دخلت وزارة البيئة حربا شرسة مع مصانع الطوب الطفلي التي تعمل بالمازوت في منطقة عرب أبوساعد بحلوان والتي تعد أكبر معاقل هذه الصناعة في مصر. وقد نجحت الوزارة في توصيل الغاز الطبيعي ل 50 مصنعا بالمنطقة الصناعية من إجمالي 500 مصنع وإلي جانب القضاء علي التلوث. يوفر المشروع أكثر من 120 ألف جنيه شهريا فرق السعر بين المازوت والغاز الطبيعي ويعطي نفس الكمية الانتاجية للمصنع الواحد والبالغة 500 ألف طوبة شهريا تقريبا مما يؤدي لخفض أسعار الطوب وانتعاش سوق البناء. ال 450 مصنعا الأخري أغلبها عشوائية تطلق سموما في الجو ويطلق معها أهالي عرب أبوساعد صرخاتهم مطالبين بتحويل كافة مصانع الطوب إلي الغاز وإغلاق المصانع المخالفة كما يقول رمضان السيد الذي يسكن في مساكن المرازيق بمدينة الصف والتي ينتشر حولها أكبر تجمع لمصانع الطوب الطفلي تنتج الحصة الأكبر من احتياجات الجمهورية للطوب. ورغم إجراءات الأمن البيئي الذي تفرضه الوزارة علي هذه المصانع إلا ان هناك أكثر من 400 مصنع تعمل بالمازوت تخرج منها سحابة سوداء هائلة وآلاف الأطنان من الكربون بالإضافة الي مخلفاتها الكيماوية وهذه المصانع تدرك تخفي مخالفاتها وتسوي أمورها في المحليات والبيئة لذلك لا أحد يمر عليهم ولا يسألهم عن كمية التلوث الهائلة التي تطلقها مداخنها. الخضرة ماتت يؤكد مبروك فتحي ان مصانع الطوب تعمل طوال 24 ساعة لدرجة ان الرؤية في الشوارع تنعدم ليلا بسبب الدخان وحتي المساحات الخضراء ماتت بعد أن قضي عليها الدخان السام ولم يفكر حتي مسئولو البيئة أو المجلس المحلي إعادة زراعتها مرة أخري!! يقول أحمد عبدالحميد انه يعمل علي صيانة وتركيب مصنع آلي للطوب الطفلي والمشكلة التي توجه هذه المنطقة هي عشوائية إقامة المصانع. لذلك فهي تنتج أكبر كم من الانبعاثات وفي نفس الوقت تنتج أردأ أنواع الطوب حيث يتم حرق وتسوية الطوب بشكل غير سليم. كما يستخدم المازوت وهو أردأ أنواع الوقود في الصناعة. ويصرخ حسين عبدالله متسائلاً ماذا يفعل مسئولو البيئة بعد أن توقفت الحياة تماما في الشوبك الشرقي بسبب الغازات السامة والأدخنة السوداء التي تطارد الأهالي الذين لا يستطيعون الخروج من منازلهم في أوقات الحريق فالجميع أصبحوا يبحثون عن مساكن بديلة. وأكد ان زوجته اصيبت بالربو بسبب الجو الملوث ليدفع راتبه للأطباء وشراء الأدوية التي تحتاجها ورغم ذلك لم تتحسن حالتها بسبب التلوث الدائم الذي تعيش فيه. ويتساءل السيد عبدالله ما هي الجهة التي تتابع تطبيق قوانين البيئة؟ فقد كان يمتلك قطعة أرض زراعية بالصف ولكن زراعاته ماتت بسبب التلوث وفي نفس الوقت لم يستطع البناء عليها لأنها تقع ضمن كردون الزراعة. وتقول هناء شاهين ربة منزل انها تقيم في منطقة عرب أبوساعد منذ فترة طويلة وقد أصيب أولادها الأربعة بحساسية الصدر وقد نصحها الأطباء بضرورة ترك منزلها والإقامة في مكان صحي آخر ولكن من أين لها هذا وزوجها موظف بسيط لا يقدر حتي علي تكاليف علاجهم. الدكتور عادل عبدالرحمن استشاري الأمراض الصدرية يؤكد ان المصانع التي تعتمد علي المازوت تخرج منها أبخرة تحتوي علي مركبات ممتلئة بالسموم مثل مركبات الزرنيخ والفوسفور والكبريت. كما تحمل معها بعض المعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص والكادميوم وغيرها وتبقي هذه المواد الشائبة عالقة في الهواء علي هيئة رذاذ أو ضباب خفيف ويكون هذا التلوث واضحا حول المصانع وتقوم الرياح بنقله إلي أماكن أخري وتؤدي هذه الانبعاثات إلي انسداد الشرايين والالتهابات مزمنة في القصبة الهوائية كما تعمل علي تقليل فاعلية نقل الأكسجين من الرئتين إلي الجسم.