عندما تجلس لتشاهد ما تبثه بعض الفضائيات الخاصة وصحف رجال الأعمال.. تكتشف أنه لا فرق ولا يوجد أي اختلاف عن احاديث المقاهي هذا هو حال بعض الإعلاميين والكتاب والصحفيين في مصر. مثل "الهبلة التي امسكوها طار".. فهذا الإعلامي وهذا الصحفي يفهم في الذرة والسياسة وكرة القدم والقانون الدولي والاقتصاد وترسيم الحدود والحقوق التاريخية والجغرافيا والتاريخ والدستور والثورات. عليك أن تكتشف بسهولة ودون أدني مشكلة أن ثمة مجموعة بعينها هي التي تريد اشعال البلاد بكلام سخيف يستهدف اثارة العواطف واللعب بمشاعر الناس دون وجود أي منطق أو سند عقلاني أو حقيقة تاريخية بل يضربون بكل ذلك عرض الحائط.. فلا مجال لوثائق أو حقائق تاريخية فقط الحديث عن شعارات "حنجورية".. وكلام حلاقين مع احترامي لهذه المهنة الجميلة والذين يعملون فيها. علي مدار الأيام الماضية انتابتني حالة من الاستياء الشديد من التصرفات غير المسئولة من بعض الإعلاميين.. صراخ وهياج.. وادعاء باطل للوطنية والبطولة. هي نفس الوجوه من الإعلاميين والصحفيين والنشطاء والحركات والساسة المزعومين الذين يتحركون في المشهد المصري.. ولا أعرف ماذا يريدون؟.. فكلما تحركت البلاد للأمام نحو أهدافها واقترب جني الثمار وضعوا امامها العقبات والعراقيل وحاولوا اشعال الشارع بشعارات وادعاءات باطلة.. وكأنهم يستخدمون ضمن مخطط شيطاني وجهنمي ادواته في الداخل والخارج الوطنية ليست كلام وشعارات و"حنجوريات".. ولكنها عطاء وفداء وسهر من أجل مصر.. تضحيات وعمل في تجرد وانكار للذات.. هي الخوف علي وطن يسبح وسط أمواج من التهديدات الخطيرة ومحاولات الخنق والحصار.. هي استفادة من دروس ومصائر الاخرين في الجوار سقطت أوطانهم.. وضاعوا ويتسولون الآن وطناً يحتمون فيه يواري الجسد وتخلد فيه الروح.. ويحفظ فيه العرض. صدقوني المسألة ليست في جزيرتين القضية أكبر من ذلك.. الهدف الذي يسعي إليه بعض الكارهين والحاقدين هو ضرب الثقة في الرئيس السيسي والمزايدة عليه تمهيدا لضرب اللحمة الوطنية ثم تحقيق ما يخططون له وهو اسقاط الدولة التي تستعد للانطلاق والزحف نحو المستقبل هذا باختصار.. الهدف المسموم الذي لن يتحقق. هذا هو حديث "أبوحمالات" الذي يظل يصدع الناس به لساعات طويلة.. لا يستند إلي عاقل أو منطق أو حتي مبدأ.. فهل يعقل أن نلقي بالوثائق والأوراق والمستندات في قضية تيران وصنافير في القمامة ولا نعيرها أي اعتبار ونضرب بها عرض الحائط ونحتكم للناس؟.. وهل الأمر فقط هو مجرد تهييج وتأجيج لمشاعر الناس وبث الفتنة دون سند أو دليل فالقضية ليست كلام أو حنجوري أو عظات أو خطب رنانة وشعارات جوفاء ولكنها حقائق تاريخية وأدلة ووثائق السؤال هنا "أبوحملات".. صاحب النظريات والافتكاسات.. هل قالت الدولة كما تزعم أن أمن واستقرار مصر في كفة.. واتفاقية ترسيم الحدود في كفة أخري؟.. هذا لم يحدث علي الاطلاق فالدولة قالت علي لسان رئيسها إن مصر لا تبيع أرضها ولا تفرط في حقها ولا تتنازل عن حبة رمل مصرية واحدة ولكن لا تأخذ أو تأكل حق الآخرين. لا أدري لمصلحة من هذا التهييج والمزايدات والحديث الرخيص لبث الفتنة واشعال البلاد والتلاعب بعقول المواطنين؟ الاستاذ عبدالله السناوي يدخل علي الخط في مقاله في جريدة "الشروق" توسيع كامب ديفيد.. يقول السيادة بالدم والتضحية لا تقل أهمية عن أحاديث الخرائط والوثائق وأمور السيادة لا تؤخذ بخفة ولاتحسم بصفقات الظلال. وأقول للاستاذ السناوي القطب الناصري الكبير.. إن حديثك هو حديث عواطف ومشاعر وهو مقبول لكن في لغة الحقوق الفيصل هنا للأدلة والوثائق والخرائط والعلم الذي تجري علي اساسه اتفاقيات ترسيم الحدود. وبما أنك أحد أقطاب الناصرية.. وترفع شعارات القومية العربية.. فإن مصر خلال المواجهات العسكرية مع إسرائيل كانت تري أن أرض العرب جميعاً هي أرضها.. فهي التي كانت تحارب وتدافع وتضحي بأسمهم وتتعاون معهم ويدعمونها علي الأقل بالمال واستغلال الأرض التي تحقق الأمن للأمة العربية وتحفظ امنها القومي.. ومن هذا المنطلق أوكلت السعودية لمصر حق حماية الجزيرتين وتأمينهما واستغلالهما عسكرياً إذا استلزم الأمر.. فالأمة العربية وحسب شعاراتكم هي كل لا يتجزأ. وهناك فارق كبير بين شعارات الدم والتضحيات وهي مقبولة أدبياً لكن فيحالة الحقوق التاريخية يتوقف الأمر عند الوثائق التي لا تلقي لها بالا أو اهتماما وهذه رؤية عاطفية لا مكان لها في السياسة واتفاقيات ترسيم الحدود والقانون الدولي. أما عن كلام الاستاذ السناوي عن تصاعد النفوذ السعودي والإيراني والتركي في المنطقة علي حساب مصر فهذا الكلام يفتقد للموضوعية.. فالأدوار والمكانة تحددها الجغرافيا والتاريخ والصقل الاستراتيجي في العالم والمنطقة.. فعناصر اللعبة السياسية في المنطقة في يد القاهرة ولديها الأدوات والوسائل خاصة فيما يتعلق باستعادة الدور والمكانة علي الساحة العربية والأفريقية والدولية.. فمصر منذ 30 يونيو لا تتحدث إلا بارادتها ونفضت غبار التبعية الأمريكية وهي التي ذهبت إلي روسيا وجاءت بها إلي المنطقة لإعادة توازن القوي وهو الأمر الذي صحح المعادلة في القضية السورية وهي أيضا التي بنت علاقة قوية علي أساس المصالح المشتركة واحترام ارادة الدول وأبرزها علاقات القاهرة وباريس وبكين وهناك خطوات مصرية جادة وناجحة في الملف الليبي سوف تؤدي إلي تغيير وجهة نظر العالم حول تسليح الجيش الوطني الليبي. مصر لم تفقد دورها.. ومستقبل هذا الدور سواء في المنطقة أو العالم أقل ما يوصف به هو دور واعد فقد فازت مصر بمقعد غير دائم بمجلس الأمن وتقف حجر عثرة ضد ضغوط أمريكية ونوايا شيطانية تتربص بالشرق الأوسط والأمة العربية وفي القلب منها القاهرة. العلاقات المصرية مع القوي العالمية.. واهتمام الدول الكبري بالحالة والدور المصري يفسد حديث السناوي ويجعله بلا منطق أو سند فمصر الجغرافيا هي قلب العالم.. والتاريخ حافل بأهمية دور مصر ومحوريته.. وإذا تحدثنا عن اللحظة فمصر هي القاسم المشترك في جميع الملفات فهي دولة الجوار مع الدولة الفلسطينية وهي التي تصر علي عدالة قضيتها دون تنازل أو تفريط باتفاقيات أبرمت في الماضي بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدسالشرقية وعلي حدود 4 يونيو .1967 وفي اعتقادي أن الدور الإيراني مرتبط بالريموت الأمريكي ومساحة تحركه محدودة سواء في اليمن أو سوريا أو لبنان وهو مصدر تهديد لأمن الخليج إلا أن مصر القوية هي حجر العثرة أمام اطماع طهران في منطقة الخليج.. ولعل وضوح الموقف المصري "ومسافة السكة" والعلاقات العسكرية المصرية الخليجية رسالة لا يكتنفها الغموض وهي واضحة للجانب الايراني أن مصر في ظهر امتها العربية. الحديث عن تراجع الدور المصري وسط هذه النجاحات بعد 30 يونيو علي يد الرئيس السيسي والاضافات الجديدة علي أجندة السياسة الخارجية المصرية وما لديها من قيم ومبادئ وقواعد اخلاقية راسخة جعلت العالم بقواه الكبري يقتنع بأهمية الدور المصري.. خاصة أن تركيا تنتظر مستقبلاً أكثر غموضاً في ظل التحديات الخطيرة التي تنتظرها سواء في ملف الأكراد أو حتي الملف السوري والانقلاب الأمريكي والأوروبي المنتظر بسبب سوء سياسات أردوغان وهويته الاخوانية والسياسية التركية التي تفتقد للقيم الأخلاقية في التعامل الدولي. لا أشك في قوة الدور المصري رغم أمواج التحديات والعواصف الشديدة والتهديدات التي تواجه الدولة المصرية وما يضمر لها من نوايا سيئة ومخططات ومؤامرات إلا أنها قوة صاعدة لها تأثيرها الاقليمي والدولي بشكل يجعل القوي الإقليمية والدولية تتمسك بأهمية الدور المصري وقيادته للمنطقة. الدور المصري يملك أدواته في جيش قوي وقوة الاقتصادية الواعدة التي يتم استغلالها في الوقت الحالي من خلال المزايا الاستثمارية والاكتشافات البترولية وايضا المشروعات القومية ناهيك عن الدبلوماسية الناعمة التي تم تجريفها خلال السنوات الماضية فالازهر يستعيد دوره ومكانته والخطاب الثقافي والابداعي والفني إذا ما استعاد الرؤية والبريق والمضمون سوف يكون له دور كبير لأنه صاحب خصوصية في المحيط الاقليمي والأفريقي والعربي. تدخل أيضا هالة شكرالله وخالد داود وخالد علي وحسام المتحدث باسم التيار الشعبي وخالد علي وممدوح حمزة والسفير معصوم مرزوق في هوجة الأكاذيب والعواطف والشائعات وهم معروفون بكراهيتهم للنظام رغم أنهم لم يحصلوا علي أي شيء في الانتخابات سواء الرئاسية والبرلمانية وكانت الأصوات الباطلة أكثر مما حصلوا عليه وهذه اشارة إلي أن اغلبية الشعب المصري تلفظهم وترفضهم وترفض أن يتحدثوا باسم الشعب والمصريين. علينا أن نراجع السنوات القليلة الماضية.. والايام والشهور الماضية.. وبربط الأحداث تجد أن ما حدث للطائرة الروسية فوق سيناء.. ثم جاء مقتل الباحث الايطالي ريجيني والحملة الإعلامية المسعورة التي تنهش في سمعة مصر.. ثم اختطاف الطائرة المصرية وهبوطها في قبرص.. ثم تراجع الكتابات والمقالات والعبارات التي تركز في مضمونها علي بعض الجمل والكلمات بداية من البلد مازالت تحكم بسياسات مبارك.. ثم تجهيز البديل.. ثم دعوة لاحتشاد وإعادة احياء التيار المدني.. فهذه باختصار هي مداخل الشيطان.. تقودها نفس المجموعات والوجوه من حمدين صباحي وهالة شكرالله وخالد داود وإبراهيم عيسي والإخوان.. ألم أقل لكم إن الهدف ليس وطنياً والهدف ليس الحديث غير الموضوعي وغير المنطقي عن جزيرتين فالأمر أخطر من ذلك.. الهدف هو الدولة المصرية ورئيسها وإعادة سيناريوهات قديمة علي غرار 25 يناير مع احترامي للبسطاء والمواطنين الذين ظلمتهم ظروف ما قبل .2011 ان ثمة تعليمات خارجية وصلت مداخل المصري.. بحيث تنفذ مجموعات بعينها عملية اشعال الشارع وحشد التيارات المعادية للدولة المصرية من خلال الوجوه التي كونت ثروات مشبوهة من خلال بعض النقاط التشكيك في الدولة ومؤسساتها ورئيسها ورموزها.. فالمسألة ابعد واخطر وعلي الأغلبية الوطنية ألا تظل صامتة وتترك المجال للقلة التي لفظها الشعب طامحا لمستقبل واعد.. التاريخ لن يعود.. لن نفشل ولن نركع ولن نخضع.. ولن يكون مصير مشروعنا الوطني مثل مشروع محمد علي أو جمال عبدالناصر سنبلغ ذرة اهدافنا.. وسوف تصبح مصر كما يريد شعبها ورئيسها وجيشها ومؤسساتها الوطنية.