عندما وصل سعر الدولار إلي 20 جنيها مع بداية تعويم الجنيه، لم يصل سعر كيلو الطماطم إلي 12 جنيها كما هو اليوم وسعر الدولار 18 جنيها في البنوك والسوق الموازية. اخترت الطماطم لأنها سلعة يستخدمها كل الناس الغني والفقير كل يوم، وربما يكون هذا مؤشرا حقيقيا لوجود مافيا تجار حقيقيين هم الذين يتلاعبون ويتحكمون في الأسعار، ويستغلون تعويم الجنيه في تحقيق مكاسب خرافية دون وجه حق، ويمتصون دم الغلابة، ويشعلون نار الغضب بين الناس! الحكومة تضخ سلعا، ونقدا أجنبيا، وتحاول تعديل سياسات، وتضع إجراءات حمائية للفئات محدودي الدخل، ولكن دون جدوي، الأسعار في ارتفاع مستمر، لايتوقف، وبلا رادع، والمستفيد قلة من التجار والمستوردين ، وجموع الشعب والصناع يدفعون ضريبة عدم ردع هؤلاء التجار والمستوردين مصاصي دماء الشعب. ولو رجعنا بالذاكرة إلي الوراء 90 يوما لتأكدنا من شخصية مصاصي دماء الشعب، فعندما أعلنت الحكومة إلغاء الجمارك عن "الفراخ" المجمدة المستوردة، قامت الدنيا، ونظم "مصاصو الدماء" حملات إعلامية، ظاهرها الرحمة وباطنها الجشع.. قالوا إن استيراد "الفراخ" لصالح شخص بعينه.. وأن إلغاء الجمارك سيقضي علي صناعة الدواجن في مصر، وأن المزارع ستغلق أبوابها، والعمالة ستشرد، وأن هذا القرار لايتواءم مع سياسة السوق الحر التي تنتهجها مصر، وسيتحكم السوق الخارجي في أسعار الفراخ.. فخافت الحكومة، وتراجعت عن قرارها، وقررت رسوما جمركية علي "الفراخ" وكانت النتيجة ارتفاعا جنونيا وغير مسبوق في أسعار الدواجن المحلية، وزاد سعر كيلو "الهياكل العظمية" للدواجن التي كان يشتريها "الغلابة" وكانت تسد رمقهم. لو كانت الحكومة أصرت علي موقفها وألغت الجمارك علي الفراخ المجمدة لانخفضت الأسعار، وتم إجبار المنتجين المحليين علي خفض هامش الربح المغالي فيه، ولجعلنا البروتين الأبيض سلعة منافسة للحوم الحمراء، وقد يضطر "الجزارون" لخفض سعر اللحوم التي وصلت لسعر فلكي. الإرهاب الذي تتعرض له مصر ليس إرهابا بالقنابل والأحزمة المفخخة، فقط، بل هي تتعرض لإرهاب من نوع آخر، إرهاب مقنن اسمه السوق الحر أتحدث عن السلع الأساسية - ويتزعم هذا الإرهاب التجار مصاصو دماء الشعب. والسبب الرئيسي الذي جعل الحكومة تضطر إلي إعلان حالة الطوارئ هو السيطرة علي العمليات الإرهابية، فإن هذا السبب متوفر- أيضا- في التجار والمستوردين الجشعين، ولذلك فلابد من فرض تشريعات استثنائية "طوارئ" علي مصاصي دماء الشعب، وتتمثل في : إلغاء الجمارك علي السلع الغذائية الأساسية "التموينية". أن يكون المستورد في هذه الحالة جهة حكومية تنشأ لهذه المهمة وتكون مدة عمل الجهة لفترة محددة مثل قانون الطوارئ، ولتكن 6 شهور قابلة للتكرار، حتي يتم إحداث توازن في الأسعار وحتي يشعر المواطن أنه يدفع الثمن الحقيقي للسلعة، وأن الحكومة لم تتركه فريسة لمصاصي الدماء. وأن يتم تطبيق قوانين الطوارئ علي كل التجار الجشعين، وتحويل أي تاجر أو مستورد يتلاعب في الأسعار أو يقوم بتخزين سلعة، بهدف تعطيش السوق إلي محاكمة عسكرية، مع مصادرة هذه السلعة، ومنعه من ممارسة التجارة مرة أخري، طبعا بالإضافة إلي عقوبة الحبس والغرامة المضاعفة. دخول المؤسسات الغنية لتمويل شراء هذه السلع مثل الأوقاف والبنوك الوطنية، التي لاتهدف لتحقيق ربح عالٍ. وأقترح أن تبدأ الحكومة فورا بسن هذا التشريع وترسله إلي مجلس النواب، ولا تعبأ بأي انتقادات أو أي حملات إعلامية مدفوعة من قبل مافيا مصاصي دماء الشعب. نحن في ظروف استثنائية، تتطلب منا فرض قوانين استثنائية مادامت تصب في مصلحة الشعب، فإذا كانت الطوارئ لتحقيق الأمن المادي؛ فإن قوانين ضبط الأسعار لتحقيق الأمن الغذائي. آخر كلمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن التجار يبعثون فجاراً يوم القيامة إلا من اتقي الله وبرَّ وصدق» صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم