رغم انخفاض سعر الدولار الجمركي إلي 16 جنيهاً مقابل 17 جنيهاً مايو الماضي.. إلا أن الأسعار لاتزال غول يلتهم جيوب المصريين. الغريب أن التجار يرفعون شعار أن السلع الغذائية لا تتأثر كثيراً بالدولار الجمركي خاصة أن جماركها صفر فيما تخضع هذه السلع للعرض والطلب. قالوا إن الأسعار المتداولة لا تحدد علي أساس الدولار الجمركي فقط. بل هناك عناصر أخري تدخل في التكلفة. أما الخبراء فلهم رأي آخر.. فهم يرون أن التجار رفعوا أسعار السلع المخزنة لديهم حال تعويم الجنيه إلي 18 جنيهاً مقابل الدولار. فضلاً عن اتهامهم بالجشع حيال المستهلك ويطالبون بإيجاد منافس لجشع بعض التجار عن طريق توفير السلع في المنافذ الرسمية حتي يحصل المواطن علي احتياجاته وفق منظومة سعرية موضوعية. وقالوا إن الحكومة أضحت غائبة عن رقابة الأسواق بينما الاحتكارات تتزايد والأزمات تتوالي. هذا بجانب تعدد الحلقات الوسيطة وعشوائيتها وفي النهاية المستهلكون هم الضحية. الدولار وجشع التجار الدكتور رشاد عبده استاذ الاقتصاد والخبير الاقتصادي يقول إن المسألة واضحة وضوح الشمس.. التجار في مصر جشعين كل الذي يهمهم إزاي يحقق الأرباح ويكسب علي حساب المواطن الفقير أو محدودي الدخل في ظل غياب الرقابة علي الأسواق من جانب الدولة. قال إن الدولة أصدرت قرار تعويم الجنيه أمام الدولار وأن 90% من مستلزمات الغذاء في مصر تستورد من الخارج مما أدي إلي رفع الأسعار بنسبة 130% وهنا شعر المواطن بارتفاع في أسعار السلع بمعدل من 250 إلي 300% عن الأسعار التي كانت سائدة لكل السلع الزراعية والصناعية.. وفي ظل عدم وجود رقابة من جانب الدولة استمر التجار في غيهم في زيادة الأسعار دون رقيب دون ضوابط مما أدي إلي رفع معدل التضخم في مصر لنحو 34%. أوضح أن أسعار الدولار الجمركي انخفضت إلي 16 جنيهاً منذ ثلاثة شهور والدولار الجمركي ينخفض والأسعار كما هي تزيد ولا أحد يستمع لأي نداء بخفض الأسعار ويبقي الوضع الدائم في مصر أسعار مرتفعة. قال إن التجار جشعين والحكومة ضعيفة والسوق فوضي في ظل اقتصاد السوق وهذا لا يحدث في الدول التي تأخذ بهذا النظام فمثلاً التضخم في أمريكا لا يزيد عن 1% وأوروبا 0.8% وعندهم سوق منضبط أما عندنا لاتزال الاحتكارات قائمة وهناك أمثلة كثيرة مثل استيراد الاقماح والدواجن وغيرها من السلع المستوردة. الحلول اقترح د. عبده أن الحلول ممكنة وتتمثل في خلق دور منافس للقطاع الخاص من خلال الدولة بمفهوم أن تقوم الدولة بالتوسع في استيراد السلع الأساسية وتطرحها بهامش ربح بسيط. * لابد للحكومة أن تقوم بعقد لقاءات مع ممثلي اتحاد الغرف التجارية والصناعات واتحاد المستثمرين للاتفاق علي هامش ربح معقول لا يحدث خسائر للتاجر ولا يسبب معاناة للمستهلكين. * أن تقوم وزارة التموين والتجارة الداخلية بدورها الأصيل في توفير السلع من المنتج إلي المستهلك مباشرة ونلغي دور الوسيط وأن تقوم بتوفير هذه السلع في المناطق الشعبية مما سيكون له أثر كبير في خفض الأسعار علي كافة مستويات المناطق مما يؤدي إلي تراجع الطلب بما يؤدي إلي خفض أسعار السلع. السلع المخزنة قبل التعويم أما الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية وعضو مجلس النواب قالت إن خفض أسعار السلع في الأسواق ليس بخفض قيمة الدولار الجمركي وحده لأن الجمارك جزء من كل وأنه يجب علي التجار خفض أسعار السلع علي جميع الشحنات للسلع المستوردة القادمة وفقاً لأسعار الدولار الجمركي الجديدة أما السلع المخزنة قبل عملية التعويم اعتقد أن أسعارها ستظل مرتفعة رغم تخزينها قبل رفع سعر الدولار. قالت: لابد للحكومة أن تضع الخطط اللازمة لزيادة الإنتاج وعمل التوسعات وزيادة المشروعات الاستثمارية لهدف زيادة الإنتاج وخفض الواردات. السلع الغذائية جمركها صفر يشير د. علاء عز أمين عام اتحاد الغرف التجارية أن معظم السلع الغذائية الاستهلاكية جمركها يكاد يكون صفر خصوصاً السكر والزيت وكذلك لا تتأثر أسعارها بالدولار الجمركي حيث تخضع للعرض والطلب موضحاً أن السلع الهندسية والكهربائية هي التي تتأثر أسعارها ارتفاعاً وانخفاضاً بالدولار الجمركي خصوصاً وأن جمارك السيارات تصل إلي حوالي 40%. تعدد الحلقات الوسيطة ويري أحمد يحيي رئيس شعبة المواد الغذائية بغرفة تجارة القاهرة أن هناك عناصر تكلفة أخري علي المنتج وليس فقط الدولار الجمركي موضحاً أن معظم عناصر الإنتاج ارتفعت بشكل ملحوظ وانعكس ذلك علي ارتفاع الأسعار. ويضيف أن التجار يحصلون علي السلع من المستوردين أو المنتجين ويضعوا هامش ربح بسيط مشيراً إلي أن التاجر مجرد وسيط بين المنتج وتاجر التجزئة أو المستهلك موضحاً أنه بالرغم من ثبات سعر الدولار الجمركي إلا أن السوق يعاني من ركود كبير ويحاول التجار والمجمعات الاستهلاكية وسلاسل السوبرماركت عمل عروض لجذب الزبون مؤكداً أنه بالرغم من تراجع الطلب علي كثير من السلع وانخفاض القيمة الشرائية للجنيه إلا أن بعض السلع ارتفع أسعارها نتيجة لتعدد الحلقات الوسيطة مؤكداً أن موسم دخول المدارس لم يحرك السوق نتيجة للأعباء الاقتصادية التي تعاني منها الأسر المصرية. قال الدكتور صلاح الجندي استاذ الاقتصاد بجامعة المنصورة. إن حجم واردات مصر من السلع يمثل 3 أمثال الصادرات. موضحاً أنه لابد من وضع قوانين تقنن عملية الاستيراد من الخارج. حيث أن معظم السلع التي يتم استيرادها "سلع استفزازية" الغرض منها تربح التجار. أضاف الجندي: لابد أن تقوم الأجهزة الرقابية بمراقبة الأسعار والعمل علي محاربة جشع التجار. مشيراً إلي أن الأسعار لن تنخفض دون قيام الحكومة بتثبيت سعر الدولار الجمركي لمدة لا تقل عن 6 أشهر.