لم تبدد زيارة رئيس جمعية فرنسا-الجزائر جان بيار شوفانمان. إلي الجزائر ولقاؤه بوزير الحكومة عبدالمالك سلال. التوتر الذي يخيم علي العلاقات بين البلدين. وواصل مسؤولون ورؤساء أحزاب موالون للنظام الجزائري تصعيدهم ضد باريس. متهمين إياها بالتدخل في شؤون بلادهم ومحاولة زعزعة استقرارها. ووجود نزعة جزائرية لتقليص التعاون الاقتصادي مع باريس. والانفتاح أكثر علي دول أخري مثل الولاياتالمتحدة والصين وروسيا. واندلعت شرارة الأزمة بين الجزائروفرنسا في أبريل الماضي حين أقدم رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس علي نشر صورة له مع الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. خلال زيارته الأخيرة للجزائر. وهو في حالة صحية حرجة للغاية في إحدي الصحف الفرنسية. الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. بل إن الإعلام الفرنسي سارع لنشر فيديو للرئيس بوتفليقة. أسوأ بكثير من الصورة التي نشرها مانويل فالس. بما أساء حتي إلي خصوم بوتفليقة ومعارضيه. لأن الأمر أصبح يتعلق بكرامة وهيبة دولة. كما كانت تصريحات نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق ورئيس حزب الجمهوريين أكثر ايلاما للجانب الجزائري. مشككا في قدرة النظام الجزائري علي الخروج من نفق الأزمة الاقتصادية التي دخلها بسبب انهيار أسعار النفط. وتحذيره من الوضع الأمني في البلاد, كما علق مؤخرا علي تصنيف ألمانيا للجزائر ضمن البلدان الآمنة قائلا "سمعت للتو أن ألمانيا وضعت الجزائر في خانة الدول الآمنة. لا أصدر أحكاما لكنني أتوخي الحذر وأتريّث كلما كان الحديث عن الجزائر". رغم أن الرسميين الفرنسيين يتحججون أن الإعلام حر ومستقل. لكن العارفين بالعلاقة المتشابكة والمعقدة بين الإعلام والسياسة في فرنسا. يدرك أن هناك مساحة مسكوتاً عنها. يتم فيها ترتيب أشياء والاتفاق علي أخري. بما يخدم المصلحة العليا لفرنسا. وبالتالي هناك شعور جزائري رسمي أن ما وقع لم يكن مجرد ممارسة إعلامية علي الطريقة الفرنسية. وعبر عن ذلك مدير ديوان بوتفليقة احمد او يحيي ووصف الموقف بالمؤامرة وانه عمل شنيع. وهو ما يمكن أن نستنتج منه أن الجزائر لن تساند مرشح اليسار أيا كان. وأن المستفيد الأول سيكون غالبا المرشح اليميني. حرب تصريحات وعاد التوتر في العلاقات بين الجزائروفرنسا من جديد إلي أشده بعد تصريحات منسوبة إلي سفير فرنسابالجزائر قال فيها إن 60% من التأشيرات التي أصدرتها السفارة كانت لمصلحة سكان منطقة القبائل. مضيفا أن 50% من الطلبة الجزائريينبفرنسا هم قبائليون..هذه التصريحات أججت غضب الحكومة الجزائرية التي ردت عليها في أول فرصة. حيث وصف وزير الخارجية رمطان العمامرة هذه التصريحات بالمؤسفة. قائلا إن دور الدبلوماسيين هو فتح جسور تواصل مع البلدان التي يعملون بها وليس من المهنية التمييز بين مواطني تلك الدول. لكن السفارة الفرنسية بالجزائر حاولت تدارك الموقف بعد تصريحات لعمامرة. وسارعت إلي التراجع عن تصريحات السفير بيرنارد إيميه نافية أن يكون قد تحدث للصحفيين حول هذا الموضوع. قال بيان وزعته السفارة الفرنسية علي وسائل الإعلام إن فرنسا ليست لديها سياسة محاصصة فيما يتعلق بمنح التأشيرات وإن تصريحات السفير التي أدلي بها في لقاء خاص مع الجالية الفرنسية» تم تفسيرها بشكل خاطئ. وأثارت تصريحات السفير الفرنسي جدلا واسعا في وسائل الإعلام بسبب حساسية المنطقة التي كان يتحدث منها وعليها» حيث جاءت خلال زيارة لولاية تيزي وزو ذات الغالبية القبائلية ما جعل الكثير من الجزائريين يتساءلون عن سبب الاهتمام الخاص الذي توليه فرنسا لسكان هذه المنطقة. لكن المتابعين لا يجدون كبير عناء في فهم حساسية هذه المنطقة التي يقطنها ¢أمازيغ¢ يتهمون تختلف لهجتهم عن لهجة البلاد ويطالبون بتطبيق اللغة الأمازيغية أي أنهم نقطة ضعف لدي الدولة تريد استغلالها او التلويح بهم متي تشاء . وقد هاجم السياسيون الجزائريون ما قامت به وسائل الاعلام الفرنسية ووصفهم بالحقودين في فرنسا الذين لا يمكنهم تقبّل جزائر مستقلة تدافع علي مصالحها ولا يريدون كذلك جزائر تندّد بالمساس بمؤسساتها وعلي رأسها رئيس الجمهورية.بل يروق لهم رؤية جزائر تابعة ومستعمرة. ويربط بعض المراقبين بين هذه الأزمات المتتالية وبين ما يجري في الداخل الفرنسي من صراع سياسي بين اليمين واليسار خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي ستجري العام المقبل.