ظاهرة ¢العُطاس¢ من الظواهر التي تستحق الدراسة والتناول. وقد دَخَلَت في مسار السياق الثقافي بكل قوة . ناهيك عن الأحاديث النبوية الشريفة. التي تُوجِّه العاطس» والمعطوس في وجهه. والمطلوب قوله من الفاعل والسامع. وفي ذلكم خلافى طويل بين الفقهاء. حول أيُّهما السنة. أن يقول العاطس للمُشمِّت: "يهديكم الله". أو "يهديكم الله ويُصلِح بالكم"؟. وللعطاس طقوس ونظام. لأن الدعاء بالرحمة يُقال لمن عطس مرة أو مرتين. أما في الثالثة فيُقال: "عافاك الله". ومن طقوس العطس. ¢ما صح عن ¢أبي هريرة¢ -رضي الله عنه- أن النبي -صلّي الله عليه و بارك - كان إذا عطس غطَّي وجهه بثوبه ويده. ثم غض لها صوته¢. قال ¢الحجّاوي¢ في تغطية وجه العاطس: "لئلا يخرج من فمه شيء يُؤذي جُلساءه. من بُصاق وغيره. أو يخرج شيء مُفحش مَنْظره". أكثر من ذلك. يقول ¢ابن هبيرة¢ -رضي الله عنه- قال بعض الأطباء: "العُطاس لا يكون أول مرض» إلا أن يكون ¢زُكمة¢. فإذا عطس الإنسان. استدل بذلك من نفسه علي صحة بدنه. وجودة هضمه. واستقامة قوته". من هنا يبدو العُطاس ¢ظاهرة صحية¢ يُستدل بها علي ¢صحة البدن واستقامته¢.. لذا فلنفرح و نحن نمارس العطاس. وفي التراث دخل العطاس في السياق الاجتماعي من باب ¢النفاق¢. فها هي بعض كتب التراث. تَذكُر أن أحد خلفاء بني أمية» عطس في إحدي جلساته أكثر من خمسة عشر عطسة. وفي كل مرة يعطس فيها يحمد الله. فيردُّ عليه الحاضرون داعين له بالرحمة. فيردُّ عليهم الخليفة داعياً لهم بالهداية. وصلاح البال. فسمع ¢الحجّاج بن يوسف الثقفي¢ بهذه القصة. ولم يُرِد أن تمر دون أن يُسجِّل موقفاً مُشرِّفاً فيها. فكتب إلي الخليفة قائلاً: "أيها الخليفة. لقد سمعنا -وفقكم الله لما يُحب ويرضي- أنكم أُصبتم في إحدي جلساتكم بالعُطاس. وكان الحاضرون يدعون لكم وتدعون لهم. فيا ليتني كنتُ معكم. فأفوز فوزاً عظيماً"! رحمنا الله ورحم الحجاج والخليفة. وجميع العاطسين والمعطوس في وجوههم! و العطاس إذا جاء بعد كلام المتحدث فهذا يدل علي أن ¢ الكلام صحيح¢ و في ذلك يقول الشاعر : إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ حَدِيثَ صِدْقي .. سَيَعْقُبُهُ عُطَاسى أَوْ أَذَانُ! وفي زمن من الأزمان الغابرة. كان هناك وظيفة رسميةپ تُسمَّي ¢مشمِّت علماء¢. يقوم صاحبها بتشميت العلماء وطلبة العلم. وكان يراعي مكانة كل عَالِم في الرد. فلا يُقدِّم تشميت العَالِم الصغير علي العَالِم الكبير» إذا عطسا معاً. ومنذ عهدي بعيد. كان كاتب هذه السطور العرفج -تجاوز الله عنه-پ يري بعض المدرسين في الحرم النبوي الشريف -علي ساكن ثراه الصلاة والسلام- وهم يَشمُّون ¢النشوق¢ الجالب للعُطاس. ليدخلوا في نوبة عُطاس لذيذة. لا تختلف عن دوامة العُطاس» التي دخل فيها الخليفة الأموي. والإصابة بنوبة العُطاس. يُرجعها بعض الراسخين في الطب. إلي أبخرة زائدة في الرأس. وهناك مَن يقول غير ذلك. وفوق كل ذي علم عليم. في نهاية الناصية أقول: يا لهذا العُطاس الذي دخل وتسلَّل» حتي وصل إلي ميدان المال والأسهم. والأوراق النقدية والحركة الاقتصادية. حتي قالوا في أمثالهم: "إذا عَطَسَت ¢وول ستريت¢ أصيب العَالَم بالرَّشح والزُّكَام".