بين الحين والآخر.. وبلا مقدمات أو أسباب واضحة تطل علي مصر أزمة بوتاجاز خانقة..وفي كل مرة تبقي الحقيقة غائبة والفاعل مجهولا.. ويبقي الخاسر الوحيد هو الدولة متمثلة في قطاع البترول.الذي يتحمل45 جنيها كدعم عن اسطوانة البوتاجاز الواحدة.. وكشفت الأزمة الأخيرة التي تعرضت لها جميع محافظات مصر في الشهر الماضي عن أن البوتاجاز المخصص للاستهلاك المنزلي يتم استخدامه في مصانع انتاج الطوب حيث تقد ر تكلفة استهلاك المصنع الواحد لإنتاج الطوب باستخدام المازوت حوالي80 ألف جنيه أسبوعيا تنخفض إلي23 ألفا في حالة استخدام الغاز الطبيعي وتصل إلي حوالي7 آلاف جنيه فقط في حالة استخدام اسطوانات البوتاجاز المدعومة. ورغم الجهود التي تبذلها الجهات الرقابية لضبط المصانع المخالفة التي تستخدم أسطوانات البوتاجاز ومصادرة كل ماتضبطه إلا أن أصحاب مصانع الطوب يقومون في المقابل بتجنيد عدد من العيون الخاصة الناضورجية لمراقبة الأوضاع علي الأرض والتحذير من أي حملات قبل مداهمة الموقع ومنع دخول الأفراد من غير العاملين حتي لاتحرر مخالفات للمصانع التي تستخدم البوتاجاز والتي تصلها السيارات المحملة بالأسطوانات سرا وفي مواعيد محددة عن طريق بعض أصحاب المستودعات الذين يسعون إلي التربح بأي وسيلة خاصة أن سعر بيع الطوب للمواطن لاينخفض بسبب انخفاض تكلفة الوقود فما يتحقق من وفورات مالية تذهب إلي جيوب أصحاب المصانع والمستودعات وتهدر علي الدولة ملايين الجنيهات. ويؤكد الحاج صالح محمد صاحب أحد أصحاب المصانع التي تعمل بالغاز الطبيعي أن استخدام مصانع الطوب الطفلي اسطوانات البوتاجاز المدعم حيلة مستحدثة حيث انتشرت بين مصانع الجمهورية في الآونة الأخيرة, خاصة في الوجه البحري. حيث ابتكر أصحاب المصانع هناك فكرة توصيل150 أسطوانة غاز بخراطيم موصلة ببعضها البعض تنتهي بخرطوم واحد كبير يصل إلي أفران الطوب ويقومون بالحفر في باطن الأرض وإنشاء حوض كبير الطول وترص فيه أنابيب البوتاجاز بجانب بعضها البعض تباعا وعلي مراحل بواقع20 أنبوبة في كل مرحلة ثم بعدها20 مثلها وهكذا. وذلك لأسباب فنية حتي يستفيدون بكمية الغاز الموجودة بداخل الأنبوبة بوضع ماء ساخن علي الأنابيب لضمان سرعة ضخ الغاز منها كي تصل درجة الحرارة إلي35 درجة مئوية, والسبب الآخر لعملية الحفر أن تكون بعيدة عن أنظار الجهات الرقابية لأنها مخالفة قانونيا, ويناشد الحاج صالح المسئولين بتوصيل الدعم إلي المواطن من محدودي الدخل في بيته وفي مطعمه وليس إلي مصانع الطوب الطفلي. وعندما سألنا أصحاب مصانع الطوب التي تعمل بالمازوت عن أسباب عدم استخدامهم للغاز قال الحاج أحمد نصر هيكل صاحب أحد المصانع إن استخدام أنابيب البوتاجاز يمثل خطورة كبيرة وأضاف قائلا منذ سنتين ونحن نشتري طن المازوت بسعر250 جنيها أما الآن فنشتريه ب سعر1400 جنيه في ظل ازدياد الطلب عليه بسبب كثرة المصانع رغم أنه مدعم, مؤكدا أنه يأمل في سرعة إدخال الغاز الطبيعي إلي هذه المصانع حيث يعد أقل تكلفة وأكثر أمانا موضحا أن استهلاك المازوت يكلفهم حوالي80 ألف جنيه في الأسبوع. ويفرض علي المصانع اشتراطات سلامة وأمان مكلفة للحفاظ علي البيئة من التلوث. ويوضح الحاج مهني عبد الحميد محمد صاحب أحد المصانع العاملة بالغاز الطبيعي أن مصانع المازوت من أشد وأكبر مصادر التلوث ورغم الرقابة من وزارة البيئة إلا أنها لاتكفي حيث أن الوزارة لها مواعيد عمل محددة في اليوم كما أنهم لا يعملون يوم الجمعة لذلك يستغل أصحاب تلك المصانع هذا اليوم من الساعة6 صباحا في العمل حيث تتصاعد ألسنة الدخان باستمرار وبكثافة عالية بسبب المازوت. ويضيف صاحب المصنع قائلا: إن الغاز الطبيعي غير مدعم ومرتبط بالسعر العالمي للدولار عكس المازوت المدعم, ويستغرق حرق الطوبة بالمازوت ساعتين بينما تصل إلي4 ساعات بالغاز الطبيعي بالاضافة الي ذلك فإن تكلفة صيانة الغاز الطبيعي عالية. لو أطفئ الغاز الطبيعي فجأة سيفسد الطوب وتكون الخسائر فادحة. وتبقي المشكلة كما يقول صاحب أحد المصانع في معظم مصانع الطوب الطفلي العاملة بالمازوت تجد صعوبة في ادخال الغاز الطبيعي اليها حيث يوجد في عرب أبو ساعد200 مصنع طوب طفلي تعمل بالغاز الطبيعي من أصل450 مصنعا وتم إدخال الغاز الطبيعي منذ سنتين بتكلفة مليون و180 ألف جنيه للمصنع. ويقول صاحب أحد المصانع أني كنت ضمن ال50 الذين شملتهم المنحة الكندية وقد دفعت وقتها120 ألف جنيه وتعطلت كثيرا حيث أن الشركة الكندية أخذت حق امتياز إدخال الغاز في المنطقة أثناء ذلك ولكن حدث تلاعب وقامت الشركة الكندية بشراكة مع تاون غاز وتولت تاون غاز ادخال الغاز الطبيعي الي المصنع بعد مماطلة طالت مع الشركة الكندية. ويضيف صاحب المصنع رغم ذلك أتصور أن الغاز الطبيعي لن يصل لتلك المصانع لأن أصحاب مصانع الطوب دخلاء علي المهنة يجادلون في أسعار الكربون قبل اجراءات دخول الغاز الطبيعي. يقول المهندس محمد عادل عبد الحميد رئيس شركة تاون جاس أن المرحلة الأولي من مشروع تشغيل مصانع الطوب بالغاز الطبيعي شملت50 مصنعا بمنطقة عرب أبو ساعد وبدأت الشركة في تنفيذ المرحلة الثانية وتشمل200 مصنع بتكلفة145 مليون جنيه ويتم الانتهاء منها خلال الربع الأخير من العام القادم. وقال إن ادعاء البعض بطول الفترة الزمنية التي تستغرقها عملية تشغيل المصانع بالغاز يعود الي عدم معرفتهم بالاجراءات الفنية والاشتراطات التي يجب مراعاتها وتنفيذها خاصة أنه تم تركيب شبكات داخلية لكل مصنع ومد الخطوط الرئيسية إضافة إلي محطة تخفيض الضغط وكل هذه الأمور تستغرق وقتا وجهدا كبيرا. وأضاف أنه بعد تنفيذ المرحلة الأولي من المشروع ظهرت مشكلة توفير التمويل اللازم للتنفيذ حيث كان الاتجاه السائد هو ربط آلية الحصول علي ضريبة الكربون مع التمويل والتنفيذ ولكن الشركة اقترحت فصل هذه الارتباط بحيث تتولي وزارة البيئة التفاوض مع البنوك لتوفير التمويل المطلوب وتقوم الشركة بالتنفيذ علي أن يسدد أصحاب المصانع التكلفة علي أقساط ميسرة وبالتالي تم البدء في التنفيذ. وأشار المهندس محمد عادل عبد الحميد إلي أن متوسط التكلفة التي يتحملها صاحب كل مصنع هي حوالي700 ألف جنيه, وأن المصنع يسترد هذه التكلفة خلال أقل من عام نتيجة الوفر الذي يحققه بين سعر حصوله علي الغاز مقارنة بالمازوت, ويستهلك المصنع الواحد ما يعادل7 أطنان مازوت يوميا تعادل حوالي4 ملايين متر مكعب غاز سنويا. وقال رئيس شركة تاون جاس أن وزارة البيئة تتولي إجراءات الحصول علي ضريبة الكربون والتي تبلغ12 دولارا لكل طن كربون يتم منع تخفيضه من الكميات الملوثة للهواء وهذه الضريبة يستفيد منها أصحاب المصانع أيضا ومن ثم فإن تشغيل مصانع الطوب بالغاز بدلا من السولار أو المازوت يحقق ربحا إضافيا لأصحاب المصانع وفي نفس الوقت يخفض معدلات تلوث الهواء وتوفير العملة الصعبة لمصر نتيجة تخفيض الكميات المستوردة من السولار والمازوت. وأضاف أن المشروع سوف يتم تعميمه علي جميع مصانع الطوب بالمحافظات وأن المصانع الموجودة في مدينة كفر الزيات انتهت إحدي الشركات من الدراسات الخاصة بتشغيلها باستخدام الغاز الطبيعي.