بحكم القضاء الإداري يدخل الصراع الصوفي في مصر مرحلة جديدة.. الحكم استبعد 13 طريقة من الجدول الرسمي العام لهذه الطرق والمعترف بها رسمياً من الدولة.. المدعون يقولون ان الحكم ينهي مرحلة من مراحل التصوف ويؤسس لمرحلة جديدة يترتب عليها حل المجلس الاعلي للطرق الصوفية وتشكيل مجلس جديد.. بينما الصادر ضدهم الحكم يؤكدون ان الحكم لم يحل المجلس ولكن تم حله بشكل طبيعي عقب انتهاء مدته المقررة لإنهاء أعماله وهي ثلاث سنوات ويتم الآن ترشيح مشايخ الطرق لانتخاب مجلس جديد. الصراع الصوفي لم يقتصر علي المجلس الاعلي للطرق الصوفية في مصر فقط ولكنه امتد إلي خارج الدولة.. المجلس العالمي للطرق الصوفية الذي تم تدشينه واعلانه بباريس مؤخرا كان مثار جدل وخلافات جديدة. رفض الرئيس الحالي للمجلس الأعلي للطرق الصوفية في مصر المشاركة في المجلس العالمي الجديد كما يؤكد أحد القيادات الصوفية البارزة الشيخ عيسي الجوهري شيخ الطريقة الجوهرية.. المجلس العالمي الذي لا يعترف به بعض أعضاء المجلس الحالي للطرق الصوفية في مصر انضم إليه دول أخري وسوف يتم اختيار اعضاء مجلسه ورئيس المجلس من جميع المرشحين في الدول المختلفة قريباً. من ناحية أخري يجري الاستعداد علي قدم وساق من الجهتين المتصارعتين للاستعداد للانتخابات القادمة المقرر عقدها يناير القادم للمجلس الاعلي للطرق الصوفية في القاهرة. الدكتور محمود أبوالفيض شيخ الطريقة الفيضية الشاذلية والقيادي البارز في المجلس الاعلي للطرق الصوفية يؤكد ان المستبعدين من القضاء سيدخلون الانتخابات القادمة بعد علاج الاسباب والحيثيات التي أوردها الحكم لاستبعادهم وأصبحوا ضمن الجدول الرسمي العام للطرق الصوفية.. غير ان الجبهة الاخري تنازع بأن هذه الطرق المستبعدة وبينها طريقة الشيخ القصبي الرئيس الحالي للمجلس الاعلي للطرق الصوفية تم استبعادها بحكم قضائي وإعادتها سيكون بحكم آخر. * ما هي أبعاد النزاع وما أثره علي الشأن الصوفي والدعوة الإسلامية الصوفية في مصر والعالم؟ كيف يتم اختيار شيخ المشايخ لهذه الطرق في ضوء أصوات جديدة عالية تنادي بمنع التوريث في التصوف ووضع أسس جديدة عادلة لاختيار مشايخ الطرق وشيخها الأكبر استنادا إلي العلم والأخلاق والالتزام والتقوي والورع؟ 15 مليون مريد الاهتمام بالقضية جاء من الاعداد الهائلة المنضمة للطرق الصوفية والمؤثرة في المشهد المصري والتي تبلغ قرابة 15 مليون مصري ينتظرون باهتمام بالغ حسم النزاعات والتفرغ لطريق الله. الجمهورية تحاورت مع الجهتين وكانت هذه حصيلة آرائهم: الشيخ عيسي الجوهري شيخ الطريقة الجوهرية يؤكد ان عدد الطرق الصوفية في مصر 82 طريقة منها 13 طريقة استبعدها القضاء لعدم تسجيلها علي الجدول الرسمي وطريقة تعيين مشايخ هذه الطرق يتم عادة باختيار افضل أبناء الشيخ فإن لم يوجد له أبناء يقع الاختيار علي أحد اخوته فإن لم يكن أحد يصلح للمشيخة وتحمل المسئولية يجتمع الخلفاء ويتم اختيار وأحد من بينهم شيخاً للطريقة. أضاف ان هناك شروطا قانونية مهمة لاختيار شيخ الطريقة منها خلو صحيفته الجنائية من أي سوابق كما انه يتم تشكيل لجنة عليا متخصصة من علماء الازهر والتصوف لاختباره في القضايا العلمية الخاصة بالتصوف وكيفية معرفته بأساليب وأوراد الطريقة التي يديرها علما بأنه لا يشترط التخصص الدراسي في التصوف حتي يكون شيخاً للطريقة ويكفي معرفته عن طريقة المشايخ أو كونه تربي في بيت للتصوف خاصة وان الازهر لا يخصص كلية للتصوف لتدريس المنهج الشامل لهذا العلم ولكنه يتم تدريسه في الازهر كإحدي المواد الدينية في بعض الكليات الشرعية أضاف أن بعض الطرق تخصص اكاديميات لتدريس هذا العلم مثل العشيرة المحمدية لكن الأزهر نفسه لا يعطي مؤهلا متخصصا في التصوف. وأضاف الشيخ عيسي الجوهري ان المنهج الصوفي يختلف عن الدراسة الدينية العادية فالصوفية تهتم بالنواحي الروحية أكثر من اهتمامهم بظواهر الأمور التي تعالجها الدراسة العادية. اعتبارات الشيخ ولكن ما هي الشروط الواجب توافرها بشيخ مشايخ الطرق الصوفية؟ اجاب المفروض ان يكون الاعلم والانقي ولكن القانون ألزمنا ايضا ببعض الاعتبارات.. فالمجلس الاعلي للطرق الصوفية يتكون من عشرة أعضاء بالانتخاب و5 اعضاء بالتعيين من الدولة أحدهم من الأزهر والآخر من الداخلية والثالث من وزارة الاوقاف والرابع من الحكم المحلي والخامس من وزارة الثقافة.. وهؤلاء الخمسة تعينهم الدولة لأن تعاملنا في الاساس يكون معهم.. أما العشرة المنتخبون فيتم انتخابهم من الجمعية العمومية لمشايخ الطرق ويتم اختيار واحد من العشرة المنتخبين ليكون رئيسا للمجلس ثم يعين من قبل رئيس الجمهورية. قال إن العرف الصوفي اقتضي عادة أن يكون شيخ المشايخ ذا علم والأكبر سناً ومن عائلة كبيرة لأنه يمثل الطرق الصوفية كلها في المجالس والمؤتمرات الرسمية والعلمية والدينية الكبيرة. وعن حكم القضاء الاداري الأخير بحل المجلس قال: القضاء لم يحل المجلس ولكنه قضي باستبعاد 13 طريقة بعدما قمنا برفع دعاوي ضدها لأنها لم تستكمل اجراءات تشكيلها التي نص عليها القانون وبين هذه الطرق الطريقة القصبية التي منها شيخ مشايخ الطرق الصوفية الشيخ عبدالهادي القصبي و3 طرق أخري ممثلة في المجلس الاعلي هي الصاوية والجازولية والدسوقية المحمدية ولكن هذا الحكم سيترتب عليه طبيعياً حل المجلس * ولكن كيف اختارت الجمعية العمومية للمشايخ إحدي الطرق التي لم تستكمل شكلها القانوني عضوا في المجلس الاعلي ثم اختيار أحد مشايخ هذه الطرق رئيسا للمجلس الاعلي بالمخالفة للقانون؟ أجاب نحن أخطأنا ولم يهتم أحد وقتها بتفاصيل القانون وقد تم فتح باب الترشح من جديد لاختيار المجلس الاعلي بدون الطرق المستبعدة وهو ما سيترتب عليه مجلسا جديدا. قال إن عدد ابناء الطرق الصوفية يبلغ ما بين 12 إلي 15 مليونا ولكن الشعب المصري كله بفطرته محب لآل البيت ونحاول بشتي الطرق القضاء علي أي أعمال مخالفة لقواعد الإسلام تحدث في أي احتفال بالتعاون مع الجهات المعنية في الدولة.. ولكن الاعلام يركز علي السلبيات فقط. أضاف: اننا لا ندعي الكمال ولكن تعوزنا الامكانيات المادية والادبية والمعنوية ومساندة الدولة بأجهزتها بعد التصريح لفرق منحرفة بالدخول لعالم الذكر والاحتفال بأولياء الله مهما كانت دخول الدولة المادية من هؤلاء لأنهم يسيئون للجميع وأول المغرضين لاساءتهم الإسلام ذاته وهذا لا يرضي أحداً. أشار إلي ان مواردنا تعتمد علي 10% من صناديق النذور تعطيها لنا وزارة الأوقاف وهي لا تتعدي 800 ألف جنيه سنويا بالاضافة إلي اشتراكات الاعضاء.. قال إننا طالبنا أكثر من مرة بالجلوس مع بعض الجماعات التي تخالفنا الرأي لحل بعض المسائل الفقهية ولكنهم رفضوا واكتفي بعضهم بتكفير الصوفية. وقال: اننا عرضنا علي الشيخ القصبي المشاركة معنا في تأسيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية الذي تم اعلانه في باريس ولكنه رفض والشيخ علاء أبوالعزايم هو الراعي الرسمي الآن لهذا الاتحاد وسوف يتم اختيار الهيئة العليا للاتحاد قريبا بعدما انضمت إليه 14 دولة. ولكن الشيخ الدكتور محمود أبوالفيض شيخ الطرق الفيضية الشاذلية يقول إن المجلس الاعلي انتهي من عمله بانتهاء مدته ونحن بصدد انتخابات جديدة والقضاء استبعد 13 طريقة لم تكن موجودة وقت الجدول العام سنة 1976 بينها الطريقة الرضوانية التابع لها شيخ الازهر وتم تصحيح هذا الخطأ القانوني وتسجيل هذه الطرق في الجدول وسوف يخوضون الانتخابات الجديدة. ذكر أن اصل النزاع كان علي منصب شيخ المشايخ الذي تنافس عليه الشيخ علاء أبوالعزايم مع الشيخ القصبي واختارت الجمعية العمومية الشيخ القصبي وتم تعيينه بقرار جمهوري. * سألته لماذا لم تنضموا للاتحاد العالمي للطرق الصوفية؟ اجاب لأنه غير قانوني قام به أبوالعزايم وبعض الطرق الصوفية وباريس لا علاقة لها بالتصوف ولكن للأسف البعض يهتم بالمصالح الشخصية علي حساب التصوف. قال إن الطريقة الجديدة يشترط لانشائها ان يكون شيخها مشهوداً له بالتقوي والعلم وعدد مريديه لا يقل عن 100 ألف ويرثه أكبر ابنائه في المشيخة. * سألته أليس هذا توريثا للتصوف؟ اجاب: نعم ولكن يتميز بأن الشيخ يكون قد تربي في بيت للتصوف وعرفه منذ صباه ومع ذلك سنحاول تغيير القانون بعد ظهور بعض المشاكل وتفضيل البعض مصالحه الشخصية علي حساب المبادئ الاصلية للتصوف..ذكر ان شيخ المشايخ معين بقرار جمهوري ولا يجوز عزله واستبعاده لا يكون إلا بالوفاة أو الاستقالة وبالنسبة للانتخابات فقد تم ترشيح 24 شيخا لانتخاب 10 جدد للمجلس الجديد في يناير.