه جدته بعد وفاة أمه وهو لم‮ ‬يزل طفلا‮. ‬ولم‮ ‬يكن له أصدقاء‮ ‬يمكن أن‮ ‬يقضي معهم وقت فراغه‮. ‬ولذا كان دائما حزينا مكتئبا‮. ‬إلا أن وحدته تلك دعته إلي التأمل فيما حوله وتنامت قدرته علي التخيل والإحساس العميق والتفكير‮. ‬وقد ساعد التعليم الراقي الذي تلقاه الشاعر في صباه علي تطوير موهبته؛ ففي عام‮ ‬1825م بدأ ليرمونتوف في تلقي علومه في ضيعة جدته التي جلبت له مدرسين أجانب‮ "‬يوناني وفرنسي‮". ‬واطلع ليرمونتوف علي الكثير من الكتب‮ ‬،كما أتقن الانجليزية و الألمانية و الفرنسية‮. ‬ثم انتقل إلي موسكو وهناك شغف بالأدب،‮ ‬وبدأ في كتابة الشعر وكان في معظمه عن حياته الشخصية وتجاربه الحياتية حيث وصف في أشعاره معاناته من الوحدة وفقدان الأمل بالحياة وغيرها من المشاعر الحزينة التي فرضها عليها واقع حياته‮. ‬وفي عام‮ ‬1829م أنهي كتابة قصيدته‮ "‬مونولوج‮" ‬والتي‮ ‬يعكس فيها أحاسيس القلق و المعاناة الداخلية‮. ‬
وفي‮ ‬1830م كتب قصيدته‮ "‬النبوءة‮" ‬والتي تناول فيها موضوعا سياسيا،‮ ‬وألمح إلي ضرورة القضاء علي السلطة القيصرية في روسيا وقيام الثورة‮. ‬وقد شغف الشاعر بإبداعات كبار الأدباء مثل‮: ‬بوشكين‮ ‬
وشكسبير وشيلير،‮ ‬ولعب ذلك دورا كبيرا في تشكيل شخصيته كشاعر كما تأثر كثيرا بالشاعر بايرون وروح التمرد في إبداعاته‮.‬
وفي سبتمبر‮ ‬1830م التحق رسميا بجامعة موسكو وتحديدا بكلية الآداب‮. ‬وخلال فترة دراسته الجامعية قام بتأليف الكثير من القصائد الشعرية في مختلف الموضوعات سواء السياسية أو الاجتماعية و كذلك التي تتناول الأحاسيس والمشاعر الإنسانية‮. ‬ثم انتقل إلي عاصمة روسيا آنذاك‮ "‬سان بطرسبورج‮ "‬حيث التحق بالمدرسة العسكرية بإيعاز من جدته‮. ‬وفي تلك الفترة كتب ليرمونتوف قصيدته الشهيرة‮ "‬الشراع‮". ‬يقول فيها‮:‬
‮ ‬وسط البحر و ضبابه الأزرق
‮ ‬يلوح بياض خيال شراع وحيد
‮ ‬فعم‮ ‬يبحث في البلد البعيد؟
‮ ‬وماذا ترك خلفه في الوطن؟
‮ ‬بين عبث الموج بالموج‮ ‬
وهزيم الرياح
‮ ‬يترنح الساري‮ ‬يمنة ويسرة
‮ ‬لكنه لا‮ ‬يبالي
‮ ‬كما لو كان لم‮ ‬ينشد‮ ‬يوما سعادة
‮ ‬ولم‮ ‬يهجر محبوبا بإرادة‮..‬
‮ ‬وفي قصيدته‮ "‬النبي‮" ‬يتناول ليرمونتوف الدور الذي‮ ‬يقع علي عاتق الشاعر في مجتمعه،‮ ‬والرسالة التي‮ ‬يحملها‮. ‬ونقرأ فيها‮:‬
‮ ‬منذ أن وهبني الله الخالد بصيرة الأنبياء،
‮ ‬وأنا أتطلع في عيون البشر
‮ ‬لأري صفحات من الشر والرذيلة
‮ ‬صرت أنادي بالحب وأدعو إليه،
‮ ‬وأنشر تعاليم الحق والدين
‮ ‬فأصبح كل من حولي
‮ ‬يرمونني بالحجارة كارهين‮.‬
‮ ‬وكانت أول قصيدة شعرية مطبوعة للشاعر هي قصيدة‮ "‬الحاج إبريك‮" ‬في عام‮ ‬1835م حيث كان كل ما كتبه الشاعر قبل ذلك معروفا فقط في دائرة الأصدقاء والمقربين فقط‮. ‬عندما مات بوشكين شهيداً‮ ‬في مبارزة عام‮ ‬1837م كتب ليرمونتوف قصيدته الشهيرة‮ "‬موت شاعر‮" ‬والتي تسببت في نفيه إلي القوقاز في نفس العام ؛نظرا لمديحه‮" ‬بوشكين‮"‬،‮ ‬و انتقاده ضمنيا للسلطات‮. ‬يقول فيها‮:‬
‮ ‬مات الشاعر
‮ ‬سقط أسيرا للشرف
‮ ‬تدعو الرصاصة التي في صدره للانتقام
‮ ‬وانحنت هامته الشامخة في النهاية
‮ ‬مات الشاعر
‮ ‬فاضت روحه ألما حتي الانفجار
‮ ‬من هول الافتراء
‮ ‬وقف وحيدا في المبارزة
‮ ‬وها قد قتل
‮ ‬فكل نواح الآن لا جدوي منه‮ ‬
كما هي تراتيل الإطراء‮ ‬
و همهمات الأسي‮ ‬
أمام إرادة الموت‮ ‬
وفي عام‮ ‬1937م نشر ليرمونتوف قصيدته الشهيرة‮ "‬بورودينو‮" ‬والتي‮ ‬يصف فيها أحداث الحرب الوطنية ضد فرنسا عام‮ ‬1812م‮. ‬ويمتدح ليرمونتوف في القصيدة الشعب الروسي وحبه لوطنه واستعداده للتضحية في سبيله‮. ‬
ويطرح ليرمونتوف بعمق في أشعاره قضايا فلسفيه؛ مما‮ ‬يؤكد إلمامه بالفلسفة الأوروبية‮. ‬وتميزت فلسفة ليرمونتوف بكونها طبيعية أو كونها فلسفه شعرية دون أن تفقد في الوقت نفسه إمكاناتها الفكرية وعمقها والدراما الغنائية والعاطفية فيها‮. ‬يقوم ليرمونتوف بحل القضايا الفلسفية بطرق مختلفة معتمدا في كل مرة علي تجربة معاناة روحية أصيلة‮. ‬وتبرز شخصية الشاعر في قصائد ليرمونتوف سواء في النص أو في الخلفية،‮ ‬ويبدو لنا إنسانا ذا إرادة قوية جامحة‮. ‬وبفضل مساعي جدته لم‮ ‬يبق الشاعر في منفاه طويلا،‮ ‬حيث عاد في العام التالي إلي مدينة سان بطرسبورج وواصل خدمته في الجيش‮. ‬وانعكس تأثره بالفترة التي قضاها في القوقاز علي أعماله ومنها قصيدته الشعرية‮ "‬الشيطان‮". ‬
وفي عام‮ ‬1840م تعرض الشاعر لأول مبارزة في حياته وكانت ضد ابن سفير فرنسا في روسيا بسبب وشاية من بعض الأشخاص إلي ابن السفير مفادها أن ليرمونتوف قد سخر منه‮. ‬وانتهت المبارزة بتصالح الطرفين‮. ‬وعلم قادة ليرمونتوف في الجيش بموضوع المبارزة فحولوه إلي المحاكمة‮ ‬،‮ ‬ونفي إلي القوقاز مرة أخري‮.‬
وفي فتره النفي الثانية اقترب ليرمونتوف أكثر من حياه السكان المحليين وعاداتهم وشارك بنفسه في العمليات القتالية‮. ‬وشهد العام نفسه صدور روايته الشهيرة‮ "‬بطل هذا الزمان‮". ‬وقد صدرت الرواية في البداية علي شكل فصول في مجله‮ "‬المذكرات الوطنية‮". ‬ثم نشرت ككتاب كامل لاحقا‮. ‬وقد نفدت الطبعة الأولي من الرواية بالكامل‮. ‬ويسعي ليرمونتوف في الرواية إلي رسم صورة واقعية لجيل الشباب الذي‮ ‬يمثله‮. ‬وقد ذكر ذلك في مقدمة كتابه عندما قال إن هذا العمل لا‮ ‬يجسد حياة رجل واحد بل رذائل جيل بأكمله‮. " ‬وإذا قال أحد إن الأخلاق لن تجني من ذلك خيرا،‮ ‬فلا تتعجلوا،‮ ‬فطالما‮ ‬غذي الناس بالحلوي حتي فسدت معدتهم‮. ‬ولزاما عليهم الآن تجرع العقاقير المرة،‮ ‬وأن‮ ‬يتقبلوا الحقائق اللاذعة‮.. ‬لقد أردت علي سبيل التفكه أن أرسم صورة لإنسان هذا العصر كما فهمته،‮ ‬وكما رأيته في أغلب الأحيان‮" ‬وفي عام‮ ‬1840م كان الشاعر قد حسم أمره وقتها و قرر أن‮ ‬يكون الأدب هو هدفه الوحيد و الأسمي في حياته‮.‬
وفي ربيع‮ ‬1841م عاد ليرمونتوف للخدمة في القوقاز وأحس بمشاعر حزينة هذه المرة رغم حبه للقوقاز استشعر أمرا سيئا سيحدث‮. ‬وفي طريقه إلي هناك نشب خلاف بينه وبين أحد الضباط‮ ‬يدعي نيقولاي مارتينوف‮. ‬وحسب العادات الروسية حينها تبارز الاثنان و لم‮ ‬ينج ليرمونتوف هذه المرة‮. ‬
ويستشعر القارئ للسطور الأولي من قصائده أنه علي مشارف الدخول إلي عالم شعري فريد‮ ‬يفوح بالغفوة والغموض،‮ ‬ويتسم بالمأساوية وغلبة التراجيديا‮. ‬وتمثل فكرة الحرية الموضوع الرئيس لشعر ليرمونتتوف؛ حيث وجد الشاعر في هذه الفكرة مادة مهمة جسدها في أشعاره بشغف وإصرار‮. ‬وقد ساعدت إبداعات ليرمونتوف علي إثارة الوعي النقدي لدي معاصريه،‮ ‬واستخدمها الشاعر ضد كل ما هو عنصري وغير إنساني‮. ‬وبقيت أشعار ليرمونتوف حتي‮ ‬يومنا هذا تحافظ علي قيمتها الثورية‮ ‬
وأهميتها‮ . ‬ونجدها إلي اليوم تشحذ الهمم وترفع المعنويات‮. ‬فأشعار ليرمونتوف ساعدت الناس حينها‮ -‬كما هي اليوم أيضا‮ - ‬في النضال من أجل الإنسان وقيمته وحريته وحقه في الفكر الحر الشجاع دون خوف‮. ‬كما‮ ‬يقترب في نزعته النقدية من جوجول إلا أنه‮ ‬يتفوق علي جوجول بقوة نبرته الاحتجاجية السياسية والاجتماعية وعمق المستوي الفكري لإبداعاته‮. ‬
والطريف أن ليرمونتوف لم‮ ‬يستمتع بصدور كتبه في حياته حيث لم‮ ‬يصدر أثناء حياته سوي كتابين فقط‮ ‬يضم الكتاب الأول‮ ‬28‮ ‬مقطوعة شعرية وقصيدة‮. ‬أما الكتاب الثاني فيضم روايته الشهيرة‮ "‬بطل هذا الزمان‮". ‬إن ليرمونتوف‮ ‬يمكن أن‮ ‬يوصف بكونه أكثر الشعراء في التاريخ قدرة علي التخيل ؛فهو كمن سقط من السماء إلا أنه لم‮ ‬يتمكن من إتمام مهمته و رسالته إلي النهاية‮. ‬
لقد ترك ليرمونتوف أثرا عظيما في الأدب الروسي‮ ‬،حيث تمثل إبداعاته مرحلة جديدة في تطور هذا الأدب وبداية ما‮ ‬يعرف بالنقد الثوري‮. ‬ففي شخصه تجسدت للمرة الأولي وبجلاء صورة شاعر الشعب الذي‮ ‬يطرح في كتاباته القضايا الأخلاقية حول مصير وحقوق الإنسان الروسي‮. ‬وترك ليرمونتوف فراغا كبيرا بعد وفاته حيث لم‮ ‬يظهر منافس له طوال عقدين كاملين وقد ترك ليرمونتوف ميراثا رائعا استفادت منه الثقافة الديمقراطية الثورية،‮ ‬وعملت علي اعاده صياغته و تطويره‮. ‬ولم تكن وحدها التي أفادت من تراث الشاعر‮ ‬،‮ ‬بل الأدب الروسي الذي أصبحت إبداعات ليرمونتوف جزءا عضويا مكونا له،‮ ‬وواحدة من عناصر قوته الحيوية والمؤثرة‮. ‬فنجد صوت ليرمونتوف واضحا في إبداعات‮: ‬تورجينيف و ليف تولستوي و دوستويفسكي و ألكسندر بلوك و‮ ‬غيرهم‮. ‬كما تأثر به أدباء الفترة السوفيتية بدءاً‮ ‬من ماياكوفسكي إلي باسترناك‮. ‬ومن‮ ‬غير المستغرب ان‮ ‬يهدي باسترناك رائعته‮ "‬أيا حياتي‮ ! ‬شقيقتي‮" ‬إلي ليرمونتوف‮. ‬
‮ ‬كان ليرمونتوف مبدعا ليس فقط في الشعر بل وفي النثر أيضا،‮ ‬اتسمت ابداعاته بالشمولية وبكونها صالحه لكل زمان ومكان؛ ولذا تخطت حدود روسيا لتحتل مكانه مهمة في الأدب العالمي‮. ‬ولم‮ ‬يكن لديه برنامج سياسي معين أو فلسفه ما،‮ ‬بل كان مبدعا وقديرا في سبر أعماق الحياة والتقاط تياراتها الخفية التي تحمل في طياتها المستقبل أخذ شاعرنا‮ ‬يقنعنا بقرب قدوم هذا المستقبل،‮ ‬ويحلم بالإنسان الحر والمعتز بنفسه،‮ ‬والمرتبط ببلاده وبوعيها الشعبي‮. ‬تلك هي الفكرة الخفية التي تميز كل إبداعات الشاعر ليرمونتوف وهي بمثابة علامة مميزة لها تساعد القارئ في كل العصور،‮ ‬علي التعرف علي ليرمونتوف وفهم إبداعاته ومن ثم الشغف بها‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.