قرارات البنك المركزي الأخيرة بلاشك قضت علي ظاهرة السوق السوداء للدولار.. واستقرار أسعاره وأدت إلي تخفيض الطلب عليه كما أن لها دوراً كبيراً في ترشيد حجم الاستيراد.. خاصة بعد أن حدد 50 ألف دولار كحد أقصي يتم إيداعها في البنوك في خلال شهر.. وتقوم البنوك بتمويل السلع الضرورية والاستراتيجية مثل السلع الغذائية ومستلزمات الإنتاج.. وهذا من أجل الحفاظ علي الاحتياطي من النقد الأجنبي.. ولأن مواردنا من العملة الأجنبية مازالت محدودة. واعترض الكثير من المستوردين بأن هذه القرارات تقيد عمليات الاستيراد لسلع يحتاج إليها السوق المصري حتي لو كانت تندرج تحت بند سلع غير ضرورية. ولكن في الواقع هذه القرارات ستؤدي إلي عدم إغراق السوق المصري بالبضائع الرديئة التي ترد من الصين وجنوب شرق آسيا.. فقد دخلت خلال العقود الماضية إلي السوق المصري مختلف أنواع السلع التي حلت محل الإنتاج المحلي ونافسته من حيث السعر فقط وأدت إلي إغراق الأسواق ببضائع كان الإنتاج المحلي أكبر منافس فيها.. مثل فوانيس رمضان.. فقد كانت هناك الكثير من الورش والمصانع.. بل وأسواق مخصصة لإنتاج وبيع هذه السلعة وبأسعار تناسب جميع المستويات إلا أنه بعد دخول المنتجات الصينية تراجع الإنتاج المحلي قد يكون السبب الأساسي عدم التطوير.. أيضا كانت منتجات خان الخليلي يتم تصنيعها في السوق المحلي ويتميز بها ويتم تصديرها للأسواق الخارجية.. ولكن بعد دخول الإنتاج الصيني تراجعت أمامها المنتجات المصرية. فقرارات البنك المركزي الأخيرة وإن كانت تحافظ علي استقرار سوق الصرف وثبات سعر العملة.. بل إنها بطريقة غير مباشرة ترشد الاستيراد خاصة السلع الاستهلاكية حتي لو كان المستهلك المصري يقبل عليها.. وهنا يجب أن يحل الإنتاج المصري محل المستورد ويعود ليحتل مكانته من جديد وهذا يتطلب من المنتجين والمستثمرين سرعة تعويض الأسواق من السلع المستوردة التي قد تشهد نقصاً كبيراً خلال الفترة القادمة.. ويتطلب من الحكومة تقديم التسهيلات للمنتجين.. للتوسع في المصانع المقامة أو إقامة مصانع جديدة.. أو إقالة المصانع المتعثرة لتعود للدوران ولكن بشرط أن تتعهد هذه المصانع بإنتاج سلع جيدة وذات تكلفة منخفضة وزيادة الكميات التي يتم إنتاجها.. فالمنتجات الصينية أسعارها رخيصة لأنها تعتمد علي الكم الكبير من الإنتاج بالتالي تكلفتها منخفضة ولكنها ليست علي مستوي عال من الجودة. فقد آن الأوان.. التوسع في إنتاج السلع التي يحتاج إليها السوق المصري خاصة أن لدينا نسبة بطالة مرتفعة وهذه المصانع تحتاج إلي عمالة كبيرة وهذا يحتاج تنسيقاً بين وزارات التجارة والصناعة واتحادات الغرف التجارية والصناعية.. لتحديد أنواع السلع التي يحتاج إليها المستهلك المصري وتشجع المنتجين علي الإنتاج وتطوير منتجاتهم.. والاهتمام بالكم والجودة معاً.. فهناك الكثير من السلع التي قد يشهد السوق المصري نقصاً فيها بسبب عدم قدرة المستوردين علي استيرادها في ظل القرارات الأخيرة.. وتحتاج إليها قطاعات كبيرة.. وهذا يحتاج إلي التوسع في إقامة المصانع التي تنتج هذه السلع.. للاستغناء عن المستورد.