مازالت الجريمة البشعة. التي ارتكبتها الجماعة الإرهابية في حق سائق سيارة. وثلاثة من القُضاة الأجلاء. بالعريش.. تُلقي بظلالها الكئيبة علي مصر. وشعب مصر.. وستظل هذه الظلال مخيمة علينا. فترة من الزمن.. خاصة أننا.. شعباً. ودولة. لا نتعلم من تجاربنا.. بل ولا نحاول. فهذا النهج الإجرامي للجماعة.. وهذا الأسلوب في التعامل. مع ما يواجه هذا "الفصيل". العميل. من تحديات.. أسلوب واحد.. لم يتغير.. ولن يتغير.. هكذا بدأوا.. وها هم بعد مرور 87 عاماً علي نشأتهم.. يمارسون نفس الأسلوب. ونفس التصرف. ففي عام ..1948 في عهد الملك فاروق قامت الجماعة باغتيال "المستشار الخازندار" بعد إصداره حكماً ضد عدد من أفراد عصاباتها. بل امتد العنف. وتجاوز حدوده.. عندما أصدر "حسن البنا" أوامره بقتل "رئيس الوزراء النقراشي". وكان قرار القتل مباشراً. من البنا. إلي القاتل.. ملحقاً بقرار الاغتيال والقتل تعليمات نافذة. لمهاجمة محكمة الاستئناف. وتدميرها. بما تملكه من وثائق وأوراق تكشف وتثبت نوايا الجماعة وأهدافها. وفي عام ..1954 وكان النظام قد تغير.. وجاءت ثورة يوليو. وحُلت جميع الأحزاب.. وأبقت علي الإخوان.. لكن مطامع "الجماعة". والقوي الاستعمارية. التي أنشأتها.. وأخذت تخطط لها.. كان لها موقف آخر.. وتوجه مختلف.. فالمطلوب باختصار هو.. تصفية الثورة.. وإبعاد عبدالناصر. وصحبه.. وجاءت التعليمات من الخارج. بضرورة التصعيد والمواجهة مع الثورة. واتفقوا.. الجماعة. والاستعمار الغربي. "الأمريكي والأوروبي" علي ضرورة "التصفية الجسدية".. لزعيم الثورة عبدالناصر. وبالفعل. وخلال احتفالات وطنية. بميدان "المنشية بالإسكندرية" بدأت محاولة اغتيال عبدالناصر.. وأطلقوا عليه الرصاص بالفعل.. لكنه نجا من المحاولة.. وتم حل الجماعة. في عام ..1965 كانت التجربة المصرية. مع ثورة يوليو قد أنجزت العديد.. السد العالي.. التصنيع.. تأميم القناة.. عدم الانحياز.. ترسيخ مبدأ ومفهوم القومية العربية والوحدة العربية.. وكان لابد من وقف هذا التمدد والنجاح. في نفس الوقت.. كان سيد قطب قد أنهي "بعثته المشبوهة" في الولاياتالمتحدة.. وعاد محملاً بأفكار. وخطط التطرف والعنف. التي تعلمها. وتبحر فيها. داخل: مؤسسات العنف والجريمة. بالمخابرات الأمريكية. وداخل جمعيات. الصهيونية. والتطرف. والتآمر في الولاياتالمتحدة.. وأصبح عضواً عاملاً وفاعلاً. ثم عاد إلي مصر.. حاملاً خطة الانقلاب.. وخطط إشاعة العنف والفوضي في أنحاء البلاد.. وعلي رأس هذه الخطط.. اغتيال عبدالناصر. وجرت المحاولة في "منشية البكري".. وفشلت المحاولة.. وتقرر وبشكل نهائي حل الجماعة. وجاء السادات.. حاملاً رؤية جديدة.. خاصة وقد أنجز. حرب التحرير في أكتوبر ..1973 وظن أن هذا الإنجاز هو "جواز القبول والمرور". لكنه.. وبالتأكيد.. أخطأ التقدير.. ووثق فيمن لا يصح الوثوق بهم.. سواء كانوا المخططين والمدبرين في الخارج.. أو كانوا العملاء المنفذين بالداخل.. الجماعة وعصابتها وفروعها. وكان جزاؤه "أعني السادات".. الاغتيال. * * * هذا الاستعراض السريع.. لتاريخ "الجماعة".. وممارساتها.. يكشف إلي حد بعيد.. طبيعة هذا "التنظيم".. ويكشف مكوناته.. ويكشف أهدافه.. إذا افترضنا.. تجاوزاً.. أن له أهدافاً. فالتنظيم تنظيم جماعة الإخوان.. تنظيم "أجنبي".. بنشأته. وأهدافه.. حتي رداء الإسلام.. الذي اتخذ منه توصيفاً للجماعة.. لم يكن أكثر من غطاء. ومدخل. يتسلل من خلاله. إلي صفوف شعب يعاني من: الفقر. والأمية.. والمرض. وقد حرص هذا التنظيم الإجرامي. علي أن تستمر أمراض هذا المجتمع. كما هي.. بلا معالجة أو تغيير لأنها هي نفسها.. الأدوات اللازمة. للاختراق. والتسلل. والسيطرة.. المهم. إبقاء "الحال علي ما هو عليه". هذا الجانب.. والمتعلق. بالناس والشعب داخل مصر.. هو الجانب الذي أوكله "الاستعمار الأجنبي".. لعميله الأول في الداخل المصري.. أما الجانب الآخر.. وهو ما يتصل. بإنهاك. بل وبتدمير مصر. ووقف نموها وتقدمها.. فقد تولته القوي الاستعمارية ذاتها.. وذلك من خلال غزوات. ومؤامرات. وحروب. وتوريطات. لا أول لها ولا آخر. * عدوان علي غزة. واحتلال وتدمير لها عام .1955 * وعدوان ثلاثي: انجلترا وفرنسا وإسرائيل عام .1956 * وإسقاط للوحدة عام .1961 * واستنزاف لمصر. في حرب اليمن. ابتداءً من عام 1962. جمعوا لها العملاء من الشرق والغرب. * ثم كان العدوان الأكبر في يونيه .1967 بعد هذا العدوان الغاشم في يونيه 1967. استطاعت مصر أن تقدم ملحمة فريدة. في المقاومة.. والرفض.. والمحافظة علي حرمة الأرض. وكرامة الشعب.. في أكتوبر ..1973 عبرت.. وحررت.. وحاولت استمرار منظومة "لم الشمل". والعمل من أجل فتح صفحة جديدة لتاريخ مصر الحديثة. لكن المؤامرة.. الداخلية. والدولية.. كانت قد سبقتنا.. فعادوا لتفكيك البلاد من جديد. سمحوا لكل الكوادر المصرية المؤهلة. من الشباب. ومن الخبراء. ومن العلماء.. ومن كبار العسكريين الذين صنعوا نصر أكتوبر. بالهجرة إلي الخارج.. ومهدوا لهم الطريق. للجوء السياسي. واللجوء من أجل العمل. في نفس الوقت. فرضوا علي الواقع المصري أفكاراً. وسياسات. وفلسفات. وأنظمة من شأنها: * تفكيك الاقتصاد المصري.. * وبيع أصوله وفروعه.. * وتشكيل قوي جديدة تحت مسميات مشبوهة.. من رجال أعمال إلي مستثمرين.. إلي ما أطلقوا عليه الاقتصاد الحر. وبدأ يظهر في مصر "الفقيرة".. والساعية إلي التقدم.. بدأت تظهر طبقة من "المليارديرات".. الذين تخصصوا في نهب أموال الدولة.. والاستيلاء علي الأراضي.. والاحتكار لكل أنواع السلع. بل والخدمات أيضاً. مع ظهور هذه الطبقة وسيطرتها.. بدأت عملية ممنهجة. ومنظمة لتهميش الدولة. وإضعاف التعليم المصري.. من خلال إدخال. مؤسسات. وجمعيات. بل وجامعات.. وظيفتها: * القضاء علي المؤسسات العلمية والتعليمية القائمة. * حرمان المجتمع من خريجين وطنيين. كان المفروض أن يكونوا إنتاجاً طبيعياً للمؤسسات التي حاصروها وقضوا عليها. * * * كان المطلوب.. بعد هذا الإنجاز الجبار ل"الاستعمار الأجنبي" ولعملائه في الداخل والخارج.. أن تقوم السلطة الفاسدة. التي مكنوها من كل شيء.. أن تقوم بالمشاركة الفعالة في تنفيذ المخطط "العالمي الجديد" الذي يستهدف إعادة بناء وتشكيل شرق أوسط جديد. وكان الاختيار جاهزاً.. ومعداً.. أساسه.. تمكين "جماعتهم".. جماعة الإخوان من الحكم.. وبالفعل نجحوا في تحقيق هذا الترتيب والتدبير.. لكن الحقيقة الكبري. التي غابت عن المخططين. والمدبرين ومعهم.. العملاء: * أن الجماعة من الغباء. والخواء. والجهل.. بحيث لا تستطيع أن تدير قرية.. لا وطناً. * كما غاب عنهم. أن الشعب المصري.. رغم كل ما كالوا له. وفعلوا فيه من جرائم.. قادر دائماً علي أن يواجه المكروه والضرر. بكل حزم وقوة.. وأن هذا الشعب.. وعلي الرغم من أنهم استمروا في تجريفه.. وتفريغه من كل الكفاءات.. والقيادات الوطنية.. هذا الشعب.. عند نقطة معينة.. قادر علي قلب "الطاولة". علي كل المتآمرين.. من الخارج والداخل علي السواء.. وهو الحادث الآن.. وهذا هو ما أوقع "الخارج المتآمر".. والداخل "العميل".. في حيرة.. فالاستعمار الخارجي. والقوي المتآمرة. عادت تلجأ لأساليبها القديمة بالتشكيك.. والدس.. والوقيعة.. وإثارة الأكاذيب. والشائعات. والقوي الداخلية "العميلة".. من الجماعة الفاسدة. وأتباعها. وحلفائها.. عادت لنفس الأساليب التي بدأت بها ومعها منذ 87 عاماً لأساليب. القتل والتخريب.. والتدمير والاغتيال. هذا الذي تحدثنا عنه.. ومازلنا.. يفرض علينا.. التنبه إلي أننا أمام معادلة.. واضحة المعالم. تحالف إجرامي.. خارجي وداخلي. فقد الرؤية الصحيحة.. إلا أنه عازم علي مواصلة المشوار والجريمة. وتصميم وعزم مصري داخلي.. كشف الملعوب.. ومطلوب منه المواجهة.. بكل القوة والحزم.