»قول ياشيخ»..ويقصد الأبنودي، سيد الضوي(شيخ القوالين) أشهر من يقولون السيرة الهلالية، أو ربما يقصد(شيخ الجوالين) يجول بقصيدته القري والنجوع..سيد الضوي صوت وذاكرة.. حفظ مليون بيت من الشعر وأكثر(من أبيات السيرة الهلالية) رغم أنه امي لا يقرأ ولا يكتب.. أعطاه الله الصوت متعدد النغم، والنفس الطويل، والذاكرة القوية فسموه (المكتبة المتنقلة) وسموه (فارس بني هلال الأخير) فهو آخر رواة السيرة الهلالية الكبار، وأحد حراس الذاكرة الشعبية.. لم تكن السيرة مجرد حكاية يرويها، لكن ثقافة وتاريخا ينقلها ويحفظها ويصونها، فهو شريك أساسي في تدوين وتوثيق السيرة الهلالية بالصوت والصورة مع الأبنودي، وشريك أساسي في انتشارها وتداولها..غني في باريس ولندن وتونس والإمارات،كما أنشدها في قنا وأسوان والأقصر. سيد الضوي سليل شعراء الصعيد (أعظم من قدموا السيرة الهلالية) جابر أبو حسين شاعر سوهاج، وأهم رواة السيرة الهلالية (وقول ياعم جابر) كما كان يقدمه الأبنودي بذلك النداء الشهير.. والضوي الكبير الأب (عملاق السيرة)..لشعراء الصعيد أسلوبهم المميز في سرد السيرة الهلالية علي الربابة بطريقة (المربع) عكس رواة السيرة في بحري، الذين يروونها بطريقة الموال، معتمدين (المربع والمسبع والمثمن) تصاحبهم أحيانا آلة الكمان، وأحيانا العود.. سيد الضوي يعتبر(السيرة الهلالية صيغت فقط للربابة) ولا توجد أي آلة موسيقية أخري صالحة لتقديم السيرة.. وأعتبر أن رواة بحري »يكلفتوا» السيرة، فما يقوله شعراء الصعيد في أيام، يقوله رواة بحري في دقائق..! مات الشعراء الثلاثة جابر أبوحسين(1980) وعبد الرحمن الأبنودي (العام الماضي) وسيد الضوي(قبل أيام).. مات الشعراء الثلاثة، وبقيت السيرة الهلالية حافظة للتراث والتاريخ والذاكرة الشعبية لتغريبة بني هلال الممتدة من الجزيرة العربية إلي مصر وتونس.... و»يموت المغني وغنوته ماتمتش»..