مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية: سيؤسس وفق قانون الجمعيات الأهلية    وكالة فيتش تغير نظرتها المستقبلية لمصر من مستقرة إلى إيجابية    حي شرق بمحافظة الإسكندرية يحث المواطنين على بدء إجراءات التصالح    ارتفاع جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم السبت 4 مايو 2024 في المصانع والأسواق    بعد انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 4 مايو 2024 في البورصة والأسواق    3 شهداء جراء قصف طائرات الاحتلال منزل بحي الصفطاوي شمال غزة    البنتاجون يخصص 23.5 مليون دولار لشراء أسلحة لأوكرانيا ضد أجهزة التشويش على نظام GPS    37 قتيلا و74 مفقودا على الأقل جراء الفيضانات في جنوب البرازيل    العالم يتأهب ل«حرب كبرى».. أمريكا تحذر مواطنيها من عمليات عسكرية| عاجل    حسين هريدى: الهدف الإسرائيلى من حرب غزة السيطرة على الحدود المصرية الفلسطينية    رئيس المنظمة المصرية لمكافحة المنشطات يعلق على أزمة رمضان صبحي    جوميز يكتب نهاية شيكابالا رسميا، وإبراهيم سعيد: بداية الإصلاح والزمالك أفضل بدونه    تعرف على حكم مباراة الأهلي والجونة فى الدوري الممتاز    "أفشة يقترب من الرحيل".. سيد عبد الحفيظ يكشف مفاجأة عن مصير نجم الأهلي    «توخوا الحذر».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم وموعد عودة الأمطار في مصر    التموين تتحفظ على 2 طن أسماك فاسدة    دفنوه بجوار المنزل .. زوجان ينهيان حياة ابنهما في البحيرة    صوت النيل وكوكب الشرق الجديد، كيف استقبل الجمهور آمال ماهر في السعودية؟    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. السبت 4 مايو 2024    هيثم نبيل يكشف علاقته بالمخرج محمد سامي: أصدقاء منذ الطفولة    رشيد مشهراوي ل منى الشاذلي: جئت للإنسان الصح في البلد الصح    المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الإذاعى أحمد أبو السعود    معرض أبو ظبي للكتاب.. جناح مصر يعرض مسيرة إبداع يوسف القعيد    حسام موافي يوضح خطورة الإمساك وأسبابه.. وطريقة علاجه دون أدوية    برش خرطوش..إصابة 4 من أبناء العمومة بمشاجرة بسوهاج    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    "ارتفع 140جنيه".. سعر الذهب بختام تعاملات الأمس    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    «صلت الفجر وقطعتها».. اعترافات مثيرة لقاتلة عجوز الفيوم من أجل سرقتها    حازم خميس يكشف مصير مباراة الأهلي والترجي بعد إيقاف تونس بسبب المنشطات    هييجي امتي بقى.. موعد إجازة عيد شم النسيم 2024    عرض غريب يظهر لأول مرة.. عامل أمريكي يصاب بفيروس أنفلونزا الطيور من بقرة    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    «البيطريين» تُطلق قناة جديدة لاطلاع أعضاء النقابة على كافة المستجدات    سلوي طالبة فنون جميلة ببني سويف : أتمني تزيين شوارع وميادين بلدنا    250 مليون دولار .. انشاء أول مصنع لكمبوريسر التكييف في بني سويف    أحمد ياسر يكتب: التاريخ السري لحرب المعلومات المُضللة    مصرع طفلين إثر حادث دهس في طريق أوتوستراد حلوان    احتراق فدان قمح.. ونفوق 6 رؤوس ماشية بأسيوط    أمن القليوبية يضبط «القط» قاتل فتاة شبرا الخيمة    كندا توقف 3 أشخاص تشتبه في ضلوعهم باغتيال ناشط انفصالي من السيخ    السودان وتشاد.. كيف عكرت الحرب صفو العلاقات بين الخرطوم ونجامينا؟ قراءة    برلماني: تدشين اتحاد القبائل رسالة للجميع بإصطفاف المصريين خلف القيادة السياسية    استقرار سعر السكر والأرز والسلع الأساسية بالأسواق في بداية الأسبوع السبت 4 مايو 2024    تقرير: 26% زيادة في أسعار الطيران السياحي خلال الصيف    وكالة فيتش ترفع نظرتها المستقبلية لمصر وتثبت تصنيفها عند -B    توفيق عكاشة: الجلاد وعيسى أصدقائي.. وهذا رأيي في أحمد موسى    شيرين عبد الوهاب : النهاردة أنا صوت الكويت    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    إيفرتون يسقط في فخ التعادل أمام لوتون تاون بالدوري الإنجليزي    الخطيب يهنئ «سيدات سلة الأهلي» ببطولة الكأس    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    «يباع أمام المساجد».. أحمد كريمة يهاجم العلاج ببول الإبل: حالة واحدة فقط بعهد الرسول (فيديو)    فريق طبي يستخرج مصباحا كهربائيا من رئة طفل    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرئيس استقبل بابا الفاتيكان.. وعقدا جلسة مباحثات ثنائية
السيسي: كل التقدير لإتمام الزيارة رغم ما يحدث بالعالم
نشر في الجمهورية يوم 29 - 04 - 2017

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس بقصر الاتحادية قداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان الذي يقوم بزيارة رسمية لمصر حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين.
وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس عقد جلسة مباحثات ثنائية مع قداسة البابا فرانسيس أعقبها جلسة مباحثات موسعة ضمت وفدي البلدين حيث رحب الرئيس بقداسة بابا الفاتيكان معرباً عن التقدير لشخصه ولمواقفه الدولية المستندة إلي القيم والمبادئ الروحية والإنسانية ومشيداً بحرصه علي إتمام تلك الزيارة الهامة التي ترسل رسائل متعددة عميقة الدلالة في وقت عصيب يمر به العالم كله.
وعبَّر الرئيس عن اعتزازه باللقاء الذي عقده مع البابا فرانسيس في الفاتيكان في شهر نوفمبر 2014 والذي سمح بالتعرف علي شخصية البابا المتميزة معرباً عن التقدير لدعم قداسة البابا لمصر وذكر مصر باستمرار في صلواته ودعواته.
أضاف المتحدث الرسمي ان قداسة البابا فرانسيس أعرب عن سعادته بزيارة مصر. مشيراً إلي مساهماتها القيمة في تاريخ البشرية وسعيها لتحقيق السلام.
وأكد قداسة البابا فرانسيس أهمية الدور الذي تقوم به مصر في الشرق الأوسط مثمناً جهودها من أجل التوصل لتسويات للمشاكل الملحة والمعقدة التي تتعرض لها المنطقة والتي تتسبب في معاناة إنسانية كبيرة للبشر.
وأشار قداسته إلي دعمه لجهود مصر في وقف العنف والإرهاب فضلاً عن تحقيق التنمية. مشيداً بالجهود التي تبذلها للوصول إلي الازدهار والسلام.
ذكر السفير علاء يوسف انه تم خلال اللقاء التباحث حول سبل تعزيز مختلف جوانب العلاقات بين مصر والفاتيكان. لاسيما في ضوء تزامن زيارة بابا الفاتيكان لمصر مع الذكري السبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
استعرض الرئيس السيسي خلال اللقاء عدداً من القضايا الوطنية حيث أشار إلي ما يتحمله الشعب المصري بكل شجاعة من أعباء في إطار مواجهة التطرف والإرهاب. مؤكداً ان مصر ستظل دوماً مستعدة للاضطلاع بدورها كنموذج للإسلام المعتدل وذلك لما تمتلكه من مقومات حضارية وتاريخية.
أكد الرئيس ان المصريين المسيحيين هم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني المصري وان الدولة تتعامل مع جميع أبناء مصر علي أساس المواطنة والحقوق الدستورية والقانونية فضلاً عن ترسيخ ثقافة المساواة والانتماء الوطني. الأمر الذي حصن مصر بنسيج اجتماعي متين تمكنت بفضله من دحر قوي التطرف والظلام.
وتبادل الجانبان في ختام اللقاء الميداليات التذكارية حيث قدم قداسة البابا ميدالية تذكارية أصدرها الفاتيكان بمناسبة زيارته إلي مصر تم فيها إبراز لجوء العائلة المقدسة إلي مصر. بينما قدم الرئيس لوحة تذكارية تمثل احتفاء مصر بالعائلة المقدسة علي أرضها.
وأعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس عن خالص تقديره واعتزازه بقداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان ومواقفه الإنسانية النبيلة التي تنزع الشر واليأس من حياة الناس.. مشيرا إلي أن البابا فرنسيس يتمتع بحكمة عميقة تدرك أهمية التعامل مع تعقيدات واقع صعب.
وقال الرئيس السيسي - في كلمته التي ألقاها أمام جلسة حوار بحضور بابا الفاتيكان بفندق الماسة - ان أرض مصر الطيبة سطرت رسالة مضيئة بين رسالات السماء إلي البشر مضيفا انه علي أرض مصر وجد السيد المسيح والسيدة مريم الأمن والأمان والسلام.
وفيما يلي نص كلمة الرئيس السيسي: بسم الله الرحمن الرحيم.. قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان.. فضيلة الإمام الأكبر شيخ الزهر.. السيدات والسادة.. اسمحوا لي في البداية ان أجدد الترحيب بقداسة البابا فرنسيس في أرض مصر ضيفا عزيزا وشخصية فريدة وقيادة دينية وروحية ذات مكانة رفيعة يجلها الملايين من البشر في كافة انحاء العالم من كافة الأديان علي حد سواء.. يطيب لي ان أؤكد كل الاعتزاز والتقدير لشخص قداسة البابا ومواقفه الإنسانية النبيلة التي تفتح طاقة الأمل في نفوس البشر تجمع ولا تفرق.. توحد ولا تشتت.. تزرع الخير والأمل في قلوب الناس.. وتنزع الشر واليأس من حياتهم.. انني أؤكد لكم قداسة البابا ان مواقفكم التي تقوم بتشجيع التسامح والسلام والتعايش بين جميع الأمم هو موضع اعجاب واحترام.. انني اذكر بكل تقديرلقائي الأول بقداستكم في الفاتيكان في نوفمبر 2014 واتذكر بامتنان انني استمعت لرؤياتكم التي تدل علي بصيرة ثاقبة.. تنبع من روحي متشبعة بالإيمان بقدرة الشر علي فعل الخير ومتمتعة بحكمة عميقة تدرك أهمية التعامل مع تعقيدات واقع صعب من منطلق العمل علي بلوغ الاهداف النبيلة التي تحفظ للبشر إنسانيتهم وتشيع العدل والسلام الخير بينهم.
أرحب بكم قداسة البابا في أرض مصر الطيبة التي سطرت علي مدار الزمن أصول مضيئة في تاريخ الإنسانية والتي مزجت بعبقرية متفردة بين رسالات السماء إلي البشر وبين ما انتجه هؤلاء البشر من حضارة وثقافة ليخرج إلي العالم نورا يضيء معالم الطريق نحو السلام والعمران والتسامح بين كافة بني البشر وعلي مر العصور كانت هذه الأرض المباركة حاضنة للتنوع الحضاري والديني والثقافي وموطنا لشعب طيب الأعراق يؤمن بأن الدين لله والوطن للجميع وبأن رحمة الخالق عز وجل تسع البشر جميعا من كل الأجناس والعقائد.
وعلي هذه الأرض - قداسة البابا - وجد السيد المسيح عليه السلام والسيدة مريم العذراء الأمن والأمان والسلام وطافوا بأرجائها محتمين بها من بطش وبغي هيرودس وكانت مصر كعادتها دوما ملاذا آمنا وحصنا رحيما.
قداسة البابا فرنسيس اننا نعتبر زيارتكم التاريخية إلي مصر اليوم والتي تتواكب مع الاحتفال بالذكري السبعين لاقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والفاتيكان بمثابة رسالة تؤكد مع تربط به مصر والفاتيكان من علاقات تقدير واحترام تتأسس علي إيمان مشترك بالقيم الأخلاقية الرفيعة التي رسختها الأديان السماوية لتكون دستورا لتعايش البشر علي الأرض في سلام ومحبة وأساسا لمنع الصراع التي لا تنشر سوي العنف والدمار بين أبناء الأسرة الإنسانية ولقد أكدنا خلال لقائنا اليوم أهمية أن تظل هذه المباديء نبراسا للقادة والحكومات في عالمنا اليوم إذ يواجهون تحديات غير مسبوقة لم تشهدها البشرية من قبل. فالعالم يشهد أياما يعلو فيها صوت العنف والكراهية تنطلق هجمات الإرهاب الأسود عمياء هوجاء تضرب في كل مكان دون تميز تفجع قلوبنا إذ تحرمنا من الأهل والأحباء والأصدقاء وما يزيد من آلامنا ان قوي الشر هذه تزعم ارتباطها بالدين الإسلامي العظيم وهو منها ومنهم براء وهم منه نكراء ان الإسلام الحق لم يأمر أبدا بقتل الأبرياء ولم يأمر أبدا بترويع الآمنين وارهابهم وإنما أمر بالتسامح والرحمة والعمل الصالح الذي ينفع الناس كما أمر باحترام الآخر وحقه في اختيار دينه وعقيدته.
السيدات والسادة.. ان مصر تقف في الصفوف الأولي في مواجهة هذا الشر الإرهابي يتحمل شعبها في صمود وتضحية ثمنا باهظا للتصدي لهذا الخطر الجسيم عاقدين العزم علي هزيمته والقضاء عليه وعلي التمسك بوحدتنا وعدم السماح له بتفريقنا.
وفي هذا السياق أؤكد من جديد ان القضاء نهائيا علي الإرهاب يستلزم مزيدا من التكاتف بين كافة القوة المحبة للسلام في المجتمع الدولي يتطلب جهدا موحدا لتجفيف منابعه وقطع مصادر تمويله سواء بالمال أو المقاتلين أو السلاح.
ويحتاج القضاء علي الإرهاب إلي استراتيجية شاملة تأخذ في اعتبارها ليس فقط العمل العسكري والأمني وإنما الجوانب التنموية والفكرية والسياسية كذلك التي من شأنها هدم البنية التحتية للإرهاب ومنع تجنيد عناصر جديدة للجماعات الإرهابية ولا يفوتني في هذا الاطار ان أثمن واقدر مواقف البابا فرنسيس الداعمة لتفعيل الحوار مع المؤسسات الدينة المصرية بعد سنوات من التوقف لقد كان إعادة اطلاق حوار الأديان بين الكنيسة الكاثوليكية ومؤسسة الأزهر الشريف خطوة تاريخية سيكون لها تقديرا أبلغ الأثر في تعضيد جهودنا من أجل تجديد الخطاب الديني وتقديم فكر ديني مستنير يعيننا علي مواجهة التحديات الجسام التي تشهدها منطقتنا والعالم بأسره من حوله.
ان الأزهر الشريف بما يمثله من قيمة حضرية كبري وما تبذله من جهود مقدرة للتعريف بصحيح الدين الإسلامي وتقديم النموذج الحقيقي إنما يقوم بدور لا غني عنه في التصدي لدعوات التطرف والتشدد ومواجهة الأسس الفكرية الفاسدة للجماعات الإرهابية.
وأود الاعراب عن التقدير لمشاركتكم البناءة في المؤتمر العالمي للسلام الذي ينظمه الأزهر الشريف بالقاهرة ويؤكد حرصكم علي ترسيخ ثقافة الحوار بين كافة الاديان ولتدعيم قيم المحبة والسلام والتعايش المشترك.
وبالمثل كانت الزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا تواضروس للفاتيكان في عام 2013 واعلان يوم 10 مايو يوما للصداقة بين الكنيستين القبطية والكاثوليكية خطوة هامة لتدعيم أواصر التعاون بين مؤسسات مصر الدينية العريقة والفاتيكان وها أنتم يا قداسة البابا تحلون ضيفا عزيزا علي مصر اليوم بحضور ممثلي مؤسساتها الدينية العريقة ليكون استقبالنا لقداستكم علي أرض مصر اعلانا للعالم عن متانة الوحدة الوطنية وصلابتها تلك الوحدة التي نعتبرها خط دفاعنا الأساسي ضد من يضمرون لوطننا شرا.
قداسة البابا اننا نرحب بكم مجددا ضيفا كريما علي أرض مصر فإننا نشاطركم عظيم الأمل في مستقبل أفضل يحمل في طيته عهدا من السلام والرحمة والتسامح ونتمني لكم إقامة سعيدة وطيبة في بلدنا داعيا الله العلي القدير ان يديم علي مصر والعالم بأسره الأمان والطمأنينة والاستقرار.
كلمة البابا
السلام عليكم .. أشكركم. فخامة الرئيس. من أجل كلمات الترحاب الطيبة ومن أجل الدعوة التي تفضلتم بتوجيهها لي لزيارة بلدكم الحبيب. لا زلت أتذكر زيارتكم لروما. في شهر نوفمبر 2014. وكذلك اللقاء الأخوي مع قداسة البابا تواضروس الثاني. سنة 2013. ومع الإمام الأكبر لجامعة الأزهر. الدكتور أحمد الطيب. العام المنصرم.
إني لسعيد أن أكون في مصر. أرض الحضارة النبيلة والعريقة. والتي حتي اليوم يمكن الانبهار أمام آثارها التي تصمد. فيپهيبة وجلال. وكأنها تتحدي العصور. إن هذه الأرض تعني الكثير لتاريخ البشرية ولتقليد الكنيسة. ليس فقط من أجل ماضيها التاريخي العريق - الفرعوني والقبطي والإسلامي - إنما أيضًا لأن العديد من الآباء البطاركة عاشوا في مصرپواجتازوها. في الحقيقة. قد ورد اسم مصر مرات عديدة في الكُتب المقدسة. ففي هذه الأرض أسمع الله صوته. و¢كشف عن اسمه لموسي النبي¢پوفوق جبل سيناء أودعپالربپشعبه والبشرية الوصايا الإلهية. وعلي أرض مصر وجدت ملجأ وضيافة العائلة المقدسة : يسوعپالمسيحپومريمپالعذراء ويوسفپالنجار.
إن الضيافة التي قدمت بكرم منذ أكثر من ألفي عام خلت. تبقي في ذاكرة البشريةپبأسرها. وهي مصدر للعديد من البركات الممتدة حتي اليوم. إن مصر. إذا. هي الأرض التي. بشكل ما. نشعر وكأنها أرضنا جميعًا! كما تقولون أنتم: ¢مصر أمّ الدنيا¢. وهي. حتي يومنا الحاضر. ترحب بالملايين من اللاجئين القادمين من بلدان مختلفة. والتي من بينها السودان واريتريا وسوريا والعراق. والذينپتحاولپمصردمجهم في المجتمع المصري من خلال جهود تستحق كل ثناء.
إن لمصر. بسبب تاريخها وموقعها الجغرافي الفريد.پتلعبپدورًاپلاپغني عنهپفي الشرق الأوسط وبين البلدان التي تبحث عن حلول للمشاكل الملحة والمعقدة التي تحتاج إلي معالجة فورية. لتفادي الانحدار في دوامة عنف أكثر خطورة. أشير هنا إلي العنف الأعمي وغير الإنساني الناتج عن عدة عوامل: الرغبة الجامحة للسلطة» وتجارة الأسلحة» والمشاكل الاجتماعية الخطيرة والتطرف الديني الذي يستخدم اسم الله القدوس لارتكاب مجازر ومظالم مريعة.پ
إن مصير مصرپهذا وواجبهاپهما اللذان قد دفعا الشعب لأن يلتمس بلدًا لا ينقص فيهاپالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية. إن هذه الغاية ستكون بكل تأكيد واقعا ملموسا إذ وحد الجميع إرادتهم. علي قلب رجل واحد. في تحويل الكلمات إلي أفعال. والرغبات المشروعة إلي التزام. والقوانين المكتوبة إلي قوانين مُطَبَّقة. مستغلين في ذلك العبقرية الفطرية لهذا الشعب.
لدي مصر. إذا. واجب فريد: واجب تقوية وتعزيز السلام في المنطقة أيضًا. برغم من كونها جريحة. فوق أرضها. نتيجة للعنف الأعمي. مثل هذه الأعمال تسببت. عن غير حق. في آلام للعديد من الأسر - وبعضها حاضر هنا اليوم - التي تبكيپموتپأبنائها وبناتها.
أفكر خاصة في جميع الأشخاص الذين. في السنوات الأخيرة. فقدوا حياتهم من أجل المحافظة علي سلامة وطنهم:پفيپالشباب. ورجال القوات المسلحة والشرطة» والمواطنين الأقباط» وآخرين مجهولين» سقطوا جميعا نتيجة لأعمال إرهابية مختلفة. أفكر كذلك في عمليات القتل والتهديدات التي أدت إلي تهجير المسيحيين من شمال سيناء. أعبر هنا عن الامتنان للسلطات المدنية والدينية. ولجميع الذين قدموا ضيافة وعونا لهؤلاء الأشخاص الذين عانوا كثيرًا. أفكر كذلك بأولئك الذين سقطوا ضحية الهجمات التي وقعت ضد الكنائس القبطية. سواء في شهر ديسمبر الماضي أو الهجمات الأخيرة في طنطا والإسكندرية. أتقدم لأقربائهم ولكل مصر باحرپالتعازي وأرفع صلاتي للرب كي يمنپعلي الجرحيپبالشفاءپالعاجل.
لا يسعني إلا أن أشجع جرأة العديد من المساعي التي تُبذل لتحقيق العديد من المشروعات الوطنية. وكذلك الكثير من المبادرات التي تم اتخاذها لصالح السلام في البلاد وخارجها. بهدف الوصول إلي التنمية والازدهار والسلام المنشود.پالتيپيريدهاپالشعب ويستحقها.
إن التنمية والازدهار والسلام هي خيرات لا يمكن التنازل عنها وتستحق كل التضحيات. وهي تشكل أيضًا غايات تتطلب العمل الجدي» والالتزام المقتنع» والمنهجيات المناسبة» وقبل كل شيء. الاحترام غير المشروط لحقوق الإنسان غير القابلة للمساومة: كالحق في المساواة بين كافة المواطنين. وحق حرية الدين والتعبير. دون أدني تمييز. إنها أهداف تستوجب عناية خاصة بدور المرأة والشباب والأكثر فقرًا والمرضي. في الواقع. تُقاس التنمية الحقيقية بمدي الاهتمام المكرس لصالح الإنسان - قلب كل تنمية - لتعليمه. ولصحته ولكرامته» ففي الحقيقة. تتجلي عظمة أي أمة في مدي الرعاية التي تكرسها حقًا للأكثر ضعفًا من أفراد المجتمع: النساء والأطفال وكبار السن والمرضي وذوي الإعاقة. والأقليات. بحيث لا يبقي هناك شخص أو فئة مجتمعيةپمنبوذة او متروكة علي الهامش.
إزاء مشهد عالمي في غاية الحساسية والتعقيد. يجعلنا نفكر فيما قد أطلقتُ عليه ¢حربا عالمية علي أجزاء¢. يحتم علينا أن نؤكد أنه لا يمكن بناء الحضارة دونپالتبرؤپمن أي أيديولوجية للشر. والعنف ومن كل تفسير متطرف يرمي إلي إلغاء الآخر وإبادة التنوع عن طريق التلاعب باسم الله القدوس والإساءة إليه. أنتم. يا فخامة الرئيس. قد تكلمتم عن هذا الأمر عدة مرات وفي مختلف المناسبات بوضوح يستحق كل إصغاء وتقدير.
علينا جميعا واجب أن نُعلِّمپالأجيالپالجديدة أن الله. خالق السماوات والأرض. ليس بحاجة إلي حماية من البشر بل. علي العكس. هو الذي يحمي البشر» وهو لا يرغب مطلقًا في موت أبنائه بل في حياتهم وسعادتهم» وهو لا يمكن له أن يطلب العنف أو أن يبرره. إنما. علي العكس. يرذله وينبذه. إن الإله الحقيقي يدعو للمحبة غير المشروطة. وللمغفرة المجانية. وللرحمة. وللاحترام المطلق لكل حياة. وللإخوّة ما بين أبنائه. مؤمنين كانوا أو غير مؤمنين.
عليناپواجب أن نؤكد معًا أن التاريخ لا يغفر لهؤلاء الذين ينادون بالعدالة ويمارسون الظلم» التاريخ لن يغفر لهؤلاء الذين يتحدثون عن المساواة ويقصون المختلفين. علينا واجب أن نفضح باعة أوهامپالآخرة.پالذينپيعظونپبالكراهية كي يسرقوا من البسطاء حياتهم الحاضرة وحقهم في العيش بكرامة. ويحولونهم إليپوقودپحربپحارمين إياهم من إمكانية أن يختاروا بحرية. وأن يؤمنوا بمسئولية. وقبل عدة دقائق قلت لي يا فخامة الرئيس أن الرب هو رب الحرية. وهذه حقيقة. يجب علينا أن ندحض الأفكار القاتلة والايديولوجيات المتطرفة. مؤكدين علي أنه لا يمكن الجمع بين الإيمان الحقيقي والعنف» بين الله وأفعال الموت.
لكن التاريخ. خلافا لذلك. يكرِّم بناة السلام. الذينپيناضلونپمن أجل عالم أفضل. بشجاعة وبدون عنف: ¢طوبي لِصَانِعِي السَّلاَمِ. لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ¢ "متي 5. 9".
بيد أن مصر. والتي في زمن يوسف انقذت الشعوب الأخري من المجاعة "را. تك 47. 57" هي مدعوة اليوم إذا لأن تنقذ هذه المنطقة العزيزة من مجاعة المحبة والإخوة» مدعوة لإدانة ولهزيمة أي عنف وأي إرهاب» إنها مدعوة لتقديمپقمحپالسلام لجميع القلوبپالجائعةپلتعايش سلمي. لعمل كريم.پولتعليم إنساني. إن مصر. التي.پفي ذات الوقت.پبيديپتبنيپالسلامپوبالأخريپتحارب الإرهاب. مدعوة لإثبات أن ¢الدين لله والوطن للجميع¢. كما كان شعار ثورة 23 يوليو 1952. مؤكدة علي أنه يمكن للشخص أن يؤمن وأن يعيش في وئام مع الآخرين. متشاركا معهم في القيم الإنسانية الأساسية. ومحترما حرية وإيمان الجميع.پإنپدورَ مِصرَپالفريدپهوپضروريپحتيپنتمكن من التشديد عليپأن هذه المنطقة. مهد الأديان الثلاثة الكبري. بإمكانها. بل ويجب عليها. أن تنهض من ليل المحنة الطويل هذا كي تشع مجددا قيم العدالة والأخوة العليا. تلك القيم التي تمثل الأساس المتين واللازم لبلوغ السلام. فمن الدول الكبري لا يمكن توقع القليل!
إنناپنحتفل هذا العام بذكري مرور سبعين سنة علي العلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولي وجمهورية مصر العربية. إحدي أوائل الدول العربية التي أقامت مثل هذه العلاقات الدبلوماسية. إنها علاقات اتسمت دائما بالصداقة. والتقدير والتعاون المتبادل. أتمني أن تسهم زيارتي هذه في تدعيمها وتعزيزها.
إن السلام هو هبة من الله ولكنه أيضًا ثمرة لجهد الإنسان. إنه خير يجب أن يُشيَّد وأن يُحرَّس. في إطار احترام المبدأ الذي يؤكدپقوة القانون لا قانون القوة.پسلامى لهذا الوطن الحبيب! سلامى لكل هذه المنطقة. وبصفة خاصةپلفلسطين وإسرائيل. ولسوريا. ولليبيا. ولليمن. وللعراق ولجنوب السودان» السلام لجميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة!
أود أن أقدم تحية مودة وعناق أبوي لجميع المواطنين المصريين. الموجودين وبطريقة رمزية هنا في هذه القاعة. أحيي كذلك الأبناء والإخوة المسيحيين الذي يعيشون في هذا البلد: الأقباط الأرثوذكس. واليونانيين البيزنطيين. والأرمن الأرثوذكس والبروتستانت والكاثوليك. ليحفظكمپالقديس مرقس. الذي بشرپبالمسيحية فيپهذه الأرض. ويساعدنا علي بلوغ الوحدة. العزيزة جدًا علي قلب ربنا "را. يو 17. 20 - 23". إن وجودكم في هذا البلد ليس أمرًا جديدًا ولا عرضيًّا. ولكنه تاريخي وجزء لا يتجزأ من تاريخ مصر. فأنتم جزء أصيل من هذا البلد وقد طورتم عبر القرون نمطًا من العلاقة الاستثنائية. علاقة تكافل فريدة من نوعها. يمكن أن تؤخذ كمثالپيحتذي به في البلدان الأخري. وقد أثبتم. وتثبتون. أنهپيمكن أن نعيش معا فيپإطار منپالاحترام المتبادل والمواجهة المتكافئة. وأن نجد في الاختلاف مصدرا للإثراء وليس أبدًا سببا للخلاف.
أشكركم جميعًا علي استقبالكم الحار. وأطلب من الله القدير والواحد أن يغمر جميع المواطنين المصريين ببركاتهپالإلهية. وليمنح الله مصر السلام والازدهار والتقدم والعدالة ويبارك جميع أبنائها!
¢مُبَارَكى شَعْبِي مِصْرُ¢ كما يقول الرب في سفر النبي إشعياء "19. 25".
شكرًا لكم وتحيا مِصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.