الفنان علي الكسار هو أحد رواد المسرح الكوميدي في مصر والذي كان يضحك جمهوره بأدائه الفطري البسيط.. والذي يعتمد علي الكوميديا النظيفة البعيدة عن الاسفاف والابتذال.. بل هو علامة بارزة أيضا في تاريخ السينما المصرية وحققت أفلامه نجاحاً كبيراً في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي برغم قلتها.. وأصبح نجم شباك التذاكر. وقدم للسينما 40 فيلماً سينمائياً ما بين بطولة مطلقة وأدوار مساعدة في سنواته الأخيرة. بينما كان ملكاً متوجاً في المسرح وقدم لأكثر من 200 عرض مسرحي وأوبريت غنائي. وكان يقدم في كل شهر عرضا مسرحيا جديدا. ولد علي محمد خليل الشهير بعلي الكسار في 13 يوليو عام 1887. وعندما دخل مجال الفن اختار لقب عائلة والدته "الكسار" تكريماً لأمه التي باعت مخبزها التي كانت تمتلكه مقابل أن تفدي ابنها من الالتحاق بالجيش. ولم يهتم الكسار في طفولته بالدراسة مثل بقية أبناء هذا الزمن فحاول أن يمتهن مهنة والده "السروجي" وهو لايزال طفلاً. ولكنه لم يتمكن منها. فسلك مهنة خاله وعمره "9 سنوات" في الطبخ ولكنه تركها أيضا.. وأثناء ذلك اختلط بالنوبيين الذين كانوا يعملون في المطبخ كطباخين وسفرجية وتعلم لهجتهم وطريقة أحاديثهم والتي كانت سبباً في شهرته عندما دخل مجال التمثيل. شخصية عبدالباسط استطاع علي الكسار أن يبتكر شخصية "عثمان عبدالباسط" وهي شخصية مصرية خالصة لرجل نوبي أسمر اللون.. وقدم تلك الشخصية في أعماله المسرحية التي لم تجد لها أثراً والسينمائية حيث نجحت شخصية عثمان عبدالباسط التي ظهر بها في الأفلام التي لعب بطولتها ومسرحياته الخاصة. لم يكن الفنان علي الكسار أسمر البشرة مثلما كان يظهر علي الشاشة. فهو لم يكن من جنوب مصر.. فقد كان قبل صعوده علي المسرح يصبغ وجهه بخلطة يصنعها بنفسه ليجسد شخصية "عثمان عبدالباسط" فكانت تعطيه الشكل الأسمر كأحد أبناء النوبة. جاءت بداية الكسار الفنية عام 1908 وعمره "19 عاما" حيث عمل مع فرقة دار التمثيل الزينبي ثم التحق بفرقة جورج أبيض. وهناك التقي بأمين صدقي حيث كونا معاً فرقة خاصة بدأت عروضها علي مسرح "الماجستيك" بشارع عماد الدين عام 1919 تفرغ خلالها أمين صدقي للكتابة المسرحية أو ترجمة بعض منها من المسرح العالمي ويقوم بتمصيرها.. إلا أنهما انفصلا عن بعضهما عام 1925 بعد أن قدما عروضاً ناجحة بدأها بمسرحية "ليلة 14". وانفرد علي الكسار بفرقته المسرحية.. وكان من بين أعضائها صديقه المقرب بشارة واكيم.. وعبدالعزيز أحمد وراقية رشدي كما عمل معه عدد من الملحنين الكبار أمثال سيد درويش وزكريا أحمد وكامل الخلعي وداود حسني ومحمد حسن الشجاعي وقاموا بتلحين عروضه المسرحية والغنائية وطاف بفرقته أنحاء مصر ومدن الشام.. حيث كان يمثل ويغني. ومن أغانيه الأغنية الشهيرة "محسوبكوا انداس" التي اشتهرت بصوت إيمان البحر درويش حيث لحنها جده سيد درويش للكسار عام 1919 ليغنيها في عرض مسرحية "ولسه". جاء أول أفلامه السينمائية مبكرة عام 1920 بالفيلم الصامت "الخالة الأميركانية" للمخرج الإيطالي بونفيللي المأخوذ عن رواية إنجليزية ولعب الكسار دور امرأة. ولكنه لم يرض بحال السينما وتركها للمسرح ليقدم إبداعاته المباشرة مع جمهوره. بواب العمارة ومع ازدياد الحركة السينمائية عاد علي الكسار للسينما الناطقة من خلال فيلم "بواب العمارة" قام بنفسه بكتابة قصته عام 1935 مع المخرج إلكسندر فاركاش مصمم ديكور الفيلم أيضا وشاركه البطولة بشارة واكيم وأمينة محمد.. وتواصل أفلامه وكون مع المخرج توجو مزراحي ثنائياً ناجحاً فقدما معاً "غفير الدرك. وسلفني 3 جنيه. والساعة 7. وعلي بابا والأربعين حرامي. ونور الدين. والبحارة الثلاثة" كان يمتلك علي الكسار ثروة كبيرة لكنه لم يكن يتظاهر بأمواله وترائه فقد كان رجلاً بسيطاً فعاش زمناً في الحارة التي ولد بها في حي السيدة زينب ثم انتقل إلي حي شبرا حتي وفاته والتي جاءت بسبب إصابته بمرض سرطان البروستاتا في الوقت الذي كان يعاني فيه من الفقر حتي أنه توفي بقصر العيني علي سرير متواضع بالدرجة الثالثة.. وجاءت وفاته يوم 15 يناير 1957 عن عمر 70 عاماً بعد غد يمر علي رحيله 60 عاماً. التجاهل والجحود عاني علي الكسار في أيامه الأخيرة من الجحود حيث تجاهله المخرجون والمؤلفون ولم يطلبه أحد لأعمال كبيرة فاضطر لأن يقبل الأدوار الصغيرة لكي يتمكن من الانفاق علي أسرته وعمل مع فرقة من المغمورين يجوبون الأقاليم. وفي عام 1951 ظهر اسمه لآخر مرة علي الأفيش عن خلال فيلمي "جزيرة الأحلام" مع سعاد مكاوي وإخراج عبدالعليم خطاب.. وفيلم "خضرة والسندباد البحري" بطولة كمال الشناوي ودرية أحمد للمخرج السيد زيادة.. ليختفي اسمه من علي الأفيشات في الأفلام التالية.. أما آخر أفلامه كان "أنا وأمي" بطولة رشدي أباظة وتحية كاريوكا وماهر العطار للمخرج عباس كامل.. وعرض الفيلم عقب رحيله.