أجمع مشايخ الطرق الصوفية علي رفضهم إلغاء "التوريث" في الطرق الصوفية والذي تنتقل فيه المسئولية من شيخ الطريقة لابنه.. مؤكدين هذا التوريث الصوفي يختلف تماماً عن التوريث السياسي أو الاكاديمي أو الوظيفي الذي تنادي الثورة بإسقاطه.. لأن التوريث الصوفي ينتقل بالمدد والنسب ولا يجوز فيه انتخاب أو إدخال عنصر غير منتسب لشجرة عائلة الشيخ.. لذلك فهو خطا أحمر وغير مقبول المساس به. وفيما يتعلق بتحديد مدة رئاسة المشيخة العامة أوضحوا انهم طالبوا بذلك وفي انتظار كلمة القضاء الإداري أواخر هذا الشهر لتأكيد قانونية مطلبهم. أشاروا الي ضرورة المحافظة علي مكانة الشيخ باعتباره رمزاً للطريقة والمركز الذي يلتقي حوله الاتباع والمحبون.. وفيما يلي آراؤهم: في البداية يوضح السيد علاء ماضي أبوالعزايم شيخ الطريقة العزمية ان العرف والعادة جرت باختيار شيخ مشايخ الطرق الصوفية من بين أكبر اعضاء المجلس الأعلي سناً وإن كان هناك أكثر من واحد يتم اختيار الأكبر تكريماً له ولأنه لن يعمر طويلاً ثم يتم الاختيار من بين الآخرين.. وهكذا كان المنصب يتجدد دوماً مع الحفاظ علي القيم والتقاليد والاعراف. لكن الذي حدث في المرة الأخيرة ان الاصغر سناً هو من قفز واستولي علي الكرسي حيث اعطاه هذا من لا يملك "وهو أمن الدولة المنحل" فكان تطبيقاً للمثل الشائع: "اعطي من لا يملك لمن لا يستحق" وإذا كان السيد القصبي تحدث عن شروط يجب الالتزام بها في شيخ المشايخ فكان الأولي به والأجدر ان يكون هو أول الملتزمين. ومعني ان يتولي الاصغر سناً ان اعضاء المجلس كلهم سيرحلون وهو جاثم علي الكرسي دون ان يكرم أحد غيره في أواخر ايامه بهذا المنصب!! وفيما يتعلق بقضية توريث الطريقة لابن الشيخ وصف ابوالعزائم مسألة تغييرها وعدم الالتزام بالتوريث بأنها: مصيبة من المصائب ووسيلة لإنهاء الطريقة.. لأنه لو فرض وفتح المجال لانتخاب من يتولاها سيتقدم أكثر من شخص وبالتالي سيقسم الاتباع بين هؤلاء.. ثم يأتي الجيل الثاني ليزدادوا انقساماً وهكذا حتي تصير الطريقة الي عضوين أو أكثر قليلاً.. وتزداد الطريقة ضعفاً وينتهي التصوف.. والواقع ان كل الطرق اعضاء المجلس الحالي ضعيفة باستثناء اثنين أو ثلاثة لأن المسئولين عنها ينظرون الي المكاسب المادية فقط دون مصلحة الطريقة والتصوف. الحفاظ علي الرمز يؤكد ابوالعزائم علي ضرورة الحفاظ علي شيخ الطريقة حتي وإن كان ضعيفاً باعتباره الرمز الذي يلتف حوله الجميع من أبناء واتباع الشيخ المؤسس صاحب التاريخ والنسب والعلوم والمعارف.. يستدرك قائلاً: لكن يتم التغلب علي هذا الضعف والحفاظ علي الطريقة بتشكيل مجلس أعلي لكل طريقة يقوم علي أمرها وتولي كافة شئونها وهكذا يكون هو المسئول عن كل شيء لكن تحت اشراف وإدارة الشيخ أو ابنه. بقاء النظام السابق ويستنكر السيد محمد الشهاوي شيخ الطريقة الشهاوية رئيس المجلس الصوفي العالمي ما جاء من اقتراحات أو توصيات في مؤتمر العشيرة المحمدية تتعلق بالطرق الصوفية جملة وتفصيلاً مؤكداً ان هذه التوصيات صدرت من اناس ليس لهم اي صفة او علاقة بالطرق الصوفية التي لها قانونها الخاص ولا يجوز التدخل في مناقشته بأي شكل من الأشكال إلا بطرقه القانونية المعتمدة وهي الجمعية العمومية.. وقد اقر المجلس العسكري الحاكم هذا الوضع القانوني في رده علي المذكرة التي ارسلها الشهاوي سابقاً وجاء فيه ثلاثة بنود مهمة أولها: ذهب الحكم الفاسد الذي كان يتدخل في شئون المشيخة العامة للطرق الصوفية. ثانيها: جميع الأمور داخل البيت الصوفي لابد ان تدار بالشكل الديمقراطي. ثالثها: لا دخل لأي جهة في شئون المشيخة. يضيف الشهاوي قائلاً في حدة: لكن يبدو ان النظام السابق مازال موجوداً في المشيخة العامة للطرق الصوفية التي لم تصلها الثورة بعد وعما قريب سنوصلها إليها.. ومع ذلك فنحن نرفض أية توصيات حتي وإن كانت لصالح الصوفية تصدر من أية جهة خارجية عن البيت الصوفي حتي وإن كان شيخ الأزهر الذي له احترامه وتقديره لأن المؤتمر عقد تحت رعايته وكان لابد ان يحدد برنامجاً وهدفاً معيناً حتي لا يحسب مع جهة ضد أخري وهو يعرف جيداً المشكلة التي تعنيها مشيخة الصوفية حالياً وسبل حلها. ويقول الشهاوي: جميع مشايخ الصوفية مستاءة وترفض ما جاء في مؤتمر العشيرة من توصيات تخص الصوفية لأن المؤتمر اقيم من جهة غير ذات صفة وبشكل غير قانوني لأنها جمعية خيرية وليس لها الحق في عقد مؤتمرات أو مناقشة قضايا تتعلق بالصوفية وهي ليست وصية عليهم.. كما ان مشاركة السيد عبدالهادي القصبي شخصية وليست بصفته الاعتبارية لأنه لم يستشر الجمعية العمومية فيما قام به من مشاركة المشيخة في عقد هذا المؤتمر إلا إذا يعتبرها "عزبة" خاصة به يتصرف فيها كيف يشاء!! يستطرد الشهاوي مهدداً: وهذا يجعلنا كمشايخ طرق نقوم "بانقلاب ثوري" لتجميد نشاط القصبي وتشكيل لجنة مسئولة عن تسيير شئون المشيخة وعدم الاعتداد بأي قرار يصدر من القصبي مع العمل علي عودة الأمور الي نصابها الصحيح بالاختيار الأول الذي تم فيه انتخاب السيد علاء ابوالعزائم شيخاً للمشايخ. التوريث .. من الثوابت وفيما يتعلق بمسألة التوريث في الطرق الصوفية يقول الشهاوي: لا يوجد شيء في مصر له اصول ثابتة كما هو الحال في الطرق الصوفية فمثلاً الطريقة البرهامية الشهاوية من أسسها هو محمد الشهاوي حفيد موسي ابو العمران شقيق سيدي إبراهيم الدسوقي الذي لم يتزوج.. ولها 600 عام وسارت الأمور بالوراثة فهل نقطع شجرة العائلة ونضع غيره دخيلاً بدلاً منه؟! فالطريقة كأي شيء يرثه الشخص من أبيه وجده وعلي هذا سار تاريخنا. ولابد ان يأتي شيخ الطريقة بنفس الأسلوب له نسب وتاريخ وهذا شرط في الشيخ لأنه الذي سيحافظ عليها وينميها فهي أمانة ولكن اذا كان اي شخص آخر فهو مجرد موظف ولن يكون أميناً عليها.. أما من يلتف حول الطريقة من الاتباع والمريدين فهو لنسب وسلالة النبي صلي الله عليه وسلم.. وهؤلاء المحبون يعتبرون الشيخ ممثلاً لآل البيت.. وهذه معتقدات.. لذا نجد طريقة كبيرة وأخري صغيرة. ويؤكد الشهاوي ان اللعب في هذا المنهج سيضيف الطرق ويجعلها هشة لعدم وجود قائد له نسب يحترمه الناس دون المصالح الشخصية. ومع اعترافه بإمكانية ضعف الشيخ علمياً يشير الشهاوي الي البديل وهو تنظيم برامج توعية ودعوية لتنشيط الطريقة بالاستعانة بأحد العلماء أو اساتذة الأزهر لشرح الأمور للناس مع وجود الخلفاء والنواب من أبناء الطريقة. وبالنسبة لقانون تأييد شيخ المشايخ أوضح الشهاوي ان القضاء الإداري أمامه دعوي سيحكم فيها يوم 25 أكتوبر الجاري بتحديد الرئاسة بمدة ثلاث سنوات وتجدد مع كل مجلس جديد.. وقال: نحن نريد شيخا مثقفاً وعلي علم وورع وشخصية ليدير البيت الصوفي وفق أحكام الشريعة لأنه رمز وممثل لجميع المشايخ الصوفية.. وللأسف هذا نفتقده حالياً. وفيما يتعلق بإنشاء هيئة عالمية للصوفية مقرها مصر أوضح الشهاوي انه بالفعل يرأس المجلس العالمي للتصوف وهو موجود بالفعل ومقره لندن وله نشاط واسع بالخارج منذ عام 2009 لكن "الغيرة والحقد" هي التي ترفض الاعتراف به والتعاون معه بالرغم من ان هدفه عمل نهضة صوفية عالمية.. أما في داخل مصر فهي مليئة بالمشايخ والأنشطة. توريث مدد من جانبه أكد السيد طارق يس الرفاعي شيخ الطريقة الرفاعية: ان التوريث في الطرق الصوفية هو توريث مدد وعلم الاجداد لأن العهد يؤخذ بما يعرف ب"القبضة" وهؤلاء الاجداد الذين ورث منهم المشايخ المعاصرون هم الذين نقلوا التصوف وأدخلوه الي مصر فأنا مثلاً ورثت مفتاح مدافن السادة محمد ياسين وحسين ومصطفي وجندل وعلي وهي موجودة في مسجد الرفاعي.. فهل يصح ان نجري عليها انتخاباً ويأخذها من يفوز بأعلي الأصوات؟! إنها ليست توريثاً بالمعني الذي أشيع في مصر مبارك وتوريث جمال.. فهذا شيء وذاك شيء آخر.. ولا ينفع فيه انتخاب. وفيما يتعلق بمسألة انتخاب شيخ المشايخ وتحديد المدة أشار السيد الرفاعي الي ان المشيخة العامة الصوفية لها قانونها الخاص الذي يدير شئونها وينظم أمرها.. لكن الأوضاع التي تعيشها منذ ثلاث سنوات ونصف السنة تقريباً من انقسام وقضايا في المحاكم أدت الي تفككها واختلاط الحابل بالنابل مما أثر علي مسيرة الإصلاح الصوفي والاتهامات بالتخوين والتخويف.. كل هذا كان بسبب استيلاء السيد القصبي علي المنصب بدعم من النظام السابق وهو "اي القصبي" الذي يسعي الي إدخال المشيخة حالياً نفق وتبعية النظام الساقط بتوسيع قاعدة الطرق الصوفية فيما يشبه "الخصخصة" بإدخال كل الجمعيات والهيئات ذات المنهج الصوفي الي المشيخة.. كل هذا لأنه لم يستطع السيطرة علي المشايخ فرأي في هذا التوسع فرصة لإدخال رجال أعمال وهؤلاء مصالحهم مرتبطة به وبالتالي سينتخبوه في كل دورة و"بالبلدي" دخول فلول الوطني الي الطرق الصوفية!!